للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَلْكِي، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي إنَّك مُتَنَاقِضٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لِأَنَّ اسْتِئْجَارَك هَذِهِ الدَّارَ مِنِّي اعْتِرَافٌ مِنْك أَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ لَك فَدَعَوَاك الدَّارَ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْك تَنَاقُضًا قَالَ الصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ دَفْعًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ كَانَ هَذَا تَنَاقُضًا لِأَنَّ هَذَا التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَفَاءِ فَإِنَّ الْأَبَ يَسْتَقِلُّ بِالشِّرَاءِ لِلصَّغِيرِ، وَمِنْ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ، وَالِابْنُ لَا عِلْمَ لَهُ بِذَلِكَ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الصُّغْرَى اشْتَرَى ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُ قَالَ تُقْبَلُ، وَفِي الذَّخِيرَةِ قِيلَ لَا يُقْبَلُ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، وَفِي الْعُيُونِ قَدِمَ بَلْدَةً وَاشْتَرَى أَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَاهَا قَائِلًا بِأَنَّهَا دَارُ أَبِيهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَكَانَ لَمْ يَعْرِفْهَا وَقْتَ الِاسْتِلَامِ لَا تُقْبَلُ قَالَ وَالْقَبُولُ أَصَحُّ، وَفِي الْمُنْيَةِ اثْنَانِ اقْتَسَمَا التَّرِكَةَ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ كَانَ جَعَلَ لَهُ هَذَا الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ مِنْ الَّذِي كَانَ دَاخِلًا تَحْتَ الْقِسْمَةِ إنْ قَالَ إنَّهُ كَانَ فِي صِغَرِي تُقْبَلُ، وَإِنْ مُطْلَقًا لَا ذَكَرَ الْوَتَّارُ تَوَلَّى وِلَايَةَ وَقْفٍ أَوْ تَوَلَّى وِصَايَةَ تَرِكَةٍ بَعْدَ تَبَيُّنِ كَوْنِهَا تَرِكَةً أَوْ قَسَمَ تَرِكَةً بَيْنَ وَرَثَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ لَا تُسْمَعُ اشْتَرَى جَارِيَةً فِي نِقَابٍ ثُمَّ ادَّعَاهَا، وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهَا لَا يُقْبَلُ، وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَهُ لَا يُقْبَلُ قَالَ مُحَمَّدٌ النَّظَرُ إلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ إنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُعْرَفَ وَقْتَ الْمُسَاوَمَةِ كَالْجَارِيَةِ الْقَائِمَةِ الْمُتَنَقِّبَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ إيَّاهَا فَتُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ كَثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ جَارِيَةٍ قَاعِدَةٍ عَلَى رَأْسِهَا غِطَاءٌ لَا يَرَى مِنْهَا شَيْئًا يُقْبَلُ، وَلِأَجْلِ هَذَا الِاخْتِلَافِ اخْتَلَفَتْ أَقَاوِيلُ الْعُلَمَاءِ فِي الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ فِي الْمَسَائِلِ اهـ.

وَفِيهَا أَيْضًا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مِنْ آخَرَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ لَهُ اشْتَرَاهَا لَهُ أَبُوهُ فِي صِغَرِهِ، وَبَرْهَنَ تُقْبَلُ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ يُعْفَى فِيمَا يَجْرِي فِيهِ الْخَفَاءُ فَإِنَّ الْأَبَ يَنْفَرِدُ بِالشِّرَاءِ لِلِابْنِ، وَمِنْ الِابْنِ. اهـ.

وَمِمَّا يُعْفَى فِيهِ التَّنَاقُضُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَى - الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ قِيمَةَ الْعَيْنِ لِهَلَاكِهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ، وَبَرْهَنَ تُقْبَلُ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْخَفَاءِ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُتَنَاقِضَ الَّذِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا قَالَ تَرَكْت أَحَدَ الْكَلَامَيْنِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيَّا إلَى الذَّخِيرَةِ ادَّعَاهُ مُطْلَقًا فَدَفَعَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّك كُنْت ادَّعَيْته قَبْلَ هَذَا مُقَيَّدًا، وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُدَّعِي ادَّعَيْته الْآنَ بِذَلِكَ السَّبَبِ، وَتَرَكْت الْمُطْلَقَ يُقْبَلُ، وَيَبْطُلُ الدَّفْعُ. اهـ.

