للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجُمْلَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَكْفُولًا عَنْهُ أَوْ مُضَارِبَهُ بِهِ. اهـ.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْأَصَحِّ وَعِبَارَةُ الْبَدَائِعِ أَزَالَتْ اللَّبْسَ وَأَوْضَحَتْ كُلَّ تَخْمِينٍ وَحَدْسٍ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ ضَمِنْت لَك عَنْ فُلَانٍ أَلْفًا، فَإِذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ إنْ كَانَ فُلَانٌ غَرِيمًا لَهُ بِأَلْفٍ جَازَ شَرْطُ الْبَرَاءَةِ فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ أَجْنَبِيًّا لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ تَعَلُّقٌ فِي هَذَا الْأَلْفِ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَبْطُلُ شَرْطُ الْبَرَاءَةِ. اهـ.

فَكَمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِقُدُومِ الْأَصِيلِ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْهَا بِقُدُومِهِ. قَوْلُهُ (أَوَلِتَعَذُّرِهِ كَأَنْ غَابَ عَنْ الْمِصْرِ) لِأَنَّ غَيْبَتَهُ سَبَبٌ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ وَمِنْهُ مَا فِي الْمِعْرَاجِ ضَمِنْت كُلَّ مَالِك عَلَى فُلَانٍ إنْ تَوَى فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَا إنْ مَاتَ وَلَمْ يَدَّعِ شَيْئًا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَكَذَا إنْ حَلَّ مَالُك عَلَى فُلَانٍ وَلَمْ يُوَافِك بِهِ فَهُوَ عَلَيَّ أَوْ إنْ حَلَّ مَالُك عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ وَإِنْ مَاتَ فَهُوَ عَلَيَّ. اهـ.

وَمِنْهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إنْ غَابَ وَلَمْ يُوَافِك بِهِ فَأَنَا ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ فَإِنَّ هَذَا عَلَى أَنْ يُوَافِيَ بِهِ بَعْدَ الْغَيْبَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ إنْ لَمْ يَدْفَعْ مَدْيُونُك مَالَك أَوْ لَمْ يَقْضِهِ فَهُوَ عَلَيَّ، ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ تَقَاضَى الْمَطْلُوبَ فَقَالَ الْمَدْيُونُ لَا أَدْفَعُهُ وَلَا أَقْضِيهِ وَجَبَ عَلَى الْكَفِيلِ السَّاعَةَ، وَعَنْهُ أَيْضًا إنْ لَمْ يُعْطِك الْمَدْيُونُ دَيْنَك فَأَنَا ضَامِنٌ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ إذَا تَقَاضَاهُ وَلَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ، وَفِي الْفَتَاوَى إنْ تَقَاضَيْت وَلَمْ يُعْطِك فَأَنَا ضَامِنٌ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَقَاضَاهُ وَيُعْطِيَهُ بَطَلَ الضَّمَانُ وَلَوْ بَعْدَ التَّقَاضِي قَالَ أَنَا أُعْطِيَك فَإِنْ أَعْطَاهُ مَكَانَهُ أَوْ ذَهَبَ بِهِ إلَى السُّوقِ أَوْ مَنْزِلِهِ أَوْ أَعْطَاهُ جَازَ وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْطِهِ مِنْ يَوْمِهِ لَزِمَ الْكَفِيلَ، عَبْدٌ مَأْذُونٌ مَدْيُونٌ طَالَبَهُ غَرِيمُهُ بِكَفِيلٍ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُعْتِقَهُ مَوْلَاهُ فَقَالَ رَجُلٌ إنْ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ فَأَنَا ضَامِنٌ جَازَتْ الْكَفَالَةُ. اهـ.

وَمِنْهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ قَالَ لِلدَّائِنِ إنْ لَمْ يُؤَدِّ فُلَانٌ مَالَك عَلَيْهِ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ يَصِحُّ التَّعْلِيقُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُتَعَارَفٌ. اهـ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَصِحُّ بِنَحْوِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًا) وَمِثْلُهُ التَّعْلِيقُ بِنُزُولِ الْمَطَرِ وَدُخُولِ الدَّارِ وَقُدُومِ زَيْدٍ وَهُوَ غَيْرُ مَكْفُولٍ عَنْهُ وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْمُخْتَصَرِ مَذْكُورٌ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَهُوَ سَهْوٌ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ غَيْرُ مُلَائِمٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمُلَائِمٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ جَعَلَ الْأَجَلَ فِي الْكَفَالَةِ إلَى هُبُوبِ الرِّيحِ لَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا. اهـ.

