للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَكُونُ حُكْمًا بِأَنْ لَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ لِعَدَمِ حَادِثَةِ الشُّفْعَةِ وَقْتَ الْحُكْمِ بِهِ، وَهَكَذَا فِي نَظَائِرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوِيهِ، وَالْمُوجَبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ هُوَ الْحُكْمُ، وَمِنْ شَرَائِطِ الْحُكْمِ أَنْ يَكُونَ بِحَقٍّ كَالْقَضَاءِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْيَمِينِ أَوْ النُّكُولِ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي بِشَرْطِهِ أَوْ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي بِشَرْطِهِ وَبِإِخْبَارِ الْقَاضِي يَجُوزُ لِنَائِبِهِ الْقَضَاءُ وَعَكْسُهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْمِصْرُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَالْقَضَاءُ بِالسَّوَادِ صَحِيحٌ، وَبِهِ يُفْتَى وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَدَاعِيَانِ مِنْ بَلَدِ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْمَنْقُولِ وَالدَّيْنِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي عَقَارٍ لَا فِي وِلَايَتِهِ فَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَإِيَّاكَ أَنْ تَفْهَمَ خِلَافَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ غَلَطٌ فَإِنْ قُلْتُ: هَلْ تَقْرِيرُ الْقَاضِي لِلنَّفَقَةِ حُكْمٌ مِنْهُ قُلْتُ: هُوَ حُكْمٌ، وَطَلَبُ الْمَرْأَةِ التَّقْرِيرَ بِشَرْطِهِ دَعْوَى فَقَدْ وُجِدَ بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْحَادِثَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي نَفَقَاتِ خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِذَا أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ النَّفَقَةَ يَقُولُ فَرَضْت عَلَيْك نَفَقَةَ امْرَأَتِك كَذَا وَكَذَا فِي مُدَّةِ كَذَا، أَوْ يَقُولُ قَضَيْت عَلَيْك بِالنَّفَقَةِ مُدَّةَ كَذَا يَصِحُّ، وَتَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ حَتَّى لَا تَسْقُطَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ زَمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ تَصِيرُ وَاجِبَةً بِقَضَاءِ الْقَاضِي حَتَّى لَوْ أَبْرَأَتْ بَعْدَ الْفَرْضِ صَحَّ اهـ.

فَإِنْ قُلْتُ: إذَا فَرَضَ لَهَا نَفَقَةَ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ كَانَ قَضَاءً بِجَمِيعِهَا فَإِذَا فَرَضَ لَهَا نَفَقَةً كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ هَلْ يَكُونُ قَضَاءً بِوَاحِدٍ أَوْ بِالْكُلِّ قُلْتُ: هُوَ قَضَاءٌ بِالْجَمِيعِ مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَلَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ بِدَلِيلِ مَا فِي الْخِزَانَةِ فَرْضُ كُلِّ شَهْرٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَأَبْرَأَتْ مِنْ نَفَقَتِهَا أَبَدًا بَرِئَ مِنْ نَفَقَةِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ فَإِذَا مَضَى أَشْهُرٌ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ مَا مَضَى وَمَا يُسْتَقْبَلُ بَرِئَ مِمَّا مَضَى وَمِنْ شَهْرٍ مِمَّا يُسْتَقْبَلُ، وَتَمَامُهُ فِيهَا وَفِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَلَهُ حَضْرَتُهُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَوَكِيلٍ وَوَصِيٍّ وَمُتَوَلٍّ عَلَى وَقْفٍ وَأَحَدِ الْوَرَثَةِ أَوْ يَكُونُ مَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ، فَالْقَضَاءُ بِلَا خَصْمٍ حَاضِرٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَدْ صَرَّحَ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ الشَّارِحُونَ عِنْدَ قَوْلِهِمْ لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ هُنَا أَنَّهُ مِنْ شَرَائِطِ الْقَضَاءِ.

وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُمْ: إنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ يَنْفُذُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْقَاضِي شَافِعِيًّا، وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ كَالْقُنْيَةِ مِنْ أَنَّهُ فِي حَقِّ الْحَنَفِيِّ أَيْضًا ضَعِيفٌ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ اخْتِلَافِ التَّصْحِيحِ وَفِي الْحَاكِمِ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالنُّطْقُ وَالسَّلَامَةُ

ــ

[منحة الخالق]

يَكُونُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ كَالْمِثَالِ الْمَارِّ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْهُمَا لِخُرُوجِ الْعَيْنِ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَدُخُولِهَا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ الْعَقْدِ هَذَا حَاصِلُ مَا حَقَّقَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْغَرْسِ فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَبَقِيَ قِسْمٌ رَابِعٌ نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَغَيْرِهَا فَقَالَ فِي فَسْخِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ لَوْ قَالَ الْقَاضِي قَضَيْتُ بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا صَحَّ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَيْمَانٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَلَوْ لَمْ يُبْطِلْ الْقَاضِي حَتَّى أَجَازَ نِكَاحَ فُضُولِيٍّ بِالْفِعْلِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِنَفْسِهِ، ثُمَّ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَإِنْ عَلِمَ بِتَقَدُّمِ نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ، وَمَعَ ذَلِكَ قَضَاءٌ بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا صَحَّ وَكَانَ قَضَاءً بِبُطْلَانِ الْيَمِينِ وَبِبُطْلَانِ نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ وَبِبُطْلَانِ الثَّلَاثِ بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِتَقَدُّمِ نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَ حَتَّى يَقْصِدَ بِقَضَائِهِ مَوْضِعَيْ الِاجْتِهَادِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ، وَنِكَاحِ الْفُضُولِيِّ. اهـ.

فَهَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي اسْتَلْزَمَهَا الْحُكْمُ بِالنِّكَاحِ تَوَقَّفَ إيقَاعُهَا عَلَى عِلْمِهِ بِهَا. اهـ.

قُلْتُ: لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الرَّابِعَ فِي الْحَقِيقَةِ شَرْطٌ لِلثَّالِثِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ إذَا اسْتَلْزَمَ أُمُورًا اجْتِهَادِيَّةً يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِهَا لِيَقْصِدَهَا بِقَضَائِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا، وَفِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ أَيْضًا وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ سُؤَالٌ صُورَتُهُ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِمُوجِبِ الْبَيْعِ فِي عَبْدٍ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَبِعَدَمِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ ظَهَرَ مَعَ الْعِلْمِ بِالْخِلَافِ، وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَخَاصَمَا عَنْهُ فِي عَيْبٍ ظَهَرَ بَلْ فِي التَّبَايُعِ وَلِلْقَضَاءِ عَادَةً فِي ذَلِكَ فَلَوْ خَاصَمَ الْمُشْتَرِي فِي ظُهُورِ عَيْبٍ عِنْدَ الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ هَلْ لَهُ الْحُكْمُ بِالرَّدِّ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَمْ لَا أَمْ يَكُونُ حُكْمُ الْحَنَفِيِّ مَانِعًا لَهُ مِنْهُ فَأَجَبْت لَيْسَ لِلْحَنَفِيِّ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَلَا بِعَدَمِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِعَدَمِ الْخُصُومَةِ عِنْدَهُ فِيهِ فَلِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ الْقَضَاءِ الضِّمْنِيِّ فَإِنَّهُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْقَضَاءِ الْقَصْدِيِّ وَمِنْ صُورَةِ مَا مَرَّ مِنْ كَفَالَةِ الْغَائِبِ، وَهِيَ حِيلَةُ إثْبَاتِ الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ فَإِنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى الْحَاضِرِ قَصْدًا وَعَلَى الْغَائِبِ ضِمْنًا، وَإِذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْكَفِيلَ بَعْدَ الْقَضَاءِ يَبْرَأُ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ مَقْضِيًّا بِهِ عَلَى الْكَفِيلِ اهـ مُلَخَّصًا وَتَمَامُهُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِيمَنْ غَابَ عَنْ امْرَأَتِهِ وَتَرَكَهَا بِلَا نَفَقَةٍ نَقْلًا عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَوْ قَضَى بِالْفُرْقَةِ بِسَبَبِ الْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ أَنَّهُ يَنْفُذُ ثُمَّ قَالَا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ شَفْعَوِيَّ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي نَفَاذِ الْقَضَاءِ فَقَوْلُهُ لَا يُشْتَرَطُ بِرَدِّ حَمْلِهِ هُنَا، وَيَزُولُ الْإِشْكَالُ بِالْحَمْلِ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَسَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَحْكُمْ وَفِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ مَزِيدُ تَقْرِيرٍ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>