للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمْ يَتَمَوَّلُونَهَا كَالْخَمْرِ وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ أَحْكَامَهُمْ كَأَحْكَامِنَا إلَّا فِي الْخَمْرِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ أَرَادَ بِالْمَيْتَةِ مَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَمَّا الَّتِي مَاتَتْ بِالسَّبَبِ كَالْخَنْقِ، وَالْجُرْحِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الذَّبْحِ فَالْمَبِيعُ فَاسِدٌ لَا بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ ذَبَائِحُ الْمَجُوسِ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْخَمْرِ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِيمَا لَمْ يَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهِ بَلْ بِسَبَبٍ غَيْرِ الذَّكَاةِ رِوَايَتَيْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكَافِرِ، وَفِي رِوَايَةٍ الْجَوَازُ، وَفِي رِوَايَةٍ الْفَسَادُ، وَأَمَّا الْبُطْلَانُ فَلَا، وَأَمَّا فِي حَقِّنَا فَالْكُلُّ سَوَاءٌ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ، وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَذَبِيحَةِ الْمَجُوسِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَالْمُشْرِكِ، وَمَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا عِنْدَنَا، وَذَبِيحَةِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، وَكَذَا ذَبِيحَةُ صَيْدِ الْحَرَمِ مُحْرِمًا كَانَ الذَّابِحُ أَوْ حَلَالًا، وَذَبِيحَةُ الْمُحْرِمِ مِنْ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ لِأَنَّ الْكُلَّ مَيْتَةٌ، وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ صَيْدِ الْمُحْرِمِ سَوَاءٌ كَانَ صَيْدَ الْحَرَمِ أَوْ الْحِلِّ. اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ بَيْعُ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا مِنْ كَافِرٍ لَا يَجُوزُ اهـ.

أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ الْمَيْتَةُ مَبِيعًا أَوْ ثَمَنًا، وَالدَّمُ قَالَ فِي الْقَامُوسِ أَصْلُهُ دَمَيٌ تَثْنِيَتُهُ دَمَيَانِ وَدَمَانِ، وَجَمْعُهُ دِمَاءٌ وَدُمِيٌّ، وَقِطْعَتُهُ دَمَةٌ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي الدَّمِ، وَقَدْ دَمِيَ كَرَضِيَ دَمًى، وَأَدْمَيْته وَدَمَّيْتُهُ، وَهُوَ دَامِي. اهـ.

وَأَرَادَ بِالدَّمِ الدَّمَ الْمَسْفُوحَ أَمَّا بَيْعُ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَأَرَادَ بِالْمَيْتَةِ مَا سِوَى السَّمَكِ وَالْجَرَادِ، وَأَشَارَ إلَى مَنْعِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ كَبَيْعِ الْعَذِرَةِ الْخَالِصَةِ، وَيَجُوزُ بَيْعُ السِّرْقِينِ، وَالْبَعْرِ، وَالِانْتِفَاعُ بِهِ، وَالْوُقُودُ بِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ (قَوْلُهُ وَالْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ) أَيْ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِهِمَا وَقُرْبَانِهِمَا، وَصَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِالْفَسَادِ فِيهِمَا لِوُجُودِ حَقِيقَةِ الْبَيْعِ، وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ فَإِنَّهُ مَالٌ عِنْدَ الْبَعْضِ، وَمُرَادُهُ مَا إذَا كَانَا مَبِيعَيْنِ قُوبِلَا بِعَرْضِ بَيْعِ مُقَايَضَةٍ أَمَّا إذَا قُوبِلَا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ حَتَّى لَوْ بِيعَ أَحَدُهُمَا بِعَبْدٍ فَقَبَضَهُ الْبَائِعُ، وَأَعْتَقَهُ نَفَذَ عِتْقُهُ.

