للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَذْكُورُ وَيَرُدُّ عَلَى الثَّانِيَةِ أَنَّهَا تُوهِمُ تَعَلُّقَهُ بِالشَّرْطَيْنِ جَمِيعًا فَيَتَأَوَّلهُ الْحَالِفُ فِي يَمِينِهِ عِنْدَ قِيَامِهِ فِي إحْدَى الْحَالَتَيْنِ وَجَوَابُهُ أَنَّ تَأْوِيلَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْبَائِعَ نَفَى الْعَيْبَ عِنْدَ الْبَيْعِ وَعِنْدَ التَّسْلِيمِ فَلَا يَكُونُ بَارًّا فِي يَمِينِهِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي أَحَدِهِمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْأَسْلَمُ وَالْأَخْلَصُ عِبَارَةُ الْجَامِعِ وَمَا يَلِيهَا كَمَا لَا يَخْفَى وَتَعَقَّبَ فِي الْمُحِيطِ عِبَارَةَ الْجَامِعِ بِجَوَازِ رِضَا الْمُشْتَرِي وَإِبْرَائِهِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَى الْمَرْوِيِّ عَنْ الثَّانِي بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا الْمُشْتَرِي قَبْلَك حَقُّ الرَّدِّ بِالْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِيه تَحْلِيفًا عَلَى الْحَاصِلِ اهـ.

وَصَحَّحَ فِي الْمَبْسُوطِ عِبَارَةَ الْجَامِعِ وَفِي الْهِدَايَةِ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي إبَاقِ الْكَبِيرِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ مُنْذُ بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ لِأَنَّ الْإِبَاقَ فِي الصِّغَرِ لَا يُوجِبُ رَدَّهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ اهـ.

وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْإِبَاقِ بَلْ كُلُّ عَيْبٍ اخْتَلَفَ فِيهِ الْحَالُ بَيْنَ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالتَّحْلِيفُ هُنَا بِقَوْلِهِ مَا أَبَقَ قَطُّ تَحْلِيفٌ عَلَى الْبَتَاتِ مَعَ أَنَّهُ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لِكَوْنِهِ مُدَّعِيًا الْعِلْمَ بِهِ وَمَنْ ادَّعَى عِلْمًا بِفِعْلِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ لَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَالْمُودِعِ إذَا ادَّعَى قَبْضَ الْمُودَعِ لَهَا حَلَفَ عَلَى قَبْضِهِ وَهُوَ فِعْلُ غَيْرِهِ وَالْوَكِيلُ إذَا ادَّعَى قَبْضَ الْمُوَكِّلِ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ حَلَفَ الْوَكِيلُ عَلَى قَبْضِ الْمُوَكِّلِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَيْسَ حَاصِلُهُ فِعْلَ الْغَيْرِ بَلْ فِعْلُ نَفْسِهِ وَهُوَ تَسْلِيمُهُ سَلِيمًا وَهُوَ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ فَإِنَّ مَعْنَى تَسْلِيمِهِ سَلِيمًا لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ السَّلَامَةُ فِي حَالِ التَّسْلِيمِ بَلْ بِمَعْنَى سَلَّمْته وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُسْرَقْ عِنْدِي فَيَرْجِعُ إلَى الْحَلِفِ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَأَوْرَدَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَالَ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَقْوَى بِمَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بَاعَ رَجُلَانِ عَبْدًا مِنْ آخَرِ صَفْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَوَرِثَهُ الْبَائِعُ الْآخَرُ ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَيْبًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فِي حِصَّتِهِ بِالْجَزْمِ وَفِي نَصِيبِ مُوَرِّثِهِ بِالْعِلْمِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي الْعِلْمَ بِانْتِفَائِهِ وَالثَّانِيَةُ بَاعَ الْمُتَفَاوِضَانِ عَبْدًا وَغَابَ أَحَدُهُمَا فَادَّعَى الْمُشْتَرِي عَيْبًا يَحْلِفُ الْحَاضِرُ عَلَى الْجَزْمِ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ وَعَلَى الْعِلْمِ فِي نَصِيبِ الْغَائِبِ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِلْمًا بِذَلِكَ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْوَجْهُ عِنْدِي أَنْ يَسْتَشْكِلَ مَا نَحْنُ فِيهِ عَلَى هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا عَكْسُهُ لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ فِي نِصْفِهِ عَلَى الْبَتَاتِ وَفِي نِصْفِ الْآخَرِ عَلَى الْعِلْمِ وَهُوَ وَاحِدٌ هُوَ الْمُشْكِلُ وَالْمَسْأَلَتَانِ مُشْكِلَتَانِ لِاسْتِوَاءِ عِلْمِهِ وَجَهْلِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى النِّصْفَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مُدَّةً فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ فِي مُدَّتِهِ مَا أَبَقَ عِنْدِي وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي مُدَّةِ شَرِيكِهِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ إقَامَتُهُ إلَّا عِنْدَ الشَّرِيكِ لَا يَحْلِفُ إلَّا عَلَى الْبَتَاتِ وَيَكْتَفِي بِهِ إلَّا أَنَّ هَذَا غَيْرُ مَعْلُومٍ فَيَحْلِفُ كَمَا ذَكَرُوا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ إقَامَتُهُ إلَّا عِنْدَ غَيْرِ الْحَالِفِ لِكَوْنِ الْعَقْدِ اقْتَضَى وَصْفَ السَّلَامَةِ اهـ.

أَقُولُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْوَجْهِ أَوَّلًا لَيْسَ بِالْوَجْهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ السَّابِقَ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِمْ كُلٌّ مَنْ ادَّعَى عِلْمًا بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَلَزِمَتْهُ الْيَمِينُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ فَيَرُدُّ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ عَلَى طَرِيقِ النَّقْضِ مَسْأَلَتَانِ ادَّعَى عِلْمًا بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَالتَّحْلِيفُ فِي الْعِلْمِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا قَاعِدَةُ اعْتِبَارِهَا فِي مَسَائِلَ أُخْرَى مِنْهَا مَا فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ الدَّارَ الْيَوْمَ فَكَذَا ثُمَّ ادَّعَى دُخُولَهُ حَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ بِاَللَّهِ أَنَّهُ دَخَلَهَا وَمِنْهَا أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا بَاعَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي عَيْبًا فَإِنَّ الْوَكِيلَ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَالْوَصِيُّ لَوْ بَاعَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي عَيْبًا يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ لَا يَدَّعِي عِلْمًا لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي يَدِهِ وَهُوَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ فَيَعْلَمُ عَيْبَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ أَبِي يُوسُفَ التَّحْلِيفُ عَلَى الْبَتَاتِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا مِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ الْمُخَاصَمَةِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدْ ظَهَرَ بِمَا ذَكَرْنَا كَيْفِيَّةَ تَرْتِيبِ الْخُصُومَةِ فِي عَيْبِ الْإِبَاقِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ كُلُّ عَيْبٍ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّجْرِبَةِ وَالِاخْتِبَارُ كَالسَّرِقَةِ وَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ وَالْجُنُونِ وَالزِّنَا وَبَقِيَ أَصْنَافٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا قَاضِي خَانْ وَهِيَ مَعَ مَا ذَكَرْنَا.

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَالْأَسْلَمُ وَالْأَخْلَصُ عِبَارَةُ الْجَامِعِ وَمَا يَلِيهَا) أَمَّا مَا يَلِيهَا فَمُسَلَّمٌ وَأَمَّا عِبَارَةُ الْجَامِعِ فَلَا، فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ يُخَاصِمُهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَعْنِي الْوَاحِدَ إنَّمَا يَكْفِي لِتَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ وَأَمَّا الرَّدُّ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا

<<  <  ج: ص:  >  >>