وَهُوَ سَهْوٌ مِنْهُ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقُلْ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا وَالْمَوْجُودُ فِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الْبَدَائِعِ أَزَالَتْ اللَّبْسَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْبَدَائِعِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ وَسِيلَةً إلَى الْأَدَاءِ فِي الْجُمْلَةِ كَأَنْ يَكُونَ مُضَارِبُهُ أَوْ مَدْيُونُهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَلَهُ مَعَهُ مَالٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مَكْفُولًا عَنْهُ فَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِقُدُومِ مَنْ لَا يَكُونُ وَسِيلَةً إلَى الْأَدَاءِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادُ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ بِقَوْلِهِ أَجْنَبِيًّا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ كَانَ التَّعْلِيقُ بِهِ كَمَا فِي هُبُوبِ الرِّيحِ وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. اهـ. كَذَا رَأَيْته بِخَطِّ بَعْضِهِمْ. اهـ.

وَقَالَ فِي النَّهْرِ وَأَقُولُ: كَوْنُ مَا فِي الْقُنْيَةِ ظَاهِرًا فِيمَا ادَّعَاهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ صَحِيحٍ وَبِغَيْرِهِ لَا يَصِحُّ، وَقَالَ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَيَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشُّرُوطِ، قَالَ الْأَقْطَعُ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ لِوُجُوبِ الْحَقِّ أَوْ لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ جَازَ التَّعْلِيقُ كَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ قَدِمَ زَيْدٌ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِلْوُجُوبِ وَقُدُومَ زَيْدٍ يَسْهُلُ بِهِ الْأَدَاءُ بِأَنْ يَكُونَ مَكْفُولًا عَنْهُ أَوْ مُضِرًّا بِهِ، ثُمَّ قَالَ الْأَصَحُّ مَا ذَكَرَهُ نَصْرٌ أَنَّهُ يَصِحُّ بِقُدُومِ زَيْدٍ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ. اهـ.

نَعَمْ قَوْلُهُ أَوْ مُضَارِبُهُ يَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَادِمُ مَدْيُونَ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَوْ مُودِعَهُ أَوْ غَاصِبَهُ جَازَتْ الْكَفَالَةُ الْمُعَلَّقَةُ بِقُدُومِهِ؛ لِأَنَّ قُدُومَهُ وَسِيلَةٌ إلَى الْأَدَاءِ فِي الْجُمْلَةِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي الْفَتْحِ فَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَكْفُولٍ عَنْهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا مَحْضًا وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ أَوْ لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ يَشْمَلُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ كَأَنْ قَدِمَ إلَى آخِرِهِ مِثَالٌ فَقَطْ وَهَذَا فِقْهٌ حَسَنٌ فَتَدَبَّرْهُ. اهـ.

قُلْتُ: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا هُوَ مُرَادُ صَاحِبِ الْبَحْرِ فَإِنَّ قَوْلَهُ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَكْفُولًا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُضَارِبًا لَهُ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْحَقَّ جَوَازُ كَوْنِهِ أَجْنَبِيًّا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِقَرِينَةِ اسْتِدْلَالِهِ بِعِبَارَةِ الْبَدَائِعِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَهْوٌ مِنْهُ إلَخْ) النُّسْخَةُ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا الزَّيْلَعِيُّ هَكَذَا وَلَا يَصِحُّ بِنَحْوِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ وَإِنْ جَعَلَا أَجَلًا فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا، وَهَكَذَا فِي النَّهْرِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ النُّسَخَ ثَلَاثَةٌ وَاَلَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا الْمُؤَلِّفُ بِإِسْقَاطِ وَإِنْ جَعَلَا أَجَلًا وَاَلَّذِي عَزَاهُ إلَى النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا تَصِحُّ بِنَحْوِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ الْأَخِيرَةَ لَا إشْكَالَ فِيهَا وَكَذَا الْأُولَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَخْ جَوَابُ قَوْلِهِ وَإِنْ جَعَلَا أَجَلًا وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْكَفَالَةَ لَا تَصِحُّ فِي الْأَوَّلِ إنْ كَانَتْ النُّسْخَةُ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَتْ بِالْفَوْقِيَّةِ فَهِيَ نَصٌّ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَاعْتِرَاضُ الزَّيْلَعِيِّ وَارِدٌ عَلَيْهَا وَلَا يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِمَا أُجِيبَ بِهِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>