للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَنْفَرِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْقَضَاءِ لَا رِوَايَةَ فِيهِ، وَقَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّ نَائِبَ الْقَاضِي نَائِبٌ عَنْ السُّلْطَانِ حَتَّى لَا يَنْعَزِلَ بِانْعِزَالِ الْقَاضِي، وَيَمْلِكُ التَّفَرُّدَ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَمِنْهَا صِحَّةُ تَعْلِيقِهِ وَإِضَافَتِهِ وَتَقْيِيدِهِ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَلَوْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِبَلَدٍ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَصِيرُ قَاضِيًا بِبَلَدِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ لَا فِي كُلِّ بِلَادِ السُّلْطَانِ وَهَذَا فِي تَعْلِيقِ الْوِلَايَةِ، وَهَلْ يَصِحُّ تَعْلِيقُ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ قَالَ فِي نَفَقَاتِ خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ امْرَأَةٌ أَقَامَتْ عَلَى رَجُلٍ بَيِّنَةً بِالنِّكَاحِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي مُدَّةِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ، وَلَوْ أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا النَّفَقَةَ لِمَا رَأَى مِنْ الْمَصْلَحَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَهَا إنْ كُنْتِ امْرَأَتَهُ قَدْ فَرَضْتُ لَكِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا، وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ، وَقَدْ اسْتَدَانَتْ وَعَدَّلَتْ الْبَيِّنَةَ أَخَذَتْ نَفَقَتَهَا مُنْذُ فَرَضَ لَهَا اهـ.

وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْقَاضِي حَكَمْتُ بِكَذَا إنْ لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ صَحِيحٌ وَمِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ لَوْ قَضَى الْفُضُولِيُّ فَأَجَازَ الْقَاضِي قَضَاءَهُ جَازَ، وَلَوْ كَانَ مُوَلًّى فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ يَوْمَيْنِ فَقَضَى فِي غَيْرِ الْيَوْمَيْنِ تَوَقَّفَ قَضَاؤُهُ فَإِنْ أَجَازَهُ فِي نَوْبَتِهِ جَازَ كَمَا فِي آخِرِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ اسْتَثْنَى حَوَادِثَ فُلَانٍ لَا يَقْضِي فِيهَا، وَلَوْ قَضَى لَا يَنْفُذُ وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا يَمْلِكُ الِاسْتِخْلَافَ إلَّا بِإِذْنٍ صَرِيحٍ أَوْ دَلَالَةٍ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ جَعَلْتُكَ قَاضِيَ الْقُضَاةِ وَمِنْهَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَبْقَى أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ كَيْ لَا يَنْسَى الْعِلْمَ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ مَنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْكَافَّةِ، وَيَتَعَدَّى فِي الْقَضَاءِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَالنِّكَاحِ وَلَا يَتَعَدَّى فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْبُيُوعِ.

