للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّكَاحِ أَيْضًا، وَفِي الْقَامُوسِ السَّوْمُ فِي الْمُبَايَعَةِ كَالسُّوَامِ بِالضَّمِّ سُمْت السِّلْعَةَ، وَسَاوَمْت بِالسِّلْعَةِ وَاسْتَمْت بِهَا، وَعَلَيْهَا غَالَيْت، وَاسْتَمْته إيَّاهَا، وَعَلَيْهَا سَأَلْته سَوْمَهَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَتَلَقِّي الْجَلَبِ) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ، وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ» فَقُلْتُ: لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَوْلُهُ حَاضِرٌ لِبَادٍ قَالَ لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا، وَلِلْمُتَلَقَّى صُورَتَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَلَقَّاهُمْ الْمُشْتَرُونَ لِلطَّعَامِ مِنْهُمْ فِي سَنَةِ حَاجَةٍ لِيَبِيعُوهُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ بِزِيَادَةٍ، وَثَانِيهَا أَنْ يُشْتَرَى مِنْهُمْ بِأَرْخَصَ مِنْ سِعْرِ الْبَلَدِ، وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ بِالسِّعْرِ، وَمَحْمَلُ النَّهْيِ عِنْدَنَا إذَا كَانَ يَضُرُّ بِأَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ لَبَسَ أَمَّا إذَا انْتَفَيَا فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَفِي الْمُغْرِبِ جَلَبَ الشَّيْءَ جَاءَ بِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ لِلتِّجَارَةِ جَلْبًا وَالْجَلَبُ الْمَجْلُوبُ، وَمِنْهُ نُهِيَ عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَبَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّهْيِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ بِمَا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ فِي قَحْطٍ وَعَوَزٍ، وَهُوَ يَبِيعُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَطَمَعًا فِي الثَّمَنِ الْغَالِي لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِمْ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِانْعِدَامِ الضَّرَرِ، وَفَسَّرَهُ فِي الِاخْتِيَارِ بِأَنْ يَجْلُبَ الْبَادِي السِّلْعَةَ فَيَأْخُذُهَا الْحَاضِرُ لِيَبِيعَهَا لَهُ بَعْدَ وَقْتٍ بِأَغْلَى مِنْ السِّعْرِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْجَلْبِ اهـ.

