فِي الْمَسْجِدِ أَوْ نَزَلَ فِي الرِّبَاطِ فَجَاءَ آخَرُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوحِشَ الْأَوَّلَ إنْ كَانَ فِي الْمَكَانِ سَعَةٌ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْحَفْرِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ وَلَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ الِانْتِفَاعُ بِالْمَقْبَرَةِ الدَّائِرَةِ فَلَوْ كَانَ فِيهَا حَشِيشٌ يُحَشُّ وَيُرْسَلُ إلَى الدَّوَابِّ وَلَا تُرْسَلُ الدَّوَابُّ فِيهَا. اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ امْرَأَةٌ جَعَلَتْ قِطْعَةَ أَرْضٍ مَقْبَرَةً وَأَخْرَجَتْهَا مِنْ يَدِهَا وَدُفِنَ فِيهِ ابْنُهَا وَهَذِهِ الْأَرْضُ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِلْقَبْرِ لِغَلَبَةِ الْمَاءِ عَلَيْهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَالٍ يَرْغَبُ النَّاسُ عَنْ دَفْنِ الْمَوْتَى فِيهَا لِفَسَادِهَا لَمْ تَصِرْ مَقْبَرَةً وَكَانَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَبِيعَهَا وَإِذَا بَاعَتْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْفَعَ الْمَيِّتَ عَنْهَا أَوْ يَأْمُرَ بِرَفْعِ الْمَيِّتِ عَنْهَا وَلَوْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَقْبَرَةً أَوْ خَانًا لِلْغَلَّةِ أَوْ مَسْكَنًا سَقَطَ الْخَرَاجُ عَنْهُ إنْ كَانَتْ خَرَاجِيَّةً وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ.
وَلَوْ بَنَى رِبَاطًا عَلَى أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِ مَا دَامَ حَيًّا قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يُقَرُّ فِي يَدِهِ مَا لَمْ يَسْتَوْجِبْ الْإِخْرَاجَ عَنْ يَدِهِ. قَوْمٌ عَمَّرُوا أَرْضَ مَوَاتٍ عَلَى شَطِّ جَيْحُونٍ وَكَانَ السُّلْطَانُ يَأْخُذُ الْعُشْرَ مِنْهُمْ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ مَاءُ الْجَيْحُونِ لَيْسَ مَاءَ الْخَرَاجِ وَبِقُرْبِ ذَلِكَ رِبَاطٌ فَقَامَ مُتَوَلِّي الرِّبَاطِ إلَى السُّلْطَانِ فَأَطْلَقَ السُّلْطَانُ لَهُ ذَلِكَ الْعُشْرَ هَلْ يَكُونُ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ الْعُشْرَ إلَى مُؤَذِّنٍ يُؤَذِّنُ فِي هَذَا الرِّبَاطِ يَسْتَعِينُ بِهَذَا عَلَى طَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَهَلْ يَكُونُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْعُشْرَ الَّذِي أَبَاحَ السُّلْطَانُ لِلرِّبَاطِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ لَوْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ مُحْتَاجًا يَطِيبُ لَهُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ الْعُشْرَ إلَى عِمَارَةِ الرِّبَاطِ وَإِنَّمَا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ لَا غَيْرُ وَلَوْ صَرَفَ إلَى الْمُحْتَاجِينَ ثُمَّ إنَّهُمْ أَنْفَقُوا فِي عِمَارَةِ الرِّبَاطِ جَازَ وَيَكُونُ ذَلِكَ حَسَنًا.
رِبَاطٌ عَلَى بَابِهِ قَنْطَرَةٌ عَلَى نَهْرٍ عَظِيمٍ خَرِبَتْ الْقَنْطَرَةُ وَلَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَى الرِّبَاطِ إلَّا بِمُجَاوَزَةِ النَّهْرِ وَبِدُونِ الْقَنْطَرَةِ لَا يُمْكِنُ الْمُجَاوَزَةُ هَلْ تَجُوزُ عِمَارَةُ الْقَنْطَرَةِ بِغَلَّةِ الرِّبَاطِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ كَانَ الْوَاقِفُ عَلَى مَصَالِحِ الرِّبَاطِ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الرِّبَاطَ لِلْعَامَّةِ وَالْقَنْطَرَةَ كَذَلِكَ. مُتَوَلِّي الرِّبَاطِ إذَا صَرَفَ فَضْلَ غَلَّةِ الرِّبَاطِ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ قَرْضًا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ وَلَوْ فَعَلَ ثُمَّ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فِي الرِّبَاطِ رَجَوْتُ لَهُ أَنْ يَبْرَأَ وَإِنْ أَقْرَضَ لِيَكُونَ أَحْرَزَ مِنْ الْإِمْسَاكِ عِنْدَهُ قَالَ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ وَاسِعًا لَهُ ذَلِكَ.
