للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشِّرَاءَ بِالدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا يَصِحُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهَا تَظْهَرُ فِيمَا إذَا حَلَفَ الْكَفِيلُ أَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَعَلَى الْأَصَحِّ لَا يَحْنَثُ وَعَلَى الضَّعِيفِ يَحْنَثُ وَجُهْدُ الْمُقِلِّ دُمُوعُهُ وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَبَطَلَ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ مَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ثَمَرَةً وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ ضَمِنَ لَهُ عَنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَالَهُ عَلَيْك هَذَا الْمَالُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِي، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ عَرَضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْقَاضِي فَإِنَّهُ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَالَهُ عَلَيْك هَذَا الْمَالُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِي وَإِنْ لَمْ يَعْرِضْ حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ مَا ضَمِنَ وَالتَّعْرِيضُ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَضْمَنُ مَالًا ثُمَّ يُؤَدِّي أَوْ يُبَرِّئُهُ الطَّالِبُ أَوْ يُؤَدِّيه الْمَضْمُونُ عَنْهُ فَيَبْرَأُ الضَّامِنُ. اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الشَّيْخِ الْإِمَامِ مُفَرَّعًا عَلَى أَنَّهَا لِلضَّمِّ فِي الدَّيْنِ وَمَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا لَا يَخْفَى وَمِمَّا يُضَعِّفُ أَنَّهَا الضَّمُّ فِي الدَّيْنِ أَنَّ الْمَدْيُونَ لَوْ دَفَعَ الدَّيْنَ ثُمَّ كَفَلَ بِهِ إنْسَانٌ قَالُوا لَا يَصِحُّ مَعَ قَوْلِهِمْ بِبَقَاءِ الدَّيْنِ بَعْدَ الدَّفْعِ وَأَنَّ السَّاقِطَ الْمُطَالَبَةُ بِالْأَلْفَاظِ الْآتِيَةِ وَلَمْ يَجْعَلْ أَبُو يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الْأَخِيرِ الْقَبُولَ رُكْنًا فَجَعَلَهَا تَتِمُّ بِالْكَفِيلِ وَحْدَهُ فِي الْمَالِ وَالنَّفْسِ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ رُكْنِهَا قَالُوا: هُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِالْأَلْفَاظِ الْآتِيَةِ وَلَمْ يَجْعَلْ أَبُو يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الْأَخِيرِ الْقَبُولَ رُكْنُهَا فَجَعَلَهَا تَتِمُّ بِالْكَفِيلِ وَحْدَهُ فِي الْمَالِ وَالنَّفْسِ.

وَاخْتُلِفَ عَلَى قَوْلِهِ فَقِيلَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الطَّالِبِ وَقِيلَ تَنْفُذُ، وَلِلطَّالِبِ الرَّدُّ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ فَمَنْ قَالَ بِالتَّوَقُّفِ قَالَ لَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ الرَّابِعُ فِي شَرَائِطِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ فِي الْكَفِيلِ وَالْأَصِيلِ وَالطَّالِبِ وَالْمَكْفُولِ بِهِ ثُمَّ مِنْهَا مَا هُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ وَمِنْهَا مَا هُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ، أَمَّا شَرَائِطُ الْكَفِيلِ فَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَهُمَا شَرْطَانِ لِلِانْعِقَادِ فَلَا يَنْعَقِدُ كَفَالَةُ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ إلَّا إذَا اسْتَدَانَ الْوَلِيُّ دَيْنًا فِي نَفَقَةِ الْيَتِيمِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ عَنْهُ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَلَوْ أَمَرَهُ بِكَفَالَةِ نَفْسِهِ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الدَّيْنِ قَدْ لَزِمَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَالشَّرْطُ لَا يَزِيدُهُ إلَّا تَأْكِيدًا فَلَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا فَأَمَّا ضَمَانُ النَّفْسِ وَهُوَ تَسْلِيمُ نَفْسِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الشَّيْخِ الْإِمَامِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا وَهْمٌ مَنْشَؤُهُ تَوَهُّمُ أَنَّ قَوْلَهُ مَالَهُ عَلَيْك هَذَا الْمَالِ يُفِيدُ مَا ادَّعَاهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مَعْنَاهُ مَالَهُ عَلَيْك الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَكَيْفَ يَصِحُّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ أَنْ يَكُونَ مَا عَنْ الثَّانِي مُفَرَّعًا عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ يُوَافِقُهُ فِيمَا إذَا عَرَضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَارَةً يُفَرَّعُ عَلَى الْأَوَّلِ وَتَارَةً عَلَى الثَّانِي مَا هَذَا الْتَوَانِي.

