للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَكْفُولَ لَهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ حَبْسِ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ وَكَفِيلِ الْكَفِيلِ وَإِنْ كَثَرُوا. اهـ.

وَسَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يُطَالِبُهُمَا إذَا كَانَ الْمَالُ حَالًّا عَلَيْهِمَا فَإِنْ كَانَ حَالًّا عَلَى أَحَدِهِمَا مُؤَجَّلًا عَلَى الْآخَرِ طَالَبَ مَنْ حَلَّ عَلَيْهِ فَقَطْ كَمَا سَنَشْرَحُهُ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُهُ (إلَّا إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ حَوَالَةً كَمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْرَأَ بِهَا الْمُحِيلُ كَفَالَةٌ) اعْتِبَارًا لِلْمَعْنَى فِيهِمَا مَجَازًا لَا لِلَّفْظِ، وَإِذَا صَارَتْ حَوَالَةً جَرَى فِيهَا أَحْكَامُهَا، وَكَذَا فِي عَكْسِهِ تَجْرِي أَحْكَامُ الْكَفَالَةِ وَفِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الْوِصَايَةُ حَالَ حَيَاتِهِ وَكَالَةٌ وَالْوَكَالَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ وِصَايَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ الْمَعَانِي. اهـ.

وَفِي إجَارَتِهَا وَتَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ أَعَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا بِكَذَا وَكُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا وَلَا تَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ بِالْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ أَجَرْتُك مَنَافِعَهَا سَنَةً بِلَا عِوَضٍ تَكُونُ إجَارَةً فَاسِدَةً لَا عَارِيَّةً، وَكَذَا لَوْ قَالَ وَهَبْتُك مَنَافِعَهَا بِلَا عِوَضٍ لَا تَكُونُ عَارِيَّةً. اهـ.

فَاسْتُعِيرَ لَفْظُ الْعَارِيَّةِ لِلْإِجَارَةِ دُونَ عَكْسِهِ وَلَيْسَ خَارِجًا عَنْ قَوْلِهِمْ الِاعْتِبَارُ لِلْمَعَانِي؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِجَارَةِ وُجِدَ فِي الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ التَّعَاوُرِ وَهُوَ التَّنَاوُبُ وَهُوَ مَعْنَى الْإِجَارَةِ حَيْثُ كَانَ بِعِوَضٍ وَالْإِجَارَةُ لَا تُسْتَعَارُ لِلْإِعَارَةِ لِأَنَّهَا تُفِيدُ الْعِوَضَ وَالْإِعَارَةُ تُفِيدُ عَدَمَهُ وَقَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ أَنَّ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ يُعْتَبَرُ فِيهِ لَفْظُهَا لَا الْمَعْنَى وَذَكَرْنَا الْجَوَابَ عَنْهُ. قَوْلُهُ (وَلَوْ طَالَبَ أَحَدَهُمَا كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ) لِمَا ذَكَرْنَا قَالُوا بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا اخْتَارَ أَحَدَ الْغَاصِبَيْنِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَ أَحَدِهِمَا يَتَضَمَّنُ التَّمْلِيكَ مِنْهُ عِنْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِهِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّمْلِيكُ مِنْ الْآخَرِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْمُطَالَبَةُ بِالْكَفَالَةِ لَا تَقْتَضِيه مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ حَقِيقَةُ الِاسْتِيفَاءِ وَفِي غَصْبِ الْبَزَّازِيَّةِ اخْتَارَ الْمَالِكُ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَرَضِيَ بِهِ الْغَاصِبُ أَوْ لَمْ يَرْضَ لَكِنْ حُكِمَ لَهُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيَضْمَنُ الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيَضْمَنَ الثَّانِيَ فَإِنْ اخْتَارَهُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا وَهُوَ مُفْلِسٌ فَالْحَاكِمُ يَأْمُرُ الْأَوَّلَ بِقَبْضِ مَالِهِ عَلَى الثَّانِي وَيُعْطِيه لَهُ فَإِنْ أَبَى الْمَالِكُ يُحْضِرُهُمَا ثُمَّ يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ الثَّانِي فَيَقْبِضُهُ اهـ.

قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ كَشَرْطِ وُجُوبِ الْحَقِّ كَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ) أَيْ مُلَائِمٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالْمُلَاءَمَةُ فِيهِ بِكَوْنِهِ سَبَبًا لِوُجُوبِهِ عَبَّرَ عَنْهُ بِالشَّرْطِ مَجَازًا؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا فِي الْآيَةِ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ بِالْجُعَلِ مُعَلَّقَةً بِسَبَبِ وُجُوبِهِ وَهُوَ الْمَجِيءُ بِالصَّاعِ فَإِنَّهُ سَبَبُ وُجُوبِ الْجُعَلِ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْآيَةِ وَمِنْهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ نَاقِلًا عَنْ الْأَصْلِ قَالَ لِلْمُودِعِ إنْ أَتْلَفَ الْمُودِعُ وَدِيعَتَك أَوْ جَحَدَك فَأَنَا ضَامِنٌ لَك صَحَّ وَكَذَا إنْ قَتَلَك أَوْ ابْنَك فُلَانٌ خَطَأً فَأَنَا ضَامِنٌ لِلدِّيَةِ صَحَّ بِخِلَافِ إنْ أَكَلَك سَبْعٌ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَيْسَ مُلَائِمًا. اهـ.

وَالْإِضَافَةُ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ حَقِيقِيٌّ كَمَا فِي الْكِتَابِ وَحُكْمِيٌّ كَمَا إذَا كَفَلَ بِالْأُجْرَةِ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَّا بِاسْتِيفَاءِ الْأَصِيلِ أَوْ التَّمَكُّنِ أَوْ شَرْطِ التَّعْجِيلِ كَأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ وَتَمَامُهُ فِي إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ كَأَنْ قَدَّمَ زَيْدٌ وَهُوَ مَكْفُولٌ عَنْهُ) فَإِنْ قَدَّمَهُ سَبَبٌ مُوَصَّلٌ لِلِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُونَ لِلْمُخْتَصَرِ مَفْهُومَ قَوْلِهِ وَهُوَ مَكْفُولٌ عَنْهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهَا بِقُدُومِ زَيْدٍ الْأَجْنَبِيِّ لَمْ يَصِحَّ وَظَاهِرُ مَا فِي الْقُنْيَةِ الصِّحَّةُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِيهَا لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُتَعَارَفٍ كَدُخُولِ الدَّارِ أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ إلَّا أَنَّ الْأَصَحَّ مَا ذَكَرَ أَبُو نَصْرٍ أَنَّهُ يَصِحُّ بِقُدُومِ زَيْدٍ ذَكَرَهُ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ. اهـ.

وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ شَامِلٌ لِلْأَجْنَبِيِّ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ مَكْفُولٌ عَنْهُ لِقَوْلِهِ فِي الْعِنَايَةِ قَيَّدَ بِكَوْنِ زَيْدٍ مَكْفُولًا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا كَانَ التَّعْلِيقُ بِهِ بَاطِلًا كَمَا فِي هُبُوبِ الرِّيحِ. اهـ.

وَهَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَكْفُولًا عَنْهُ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ لِأَنَّ قُدُومَهُ وَسِيلَةٌ إلَى الْأَدَاءِ فِي

ــ

[منحة الخالق]

فِي الْمُطَالَبَةِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي قِيَامَ الدَّيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي غَصْبِ الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِيهِ تَقْيِيدٌ لِلْأَوَّلِ اهـ. أَيْ: لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: كَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ) أَيْ كَقَوْلِهِ إنْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ مُسْتَحِقٌّ فَعَلَيَّ الثَّمَنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>