للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ عِلْكًا أَوْ أَدْخَلَ جِلْدَهُ مَرَارَةً أَوْ مَرْهَمًا، فَإِنْ كَانَ يَضُرُّ نَزْعُهُ مَسَحَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ضَرَّهُ الْمَسْحُ تَرَكَهُ، وَإِنْ كَانَ بِأَعْضَائِهِ شُقُوقٌ أَمَرَّ الْمَاءَ عَلَيْهَا إنْ قَدَرَ، وَإِلَّا تَرَكَهُ وَغَسَلَ مَا حَوْلَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْمُغْرِبِ الشُّقَاقُ بِالضَّمِّ تَشْقِيقُ الْجِلْدِ وَمِنْهُ طَلَى شِقَاقَ رِجْلِهِ، وَهُوَ خَاصٌّ وَأَمَّا الشَّقُّ لِوَاحِدِ الشُّقُوقِ فَعَامٌّ.

(قَوْلُهُ:، وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْ بُرْءٍ بَطَلَ، وَإِلَّا لَا) أَيْ إنْ سَقَطَتْ الْجَبِيرَةُ عَنْ بُرْءٍ بَطَلَ الْمَسْحُ لِزَوَالِ الْعُذْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السُّقُوطُ عَنْ بُرْءٍ لَا يَبْطُلُ الْمَسْحُ لِقِيَامِ الْعُذْرِ الْمُبِيحِ لِلْمَسْحِ وَالْبُرْءُ خِلَافُ السُّقُمِ، وَهُوَ الصِّحَّةُ وَتَمَامُ الْجَوَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّ الْجَبِيرَةَ إنْ سَقَطَتْ عَنْ بُرْءٍ، فَإِنْ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ غَسَلَ مَوْضِعَ الْجَبِيرَةِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ بَاقِي الْأَعْضَاءِ، وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَهِيَ إحْدَى الْمَسَائِلِ الْاِثْنَي عَشْرَ الْآتِيَةِ فِي مَوْضِعِهَا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقُعُودِ غَسَلَ مَوْضِعَهَا وَاسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ حُكْمُ الْحَدَثِ السَّابِقِ عَلَى الشُّرُوعِ فَصَارَ كَأَنَّهُ شَرَعَ مِنْ غَيْرِ غَسْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْ غَيْرِ بُرْءٍ لَمْ يَبْطُلْ الْمَسْحُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ مَضَى عَلَيْهَا وَلَا يَسْتَقْبِلُ؛ وَلِهَذَا إذَا أَعَادَهَا أَوْ غَيْرَهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَسْحِ عَلَيْهَا وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُعِيدَ الْمَسْحَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ والْوَلْوَالِجِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْأُولَى كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْغَسْلِ فَعَلَى هَذَا مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ يَضُرُّهُ إمْسَاسُ الْمَاءِ فَعَصَبَهُ بِعِصَابَتَيْنِ وَمَسَحَ عَلَى الْعُلْيَا ثُمَّ رَفَعَهَا قَالَ يَمْسَحُ عَلَى الْعِصَابَةِ الْبَاقِيَةِ بِمَنْزِلَةِ الْخُفَّيْنِ وَالْجُرْمُوقَيْنِ وَلَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَمْسَحَ اهـ.

لَيْسَ بِظَاهِرٍ بَلْ الظَّاهِرُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْإِعَادَةَ مُسْتَحَبَّةٌ لَا وَاجِبَةٌ وَمِنْ الْغَرِيبِ مَا نَقَلَهُ الزَّاهِدِيُّ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهَا إذَا سَقَطَتْ مِنْ غَيْرِ بُرْءٍ لَا يَبْطُلُ الْمَسْحُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَبْطُلُ عِنْدَهُمَا اهـ.

وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِمَا إذَا بَرِئَ مَوْضِعُ الْجَبِيرَةِ وَلَمْ تَسْقُطْ قَالَ الزَّاهِدِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي عَامَّةِ كُتُبِ الْفِقْهِ إذَا بَرَأَ مَوْضِعُ الْجَبَائِرِ وَلَمْ تَسْقُطْ وَذَكَرَ فِي الصَّلَاةِ لِلتَّقِيِّ الْكَرَابِيسِيِّ أَنَّهُ بَطَلَ الْمَسْحُ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هَذَا إذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ إزَالَتُهَا أَمَّا إذَا كَانَ يَضُرُّهُ لِشِدَّةِ لُصُوقِهَا بِهِ وَنَحْوِهِ فَلَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَالدَّوَاءُ كَالْجَبِيرَةِ إذَا أَمَرَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ ثُمَّ سَقَطَ كَانَ عَلَى التَّفْصِيلِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ يُخَالِفُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفِّ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْجَبِيرَةَ لَا يُشْتَرَطُ شَدُّهَا عَلَى وُضُوءٍ بِخِلَافِ الْخُفِّ.

الثَّانِي: أَنَّ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ الْخُفِّ.

الثَّالِثِ: أَنَّ الْجَبِيرَةَ إذَا سَقَطَتْ عَنْ غَيْرِ بُرْءٍ لَا يَنْتَقِضُ الْمَسْحُ بِخِلَافِ الْخُفِّ.

الرَّابِعِ: إذَا سَقَطَتْ عَنْ بُرْءٍ لَا يَجِبُ إلَّا غَسْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إذَا كَانَ عَلَى وُضُوءٍ بِخِلَافِ الْخُفِّ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ.

الْخَامِسِ: أَنَّ الْجَبِيرَةَ يَسْتَوِي فِيهَا الْحَدَثُ الْأَكْبَرُ وَالْأَصْغَرُ بِخِلَافِ الْخُفِّ.

سَادِسُهَا: أَنَّ الْجَبِيرَةَ يَجِبُ اسْتِيعَابُهَا فِي الْمَسْحِ فِي رِوَايَةٍ بِخِلَافِ الْخُفِّ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ هَكَذَا ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ، وَقَدْ يُزَادُ عَلَيْهَا أَيْضًا فَنَقُولُ.

السَّابِعُ: إنَّ الصَّحِيحَ وُجُوبُ مَسْحِ أَكْثَرِ الْجَبِيرَةِ بِخِلَافِ الْخُفِّ.

الثَّامِنُ: أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا هَلْ يُشْتَرَطُ تَكْرَارُ مَسْحِ الْجَبِيرَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ الْمَسْحَ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْجِرَاحَةُ فِي الرَّأْسِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَكْرَارُ الْمَسْحِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ التَّكْرَارُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَسْحِ الرَّأْسِ وَالْخُفَّيْنِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ عُلَمَائِنَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ بِخِلَافِ مَسْحِ الْخُفِّ لَمْ يَشْتَرِطْ تَكْرَارَهُ اتِّفَاقًا.

التَّاسِعُ: أَنَّهُ إذَا مَسَحَ عَلَيْهَا ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهَا أُخْرَى أَوْ عِصَابَةٌ جَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْفَوْقَانِيِّ بِخِلَافِ الْخُفِّ إذَا مَسَحَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْفَوْقَانِيِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

الْعَاشِرُ: إذَا دَخَلَ الْمَاءُ تَحْتَ الْجَبَائِرِ لَا يَبْطُلُ الْمَسْحُ بِخِلَافِ الْخُفِّ ذَكَرَهُ الزَّاهِدِيُّ.

الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّ النِّيَّةَ لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ بِخِلَافِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ كَمَا سَيَأْتِي.

الثَّانِيَ عَشَرَ: إذَا زَالَتْ الْعِصَابَةُ الْفَوْقَانِيَّةُ الَّتِي مَسَحَ عَلَيْهَا لَا يُعِيدُ الْمَسْحُ عَلَى التَّحْتَانِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ بِخِلَافِ الْخُفِّ.

الثَّالِثَ عَشَرَ: إذَا كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْعُضْوِ الْمَعْصُوبِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ

ــ

[منحة الخالق]

أَنَّ كَلَامَ قَاضِي خَانْ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ إنَّ وُسْعَ الْغَيْرِ لَا يُعَدُّ وُسْعًا كَمَا نَقَلَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي التَّأْسِيسِ، وَقَدَّمْنَاهُ عَنْ غَيْرِهِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْفَتْحِ هُوَ قَوْلُهُمَا اهـ.

(قَوْلُهُ: فَعَلَى هَذَا مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إلَخْ) حَمَلَهُ فِي النَّهْرِ عَلَى أَنَّهُ قَوْلٌ لِأَبِي يُوسُفَ لَا الْإِمَامِ وَأَيَّدَهُ بِمَا يَأْتِي عَنْ الْقُنْيَةِ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ إذْ لَا شَيْءَ مِمَّا مَرَّ يُنَافِيهِ (قَوْلُهُ: السَّابِعُ أَنَّ الصَّحِيحَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَا يَنْبَغِي ذِكْرُ هَذَا مَعَ عَدِّ الشَّارِحِ أَنَّ الْجَبِيرَةَ يَجِبُ اسْتِيعَابُهَا بِالْمَسْحِ فِي رِوَايَةٍ بِخِلَافِ الْخُفِّ؛ لِأَنَّ عَدَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ هَذَا اهـ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَا يُسْقِطُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ وُجُوبِ الِاسْتِيعَابِ نَفْيُ وُجُوبِ الْأَكْثَرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الْعَاشِرُ إذَا دَخَلَ الْمَاءُ تَحْتَ الْجَبَائِرِ لَا يَبْطُلُ) قَالَ فِي النَّهْرِ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لَا يَبْطُلُ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ الْخُفِّ لِمَا مَرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>