للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي اعْتِبَارِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حَرَجًا؛ وَلِأَنَّ غَسْلَ مَا تَحْتَهَا سَقَطَ وَانْتَقَلَ إلَى الْجَبِيرَةِ بِخِلَافِ الْخُفِّ وَهَذِهِ هِيَ الثَّالِثَةُ، وَفِي تَعْبِيرِهِ بِيَجُوزُ دُونَ يَجِبُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ

(قَوْلُهُ: وَيَمْسَحُ عَلَى كُلِّ الْعِصَابَةِ كَانَ تَحْتَهَا جِرَاحَةٌ أَوْ لَا) وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى أَنَّ اسْتِيعَابَ مَسْحِ الْعِصَابَةِ وَاجِبٌ، وَكَذَا الْجَبِيرَةُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَذَكَرَ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ فِي رِوَايَةِ الِاسْتِيعَابِ شَرْطٌ وَفِي رِوَايَةِ الْمَسْحِ عَلَى الْأَكْثَرِ يَجُوزُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي: وَيَكْتَفِي بِالْمَسْحِ عَلَى أَكْثَرِهَا فِي الصَّحِيحِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى إفْسَادِ الْجِرَاحَةِ اهـ.

فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي الْمَتْنِ وَيَمْسَحُ عَلَى أَكْثَرِ الْعِصَابَةِ كَمَا لَا يَخْفَى الثَّانِيَةُ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى جَمِيعِ الْعِصَابَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْجِرَاحَةُ تَحْتَ جَمِيعِهَا بَلْ يَكْفِي أَنْ تَكُونَ تَحْتَ بَعْضِهَا جِرَاحَةٌ، وَهَذَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَقَدْ بَيَّنَهُ فِي الْمُحِيطِ فَقَالَ إذَا زَادَتْ الْجَبِيرَةُ عَلَى رَأْسِ الْجُرْحِ إنْ كَانَ حَلُّ الْخِرْقَةِ وَغَسْلُ مَا تَحْتَهَا يَضُرُّ بِالْجِرَاحَةِ يَمْسَحُ عَلَى الْكُلِّ تَبَعًا، وَإِنْ كَانَ الْحَلُّ وَالْمَسْحُ لَا يَضُرُّ بِالْجُرْحِ لَا يُجْزِئُهُ مَسْحُ الْخِرْقَةِ بَلْ يَغْسِلُ مَا حَوْلَ الْجِرَاحَةِ وَيَمْسَحُ عَلَيْهَا لَا عَلَى الْخِرْقَةِ، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّهُ الْمَسْحُ وَلَا يَضُرُّهُ الْحَلُّ يَمْسَحُ عَلَى الْخِرْقَةِ الَّتِي عَلَى رَأْسِ الْجُرْحِ وَيَغْسِلُ حَوَالَيْهَا وَتَحْتَ الْخِرْقَةِ الزَّائِدَةِ إذْ الثَّابِتُ بِالضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا اهـ.

قَالَ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَمْ أَرَ لَهُمْ مَا إذَا ضَرَّهُ الْحَلُّ لَا الْمَسْحُ لِظُهُورِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَمْسَحُ عَلَى الْكُلِّ اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُحِيطِ، فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ ضَرَرَ الْحَلِّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ ضَرَّهُ الْمَسْحُ مَعَهُ أَوْ لَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجِرَاحَةِ وَغَيْرِهَا كَالْكَيِّ وَالْكَسْرِ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَشْمَلُ الْكُلَّ وَمِنْ ضَرَرِ الْحَلِّ أَنْ تَكُونَ الْجِرَاحَةُ فِي مَوْضِعٍ لَوْ زَالَ عَنْهُ الْجَبِيرَةُ أَوْ الرِّبَاطُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَشُدَّ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَالرِّبَاطُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّهُ الْمَسْحُ عَلَى الْجِرَاحَةِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ وَلَا يَعْرَى إطْلَاقُهُ عَنْ بَحْثٍ، فَإِنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِغَيْرِهِ فِي شَدِّهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى ثُمَّ قَدْ عُرِفَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَيَمْسَحُ عَلَى أَكْثَرِ الْعِصَابَةِ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَحْتَ بَعْضِهَا جِرَاحَةٌ إنْ ضَرَّهُ الْحَلُّ وَشَمَلَ كَلَامُهُ عِصَابَةَ الْمُفْتَصِدِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَإِيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي لَمْ تَسْتُرْهُ الْعِصَابَةُ بَيْنَ الْعِصَابَةِ فَرْضٌ؛ لِأَنَّهَا بَادِيَةٌ اهـ.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا وَيَكْفِيهِ الْمَسْحُ وَعَلَيْهِ مَشَى فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كُلِّفَ غَسْلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ رُبَّمَا تَبْتَلُّ جَمِيعُ الْعِصَابَةِ وَتَنْفُذُ الْبِلَّةُ إلَى مَوْضِعِ الْفَصْدِ فَيَتَضَرَّرُ وَفِي تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى، وَإِذَا عَلِمَ يَقِينًا أَنَّ مَوْضِعَ الْفَصْدِ قَدْ انْسَدَّ يَلْزَمُهُ غَسْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَا يُجْزِئُهُ الْمَسْحُ اهـ.

