للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ وَأَنْ يَكُونَ مُوَلَّى لِلْحُكْمِ دُونَ سَمَاعِ الدَّعْوَى فَقَطْ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ لَا الذُّكُورَةِ وَالِاجْتِهَادِ، وَأَمَّا فِي الْمَحْكُومِ بِهِ فَأَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعْوَى، وَأَمَّا فِي الْمَحْكُومِ لَهُ فَدَعْوَاهُ الصَّحِيحَةُ، وَأَمَّا طَلَبُهُ الْحُكْمَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ وُجُودِ الشَّرَائِطِ فَفِي الْخُلَاصَةِ طَلَبُ الْحُكْمِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاضِي لَهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَسَيَزْدَادُ الْأَمْرُ وُضُوحًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا صِفَتُهُ وَهُوَ الْخَامِسُ فَوَاجِبٌ عِنْدَ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهِ وَانْتِفَاءِ الرِّيبَةِ، وَلِذَا قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْقَاضِي بِتَأْخِيرِ الْحُكْمِ يَأْثَمُ وَيُعْزَلُ وَيُعَزَّرُ اهـ.

وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لِرَجَاءِ الصُّلْحِ بَيْنَ الْأَقَارِبِ أَوْ لِاسْتِمْهَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي شَرْحِ بَاكِيرٍ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا أَخَّرَ الْقَضَاءَ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَفْسُقُ وَإِنْ أَنْكَرَهُ يَكْفُرُ اهـ.

وَأَمَّا صِفَةُ قَبُولِهِ لِلْقَضَاءِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ فَرْضٌ وَحَرَامٌ وَمُبَاحٌ وَمُسْتَحَبٌّ.

وَالسَّادِسُ فِي طَرِيقِ ثُبُوتِهِ لَهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا اعْتِرَافُهُ حَيْثُ كَانَ مُتَوَلِّيًا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا قَالَ قَاضٍ عَالِمٌ عَدْلٌ قَضَيْت عَلَى هَذَا بِالْقَطْعِ أَوْ بِالْقَتْلِ وَسِعَك فِعْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُعَايِنْ سَبَبَهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعْزُولًا فَهُوَ كَوَاحِدٍ مِنْ الرَّعَايَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مُطْلَقًا إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الْحَاكِمُ إذَا حَكَمَ بِحَقٍّ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ عَزْلِهِ كُنْتُ حَكَمْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ اهـ.

الثَّانِي: أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدَانِ عَلَى حُكْمِهِ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي مُنْكِرًا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يُثْبِتُوا حُكْمَ الْخَلِيفَةِ عِنْدَ الْأَصْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ عَلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ أَرَادُوا إثْبَاتَ قَضَاءِ قَاضٍ آخَرَ اهـ.

فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا شَهِدَا عَلَى الْقَاضِي أَنَّهُ قَضَى فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ أَوْ خَارِجَ الْمِصْرِ تُقْبَلُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا اهـ.

قَيَّدْنَا بِعَدَمِ إنْكَارِهِ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَضَى بِكَذَا، وَقَالَ لَمْ أَقْضِ بِشَيْءٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ اهـ.

وَرَجَّحَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِهِ لِمَا عُلِمَ مِنْ أَحْوَالِ قُضَاةِ زَمَانِنَا ثُمَّ نَقَلَ أَنَّ مُحَمَّدًا اقَالَ لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِعِلْمِهِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ عُيُونِ الْمَذَاهِبِ أَنْ يُفْتِيَ بِقَوْلِهِ وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَهَا إفْتَاءً لَا حُكْمًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الِاتِّصَالَاتِ وَالتَّنَافُذَ الْوَاقِعَةَ فِي زَمَانِنَا الْمُجَرَّدَةَ عَنْ الدَّعَاوَى لَيْسَتْ حُكْمًا، وَإِنَّمَا فَائِدَتُهَا تَسْلِيمُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ قَضَاءً.

