للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْبَيِّنَةِ دُونَ الْيَمِينِ وَكَتَبْنَاهَا فِي الْفَوَائِدِ وَلِأَنَّ التَّحْلِيفَ إنَّمَا شُرِعَ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ لَا لِإِنْشَائِهَا وَلَوْ اُسْتُحْلِفَ الْبَائِعُ فَحَلَفَ نَشَأَتْ خُصُومَةٌ أُخْرَى فِي قِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ وَأَوْرَدَ الشَّارِحُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ مَسْأَلَةَ الشُّفْعَةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي إذَا أَنْكَرَ مِلْكَ الشَّفِيعِ يَحْلِفُ فَإِذَا حَلَفَ نَشَأَتْ خُصُومَةٌ أُخْرَى فِي الشِّرَاءِ وَالْإِيرَادُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ الدَّلِيلِ السَّابِقِ مَعَ كَوْنِهِ مَرْدُودًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى هِيَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ أَنْ تَنْشَأَ خُصُومَةٌ أُخْرَى مِنْ الْيَمِينِ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي الْخُصُومَاتِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْمِعْرَاجِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ دَعْوَى الْعَيْبِ وَدَعْوَى الدَّيْنِ فَقَالَ إنَّهُ يَلْزَمُهُ الْجَوَابُ لِلدَّعْوَى فِيهِمَا وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبُرْهَانُ فِيهِمَا.

فَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْيَمِينِ أَيْضًا فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ كَمَا هُوَ قَوْلُهُمَا وَقَوْلُهُ عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ وَلِذَا قَالَ إنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ الْبَائِعَ فَإِنْ أَقَرَّ بِقِيَامِهِ تَوَجَّهَتْ الْخُصُومَةُ فِي الْقِدَمِ وَالْحُدُوثِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْجَوَابُ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا غَلَطٌ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْغَنَائِمِ وَلَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَمَا فِي التَّلْخِيصِ وَشَرْحِهِ وَقَوْلُهُمْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَفِي دَارِ الْحَرْبِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْإِمَامِ وَأَمِينِهِ فَلَوْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ حُكْمٌ وَلَكِنْ يَنْصِبُ الْإِمَامُ رَجُلًا لِلْخُصُومَةِ مَعَهُ وَلَا يَقْبَلُ إقْرَارَهُ بِالْعَيْبِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لَوْ أَنْكَرَ وَإِنَّمَا هُوَ خَصْمٌ لِإِثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ كَالْأَبِ وَوَصِيُّهُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ مَقْبُولٌ فِيهِ وَإِذَا أَقَرَّ مَنْصُوبُ الْإِمَامِ بِالْعَيْبِ انْعَزَلَ كَالْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ إذَا أَقَرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ لَكِنَّهُ يَنْعَزِلُ بِهِ ثُمَّ إذَا رُدَّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يُضَمُّ إلَى الْغَنِيمَةِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يُبَاعُ بِالثَّمَنِ فَإِنْ نَقَصَ الثَّمَنُ أَوْ زَادَ كَانَ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ وَشَرْحِهِ وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْأَمِينَ خَصْمٌ فِي الْبَيِّنَةِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ يُقَوِّي قَوْلَ الْإِمَامِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ خُصُوصَ عَيْبِ الْإِبَاقِ بَلْ كُلُّ عَيْبٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْمُعَاوَدَةِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ وُجُودِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِتَقَعَ الْخُصُومَةُ فِي قِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ كَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ وَالسَّرِقَةِ وَالْجُنُونِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَأَمَّا مَا لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَوِلَادَةِ الْجَارِيَةِ وَزِنَاهَا وَتَوَلُّدِ الرَّقِيقِ مِنْ الزِّنَا فَإِنَّ الْبَائِعَ يَحْلِفُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً عِنْدَ عَدَمِ الْبُرْهَانِ وَتَحْلِيفُ الْبَائِعِ كَمَا فِي الْكِتَابِ بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ عِنْدَك قَطُّ عِبَارَةُ بَعْضِهِمْ وَعِبَارَةُ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ بِاَللَّهِ لَقَدْ بَاعَهُ وَقَبَضَهُ وَمَا أَبَقَ قَطُّ قَالُوا وَإِنْ شَاءَ حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ مَا لَهُ عَلَيْك حَقُّ الرَّدِّ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِي بِهِ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَاتُ حَسَنَةٌ بَقِيَتْ عِبَارَتَانِ مُحْتَمَلَتَانِ بِاَللَّهِ لَقَدْ بَاعَهُ وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ وَبِاَللَّهِ لَقَدْ بِعْته وَسَلَّمْته وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ وَيَرُدُّ عَلَى عِبَارَةِ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا مُخْلِصَ فِيهَا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْعَيْبَ لَوْ وُجِدَ عِنْدَ بَائِعِ الْبَائِعِ يَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي بِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ.

وَذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا وَظَاهِرُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَلَى نَقْلٍ فِيهَا لِأَنَّهُ قَالَ إنَّهَا مِمَّا تَطَارَحْنَاهُ إلَى آخِرِهِ وَلَوْ حَلَفَ الْبَائِعُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ لَكَانَ صَادِقًا لِأَنَّهُ مَا أَبَقَ عِنْدَهُ قَطُّ وَكَذَا لَوْ كَانَ أَبَقَ مِنْ الْمُوَرِّثِ أَوْ الْوَاهِبِ أَوْ مُودِعِهِ أَوْ مُسْتَأْجِرِهِ أَوْ مِنْ الْغَاصِبِ لَا إلَى مَنْزِلِ مَوْلَاهُ وَيَعْرِفُهُ وَيَقْوَى عَلَى الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ عَيْبٌ فَفِيهِ تَرْكُ النَّظَرِ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ حَذَفَ الظَّرْفَ وَقَالَ بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ قَطُّ لَكَانَ أَوْلَى لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهَا أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ أَبَقَ عِنْدَ الْغَاصِبِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَنْزِلَ مَوْلَاهُ أَوْ لَمْ يَقْدِرَ عَلَى الرُّجُوعِ إلَيْهِ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فَفِيهِ تَرْكُ النَّظَرِ لِلْبَائِعِ فَإِنْ أَتَى بِالظَّرْفِ كَانَ فِيهِ تَرْكُ النَّظَرِ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ حَذَفَهُ كَانَ فِيهِ تَرْكُ النَّظَرِ لِلْبَائِعِ فَمَنْ اخْتَارَ حَذْفَ الظَّرْفِ فَرَّ مِنْ مَحْذُورٍ فَوَقَعَ فِي آخَرِ وَمَنْ ذَكَرَهُ فَكَذَلِكَ.

وَأَمَّا الْعِبَارَتَانِ الْمُحْتَمَلَتَانِ فَيَرُدُّ عَلَى الْأُولَى مِنْهُمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاعَهُ سَلِيمًا ثُمَّ حَدَثَ بِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي قَوْلِهِ بَاعَهُ وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ فَإِذَا قَالَ بَائِعُهُ بِاَللَّهِ لَقَدْ سَلَّمْته وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ انْدَفَعَ الِاحْتِمَالُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَالَ إنَّهَا مِمَّا تَطَارَحْنَاهُ) وَنَصُّهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مِمَّا تَطَارَحْنَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْبَقْ عِنْدَ الْبَائِعِ وَأَبَقَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَكَانَ أَبَقَ عِنْدَ آخَرَ قَبْلَ هَذَا الْبَائِعِ وَلَا عِلْمَ لِلْبَائِعٍ بِذَلِكَ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي ذَلِكَ وَأَثْبَتَهُ يَرُدُّ بِهِ لِأَنَّهُ مَعِيبٌ وَالْعَقْدُ أَوْجَبَ عَلَى هَذَا الْبَائِعِ السَّلِيمِ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إثْبَاتِهِ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْعِلْمِ وَكَذَا فِي كُلِّ عَيْبٍ يَرُدُّ بِتَكَرُّرِهِ. اهـ.

فَالْمُتَطَارَحُ لَيْسَ هُوَ رَدُّهُ بِهَذَا الْعَيْبِ فَقَطْ بَلْ تَحْلِيفُهُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ لِادِّعَائِهِ الْعِلْمَ بِهِ وَالْغَرَضُ هُنَا أَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ فَتَدَبَّرْهُ كَذَا أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>