مِيرَاثًا لَهُ بَيْنَ الْأَخِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَبَيْنَهُ يُقْضَى لِلْأَخِ الْمُدَّعِي بِنِصْفِ الدَّارِ لِأَنَّ الْأَخَ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ لَمْ يَقُلْ فِي الْجَوَابِ مِلْكِي لِأَنِّي وَرِثْتهَا مِنْ أَبِي فَلَمْ يَصِرْ الْأَخُ الْآخَرُ حِينَئِذٍ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ.
وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ، وَهُوَ الْأَخُ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ بَعْدَمَا أَنْكَرَ، وَبَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْأَخِ. اهـ.
وَذَكَرَ قَبْلَهُ الْمُوَرِّثُ إذَا صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فِي مَحْدُودٍ فَمَاتَ فَادَّعَى وَارِثُهُ ذَلِكَ الْمَحْدُودَ إنْ ادَّعَى الْإِرْثَ مِنْ هَذَا الْمُوَرِّثِ لَا تُسْمَعُ، وَإِنْ ادَّعَى مُطْلَقًا تُسْمَعُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ بِأَنْ كَانَ الْمُوَرِّثُ مُدَّعِيًا، وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ أَجْنَبِيًّا فَلَمَّا مَاتَ الْمُوَرِّثُ ادَّعَى الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ هَذَا الْمَحْدُودَ مُطْلَقًا عَلَى وَارِثِهِ لَا تُسْمَعُ، وَذَكَرَ فِيهَا مَعْزِيًّا إلَى الصُّغْرَى فِي دَعْوَى الدَّيْنِ عَلَى إحْدَى الْوَرَثَةِ، وَقَدْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا الْقَضَاءَ عَلَيْهِ قَضَاءً عَلَى الْمَيِّتِ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَضَاءٌ عَلَى الْبَائِعِ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ الْقَضَاءَ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي قَضَاءٌ عَلَى الْكُلِّ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدِهِمْ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَعَلَى الْوَارِثِ قَضَاءٌ عَلَى الْمُوَرِّث بِشَرْطِهِ، وَعَلَى الْمُوَرِّثِ قَضَاءٌ عَلَى الْوَارِثِ بِشَرْطِهِ، وَعَلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ قَضَاءٌ عَلَى الْبَاقِي بِشَرْطِهِ، وَذَكَرَ مُلَّا خُسْرو مِنْ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْحُكْمُ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ حُكْمٌ عَلَى الْكَافَّةِ حَتَّى لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ مِنْ أَحَدٍ، وَكَذَا الْعِتْقُ وَفُرُوعُهُ، وَأَمَّا الْحُكْمُ فِي الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ فَعَلَى الْكَافَّةِ مِنْ التَّارِيخِ لَا قَبْلَهُ يَعْنِي إذَا قَالَ زَيْدٌ لِبَكْرٍ إنَّك عَبْدِي مَلَكْتُك مُنْذُ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ فَقَالَ بَكْرٌ إنِّي كُنْت عَبْدَ بِشْرٍ مَلَكَنِي مُنْذُ سِتَّةِ أَعْوَامٍ فَأَعْتَقَنِي فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ انْدَفَعَ دَعْوَى زَيْدٍ ثُمَّ إذَا قَالَ عَمْرٌو لِبَكْرٍ إنَّك عَبْدِي مَلَكْتُك مُنْذُ سَبْعَةِ أَعْوَامٍ، وَأَنْتَ مِلْكِي الْآنَ فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ تُقْبَلُ، وَيُفْسَخُ الْحُكْمُ بِحُرِّيَّتِهِ، وَيُجْعَلُ مِلْكًا لِعَمْرٍو.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ قَاضِي خَانْ قَالَ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ فَصَارَتْ مَسَائِلُ الْبَابِ عَلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا عِتْقٌ فِي مِلْكٍ مُطْلَقٍ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ، وَالْقَضَاءُ بِهِ قَضَاءٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ، وَالثَّانِي الْقَضَاءُ بِالْعِتْقِ فِي الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ وَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ مِنْ وَقْتِ التَّارِيخِ، وَلَا يَكُونَ قَضَاءً قَبْلَهُ فَلْيَكُنْ هَذَا عَلَى ذِكْرٍ مِنْك فَإِنَّ الْكُتُبَ الْمَشْهُورَةَ خَالِيَةٌ عَنْ هَذِهِ الْفَائِدَةِ. اهـ.