السَّابِعُ فِي أَحْكَامِهِ فَمِنْهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحُكْمِ اللُّزُومُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ حَيْثُ كَانَ مُجْتَهِدًا فِيهِ وَمُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ الشَّرْعِيَّةَ، وَهَلْ يَصِحُّ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْهُ فَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ لِلْقَاضِي أَنْ يَرْجِعَ عَنْ قَضَائِهِ إنْ كَانَ خَطَأً رَجَعَ وَرَدَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَمْضَاهُ وَقَضَى فِيمَا يَأْتِي بِمَا هُوَ عِنْدَهُ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ نَصٌّ بِخِلَافِ قَضَائِهِ نَقَضَهُ، ثُمَّ إنْ كَانَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْقِصَاصِ أَوْ ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ عَبِيدٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي قَذْفٍ إنْ قَالَ الْقَاضِي تَعَمَّدْت فَالضَّمَانُ فِي مَالِهِ، وَيُعَزَّرُ لِلْجِنَايَةِ وَإِنْ أَخْطَأَ يَضْمَنُ الدِّيَةَ وَفِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ تُرَدُّ الْمَرْأَةُ إلَى الزَّوْجِ وَالرَّقِيقُ إلَى الْمَوْلَى وَفِي حُقُوقِهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ إذَا حُدَّ وَبَانَ الشُّهُودُ عَبِيدًا، وَقَالَ تَعَمَّدْت الْحُكْمَ يَضْمَنُ فِي مَالِهِ الدِّيَةَ وَفِي الْخَطَأِ يَضْمَنُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ هَذَا إذَا ظَهَرَ الْخَطَأُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْضِيِّ لَهُ، أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْقَاضِي بِذَلِكَ لَا يَثْبُتُ الْخَطَأُ كَمَا لَوْ رَجَعَ الشَّاهِدُ عَنْ الشَّهَادَةِ لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ اهـ.

وَإِذَا أَقَرَّ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِبُطْلَانِهِ بَطَلَ إلَّا الْمَقْضِيُّ بِحُرِّيَّتِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَبِالنِّسْبَةِ إلَى التَّوْلِيَةِ عَدَمُهُ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَعْزِلَ الْقَاضِيَ لِرِيبَةٍ أَوْ لِغَيْرِ رِيبَةٍ اهـ.

قُلْتُ: وَلِقَاضِي الْقُضَاةِ عَزْلُ نَائِبِهِ بِجُنْحَةٍ وَغَيْرِهَا وَمِنْهَا أَنَّ الْقَضَاءَ إذَا فُوِّضَ لِاثْنَيْنِ لَا يَلِي الْقَضَاءَ أَحَدُهُمَا

ــ

[منحة الخالق]

فَرَاجِعْ كُلًّا مِنْ الْمَحَلَّيْنِ وَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الِاتِّصَالَاتِ وَالتَّنَافُذَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَسَيَذْكُرُهُ أَيْضًا فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَإِذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمُ حَاكِمٍ أَمْضَاهُ اهـ أَيْ فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي. (قَوْلُهُ لِلْقَاضِي أَنْ يَرْجِعَ عَنْ قَضَائِهِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْمَتْنِ إذَا قَضَى الْقَاضِي فِي حَادِثَةٍ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ قَالَ رَجَعْت عَنْ قَضَائِي أَوْ بَدَا لِي غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ وَقَفْتُ عَلَى تَلْبِيسِ الشُّهُودِ وَأَبْطَلْتُ حُكْمِي وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ، وَالْقَضَاءُ مَاضٍ إنْ كَانَ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ وَيُفْهَمُ التَّقْيِيدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَضَى بِعِلْمِهِ يَجُوزُ الرُّجُوعُ كَأَنْ يَعْتَرِفَ عِنْدَهُ الْآخَرُ بِحَقٍّ ثُمَّ غَابَا ثُمَّ جَاءَ اثْنَانِ تَدَاعَيَا عِنْدَهُ فَحَكَمَ لِأَحَدِهِمَا ظَانًّا أَنَّهُ الْمُعْتَرِفُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُمْضِيَ حُكْمَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ عَنْ أَبِي حَامِدٍ قَضَى فِي حَادِثَةٍ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ خَطَؤُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْقُضَ قَضَاءَهُ اهـ.

قَالَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَضَى فِي مُجْتَهِدٍ فِيهِ رَأَى خِلَافَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ حُكْمِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْقُضَهُ مَا لَمْ يُخَالِفْ الْكِتَابَ أَوْ السُّنَّةَ أَوْ الْإِجْمَاعَ. (قَوْلُهُ وَبِالنِّسْبَةِ إلَى التَّوْلِيَةِ عَدَمُهُ) مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحُكْمِ وَالضَّمِيرُ فِي عَدَمِهِ لِلُّزُومِ

<<  <  ج: ص:  >  >>