وَفِيهَا مَعْزِيَّا إلَى الْمُحِيطِ ادَّعَى عَلَى آخَرَ عِنْدَ غَيْرِ الْحَاكِمِ بِالشِّرَاءِ أَوْ الْإِرْثِ ثُمَّ ادَّعَاهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِلْكًا مُطْلَقًا إنْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْ مَعْرُوفٍ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ ادَّعَاهُ مِنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ أَوْ قَالَ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ الْمُطْلَقُ عِنْدَ الْحَاكِمِ يُقْبَلُ دَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّنَاقُضِ كَوْنُ الْمُتَدَافِعَيْنِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَلْ يُكْتَفَى بِكَوْنِ الثَّانِي فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ اهـ.

قَوْلُهُ (مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ فَاسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا، وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ لَا) أَيْ لَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْأُولَى، وَهِيَ التَّعَدِّي، وَعَدَمُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ مَوْلَاهَا، وَفِي الْكَافِي وَلَدَتْ لَا بِاسْتِيلَادِهِ ثُمَّ قِيلَ يَدْخُلُ الْوَلَدُ فِي الْقَضَاءِ بِالْأُمِّ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهَا فَيَكْتَفِي بِهَا، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ بِالْوَلَدِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَفِي النِّهَايَةِ إنَّمَا لَا يَتْبَعُهَا الْوَلَدُ فِي الْإِقْرَارِ إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الْمُقَرُّ لَهُ أَمَّا إذَا ادَّعَاهُ كَانَ لَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَهُ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْوَلَدِ بَلْ زَوَائِدُ الْمَبِيعِ كُلُّهَا عَلَى التَّفْصِيلِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَتَى يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ إذَا ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ قِيلَ بِقَبْضِ الْمُسْتَحِقِّ، وَقِيلَ بِنَفْسِ الْقَضَاءِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ مَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ حَتَّى لَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَمَا قُضِيَ لَهُ أَوْ بَعْدَمَا قَبَضَهُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ يَصِحُّ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْقَضَاء لِلْمُسْتَحِقِّ لَا يَكُونُ فَسْخًا لِلْبِيَاعَاتِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ اعْلَمْ أَنَّ الْمُتَنَاقِضَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَفِي هَذَا الِاسْتِخْرَاجِ تَأَمُّلٌ فَتَدَبَّرْهُ اهـ.

لِأَنَّ ادِّعَاءَ الْمُطْلَقِ لَا يُنَاقِضُ دَعْوَى الْمُقَيَّدِ أَوَّلًا فَتَأَمَّلْ، وَانْظُرْ مَا نَذْكُرُهُ عَنْ الرَّمْلِيُّ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ لَكِنْ ذَكَرَ هُنَاكَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَى عَلَيْهِ مِلْكًا مُطْلَقًا ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ الْحَاكِمِ بِسَبَبٍ يُقْبَلُ وَيُسْمَعُ بُرْهَانُهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْعَاكِسُ أَرَادَ بِالْمُطْلَقِ الثَّانِي الْمُقَيَّدَ الْأَوَّلَ لِكَوْنِ الْمُطْلَقِ أَزْيَدَ مِنْ الْمُقَيَّدِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُطْلَقُ عِنْدَ الْحَاكِمِ) أَيْ ثُمَّ ادَّعَى الْمُطْلَقَ عِنْدَ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ دَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّنَاقُضِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَالْأَوْجَهُ عِنْدِي اشْتِرَاطُهُمَا عِنْدَ الْحَاكِمِ إذْ مِنْ شَرَائِطِ الدَّعْوَى كَوْنُهَا لَدَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>