للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبِهِ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِ.

الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: الْوَكِيلُ إذَا وَكَّلَ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ فَعَقَدَ الثَّانِي تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ.

الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ إذَا بَاعَ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ بِإِجَازَتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْوَكَالَةِ.

السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ بَيْعُ الْمَوْلَى أَكْسَابَ عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْغُرَمَاءِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ إذَا بَاعَ بِحَضْرَةِ الْآخَرِ.

الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: أَحَدُ النَّاظِرَيْنِ إذَا بَاعَ غَلَّةَ الْوَقْفِ بِحَضْرَةِ الْآخَرِ تَوَقَّفَ فِيهَا عَلَى إجَازَةِ الْآخَرِ أَخْذًا مِنْ الْوَكِيلَيْنِ، وَلَمْ أَرَهُمَا الْآنَ صَرِيحًا.

التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: بَيْعُ الْمَعْتُوهِ كَبَيْعِ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ مَوْقُوفٌ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَالصَّحِيحُ يَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ لِأَنَّهُ مَا كَانَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ، وَالْمَوْقُوفُ كَذَلِكَ، وَالصِّحَّةُ فِي الْمُعَامَلَاتِ تَرَتُّبُ الْآثَارِ، وَفِي الْعِبَادَاتِ سُقُوطُ الْقَضَاءِ كَمَا فِي الْأُصُولِ، وَلِلْمَشَايِخِ طَرِيقَانِ فَمِنْهُمْ مَنْ يُدْخِلُ الْمَوْقُوفَ تَحْتَ الصَّحِيحِ فَهُوَ قِسْمٌ مِنْهُ، وَهُوَ الْحَقُّ لِصِدْقِ التَّعْرِيفِ وَحُكْمِهِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَا أَفَادَ الْمِلْكَ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْقَبْضِ، وَلَا يَضُرُّ تَوَقُّفُهُ عَلَى الْإِجَازَةِ كَتَوَقُّفِ الْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ عَلَى إسْقَاطِهِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى الْبَيْعُ نَوْعَانِ صَحِيحٌ وَفَاسِدٌ، وَالصَّحِيحُ نَوْعَانِ لَازِمٌ، وَغَيْرُ لَازِمٍ. اهـ.

وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ فِي التَّقْسِيمِ الصَّحِيحَ، وَإِنَّمَا قَالَ الْمَبِيعُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ نَافِذٌ، وَمَوْقُوفٌ، وَفَاسِدٌ، وَبَاطِلٌ، وَلَا غُبَارَ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ قَسِيمًا لِلصَّحِيحِ، وَعَلَيْهِ مَشَى الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ فَإِنَّهُ قَسَّمَهُ إلَى صَحِيحٍ، وَبَاطِلٍ، وَفَاسِدٍ، وَمَوْقُوفٍ، وَقَسَّمَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَى جَائِزٍ، وَغَيْرِ جَائِزٍ، وَهُوَ ثَلَاثٌ بَاطِلٌ، وَفَاسِدٌ، وَمَوْقُوفٌ فَجَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ الْجَائِزِ مُرِيدًا بِالْجَائِزِ النَّافِذَ.

وَفِي السَّادِسِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ بَيْعَ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنٍ بِدُونِ تَسْلِيمِهِ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ، وَلَمْ أَرَ فِيمَا عِنْدِي مِنْ الْكُتُبِ مَنْ سَمَّاهُ فَاسِدًا إلَّا فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ فَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ مِنْ شَرَائِطِهِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَبِيعِ حَقٌّ لِغَيْرِ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ لَا يَنْفُذُ كَالْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ، وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْكُتُبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَعْضِهَا أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ، وَفِي بَعْضِهَا أَنَّ الْبَيْعَ مَوْقُوفٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ إلَى آخِرِهِ، وَقَالَ قَبْلَهُ فِي جَوَابِ الشَّافِعِيِّ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ إنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ حُكْمَهُ، وَصِحَّةُ التَّصَرُّفِ عِبَارَةٌ عَنْ اعْتِبَارِهِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَقَالَ قُلْنَا نَعَمْ، وَعِنْدَنَا هَذَا التَّصَرُّفُ يُفِيدُ فِي الْجُمْلَةِ، وَهُوَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ إمَّا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ مِنْ وَجْهٍ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ، وَهُوَ تَفْسِيرُ التَّوَقُّفِ عِنْدَنَا أَنْ يَتَوَقَّفَ فِي الْجَوَابِ فِي الْحَالِ أَنَّهُ صَحِيحٌ فِي حَقِّ الْحُكْمِ أَمْ لَا يُقْطَعُ الْقَوْلُ بِهِ لِلْحَالِ، وَلَكِنْ يُقْطَعُ الْقَوْلُ بِصِحَّتِهِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ، وَهَذَا جَائِزٌ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي. اهـ.

