للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِقَوْلِهِ لَزِمَهُ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ إلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ لَمَّا وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِذَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَدَفَعَ إلَيْهِ الدَّرَاهِمَ عِوَضًا عَنْ الدَّنَانِيرِ ثُمَّ تَقَايَلَا، وَقَدْ رَخُصَتْ الدَّرَاهِمُ رَجَعَ بِالدَّنَانِيرِ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا لَا بِمَا دَفَعَ، وَكَذَا لَوْ رَدَّ بِالْعَيْبِ، وَكَذَا فِي الْإِجَارَةِ لَوْ فُسِخَتْ، وَمِنْ فُرُوعِ الْفَسْخِ كَالْإِقَالَةِ مَا لَوْ عَقَدَا بِدَرَاهِمَ ثُمَّ كَسَدَتْ ثُمَّ تَقَايَلَا فَإِنَّهُ يَرُدُّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ الْكَاسِدَةَ، وَلَوْ عَقَدَا بِدَرَاهِمَ ثُمَّ جَدَّدَا بِدَنَانِيرَ، وَعَلَى الْقَلْبِ انْفَسَخَ الْأَوَّلُ، وَكَذَا لَوْ عَقَدَا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ ثُمَّ جَدَّدَا بِحَالٍّ أَوْ عَلَى الْقَلْبِ أَمَّا لَوْ جَدَّدَاهُ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ فَلَا، وَهُوَ حَطٌّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ زِيَادَةٌ فِيهِ، وَقَالُوا لَوْ بَاعَ بِاثْنَيْ عَشَرَ، وَحَطَّ عَنْهُ دِرْهَمَيْنِ ثُمَّ عَقَدَا بِعَشَرَةٍ لَا يَنْفَسِخُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ إذْ الْحَطُّ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ إلَّا فِي الْيَمِينِ فَيَحْنَثُ لَوْ كَانَ حَلَفَ لَا يَشْتَرِيهِ بِاثْنَيْ عَشَرَ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْبَائِعِ بِعْهُ لِنَفْسِك فَإِنْ بَاعَهُ جَازَ، وَانْفَسَخَ الْأَوَّلُ، وَلَوْ قَالَ بِعْهُ لِي أَوْ لَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ بِعْهُ لِي أَوْ زَادَ قَوْلَهُ مِمَّنْ شِئْتَ لَا يَصِحُّ فِي الْوُجُوهِ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ، وَلَوْ بَاعَ الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ، وَلَوْ وَهَبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ إذَا قَبِلَ، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَعْتِقْهُ فَأَعْتَقَهُ جَازَ الْعِتْقُ عَنْ الْبَائِعِ، وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْعِتْقُ بَاطِلٌ.

وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى جُحُودُ مَا عَدَا النِّكَاحَ فَسْخٌ، وَعَلَيْهِ مَا فَرَّعَ فِي الْخَانِيَّةِ، وَغَيْرِهَا بَاعَ أَمَةً فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ لَا يَحِلُّ لِلْبَائِعِ وَطْؤُهَا إلَّا إنْ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ فَيَحِلُّ حِينَئِذٍ لَهُ وَطْؤُهَا، وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ، وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي لَا يَحِلُّ لِلْبَائِعِ وَطْؤُهَا فَإِنْ تَرَكَ الْمُشْتَرِي الْخُصُومَةَ، وَسَمِعَ الْبَائِعُ بَعْدُ بِذَلِكَ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَمِثْلُهُ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَبَضَهَا ثُمَّ رَدَّ عَلَى الْبَائِعِ جَارِيَةً أُخْرَى فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَقَالَ هِيَ الَّتِي اشْتَرَيْتُهَا، وَقَبَضْتُهَا كَانَ الْقَوْلُ لَهُ فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِهَا حَلَّ وَطْؤُهَا، وَكَذَا الْقَصَّارُ وَالْإِسْكَافُ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَاللَّحْمِ وَالسَّمَكِ وَالْفَاكِهَةِ، وَغَابَ الْمُشْتَرِي، وَخَافَ الْبَائِعُ فَسَادَهُ فَلَهُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِهِ اسْتِحْسَانًا، وَلِلْمُشْتَرِي مِنْهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَإِنْ عَلِمَ لِرِضَا الْعَاقِدَيْنِ بِالْفَسْخِ ظَاهِرًا، وَيَتَصَدَّقُ الْبَائِعُ بِمَا زَادَ عَلَى الثَّمَنِ، وَإِنْ نَقَصَ فَعَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فَادَّعَى الْبَائِعُ الْإِقَالَةَ، وَالْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ بِأَقَلَّ قَبْلَ النَّقْدِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِي إنْكَارِهَا، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ تَحَالَفَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَأَشَارَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ لَزِمَهُ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ حَالًّا فَأَجَّلَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْإِقَالَةِ فَإِنَّ التَّأْجِيلَ يَبْطُلُ، وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ، وَإِنْ تَقَايَلَا ثُمَّ أَجَّلَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْأَجَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ الشَّرْطَ اللَّاحِقَ بَعْدَ الْعَقْدِ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ ثُمَّ تَقَايَلَا لَمْ تَصِحَّ مِنْهَا أَيْضًا، وَإِلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ رَدُّ الْمَبِيعِ، وَفِي الْقُنْيَةِ اسْتَرَدَّ مَا لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ، وَنَقَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَا فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ يَمْنَعُ) أَيْ صِحَّتَهَا لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ مِنْ شَرْطِهَا بَقَاءَ الْمَبِيعِ لِأَنَّهَا رَفْعُ الْعَقْدِ، وَهُوَ مَحَلُّهُ قَيَّدَ بِالْمَبِيعِ لِأَنَّ هَلَاكَ الثَّمَنِ لَا يَمْنَعُهَا لِكَوْنِهِ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِكَوْنِهِ يَثْبُتُ بِالْعَقْدِ فَكَانَ حُكْمًا، وَهُوَ يَعْقُبُهُ فَلَا يَكُونُ مَحَلًّا لِأَنَّ الْمَحَلَّ شَرْطٌ، وَهُوَ سَابِقٌ فَتَنَافَيَا، وَلِذَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ بِعْهُ لِي) سَيَأْتِي عَنْ الْخَانِيَّةِ فِي أَوَّلِ فَصْلِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَقُلْ لَهُ نَعَمْ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ يَمْنَعُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: وَكَذَا إهْلَاكُهُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ، وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ يُبْطِلُهَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ هَلَاكُ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ مُبْطِلٌ، وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى، وَلَوْ تَقَايَلَا ثُمَّ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ فِي مَجْمَعِ الرِّوَايَةِ شَرْحِ الْقُدُورِيِّ.

قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْبَائِعِ بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ، وَمِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ، وَوَجْهُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ جَاءَ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ، وَقَالَ إنَّهُ قَامَ عَلَيَّ بِثَمَنٍ غَالٍ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعُ مَا قَبَضَ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَكِنْ لَمْ يَقْبِضْ مَا بَاعَ لَا تَتِمُّ الْإِقَالَةُ وَالشَّرْطُ الْإِعْطَاءُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. اهـ.

وَلِتَمَامِهَا حُكْمُ إنْشَائِهَا فَكَمَا لَا يَجُوزُ إنْشَاؤُهَا بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ فَكَذَا هَلَاكُهُ يُبْطِلُهَا، وَقَدَّمَ هَذَا الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ هِيَ فَسْخٌ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ جَعْلُهَا فَسْخًا بِأَنْ وَلَدَتْ الْمَبِيعَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ، وَيَبْقَى الْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.

قُلْتُ:، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْخُلَاصَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى غَيْرِ الصَّحِيحِ فَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ ثُمَّ قَالَ فَمَنْ قَالَ الْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ جَعَلَهُ إقَالَةً، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَمَنْ شَرَطَ الْقَبْضَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَا يَكُونُ إقَالَةً. اهـ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مَحَلُّهُ) أَيْ وَالْمَبِيعُ مَحَلُّ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ قَيَّدَ بِالْمَبِيعِ) كَأَنَّ نُسْخَتَهُ لَيْسَ فِيهَا التَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الثَّمَنِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي رَأَيْتُهُ فِي الْمَتْنِ، وَعَلَيْهِ كَتَبَ فِي النَّهْرِ التَّصْرِيحَ بِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ، وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ يَمْنَعُ حَيْثُ قَالَ وَهَلَاكُ الثَّمَنِ لَا يَمْنَعُ الْإِقَالَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>