للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَحَلُّ وَجَعٍ بَلْ عُضْوٌ صَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّهُ يَخَافُ مِنْ كَشْفِهِ حُدُوثُ الْمَرَضِ لِلْبَرْدِ وَيَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ كُلِّيَّةِ مَسْأَلَةِ التَّيَمُّمِ لِخَوْفِ الْبَرْدِ عَلَى عُضْوٍ أَوْ اسْوِدَادِهِ وَيَقْتَضِي أَيْضًا عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ جَوَازَ تَرْكِهِ رَأْسًا، وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ إعْطَاؤُهُمْ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ اهـ.

وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَلَوْ مَضَتْ، وَهُوَ يَخَافُ الْبَرْدَ عَلَى رِجْلِهِ بِالنَّزْعِ يَسْتَوْعِبُ بِالْمَسْحِ كَالْجَبَائِرِ اهـ فَأَفَادَ الِاسْتِيعَابَ وَأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْجَبَائِرِ لَا جَبِيرَةً حَقِيقَةً

وَأَمَّا كُلِّيَّةُ مَسْأَلَةِ التَّيَمُّمِ فَمَخْصُوصَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَبِيرَةٌ أَوْ مَا هُوَ مُلْحَقٌ بِهَا، وَأَمَّا جَوَازُ تَرْكِهِ رَأْسًا فَالْمُفْتَى بِهِ عَدَمُهُ فِي الْجَبِيرَةِ كَمَا سَيَأْتِي فَكَذَا فِي الْمُلْحَقِ بِهَا وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ لَوْ تَمَّتْ الْمُدَّةُ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مَاءَ يَمْضِي عَلَى الْأَصَحِّ فِي صَلَاتِهِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي النَّزْعِ؛ لِأَنَّهُ لِلْغَسْلِ وَلَا مَاءَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنْ الْمَشَايِخِ تَفْسُدُ اهـ.

وَفِي التَّبْيِينِ الْقَوْلُ بِالْفَسَادِ أَشْبَهُ لِسِرَايَةِ الْحَدَثِ إلَى الرِّجْلِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمَاءِ لَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لَهُ وَيُصَلِّي كَمَا لَوْ بَقِيَ مِنْ أَعْضَائِهِ لُمْعَةٌ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَغْسِلُهَا بِهِ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ فَكَذَا هَذَا اهـ.

وَتَبِعَهُ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُمَا غَسْلُ رِجْلَيْهِ فَقَطْ) أَيْ بَعْدَ النَّزْعِ وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ غَسْلُ رِجْلَيْهِ فَقَطْ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ بَقِيَّةِ الْوُضُوءِ إذَا كَانَ عَلَى وُضُوءٍ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ السَّابِقَ هُوَ الَّذِي حَلَّ بِقَدَمِهِ وَقَدْ غَسَلَ بَعْدَهُ سَائِرَ الْأَعْضَاءِ وَبَقِيَتْ الْقَدَمَانِ فَقَطْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا غَسْلُهُمَا وَلَا مَعْنَى لِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْمَغْسُولَةِ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ الْفَائِتَ الْمُوَالَاةُ، وَهِيَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي الْوُضُوءِ عِنْدَنَا وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْمَاسِحَ عَلَى الْخُفِّ إذَا أَحْدَثَ فَانْصَرَفَ لِيَتَوَضَّأَ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ مَسْحِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ

(قَوْلُهُ: وَخُرُوجُ أَكْثَرِ الْقَدَمِ نَزْعٌ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَعَنْهُ بِخُرُوجِ نِصْفِهِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرَ مَحَلِّ الْفَرْضِ أَعْنِي ثَلَاثَةَ أَصَابِعِ الْيَدِ طُولًا لَا يَنْتَقِضُ، وَإِلَّا اُنْتُقِضَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الْكَافِي وَالْمِعْرَاجِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي النِّصَابِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ خَرَجَ أَكْثَرُ الْعَقِبِ يَعْنِي إذَا أَخْرَجَهُ قَاصِدًا إخْرَاجَ الرِّجْلِ بَطَلَ الْمَسْحُ حَتَّى لَوْ بَدَا لَهُ إعَادَتُهَا فَأَعَادَهَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ وَكَذَا لَوْ كَانَ أَعْرَجَ يَمْشِي عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَقَدْ ارْتَفَعَ عَقِبُهُ عَنْ مَوْضِعِ عَقِبِ الْخُفِّ إلَى السَّاقِ لَا يَمْسَحُ أَمَّا لَوْ كَانَ الْخُفُّ وَاسِعًا يَرْتَفِعُ الْعَقِبُ بِرَفْعِ الرِّجْلِ إلَى السَّاقِ وَيَعُودُ بِوَضْعِهَا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّهُ يَبْقَى فِيهِ مِقْدَارُ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ وَفِي الْبَدَائِعِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَأَفَادَ الِاسْتِيعَابَ وَأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْجَبَائِرِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ صَاحِبِ الْفَتْحِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَإِمَّا كُلِّيَّةً إلَخْ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَيَسْتَلْزِمُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا جَوَازُ تَرْكِهِ رَأْسًا إلَخْ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَيَقْتَضِي إلَخْ قَالَ فِي النَّهْرِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْأَجْوِبَةِ مِنْ التَّكَلُّفِ. اهـ.

