للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَكَانَ مُتَبَرِّعًا بِهِ فَلَمْ يَجُزْ وَالْحُرِّيَّةُ شَرْطُ نَفَاذِهَا فَلَمْ يَنْفُذْ كَفَالَةُ الْعَبْدِ وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَيُؤَاخَذُ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ لَا يُؤَاخَذُ بِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِعَدَمِ انْعِقَادِهَا فَإِنْ أَذِنَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ فِيهَا فَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَتْ وَبِيعَ فِيهَا إلَّا إنْ فَدَاهُ وَلَمْ تَجُزْ كَفَالَةُ الْمُكَاتَبِ عَنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ أَذِنَ مَوْلَاهُ وَيُطَالَبُ بِهَا بَعْدَ عِتْقِهِ وَتَصِحُّ كَفَالَةُ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ عَنْ مَوْلَاهُمَا.

وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْكَفِيلُ صَحِيحًا فَتَصِحُّ كَفَالَةُ الْمَرِيضِ لَكِنْ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ، وَأَمَّا شَرَائِطُ الْأَصِيلِ فَالْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ فَلَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا فَلَوْ كَفَلَ بِمَا عَلَى وَاحِدٍ لَمْ تَصِحَّ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا، وَأَمَّا شَرَائِطُ الْمَكْفُولِ لَهُ فَالْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، الثَّانِي - وُجُودُهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَهُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَيَانِ الرُّكْنِ وَتَفَرَّعَ عَلَى اشْتِرَاطِ قَبُولِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَقْلِهِ لَا حُرِّيَّتِهِ، وَأَمَّا شَرَائِطُ الْمَكْفُولِ بِهِ: فَالْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا أَوْ نَفْسًا أَوْ فِعْلًا وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْعَيْنِ أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً لِنَفْسِهَا. الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ مِنْ الْكَفِيلِ فَلَا تَجُوزُ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ. الثَّالِثُ - أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لَازِمًا وَهُوَ خَاصٌّ بِالْكَفَالَةِ فَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَلَا يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْقَدْرِ الْكُلُّ مِنْ الْبَدَائِعِ مُخْتَصَرًا.

الْخَامِسُ فِي سَبَبِهَا قَالُوا سَبَبُ وُجُودِهَا تَضْيِيقُ الطَّالِبِ عَلَى الْمَطْلُوبِ مَعَ قَصْدِ الْخَارِجِ دَفْعُهُ عَنْهُ إمَّا تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ إزَالَةً لِلْأَذَى عَنْ نَفْسِهِ إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ مِمَّنْ يُهِمُّهُ مَا أَهَمَّهُ وَسَبَبُ شَرْعِيَّتِهَا رَفْعُ هَذِهِ الْحَاجَةِ وَالضَّرَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ السَّادِسُ فِي حُكْمِهَا فَفِي الْبَدَائِعِ لَهَا حُكْمَانِ أَحَدُهُمَا ثُبُوتُ مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ بِمَا عَلَى الْأَصِيلِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ طُولِبَ بِكُلِّهِ الْكَفِيلُ إنْ كَانَ وَاحِدًا وَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ طُولِبَ كُلُّ وَاحِدٍ بِنِصْفِهِ، وَفِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ إنْ أَمْكَنَ كَمَا سَيَأْتِي وَالْكَفِيلُ بِالْعَيْنِ يُطَالَبُ بِتَسْلِيمِهَا حَالَ قِيَامِهَا وَبِبَدَلِهَا حَالَ هَلَاكِهَا وَبِالتَّسْلِيمِ يُطَالَبُ بِهَا وَبِالْفِعْلِ جَمِيعًا وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يَصِحُّ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فِيمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ قُبَيْلَ الصَّرْفِ السَّابِعُ فِي صِفَتِهَا فَهِيَ عَقْدٌ جَائِزٌ بِهِ لَازِمٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْهَا فِي مَسْأَلَةِ بَايَعَ فُلَانًا فَمَا بَايَعْته فَهُوَ عَلَى، الثَّامِنُ فِي مَحَاسِنِهَا وَمَسَاوِئِهَا فَمَحَاسِنُهَا جَلِيلَةٌ وَهِيَ تَفْرِيجُ كَرْبِ الطَّالِبِ الْخَائِفِ عَلَى مَالِهِ وَالْمَطْلُوبِ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ فَقَدْ كَفَاهُمَا مُؤْنَةَ مَا أَهَمَّهُمَا وَهُوَ نِعْمَةٌ كَبِيرَةٌ عَلَيْهِمَا، وَلِذَا كَانَتْ مِنْ الْأَفْعَالِ الْعَالِيَةِ حَتَّى امْتَنَّ اللَّهُ بِهَا حَيْثُ قَالَ وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا فِي قِرَاءَةِ التَّشْدِيدِ الْمُتَضَمَّنِ لِلِامْتِنَانِ عَلَى مَرْيَمَ إذْ جَعَلَ لَهَا مَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِهَا وَيَقُومُ بِهَا وَمَسَاوِئُهَا كَمَا فِي الْمُجْتَبَى قَالَ الِامْتِنَاعُ عَنْ التَّكَفُّلِ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاة وَالزَّعَامَةُ أَوَّلُهَا مَلَامَةٌ وَأَوْسَطُهَا نَدَامَةٌ وَآخِرُهَا غَرَامَةٌ. اهـ.

