للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا لَمْ يَرْجِعْ كُلٌّ عَلَى بَائِعِهِ بِالْقَضَاءِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ لَا يَنْفَسِخُ مَا لَمْ يُفْسَخْ، وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.

وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ وَاسْتِحْقَاقُ الْجَارِيَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ لَا يُوجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْئًا كَزَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ. اهـ.

وَفِيهَا مِنْ التَّنَاقُضِ بَرْهَنَ عَلَى جَارِيَةٍ أَنَّهَا لَهُ فَقُضِيَ لَهُ بِهَا، وَوَلَدُهَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْحَاكِمُ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ وَلَدُهَا يُقْضَى بِهِ لَهُ أَيْضًا فَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْأُمِّ بَعْدَ ذَلِكَ يَضْمَنُونَ قِيمَةَ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْوَلَدِ لَهُ بِوَاسِطَةِ شُهُودِ الْأُمِّ فَإِنَّهُمْ لَوْ رَجَعُوا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْأُمِّ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْوَلَدِ أَوْ ارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ أَوْ فَسَقَوْا لَا يُحْكَمُ بِالْوَلَدِ لَهُ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا بِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَلَدَتْهُ عَلَى مِلْكِهِ جَارِيَتُهُ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ فِي يَدِهِ جَارِيَةٌ أَنَّهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي ثُمَّ غَابُوا أَوْ مَاتُوا وَلَهَا وَلَدٌ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَهُ، وَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ لَا يَلْتَفِتُ الْحَاكِمُ إلَى كَلَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبُرْهَانِهِ، وَيُقْضَى بِالْوَلَدِ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ حَضَرَ الشُّهُودُ، وَقَالُوا الْوَلَدُ كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُقْضَى بِضَمَانِ قِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الشُّهُودِ كَأَنَّهُمْ رَجَعُوا فَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ حَضَرُوا سَأَلَهُمْ عَنْ الْوَلَدِ فَإِنْ قَالُوا إنَّهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ لَا نَدْرِي لِمَنْ الْوَلَدُ يُقْضَى بِالْأُمِّ لِلْمُدَّعِي، وَلَا يُقْضَى بِالْوَلَدِ فَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا اهـ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ عَبْدٌ لِمُشْتَرٍ اشْتَرِنِي فَإِنِّي عَبْدٌ فَاشْتَرَاهُ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً مَعْرُوفَةً فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ) تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ التَّنَاقُضَ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَإِنَّ هَذَا الشَّخْصَ أَقَرَّ أَوَّلًا بِالْعُبُودِيَّةِ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ حُرٌّ بِدَعْوَاهُ فَكَانَ مُتَنَاقِضًا لَكِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدُلُّ وَضْعُهَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الدَّعْوَى فِي الْحُرِّيَّةِ الْعَارِضَةِ بَلْ الْعَارِضَةُ وَالْأَصْلِيَّةُ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دَعْوَى الْعَبْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهَا حَقُّ الْعَبْدِ، وَلَا يَمْنَعُهَا التَّنَاقُضُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الْعَبْدَ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ شَيْءٌ لِإِمْكَانِ الرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ الْقَابِضِ قَوْلُهُ (وَإِلَّا رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا غَيْبَةً غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ بِأَنْ لَمْ يَدْرِ مَكَانَهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ بِمَا دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ بَاعَهُ بِمَا رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَلَيْهِ إنْ قَدَرَ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ بَاعَهُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالضَّمَانِ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَدَّى دَيْنَهُ، وَهُوَ مُضْطَرٌّ فِي أَدَائِهِ بِخِلَافِ مَنْ أَدَّى عَنْ آخَرَ دَيْنًا أَوْ حَقًّا عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَلَيْسَ مُضْطَرًّا فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْقَيْدَيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنَا عَبْدٌ وَقْتَ الْمَبِيعِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِشِرَائِهِ أَوْ قَالَ اشْتَرِنِي، وَلَمْ يَقُلْ أَنَا عَبْدٌ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُنْظَرْ ثَمَّةَ.

قَوْلُهُ (بِخِلَافِ الرَّهْنِ) أَيْ لَوْ قَالَ ارْتَهِنِي فَأَنَا عَبْدٌ فَظَهَرَ حُرًّا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالْمُعَاوَضَةِ، وَهِيَ الْمُبَايَعَةُ أَوْ بِالْكَفَالَةِ وَلَمْ يُوجَدَا، وَالْمَوْجُودُ هُنَا مُجَرَّدُ الْإِخْبَارِ كَاذِبًا فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ، وَكَمَا لَوْ قَالَ ارْتَهِنِي فَأَنَا عَبْدٌ، وَلَهُمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ شَرَعَ فِي الشِّرَاءِ مُعْتَمَدًا عَلَى أَمْرِهِ وَإِقْرَارِهِ فَكَانَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ، وَالتَّغْرِيرُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الَّتِي تَقْتَضِي سَلَامَةَ الْعِوَضِ يُجْعَلُ سَبَبًا لِلضَّمَانِ دَفْعًا لِلْغَرَرِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَكَانَ بِتَغْرِيرِهِ ضَامِنًا لِدَرْكِ الثَّمَنِ لَهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ رُجُوعِهِ عَلَى الْبَائِعِ كَالْمَوْلَى إذَا قَالَ لِأَهْلِ السُّوقِ بَايِعُوا عَبْدِي فَإِنِّي قَدْ أَذِنْت لَهُ فَفَعَلُوا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَى الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، وَيُجْعَلُ الْمَوْلَى بِذَلِكَ ضَامِنًا لِدَرْكِ مَا ذَابَ عَلَيْهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ النَّاسِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ بَلْ عَقْدَ وَثِيقَةٍ لِلِاسْتِيفَاءِ فَلَا يُجْعَلُ الْآمِرُ بِهِ ضَامِنًا لِأَنَّهُ لَيْسَ تَغْرِيرًا فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ كَمَا لَوْ قَالَ لِسَائِلٍ عَنْ أَمْنِ الطَّرِيقِ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ فَسَلَكَهُ فَنُهِبَ مَالُهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَسْمُومٍ فَأَكَلَهُ

ــ

[منحة الخالق]

اهـ.

وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ اعْلَمْ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْكَلَامَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي فَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ كَوْنَ الثَّانِي عِنْدَ الْقَاضِي فَقَطْ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَمْ يُرَجِّحْ، وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الثَّانِي. اهـ.، وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ هُنَاكَ.

(قَوْلُهُ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ لَا يَنْفَسِخُ مَا لَمْ يُفْسَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَمَعْنَى هَذَا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ أَيْضًا إذَا اسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي نَقْضَ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضَا الْبَائِعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ فِي يَدِهِ جَارِيَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْوَلَدِ مَحِلُّهُ مَا إذَا سَكَتَا أَمَّا إذَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ قَالُوا لَا نَدْرِي لَا يُقْضَى بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>