(وَأَجَابَ) بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَنْ مَسْأَلَةِ كُلِّيَّةِ التَّيَمُّمِ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ التَّيَمُّمِ لِخَوْفِ الْبَرْدِ مُقَيَّدَةٌ بِالْجُنُبِ، وَأَمَّا الْمُحْدِثُ الْخَائِفُ مِنْ الْبَرْدِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ خَوْفِ الْبَرْدِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا فَهِيَ فِي الْمُحْدِثِ إذْ الْجُنُبُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَفِي التَّبْيِينِ الْقَوْلُ بِالْفَسَادِ أَشْبَهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الصَّحِيحَ هُوَ الْقَوْلُ بِالْفَسَادِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا حَظَّ لِلرِّجْلَيْنِ فِيهِ بَلْ هُوَ طَهَارَةٌ لِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهُ عُضْوَيْنِ كَمَا أَنَّ الْوُضُوءَ طَهَارَةٌ لِجَمِيعِهَا، وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهُ أَرْبَعَةَ أَعْضَاءٍ وَكَذَا لَوْ خَافَ إنْ نَزَعَهُمَا ذَهَابُ رِجْلَيْهِ مِنْ الْبَرْدِ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ، وَلَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ عَلَى مَا حَقَّقَهُ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الْهُمَامِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ اهـ.

أَيْ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ لَهَا وَأَقُولُ: ظَاهِرُ الْمُتُونِ كَالْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمَا الْمَسْحُ لَا التَّيَمُّمُ فِي مَسْأَلَةِ خَوْفِ ذَهَابِ رِجْلَيْهِ وَلَيْسَ التَّرْجِيحُ بِالْهَيِّنِ فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ وَازْدَدْ نَقْلًا فِي كَلَامِهِمْ يَظْهَرُ لَك الرَّاجِحُ مِنْ الْمَرْجُوحِ اهـ كَلَامُ الرَّمْلِيِّ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ نَعَمْ ظَاهِرُ الْمُتُونِ الْمَسْحُ لَكِنْ يُرَادُ بِالْمَسْحِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى جَمِيعِهِ كَالْجَبِيرَةِ وَلَا يَتَوَقَّتُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ فِي غَيْرِ كِتَابٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ قَالَ فِي الْمُجْتَبَى، فَإِنْ مَضَتْ، وَهُوَ يَخَافُ الْبَرْدَ عَلَى رِجْلَيْهِ بِالنَّزْعِ يَسْتَوْعِبُ الْمَسْحَ كَالْجَبَائِرِ وَيُصَلِّي وَكَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْإِيضَاحِ وَالْحَاوِي وَمُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ اهـ.

قُلْت وَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَإِمْدَادِ الْفَتَّاحِ وَشَرْحَيْ الْعَلَّامَةِ الْحَصْكَفِيِّ عَلَى الْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ فَعُلِمَ بِهَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ الرَّاجِحَ الْمَسْحُ لَا التَّيَمُّمُ وَنَقَلَهُ فِي السِّرَاجِ عَنْ الْمُشْكِلِ وَمُنْلَا خُسْرو وَعَنْ الْكَافِي وَعُيُونِ الْمَذَاهِبِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَفِي الْفَتْحِ عَنْ جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَالْمُحِيطِ وَلَمْ يَذْكُرُوا التَّيَمُّمَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَ الْمُوَالَاةُ، وَهِيَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي الْوُضُوءِ) قَالَ بَعْضُ مُحَشِّي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ.

اعْلَمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَنَّ غَسْلُ الْبَاقِي أَيْضًا مُرَاعَاةً لِلسُّنَّةِ أَعْنِي الْوَلَاءَ وَلَكِنَّ عِبَارَتَهُ لَا تُفِيدُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَدَبَّرْ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ بَقِيَّةِ الْوُضُوءِ كَمَا هُوَ عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ يُشِيرُ إلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ ثَانِيًا بِقَوْلِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا غَسْلُهُمَا، وَهُوَ صَادِقٌ بِسُنِّيَّةِ غَسْلِ الْبَاقِي مُرَاعَاةً لِسُنِّيَّةِ الْمُوَالَاةِ بِاسْتِحْبَابِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَالِكٍ تَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>