(قَوْلُهُ: الثَّالِثُ فِي بَيَانِ رُكْنِهَا قَالُوا هُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: أَيْ عِنْدَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا حَتَّى أَنَّهَا لَا تَتِمُّ بِالْكَفِيلِ وَحْدَهُ مَا لَمْ يُوجَدْ قَبُولُ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ قَبُولُ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ خِطَابُ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ خِطَابُ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ بِأَنْ قَالَ الطَّالِبُ اُكْفُلْ بِنَفْسِ فُلَانٍ لِي فَقَالَ كَفَلْت أَوْ قَالَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ لِغَيْرِهِ اُكْفُلْ بِنَفْسِ فُلَانٍ أَوْ قَالَ عَنْ فُلَانٍ لِفُلَانٍ فَيَقُولُ ذَلِكَ الْغَيْرُ كَفَلْت تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَتَقِفُ عَلَى مَا وَرَاءِ الْمَجْلِسِ عَلَى إجَازَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَلِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ الْكَفَالَةِ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ الْغَائِبُ كَفَالَتَهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ الْكَفِيلُ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ لِفُلَانٍ أَوْ بِمَا لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدُّيُونِ فَإِنَّهَا لَا تَقِفُ عَلَى مَا وَرَاءِ الْمَجْلِسِ حَتَّى لَوْ بَلَغَ الطَّالِبُ فَقَبِلَ لَمْ تَصِحَّ تَتَارْخَانِيَّةٌ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْكَفَالَةُ لِلصَّبِيِّ لَمْ تَجُزْ قِيلَ لَهُ هُوَ حَجْرٌ عَلَى الْمَضَارِّ لَا الْمَنَافِعِ بِدَلِيلِ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَفِي هَذَا مَنْفَعَةٌ فَتَجُوزُ قَالَ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ تَصِحُّ بِالْفِعْلِ وَفِعْلُهُ مُعْتَبَرٌ، وَأَمَّا هُنَا فَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلٍ وَقَوْلُهُ لَمْ يُعْتَبَرْ، كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَفَالَةِ وَذَكَرَ فِي الْأَحْكَامِ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ تَاجِرًا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَلَوْ خَاطَبَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ وَقَبِلَ عَنْهُ تَوَقَّفَتْ عَلَى إجَازَةِ وَكِيلِهِ فَإِنْ لَمْ يُخَاطِبْ أَجْنَبِيٌّ وَلَا وَلِيُّهُ وَإِنَّمَا خَاطَبَ الصَّبِيُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا تَصِحُّ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَصِحُّ. اهـ.

وَالْوَلِيُّ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ عِنْدَ عَدَمِهِ أَوْ الْوَصِيُّ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ الْقَاضِي لَوْلَا أَبٌ وَلَا جَدٌّ وَلَا وَصِيٌّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمَجْلِسِ بَلْ يَصِحُّ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَيْضًا صِحَّتُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْكَفِيلِ وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا اسْتَدَانَ الْوَلِيُّ دَيْنًا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ ثُمَّ رَأَيْته فِي الْمُحِيطِ عَزَا الْمَسْأَلَةَ إلَى الْمَبْسُوطِ وَلَفْظُهُ فِي كَفَالَةِ الصَّبِيِّ، وَإِذَا اسْتَدَانَ لَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ وَأَمَرَ أَنْ يَكْفُلَ عَنْهُ فِي الدَّيْنِ وَبِنَفْسِهِ جَازَتْ الْكَفَالَةُ بِالدَّيْنِ دُونَ النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ أَوْ الْوَصِيَّ مَتَى اسْتَدَانَ عَلَى الصَّبِيِّ لِلنَّفَقَةِ كَانَ لَهُمَا الرُّجُوعُ بِذَلِكَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَكَانَ أَدَاءُ الدَّيْنِ عَلَى الصَّبِيِّ إلَّا أَنَّ الْوَصِيَّ يَنُوبُ عَنْهُ فِي الْأَدَاءِ فَإِذَا أَمَرَ بِالضَّمَانِ فَقَدْ أَذِنَ لَهُ بِالْأَدَاءِ وَهُوَ يَمْلِكُ الْأَدَاءَ بِإِذْنِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ فَلَمْ يَكُنْ هَذَا الضَّمَانُ تَبَرُّعًا. اهـ.

وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الصَّبِيَّ يُطَالَبُ بِهَذَا الْمَالِ بِمُوجِبِ الْكَفَالَةِ وَلَوْلَاهَا لَكَانَ الطَّلَبُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْوَلِيِّ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ بَطَلَ قَوْلُ عَصْرِيٍّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُسْتَدْرَكٌ بَلْ لَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الصَّبِيِّ مُطْلَقًا فَتَدَبَّرْهُ. اهـ.

قُلْتُ: وَمِثْلُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمُحِيطِ مَذْكُورٌ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>