وَلَوْ اسْتَحَقَّهُ مُسْتَحِقٌّ فَالْمُشْتَرِي خَصْمٌ لَهُ بِخِلَافِ بَيْعَةِ الْمَيْتَةِ إذَا أَعْتَقَهُ لَمْ يَنْفُذْ، وَإِذَا اسْتَحَقَّ فَلَيْسَ بِخَصْمٍ كَمَا فِي الْبِنَايَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخَمْرَ مَالٌ فِي الْجُمْلَةِ فِي شَرْعٍ ثُمَّ أَمَرَ بِإِهَانَتِهَا فِي شَرْعٍ آخَرَ بِطَرِيقِ النَّسْخِ، وَفِي تَمْلِيكِهَا بِالْعَقْدِ مَقْصُودًا إعْزَازٌ لَهُ بِخِلَافِ جَعْلِهِ ثَمَنًا، وَاعْتُبِرَ فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ الْخَمْرُ ثَمَنًا، وَالْعَرْضُ مَبِيعًا، وَالْعَكْسُ، وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا لَكِنْ تَرَجَّحَ هَذَا الِاعْتِبَارُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ لِلْقُرْبِ مِنْ تَصْحِيحِ تَصَرُّفِ الْعُقَلَاءِ الْمُكَلَّفِينَ بِطَرِيقِ الْإِعْزَازِ لِلْعَرْضِ فَاعْتَبَرْنَا ذِكْرَهَا لِإِعْزَازِ الثَّوْبِ لَا الثَّوْبِ لِلْخَمْرِ فَوَجَبَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ لَا الْخَمْرِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ دُخُولِ الْبَائِعِ عَلَى الثَّوْبِ أَوْ الْخَمْرِ فِي جَعْلِ الثَّوْبِ هُوَ الْمَبِيعَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَيْعَ نَفْسِ الْخَمْرِ بَاطِلٌ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيمَا قَابَلَهُ فَإِنْ دَيْنًا كَانَ بَاطِلًا أَيْضًا، وَإِنْ عَرْضًا كَانَ فَاسِدًا، وَجِلْدُ الْمَيْتَةِ كَالْخَمْرِ فِي رِوَايَةٍ كَالْمَيْتَةِ فِي أُخْرَى، وَفِي الْقَامُوسِ الْخَمْرُ مَا أَسْكَرَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ أَوْ عَامٍّ كَالْخَمْرَةِ، وَقَدْ تُذَكَّرُ، وَالْعُمُومُ أَصَحُّ لِأَنَّهَا حَرُمَتْ، وَمَا بِالْمَدِينَةِ خَمْرُ عِنَبٍ، وَمَا كَانَ شَرَابُهُمْ إلَّا الْبُسْرَ وَالتَّمْرَ. اهـ.

قَيَّدَ بِالْخَمْرِ لِأَنَّ بَيْعَ مَا سِوَاهَا مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ كَالسَّكَرِ وَنَقِيعِ الزَّبِيبِ وَالْمُنَصَّفِ جَائِزٌ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَقَيَّدْنَا بِالْمُسْلِمِ لِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ مَا يُمْنَعُونَ مِنْ بَيْعِهَا ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا لَهُمْ شَرْعًا كَالْخَلِّ وَالشَّاةِ فَكَانَ مَالًا فِي حَقِّهِمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُمَا حَرَامَانِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالْحُرُمَاتِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا، وَلَكِنْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ بَيْعِهِمَا لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ الْحِلَّ وَالتَّمَوُّلَ، وَقَدْ أُمِرْنَا بِتَرْكِهِمْ، وَمَا يَدِينُونَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّ الذِّمِّيَّيْنِ إذَا تَبَايَعَا خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ وَالْقَبْضَ حَرَامٌ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْإِسْلَامُ بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ الدَّوَامُ، وَهُوَ لَا يُنَافِي.

وَلَوْ أُقْرِضَ الذِّمِّيُّ خَمْرًا مِنْ ذِمِّيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُقْرِضُ سَقَطَتْ الْخَمْرُ لِأَنَّ إسْلَامَهُ مَانِعٌ مِنْ قَبْضِهَا، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَتِهَا عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ لِأَنَّ الْعَجْزَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُسْتَقْرِضُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ كَالْأَوَّلِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ صَيْدِ الْمُحْرِمِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى جَزَاءِ الصَّيْدِ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَدْ اصْطَادَهُ، وَهُوَ حَلَالٌ ثُمَّ أَحْرَمَ فَبَاعَهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ لَهُ قِيمَتَهُ، وَهُوَ يَقْتَضِي فَسَادَ الْبَيْعِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي النَّهْرِ فَعُلِمَ أَنَّ بَيْعَ صَيْدِ الْحَلَالِ لِلْمُحْرِمِ فَاسِدٌ سَوَاءٌ بَاعَهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ، وَإِذَا أَتْلَفَهُ الْمُحْرِمُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِصَاحِبِهِ، وَمِثْلَهُ لِلَّهِ تَعَالَى جَزَاءُ الصَّيْدِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ بَيْعُ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا مِنْ كَافِرٍ لَا يَجُوزُ) قَالَ فِي النَّهْرِ مَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>