الثَّامِنُ فِيمَا يُخْرِجُ الْقَاضِيَ عَنْ الْقَضَاءِ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَرْبَعُ خِصَالٍ إذَا حَلَّ بِالْقَاضِي انْعَزَلَ فَوَاتُ السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ أَوْ الْعَقْلِ أَوْ الدَّيْنِ، وَإِذَا عَزَلَ السُّلْطَانُ الْقَاضِيَ لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الْخَبَرُ كَالْوَكِيلِ، وَعَنْ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَأْتِ قَاضٍ آخَرُ صِيَانَةً لِلْمُسْلِمِينَ عَنْ تَعْطِيلِ قَضَايَاهُمْ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُعَلِّقْ عَزْلَهُ بِشَرْطٍ كَوُصُولِ الْكِتَابِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ مُعَلَّقًا لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الْكِتَابُ، وَإِنْ وَصَلَ إلَيْهِ الْخَبَرُ وَإِذَا مَاتَ الْقَاضِي انْعَزَلَ خُلَفَاؤُهُ وَإِذَا عُزِلَ الْقَاضِي فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ النَّائِبَ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ أَوْ الْعَامَّةِ وَبِعَزْلِ نَائِبِ الْقَاضِي لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي، وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْخَلِيفَةِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِيهَا الْقَاضِي إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ، وَبَلَغَ السُّلْطَانَ عَزْلُهُ يَنْعَزِلُ، وَكَذَا إذَا كَتَبَ بِهِ إلَى السُّلْطَانِ وَبَلَغَ الْكِتَابُ إلَى السُّلْطَانِ، وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْعَامَّةِ فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَ حَقِّهِمْ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ الْخَصْمَ لَوْ عَلِمَ بِعَزْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ غَيْرُ حَاكِمٍ بَاطِنًا، وَلَمْ أَرَهُ وَكَذَا لَمْ أَرَ مَا إذَا بَلَغَ النَّائِبَ عَزْلُ قَاضِي الْقُضَاةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَزِلَ حَتَّى يَعْلَمَ أَصْلَهُ، وَكَذَا لَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا بَلَغَ الْأَصْلَ دُونَ النُّوَّابِ وَلَمْ يُعْلِمْهُمْ فَحَكَمُوا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ حُكْمُهُمْ وَأَنْ يَسْتَحِقَّ الْأَصْلَ مَا عُيِّنَ لَهُ عَلَى الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِمُبَاشَرَةِ نُوَّابِهِ، وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الْقَاضِيَ يُخْرَجُ عَنْ الْقَضَاءِ بِكُلِّ مَا يُخْرِجُ الْوَكِيلَ إلَّا إذَا مَاتَ الْخَلِيفَةُ أَوْ خُلِعَ فَإِنَّهُ لَا تَنْعَزِلُ قُضَاتُهُ وَوُلَاتُهُ، وَإِذَا مَاتَ الْمُوَكِّلُ انْعَزَلَ وَكِيلُهُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِأَخْذِ الرِّشْوَةِ وَالْفِسْقِ عِنْدَنَا اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَلَّدَ السُّلْطَانُ رَجُلًا قَضَاءَ بَلْدَةٍ، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ قَلَّدَ الْقَضَاءَ آخَرَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِعَزْلِ الْأَوَّلِ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ اهـ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إذَا ارْتَدَّ الْقَاضِي أَوْ فَسَقَ ثُمَّ صَلُحَ فَهُوَ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ أَمْرُهُ مَوْقُوفٌ وَلِأَنَّ الِارْتِدَادَ فِسْقٌ وَبِنَفْسِ الْفِسْقِ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا أَنَّ مَا قَضَى فِي حَالَةِ الرِّدَّةِ بَاطِلٌ بِخِلَافِ الْحَكَمِ إذَا ارْتَدَّ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ، وَالْفَرْقُ مَذْكُورٌ فِيهَا وَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِفَوَاتِ الدِّينِ يُخَالِفُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِالرِّدَّةِ يَنْعَزِلُ عَنْ نَفَاذِ قَضَائِهِ جَمْعًا بَيْنَهُمَا وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالرِّدَّةِ فَإِنَّ الْكُفْرَ لَا يُنَافِي ابْتِدَاءَ الْقَضَاءِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ حَتَّى لَوْ قُلِّدَ الْكَافِرُ، ثُمَّ أَسْلَمَ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَقْلِيدٍ آخَرَ فِيهِ رِوَايَتَانِ اهـ.

وَبِهِ عَلِمْت أَنَّ مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ أَوْ الدَّيْنُ) سَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ مَعَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْخَصْمَ لَوْ عَلِمَ بِعَزْلِهِ إلَخْ) ظَاهِرُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الْخَبَرُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا وَذَلِكَ مُنَافٍ لِمَا بَحَثَهُ الْمُؤَلِّفُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ عَلِمْت أَنَّ مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى خِلَافِ الْمُفْتَى بِهِ) الَّذِي تَقَدَّمَ عَزَوْهُ إلَى الْبَزَّازِيَّةِ لَا إلَى الْخُلَاصَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>