للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتَرَى ظَبْيًا بِالْخِيَارِ فَقَبَضَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ وَالظَّبْيُ فِي يَدِهِ فَيُنْقَضُ الْبَيْعُ عِنْدَهُ وَيُرَدُّ إلَى الْبَائِعِ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ يُنْتَقَضُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَأَحْرَمَ الْمُشْتَرِي لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ الرَّابِعَةُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَفَسَخَ الْعَقْدَ فَالزَّوَائِدُ تُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَحْدُثْ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَعِنْدَهُمَا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِهِ اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ اشْتَرَى بِخِيَارٍ فَدَامَ عَلَى السُّكْنَى لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَلَوْ ابْتَدَأَهَا بَطَلَ يُمَاثِلُهُ خِيَارُ الْعَيْبِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْقِسْمَةِ لَا يَبْطُلُ بِدَوَامِ السُّكْنَى اهـ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي الْبُيُوعِ أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ يَبْطُلُ بِالسُّكْنَى وَفِي الْقِسْمَةِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ فَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ مَا فِي الْبُيُوعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَمَا فِي الْقِسْمَةِ عَلَى الدَّوَامِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبْقَى مَا فِي الْبُيُوعِ عَلَى إطْلَاقِهِ فَيَبْطُلُ بِالِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ وَأَبْقَى مَا فِي الْقِسْمَةِ عَلَى إطْلَاقِهِ فَلَا يَبْطُلُ خِيَارُ الشَّرْطِ فِيهَا بِالِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى مِائَةٍ يَدْفَعُهَا لَهُ عَلَى أَنْ يَبْطُلَ الْبَيْعُ فَفَسَخَهُ انْفَسَخَ وَلَا شَيْءَ لَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ صَحَّ وَلَوْ فَسَخَ لَا) أَيْ لَا يَصِحُّ فِي غَيْبَةِ صَاحِبِهِ وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ الْفَسْخُ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَى الْفَسْخِ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِهِ كَالْإِجَازَةِ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ فَصَارَ كَالْوَكِيلِ وَلَهُمَا أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي حَقِّ الْغَيْرِ وَهُوَ الْعَقْدُ بِالرَّفْعِ وَلَا يَعْرَى عَنْ الْمَضَرَّةِ لِأَنَّهُ عَسَاهُ يَعْتَمِدُ تَمَامَ الْبَيْعِ السَّابِقِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ غَرَامَةُ الْقِيمَةِ بِالْهَلَاكِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَا يَطْلُبُ لِسِلْعَتِهِ مُشْتَرِيًا فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا نَوْعُ ضَرَرٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى عَمَلِهِ وَصَارَ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ بِخِلَافِ الْإِجَازَةِ لِأَنَّهُ لَا إلْزَامَ فِيهِ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ مُسَلَّطٌ وَكَيْفَ يُقَالُ ذَلِكَ وَصَاحِبُهُ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ وَلَا تَسْلِيطَ فِي غَيْرِ مَا يَمْلِكُهُ الْمُسَلِّطُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْمِعْرَاجِ وَكَذَا الْخِلَافُ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَلَا خِلَافَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْفَسْخِ بِالْقَوْلِ أَمَّا إذَا فَسَخَ بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ حُكْمًا اتِّفَاقًا فِي الْحَضْرَةِ وَالْغَيْبَةِ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ فِي الْحُكْمِيِّ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ وَالْمُضَارِبِ وَالشَّرِيكِ وَحَجْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِارْتِدَادٍ وَلُحُوقٍ وَجُنُونٍ وَبَحَثَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الِاخْتِيَارِيُّ كَالْقَوْلِ.

وَالْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ عَدَمُ عِلْمِهِ وَبِالْحَضْرَةِ عِلْمُهُ فَلَوْ فُسِخَ فِي غَيْبَتِهِ فَبَلَغَهُ فِي الْمُدَّةِ تَمَّ الْفَسْخُ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِهِ وَلَوْ بَلَغَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ تَمَّ الْعَقْدُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْفَسْخِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَكَذَا إذَا أَجَازَ الْبَائِعُ بَعْدَ فَسْخِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي جَازَ وَبَطَلَ فَسْخُهُ كَذَا ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ غَابَ عَنْهُ فَفَسْخُهُ عَلَيْهِ جَائِزٌ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ عِنْدَهُمَا وَرَجَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ قَالَ فَعَلَى هَذَا فَالْمَسَائِلُ الْمُورَدَةُ نَقْضًا مُسَلَّمَةٌ لِأَنَّهَا عَلَى وَفْقِ مَا تَرَجَّحَ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَكِنَّا نُورِدُهَا بِنَاءً عَلَى تَسْلِيمِ الدَّلِيلِ فَمِنْهَا أَنَّ الْمُخَيَّرَةَ يَتِمُّ اخْتِيَارُهَا لِنَفْسِهَا بِلَا عِلْمِ زَوْجِهَا وَيَلْزَمُهُ حُكْمُ ذَلِكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ اللُّزُومَ بِإِيجَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَمِنْهَا الرَّجْعَةُ يَنْفَرِدُ بِهَا الزَّوْجُ بِلَا عِلْمِهَا حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَهَا بَعْدَ ثَلَاثِ حِيَضٍ فُسِخَ الْعَقْدُ إذَا أَثْبَتَهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يَرْفَعُ النِّكَاحَ فَعَلَيْهَا اسْتِكْشَافُ الْحَالِ وَمِنْهَا الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ يَثْبُتُ حُكْمُهَا بِلَا عِلْمِ الْآخَرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا إسْقَاطَاتٌ وَمِنْهَا خِيَارُ الْمُعْتَقَةِ يَصِحُّ بِلَا عِلْمِ زَوْجِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا رِوَايَةَ فِيهِ وَعَلَى التَّقْدِيرِ فَقَدْ أَثْبَتَهُ الشَّرْعُ مُطْلَقًا وَمِنْهَا خِيَارُ الْمَالِكِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ بِدُونِ عِلْمِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَأُجِيبَ بِكَوْنِ عَقْدِهِمَا لَا وُجُودَ لَهُ فِي حَقِّ الْمَالِكِ وَمِنْهَا الْعِدَّةُ لَازِمَةٌ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِالطَّلَاقِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي ضِمْنِ الطَّلَاقِ لَا بِسَبَبِهِ اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِيَيْنِ فَفَسَخَ أَحَدُهُمَا بِغَيْبَةِ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ بَاعَهُ بِخِيَارٍ فَفَسَخَهُ فِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَأَحْرَمَ الْمُشْتَرِي لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ وَعَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ فِي أَحْرَمَ لِلْبَائِعِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُوَافَقَةً لِمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَالزَّوَائِدُ تُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ إلَخْ) هَذَا خَاصٌّ بِالزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ الْغَيْرِ الْمُتَوَلِّدَةِ كَالْكَسْبِ أَمَّا غَيْرُهَا فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الْفَسْخَ كَمَا قَدَّمَهُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَتَعَيُّبِهِ فَإِذَا كَانَتْ تَمْنَعُ الْفَسْخَ لَا يَتَأَتَّى ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَظْهَرُ بَعْدَ الْفَسْخِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>