فَعَلَى الْأَوَّلِ الْحَاضِرُ مَالِكٌ بَائِعٌ، وَالْبَادِي مُشْتَرٍ، وَعَلَى الثَّانِي الْحَاضِرُ سِمْسَارٌ، وَالْبَادِي صَاحِبُ السِّلْعَةِ، وَيَشْهَدُ لِلثَّانِي آخِرُ الْحَدِيثِ «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا» ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمُجْتَبَى هَذَا التَّفْسِيرُ أَصَحُّ ذَكَرَهُ فِي زَادِ الْفُقَهَاءِ لِمُوَافَقَةِ الْحَدِيثِ، وَعَلَى هَذَا فَتَفْسِيرُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا لَيْسَ هُوَ تَفْسِيرَ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي وَهُوَ صُورَةُ النَّهْيِ بَلْ تَفْسِيرٌ لِضِدِّهَا، وَهِيَ الْجَائِزَةُ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّمْسَارِ، وَتَعَرُّضِهِ فَكَأَنَّهُ لَمَّا سُئِلَ عَنْ نُكْتَةِ نَهْيِ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي قَالَ الْمَقْصُودُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ سِمْسَارًا فَنَهَى عَنْهُ بِالسِّمْسَارِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(قَوْلُهُ وَالْبَيْعُ عِنْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩] ثُمَّ فِيهِ إخْلَالٌ بِوَاجِبِ السَّعْيِ عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَذَانَ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَفِي الْهِدَايَةِ كُلُّ ذَلِكَ يُكْرَهُ، وَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ لِأَنَّ النَّهْيَ لِمَعْنًى خَارِجٍ زَائِدٍ لَا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَلَا فِي شَرَائِطِ الصِّحَّةِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا تَبَايَعَا، وَهُمَا يَمْشِيَانِ إلَيْهَا وَمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ مُشْكِلٌ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ فَمَنْ جَوَّزَهُ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ يَكُونُ تَخْصِيصًا، وَهُوَ نَسْخٌ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ بِالرَّأْيِ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ لَا بَيْعُ مَنْ يَزِيدُ) أَيْ لَا يُكْرَهُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عَدَمِ الْإِضْرَارِ، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاعَ قَدَحًا وَحِلْسًا بَيْعَ مَنْ يَزِيدُ» ، وَلِأَنَّهُ بَيْعُ الْفُقَرَاءِ، وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ صَغِيرٍ وَذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» «، وَوَهَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ غُلَامَيْنِ صَغِيرَيْنِ أَخَوَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَهُ مَا فَعَلَ الْغُلَامَانِ فَقَالَ بِعْتُ أَحَدَهُمَا قَالَ أَدْرِكْ أَدْرِكْ، وَيُرْوَى اُرْدُدْ اُرْدُدْ» ، وَلِأَنَّ الصَّغِيرَ يَسْتَأْنِسُ بِالصَّغِيرِ وَبِالْكَبِيرِ، وَالْكَبِيرُ يَتَعَاهَدُهُ فَكَانَ فِي بَيْعِ أَحَدِهِمَا قَطْعُ الِاسْتِئْنَاسِ، وَالْمَنْعُ مِنْ التَّعَاهُدِ، وَفِيهِ تَرْكُ الْمَرْحَمَةِ عَلَى الصِّغَارِ، وَقَدْ أَوْعَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ ثُمَّ الْمَنْعُ مَعْلُولٌ بِالْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ لِلنِّكَاحِ حَتَّى لَا يَدْخُلَ فِيهِ مُحَرَّمٌ غَيْرُ قَرِيبٍ، وَلَا قَرِيبٌ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، وَلِذَا قَيَّدَ بِذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ أَيْ الْمُحَرَّمِ مِنْ جِهَةِ الرَّحِمِ، وَإِلَّا يُرَدُّ عَلَيْهِ ابْنُ الْعَمِّ إذَا كَانَ أَخًا مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنَّهُ رَحِمٌ مُحَرَّمٌ، وَلَيْسَ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ، وَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِي مِلْكِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَهُ، وَالْآخَرُ لِغَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَّا إذَا كَانَ التَّفْرِيقُ بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ كَدَفْعِ أَحَدِهِمَا بِالْجِنَايَةِ، وَبَيْعِهِ بِالدَّيْنِ وَرَدِّهِ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ غَيْرِهِ لَا الْإِضْرَارُ بِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَمِنْ التَّفْرِيقِ بِحَقٍّ مَا فِي الْمَبْسُوطِ

ــ

[منحة الخالق]

أَنَّهُ تَدْخُلُ فِيهِ الْإِجَارَةُ إذْ هِيَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ، وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى.

(قَوْلُهُ وَفَسَّرَهُ فِي الِاخْتِيَارِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ مَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ أَنَّ أَعْرَابًا قَدِمُوا الْكُوفَةِ، وَأَرَادُوا أَنْ يَمْتَارُوا مِنْهَا، وَيَضُرُّ ذَلِكَ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ أَمْنَعُهُمْ عَنْ ذَلِكَ قَالَ أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ الْبَلْدَةِ يَمْنَعُونَ عَنْ الشِّرَاءِ لِلْحُكْرَةِ فَهَذَا أَوْلَى اهـ مِنْ الْغَزِّيِّ قَوْلُهُ «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا» كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا «يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الْفَتْحِ يَرْزُقُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ بِدُونِ لَفْظِ الْجَلَالَةِ، وَفِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيِّ وَقَعَ لِشَارِحٍ أَنَّهُ زَادَ فِي غَفَلَاتِهِمْ، وَنَسَبَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>