رِبَاطٌ اسْتَغْنَى عَنْهُ الْمَارَّةُ وَبِقُرْبِهِ رِبَاطٌ آخَرُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ تُصْرَفُ غَلَّةُ الرِّبَاطِ الْأَوَّلِ إلَى الرِّبَاطِ الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِقُرْبِهِ رِبَاطٌ يَعُودُ الْوَقْفُ إلَى وَرَثَةِ مَنْ بَنَى الرِّبَاطَ رَجُلٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلرِّبَاطِ فَإِلَى مَنْ يُصْرَفُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ كَانَ هُنَاكَ دَلَالَةٌ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْمُقِيمِينَ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ وَإِلَّا يُصْرَفُ إلَى عِمَارَةِ الرِّبَاطِ. اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ السِّقَايَةُ بِالْكَسْرِ الْمَوْضِعُ يُتَّخَذُ لِسَقْيِ النَّاسِ وَالرِّبَاطُ اسْمٌ مِنْ رَابَطَ مُرَابَطَةً مِنْ بَابِ قَاتَلَ إذَا لَازَمَ ثَغْرَ الْعَدُوِّ وَالرِّبَاطُ الَّذِي يُبْنَى لِلْفُقَرَاءِ مُوَلَّدٌ وَيُجْمَعُ فِي الْقِيَاسِ عَلَى رُبُطٍ بِضَمَّتَيْنِ وَرِبَاطَاتٍ وَفِي الْمُجْتَبَى اتَّخَذَ مَشْرَعَةً أَوْ مَكْتَبًا لَا يَتِمُّ حَتَّى يَشْرَعَ فِيهَا إنْسَانٌ أَوْ يَقْرَأَ فِيهَا إنْسَانٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْإِشْهَادُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَكْفِي وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ الْحَوْضِ وَالْبِئْرِ وَيَسْقِيَ دَابَّتَهُ وَيَتَوَضَّأَ مِنْهُ وَفِي التَّوَضُّؤِ مِنْ السِّقَايَةِ إذَا اتَّخَذَهَا لِلشُّرْبِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَلَوْ اتَّخَذَهَا لِلتَّوَضُّؤِ لَا يَجُوزُ الشُّرْبُ مِنْهُ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الِاسْتِقَاءِ مِنْ السِّقَايَةِ وَإِسْقَاءِ الدَّوَابِّ اخْتِلَافٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا الِاسْتِقَاءُ لِلشُّرْبِ إذَا كَانَ قَلِيلًا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشُّرْبِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ جَوَازِ أَخْذِ الْجَمْدِ إلَى بَيْتِهِ لِأَنَّ الْجَمْدَ لِتَبْرِيدِ مَاءِ السِّقَايَةِ لَا لِلْأَخْذِ مَقْبَرَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَهَا مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ لَا بَأْسَ بِهِ إنْ كَانَتْ قَدْ انْدَرَسَتْ آثَارُهُمْ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِمْ تُنْبَشُ وَتُقْبَرُ ثُمَّ تُجْعَلُ مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ مَوْضِعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مَقْبَرَةً لِلْمُشْرِكِينَ فَنَبَشَهُ وَاتَّخَذَهُ مَسْجِدًا اُسْتُغْنِيَ عَنْ مَسْجِدٍ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ مَقْبَرَةً وَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى الْمَقْبَرَةِ أَوْ عَلَى صُوفِي خَانَهُ بِشَرَائِطِهِ لَا يَصِحُّ. اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مَوْضِعًا وَجَعَلَهُ طَرِيقًا لِلْمُسْلِمِينَ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ صَحَّ وَيُشْتَرَطُ لِإِتْمَامِهِ مُرُورُ وَاحِدٍ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute