للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَبِيعُ غَيْرَ امْرَأَتِهِ لَمْ يَحِلَّ لِلْمُشْتَرِي وَطْؤُهَا عَلَى الْأَقْوَالِ كُلِّهَا، وَيَحِلُّ لِلْبَائِعِ عَلَى الْأَقْوَالِ كُلِّهَا وَقَالَ أَحْمَدُ لَا يَحِلُّ لِلْبَائِعِ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ دَوَاعِيَ الْوَطْءِ كَالْوَطْءِ فَإِذَا اشْتَرَى غَيْرَ زَوْجَتِهِ بِالْخِيَارِ فَقَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ سَقَطَ خِيَارُهُ وَحَدُّهَا انْتِشَارُ آلَتِهِ أَوْ زِيَادَتُهَا وَقِيلَ بِالْقَلْبِ وَإِنْ لَمْ تَنْتَشِرْ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَمْ تَسْقُطْ فِي الْكُلِّ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَإِنْ كَانَ فِي الْفَمِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَإِلَّا قُبِلَ وَإِنْ فَعَلَتْ الْأَمَةُ بِهِ ذَلِكَ وَأَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ بِشَهْوَةٍ كَانَ رِضًا كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ مِمَّا يَظْهَرُ فِيهِ ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ إلَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَخَوَاتٌ كُلُّهَا تُبْتَنَى عَلَى وُقُوعِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَعَدَمِهِ مِنْهَا عِتْقُ الْمُشْتَرَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ قَرِيبًا لَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَلَوْ كَانَ لِلْبَائِعِ فَمَاتَ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ الْبَائِعُ عَتَقَ الِابْنُ وَلَا يَرِثُ أَبَاهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَمِنْهَا عِتْقُهُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي حَلَفَ إنْ مَلَكَ عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنِّي اشْتَرَيْت لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَالْمُنْشِئِ لِلْعِتْقِ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَسَقَطَ الْخِيَارُ.

وَمِنْهَا أَنَّ حَيْضَ الْمُشْتَرَاةِ فِي الْمُدَّةِ لَا يُجْتَزَأُ بِهِ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يُجْتَزَأُ وَلَوْ رُدَّتْ بِحُكْمِ الْخِيَارِ إلَى الْبَائِعِ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ إذَا رُدَّتْ بَعْدَ الْقَبْضِ وَمِنْهَا إذَا وَلَدَتْ الْمُشْتَرَاةُ فِي الْمُدَّةِ بِالنِّكَاحِ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَمَحَلُّهُ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمَّا بَعْدَهُ فَسَقَطَ الْخِيَارُ اتِّفَاقًا وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا تَعَيَّبَتْ عِنْدَهُ بِالْوِلَادَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ إذَا وَلَدَتْ بَطَلَ خِيَارُهُ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مَيِّتًا وَلَمْ تَنْقُصْهَا الْوِلَادَةُ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقَيِّدُوا بِدَعْوَى الْوَلَدِ وَقَيَّدَهُ بِهَا فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ قَالَ لِأَنَّهُ وَلَدَ وَالْفِرَاشُ ضَعِيفٌ. اهـ.

وَهُوَ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِمَا وَمِنْهَا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ لِارْتِفَاعِ الْقَبْضِ بِالرَّدِّ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَعِنْدَهُمَا مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي لِصِحَّةِ الْإِيدَاعِ بِاعْتِبَارِ قِيَامِ الْمِلْكِ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَسَلَّمَ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي فَأَوْدَعَهُ الْبَائِعَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ بَطَلَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْكُلِّ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا فَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ الْبَائِعَ فَهَلَكَ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا لِصِحَّةِ الْإِيدَاعِ.

كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَمِنْهَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَبْدًا مَأْذُونًا فَأَبْرَأهُ الْبَائِعُ عَنْ الثَّمَنِ فِي الْمُدَّةِ بَقِيَ خِيَارُهُ عِنْدَهُ لِأَنَّ الرَّدَّ امْتِنَاعٌ عَنْ التَّمَلُّكِ وَالْمَأْذُونُ لَهُ يَلِيهِ وَعِنْدَهُمَا بَطَلَ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَهُ كَانَ الرَّدُّ مِنْهُ تَمْلِيكًا بِغَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْإِبْرَاءِ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ قِيَاسًا وَيَصِحُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ اسْتِحْسَانًا وَنَبَّهَ عَلَيْهِ هُنَا فِي النِّهَايَةِ وَمِنْهَا إذَا اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ أَسْلَمَ بَطَلَ الْخِيَارُ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهُ مَلَكَهَا فَلَا يَمْلِكُ رَدَّهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ وَعِنْدَهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا فَلَا يَتَمَلَّكُهَا بِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ بَعْدَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ. اهـ.

وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَأَسْلَمَ بَطَلَ الْبَيْعُ وَلَوْ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي لَا وَخِيَارَ لِلْبَائِعِ عَلَى حَالِهِ فَإِنْ أَجَازَ صَارَتْ الْخَمْرُ لِلْمُشْتَرِي حُكْمًا وَالْمُسْلِمُ أَهْلٌ لَأَنْ يَتَمَلَّكَهَا حُكْمًا.

كَذَا فِي النِّهَايَةِ فَقَدْ ذُكِرَ فِيهَا ثَمَانُ مَسَائِلَ وَقَدْ زَادَ الشَّارِحُونَ مَسَائِلَ أَيْضًا فَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْأُولَى مَا إذَا تَخَمَّرَ الْعَصِيرُ فِي بَيْعِ مُسْلِمَيْنِ فِي مُدَّتِهِ فَسَدَ الْبَيْعُ عِنْدَهُ لِعَجْزِهِ عَنْ تَمَلُّكِهِ وَعِنْدَهُمَا يَتِمُّ لِعَجْزِهِ عَنْ رَدِّهِ الثَّانِيَةُ اشْتَرَى دَارًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَهُوَ سَاكِنُهَا بِإِجَارَةِ أَوْ إعَارَةٍ فَاسْتَدَامَ سُكْنَهَا قَالَ السَّرَخْسِيُّ لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا وَهُوَ فِي ابْتِدَاءِ السُّكْنَى وَقَالَ خواهر زاده اسْتِدَامَتُهَا اخْتِيَارٌ عِنْدَهُمَا لِمِلْكِ الْعَيْنِ وَعِنْدَهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ، الثَّالِثَةُ حَلَالٌ

ــ

[منحة الخالق]

تَأَمَّلْ. اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِذَا اشْتَرَى غَيْرَ زَوْجَتِهِ بِالْخِيَارِ) قَيَّدَ بِغَيْرِ زَوْجَتِهِ لِأَنَّ زَوْجَتَهُ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِذَلِكَ كَالْوَطْءِ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا سَقَطَ خِيَارُهُ بِهِ كَالْوَطْءِ وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ فَقَبَّلَهَا لِشَهْوَةٍ إلَخْ ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّهُ دَلِيلُ الِاسْتِبْقَاءِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ أَسْلَمَ) أَيْ الْمُشْتَرِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَ الْبَائِعُ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا تَظْهَرُ فِيهِ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ أَمَّا عِنْدَهُمَا وَإِنْ مَلَكَهَا الْمُشْتَرِي لَكِنْ يَمْلِكُ رَدَّهَا ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ قَالَ وَلَوْ أَسْلَمَ الْبَائِعُ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بَقِيَ عَلَى خِيَارِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي عَادَتْ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ بَاتٌّ فَإِنْ أَجَازَهُ صَارَ لَهُ وَإِنْ فَسَخَ صَارَ الْخَمْرُ لِلْبَائِعِ وَالْمُسْلَمُ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْخَمْرَ حُكْمًا كَمَا فِي الْإِرْثِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَالْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا لِأَنَّ لِلْقَبْضِ شَبَهًا بِالْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ التَّصَرُّفِ فَلَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَكَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا لَا يَبْطُلُ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ بِالْقَبْضِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ عَلَى مَا مَرَّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ ابْتِدَاءُ السُّكْنَى) الضَّمِيرُ لِلِاخْتِيَارِ أَيْ وَالِاخْتِيَارُ إنَّمَا يَكُونُ فِي ابْتِدَاءِ السُّكْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>