وَإِنَّمَا أَكْثَرْنَا مِنْ تَحْرِيرِ هَذَا الْمَبْحَثِ لِأَنِّي قَرَّرْت فِي الْمَدْرَسَةِ الصرغتمشية حِينَ إقْرَاءِ الْهِدَايَةِ أَنَّ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ صَحِيحٌ عِنْدَنَا فَأَنْكَرَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ الَّذِينَ لَا تَحْصِيلَ لَهُمْ، وَادَّعَى فَسَادَهُ، وَهُوَ فَاسِدٌ لِمَا عَلِمْتَهُ، وَسَيَأْتِي لَهُ مَزِيدٌ فِي مَحَلِّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ) لِانْعِدَامِ الْمَالِيَّةِ الَّتِي هِيَ رُكْنُ الْبَيْعِ فَإِنَّهُمَا لَا يُعَدَّانِ مَالًا عِنْدَ أَحَدٍ، وَهُوَ مِنْ قِسْمِ الْبَاطِلِ وَالْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا اسْتَعْمَلَ الْفَاسِدَ فِي الْبَابِ لِلْأَعَمِّ عَبَّرَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ الشَّامِلِ لِلْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ، وَفِي الْقَامُوسِ الْمَيْتَةُ مَا لَمْ تَلْحَقْهُ ذَكَاةٌ وَبِالْكَسْرِ لِلنَّوْعِ اهـ.

فَإِنْ أُرِيدَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ عَدَمُهُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ بَقِيَتْ الْمَيْتَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا، وَإِنْ أُرِيدَ الْأَعَمُّ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فَيُرَادُ بِهَا مَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَمَّا الْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ فَغَيْرُ دَاخِلَةٍ لِمَا فِي التَّجْنِيسِ أَهْلُ الْكُفْرِ إذَا بَاعُوا الْمَيْتَةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ عِنْدَهُمْ، وَلَوْ بَاعُوا ذَبِيحَتَهُمْ، وَذَبْحُهُمْ أَنْ يَخْنُقُوا الشَّاةَ، وَيَضْرِبُوهَا حَتَّى تَمُوتَ جَازَ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الذَّبِيحَةِ عِنْدَنَا، وَفِي جَامِعِ الْكَرْخِيِّ يَجُوزُ الْبَيْعُ عِنْدَهُمْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَهُوَ الْحَقُّ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ بَيْعُ الْمُكْرَهِ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَتِهِ مَعَ أَنَّهُ فَاسِدٌ فَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي الْإِكْرَاهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ عِنْدَ الْقَبْضِ لِلْفَسَادِ، وَأَمَّا فِي الْمَنَارِ، وَشُرُوحِهِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا لِعَدَمِ الرِّضَا الَّذِي هُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ، وَأَنَّهُ بِالْإِجَازَةِ يَصِحُّ، وَيَزُولُ الْفَسَادُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَى الْإِجَازَةِ صِحَّتُهُ لَكِنْ لِيُنْظَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَذْكُورَاتِ هُنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَ فِيمَا عِنْدِي مِنْ الْكُتُبِ مَنْ سَمَّاهُ فَاسِدًا) إنْ كَانَ ضَمِيرُ سَمَّاهُ رَاجِعًا إلَى بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْعِبَارَةِ لَا يُنَاسِبُهُ الِاسْتِثْنَاءُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِمَالِ الْغَيْرِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>