التَّاسِعُ فِي أَنْوَاعِهَا سَيَأْتِي أَنَّهَا نَوْعَانِ كَفَالَةٌ بِالنَّفْسِ وَكَفَالَةٌ بِالْمَالِ الْعَاشِرُ فِي دَلِيلِهَا قَوْله تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَفِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ الزَّعِيمُ الْكَفِيلُ وَغَارِمٌ مِنْ الْغُرْمِ وَهُوَ أَدَاءُ شَيْءٍ لَازِمٍ. اهـ.

وَيُحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ أَسَامِي أَرْبَعَةٍ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَهُوَ الْمَدْيُونُ وَالْمَكْفُولُ لَهُ وَهُوَ الدَّائِنُ وَالْكَفِيلُ وَهُوَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ كَفَالَةُ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ عَنْ مَوْلَاهُمَا) قَالَ فِي النَّهْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَتْ بِأَمْرِهِ ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي عِقْدِ الْفَرَائِدِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ حَيْثُ قَالَ وَكَفَالَةُ الْعَبْدِ التَّاجِرِ عَنْ سَيِّدِهِ بِمَالٍ أَوْ بِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَاطِلٌ. (قَوْلُهُ: الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا) قَالَ الرَّمْلِيُّ، وَأَمَّا الْمَكْفُولُ عَنْهُ فَسَيَأْتِي قَرِيبًا فِي الْحَاشِيَةِ نَقْلًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ كَفَلَ لِهَذَا الرَّجُلِ بِنَفْسِ رَجُلٍ نَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ وَلَكِنْ لَا نَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ قَالَ اُكْفُلْ بِنَفْسِ رَجُلٍ لَا نَعْرِفُهُ لَا بِوَجْهِهِ وَلَا بِاسْمِهِ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ وَإِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَذِكْرُ نَسَبِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يُعْلَمُ بِذَلِكَ جَوَابُ وَاقِعَةِ الْفَتْوَى وَهِيَ الْكَفَالَةُ بِالْمُسْلِمِ فِيهِ فِي السَّلَمِ الْفَاسِدِ وَهُوَ عَدَمُ صِحَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ بِهِ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْأَصْلِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ شَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ صَحِيحًا وَسَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَصَحَّ لَوْ ثَمَنًا أَنَّهُ لَوْ كَفَلَ بِالثَّمَنِ ثُمَّ ظَهَرَ فَسَادُ الْبَيْعِ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَا دَفَعَهُ وَكَيْفَ صَحَّ بِهِ وَهُوَ لَا يُطَالَبُ بِهِ الْأَصْلَ فَأَنَّى يُطَالَبُ بِهِ الْكَفِيلُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَلَا تَجُوزُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ الْكَفَالَةُ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِهَا أَوْ الْمُضِيِّ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِهَا وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ دَيْنٌ إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ فَمَا لَيْسَ دَيْنًا أَوْلَى وَقَدْ أَفْتَيْت بِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْكَفِيلُ وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَيُسَمَّى الْمُلْتَزِمُ لِذَلِكَ ضَامِنًا وَضَمِينًا وَحَمِيلًا وَزَعِيمًا وَكَافِلًا وَكَفِيلًا وَصَبِيرًا وَقَبِيلًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ غَيْرَ أَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِأَنَّ الضَّمِينَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْحَمِيلَ فِي الدِّيَاتِ وَالزَّعِيمَ فِي الْأَمْوَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>