نَفْسِهِ لَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ ثُمَّ إنْ كَانَ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا الْحَطُّ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ فِي مَوْضِعٍ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ، وَفِي مَوْضِعٍ لَا تَجُوزُ. اهـ.
وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ فَشَرْطُهَا بَقَاءُ الْمَرْأَةِ فَلَوْ زَادَ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهَا لَمْ تَصِحَّ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ بَعْدَ طَلَاقِهَا أَوْ عِتْقِهَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَقَدَّمْنَا أَحْكَامَهَا فِي الْمَهْرِ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الْأُجْرَةِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَغَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الْعَيْنِ، وَالْمُدَّةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ فَسَيَأْتِي أَنَّهَا صَحِيحَةٌ فِي الرَّهْنِ لَا فِي الدَّيْنِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ لَوْ زَادَ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِ الْآخَرِ إنْ كَانَ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ جَازَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ جَازَ مِنْ الَّذِي لَا بَذْرَ لَهُ لِأَنَّهُ حَطٌّ، وَلَا يَجُوزُ مِمَّنْ الْبَذْرُ مِنْهُ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ، وَشَرْطُهَا قِيَامُ السِّلْعَةِ اهـ.
قَوْلُهُ (وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ) أَيْ وَصَحَّتْ، وَلَزِمَ الْبَائِعَ دَفْعُهَا بِشَرْطِ قَبُولِ الْمُشْتَرِي، وَتَلْتَحِقُ أَيْضًا بِالْعَقْدِ فَيَصِيرُ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ تَسْقُطُ حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْمَبِيعِ حَيْثُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ بِهَلَاكِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَكَذَا إذَا زَادَ فِي الثَّمَنِ عَرْضًا كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ زَادَهُ الْمُشْتَرِي عَرْضًا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ، وَهَلَكَ الْعَرْضُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي ثَلَاثَةٍ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا قِيَامُ الْمَبِيعِ فَتَصِحُّ بَعْدَ هَلَاكِهِ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ، وَقَدْ ذَكَرَ الزِّيَادَةَ فِي الْمَبِيعِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَطَّ، وَذَكَرَهُمَا فِي الثَّمَنِ فَظَاهِرُهُ عَدَمِ صِحَّةِ الْحَطِّ مِنْ الْمَبِيعِ، وَصَرَّحَ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ إنْ كَانَ دَيْنًا يَصِحُّ الْحَطُّ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا لَمْ يَصِحَّ الْحَطُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ، وَإِسْقَاطُ الْعَيْنِ لَا يَصِحُّ اهـ.
قَيَّدَ بِالْمَبِيعِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الزَّوْجَةِ كَمَا إذَا زَوَّجَهُ أَمَةً فَزَادَهُ أُخْرَى لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ فِي الْمَهْرِ، وَأُطْلِقَ فِي الْحَطِّ مِنْ الثَّمَنِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِذَا حَطَّ عَنْهُ بَعْدَمَا أَوْفَاهُ الثَّمَنَ أَوْ أَبْرَأَهُ فَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لَوْ ذَهَبَ بَعْضُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْقَبْضِ فَهُوَ حَطٌّ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ حَطَّ الْبَعْضَ أَوْ وَهَبَهُ صَحَّ، وَوَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ مِثْلُ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْبَعْضِ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَصِحُّ، وَكَانَ يَجِبُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْهِبَةُ.
وَالْحَطُّ بَعْدَ الْقَبْضِ أَيْضًا كَالْإِبْرَاءِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ بَرِئَ مِنْ الثَّمَنِ بِالْإِيفَاءِ، وَالْهِبَةُ وَالْحَطُّ لَمْ يُصَادِفْ دَيْنًا قَائِمًا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْضِ عَيْنَ الْوَاجِبِ حَتَّى لَا يَبْقَى فِي الذِّمَّةِ إنَّمَا قَضَى مِثْلَهُ فَبَقِيَ مَا فِي ذِمَّتِهِ عَلَى حَالِهِ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُطَالَبُ بِهِ لِأَنَّ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ بِالْقَضَاءِ فَلَوْ طَالَبَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ الْبَائِعَ أَيْضًا فَلَا تُفِيدُ مُطَالَبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَعُلِمَ أَنَّ الثَّمَنَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَالْهِبَةُ وَالْحَطُّ صَادَفَ دَيْنًا قَائِمًا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَضَاء، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَلَى نَوْعَيْنِ بَرَاءَةُ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ، وَبَرَاءَةُ إسْقَاطٍ فَإِذَا أُطْلِقَ حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ كَأَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبْرَأْتُك بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ، وَفِيهِ لَا يَرْجِعُ، وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ صَحَّ، وَوَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ مَا قَبَضَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالْحَطِّ لَا يَتَنَوَّعُ إلَى نَوْعَيْنِ، وَإِنَّمَا هِيَ إسْقَاطٌ، وَإِذَا وَهَبَ كُلَّ الدَّيْنِ أَوْ حَطَّ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا هَذَا جُمْلَةُ مَا أَوْرَدَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ، وَفِي شَرْحِ كِتَابِ الرَّهْنِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي شَرْحِ كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمُضَافَ إلَى الثَّمَنِ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ صَحِيحٌ حَتَّى يَجِبَ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ مَا قَبَضَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَسَوَّى بَيْنَ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْحَطِّ فَيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا أَبْرَأَهُ، وَلَمْ يُعَيِّنْ أَنَّهَا إسْقَاطٌ أَوْ اسْتِيفَاءٌ.
فَإِنْ قُلْتُ: هَلْ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ بَعْدَ إيفَائِهِ فَائِدَةٌ أُخْرَى. قُلْتُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنٌ ثُمَّ قَضَاهُ الدَّيْنَ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ هَلَكَ بِالدَّيْنِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْمَقْبُوضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ ثُمَّ هَلَكَ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ يَسْقُطُ بِهِ الدَّيْنُ أَصْلًا، وَبِالِاسْتِيفَاءِ لَا يَسْقُطُ لِقِيَامِ الْمُوجِبِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْقَبْضِ كَذَا فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ أَيْضًا) قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهَا هَكَذَا رَأَيْته فِي خَطِّهِ وَخَطِّ صَاحِبِ الْبَحْرِ، وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْ صَاحِبِ الْبَحْرِ فَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ فِيهِ، وَالصَّوَابُ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْبَعْضِ اهـ.
قُلْتُ: وَهَكَذَا عِبَارَةُ الذَّخِيرَةِ، وَنَصُّهَا أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ فَيُتَأَمَّلُ عِنْدَ الْفَتْوَى) هَذَا مِنْ عِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ، وَقَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا إلَخْ الْأَوْلَى ذَكَرَهُ بِالْفَاءِ لِيَكُونَ بَيَانًا لِحَاصِلِ مَا قَدَّمَهُ، وَهُوَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي صُورَةِ عَدَمِ التَّعْيِينِ قَالَ فِي النَّهْرِ، وَعُرِفَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي رُجُوعِ الدَّافِعِ بِمَا أَدَّاهُ إذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ، وَفِي عَدَمِ رُجُوعِهِ إذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ، وَأَنَّ الْخِلَافَ مَعَ الْإِطْلَاقِ، وَعَلَى هَذَا تَفَرَّعَ مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِبْرَائِهَا عَنْ الْمَهْرِ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهَا لَا يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ فَإِذَا أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ وَقَعَ، وَرَجَعَ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