وَمِنْ فُرُوعِ التَّعَدِّي إذَا قُضِيَ بِهَا دُونَ الْإِقْرَارِ مَسْأَلَةٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ إذَا اسْتَحَقَّ الْمَبِيعُ بِبَيِّنَةٍ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ، وَبِالْإِقْرَارِ لَا، وَمِنْ مَسَائِلِ الِاسْتِحْقَاقِ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ اسْتَحَقَّ بِالْبَيِّنَةِ فَطَلَبَ ثَمَنَهُ مِنْ بَائِعِهِ فَقَالَ الْمَبِيعُ لِي، وَشَهِدَا بِزُورٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا أَشْهَدُ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُمَا شَهِدَا بِزُورٍ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ مَعَ هَذَا الْإِقْرَارِ إذْ الْمَبِيعُ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ فَلَا يَحِلُّ ثَمَنُهُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ قَالَ الْمَرْجُوعُ عَلَيْهِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لَوْ أَقَرَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَمَعَ ذَلِكَ بَرْهَنَ الرَّاجِعُ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ إذْ الْحُكْمُ وَقَعَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ الِاسْتِحْقَاقُ لِيُمْكِنَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ، وَفِيهِ لَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعِي ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ يُقْضَى لَهُ بِإِقْرَارٍ لَا بِبَيِّنَةٍ إذْ الْبَيِّنَةُ إنَّمَا تُقْبَلُ عَلَى الْمُنْكِرِ لَا عَلَى الْمُقِرِّ، وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فَقِيلَ يُقْضَى بِالْإِقْرَارِ، وَقِيلَ بِالْبَيِّنَةِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ اهـ.
وَأَوْرَدَ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ قَاصِرٌ عَلَى الْمُقِرِّ مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسَافِرَ بِامْرَأَتِهِ فَأَقَرَّتْ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ فَإِنَّهُ يَمْنَعُهَا مِنْ السَّفَرِ الثَّانِيَةُ إذَا أَقَرَّ الْآجِرُ بِدَيْنٍ يَصِحُّ، وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ الْإِقْرَارُ عَلَى الْمُقِرِّ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْغَيْرِ لَكِنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ صَادَفَ خَالِصَ حَقِّ الْمُقِرِّ، وَهُوَ الذِّمَّةُ ثُمَّ لَزِمَ مِنْهُ إتْلَافُ حَقِّ الْغَيْرِ بِالضَّرُورَةِ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ، وَالْآجِرَ
ــ
[منحة الخالق]
السَّبَبِ عَلَيْهِ إثْبَاتًا عَلَى الْكَافَّةِ حَتَّى لَوْ أَحْضَرَ آخَرَ، وَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا لَا يُكَلَّفُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْحُكْمُ فِي الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ إلَخْ) قَالَ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٌ اسْتَنْبَطَ شَيْخُنَا مِنْ كَلَامِ مُنْلَا خُسْرو أَنَّ الْقَضَاءَ بِالنِّكَاحِ لِمَنْ ادَّعَاهُ، وَأَثْبَتَهُ يَكُونُ قَضَاءً فِي حَقِّ كَافَّةِ النَّاسِ مِنْ وَقْتِ التَّارِيخِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدٍ نِكَاحَهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ مَا بَقِيَ النِّكَاحُ الْمَقْضِيِّ بِهِ، وَقَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي أَرَّخَهُ تُقْبَلُ، وَيَبْطُلُ بِهِ الْحُكْمُ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَضَاءً عَلَى الْكَافَّةِ مِنْ وَقْتِ التَّارِيخِ لَا قَبْلَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ إلَخْ) ذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدَّيْنِ أَنَّهُ مَشَى أَوَّلًا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، وَفِي آخِرِ الْبَابِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا يُنَاقِضُ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا إلَّا أَنْ تُخَصَّ تِلْكَ بِعَارِضِ الْحَاجَةِ إلَى الرُّجُوعِ، فَيَتَحَصَّلُ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ بِهِمَا يَنْبَغِي عَلَى مَا جَعَلَهُ الْأَظْهَرُ أَنْ يُقْضَى بِالْإِقْرَارِ وَإِنْ سَبَقَتْهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ غَيْرَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَتَمَكَّنُ مِنْ اعْتِبَارِ قَضَائِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَعِنْدَ تَحَقُّقِ حَاجَةِ الْخَصْمِ إلَى ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ قَضَاءً بِهَا لِيَنْدَفِعَ الضَّرَرُ عَنْهُ بِالرُّجُوعِ. اهـ.
وَلَخَصَّهُ فِي النَّهْرِ بِقَوْلِهِ، وَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ عِنْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ بِهِمَا يُقْضَى بِالْإِقْرَارِ عَلَى الْأَظْهَرِ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ فَبِالْبَيِّنَةِ، وَسَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ عِبَارَتَهُ بِتَمَامِهَا فِي التَّتِمَّةِ آخِرَ هَذَا الْفَصْلِ