وَفِي إمَامَةِ الْمُفْتَصِدِ بِغَيْرِهِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا أَنَّهُ لَا يَؤُمُّ عَلَى الْفَوْرِ وَيَؤُمُّ بَعْدَ زَمَانٍ وَظَاهِرُ مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ اخْتِيَارُ الْجَوَازِ مُطْلَقًا وَلَوْ انْكَسَرَ ظُفْرُهُ فَجَعَلَ عَلَيْهِ دَوَاءً

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَفِي تَعْبِيرِهِ بِيَجُوزُ دُونَ يَجِبُ إشَارَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا دَاعِيَ إلَى حَمْلِ الْجَوَازِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَتَخْرِيجُهُ عَلَى قَوْلٍ لَمْ يُرَجِّحْهُ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْت مَعَ أَنَّهُ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ كَالْغَسْلِ عَلَى مَا مَرَّ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ فِي الْمُنْيَةِ، وَإِنْ تَرَكَ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَالْمَسْحُ لَا يَضُرُّهُ جَازَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، فَإِنْ كَانَ مُرَادُ الْمُنْيَةِ بِالْجَوَازِ الْحِلَّ وَعَدَمَ الْإِثْمِ فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا وَلَا فَرْضًا فَهُوَ قَدْ صَحَّحَهُ كَمَا تُشْعِرُ بِهِ عِبَارَتُهُ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ بِهِ الصِّحَّةَ وَتَفْرِيغَ الذِّمَّةِ فِي الدُّنْيَا الصَّادِقِ بِكَوْنِهِ وَاجِبًا فَقَدْ صَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَمَا مَرَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْمُؤَلِّفِ هَذَا حَيْثُ جَعَلَ الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ أَيْ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوُجُوبِ لَاحْتَمَلَ التَّأْوِيلَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْفَرْضُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمَا وَلَا نُسَلِّمُ مُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ كَالْغَسْلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَإِنَّ الْغَسْلَ فَرْضٌ قَطْعًا بِخِلَافِ الْمَسْحِ فَتَشْبِيهُهُ بِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا كَمَا حَمَلَهُ هُوَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُحِيطِ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: هَذَا الْعُمْرِيُّ غَرِيبٌ إذْ صَاحِبُ الْمُحِيطِ كَمَا تَرَى اعْتَبَرَ الضَّرَرَ فِي الْحَلِّ وَالْغَسْلِ لَا فِي الْحَلِّ فَقَطْ وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّ جَوَازَ الْمَسْحِ دَائِرٌ مَعَ الضَّرَرِ وَعَدَمُهُ مَعَ عَدَمِهِ وَعَلَيْهِ تَتَخَرَّجُ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ اهـ.

أَقُولُ: لَا يَخْفَى مَا فِيهِ بَلْ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُحِيطِ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ كَانَ الْحَلُّ وَالْعُدُولُ إلَى الْغَسْلِ يَضُرُّ يَمْسَحُ وَلَوْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ الضَّرَرَ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَلِّ وَالْغَسْلِ لَقَالَ يَضُرَّانِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَقُولَ يَضُرُّ بِالْإِفْرَادِ كَمَا تَقُولُ إنْ كَانَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو يَضْرِبَانِ ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ إسْمَاعِيلَ النَّابُلُسِيَّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الدُّرَرِ قَالَ مَا نَصُّهُ التَّحْقِيقُ مَا فِي الْبَحْرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إفْرَادُهُ الضَّمِيرَ فِي يَضُرُّ وَلَوْ اُعْتُبِرَ الضَّرَرُ فِيهِمَا لَثَنَّى وَإِطْلَاقُهُ عَنْ اعْتِبَارٍ وَعَدَمُهُ ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.

وَهَذَا عَيْنُ مَا قُلْنَا وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَوْ اُعْتُبِرَ الضَّرَرُ فِي الْحِلِّ وَالْمَسْحِ لَكَانَ غَرِيبًا كَمَا ذُكِرَ، وَأَمَّا قِرَانُ الْغَسْلِ مَعَهُ فَلَا يُنَافِيهِ لِدُخُولِهِ تَحْتَ قَوْلِ الْفَتْحِ لَا الْمَسْحِ فَتَدَبَّرْهُ (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ ذَلِكَ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَمِنْ ضَرَرِ الْحَلِّ أَنْ يَكُونَ فِي مَكَان لَا يَقْدِرُ عَلَى رَبْطِهَا بِنَفْسِهِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يَرْبِطُهَا اهـ.

قَالَ فِي النَّهْرِ وَكَأَنَّ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى هَذَا فَقَالَ يَنْبَغِي إلَخْ اهـ.

قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ النَّابُلُسِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>