للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ.

وَلَوْ ادَّعَى الْإِرْثَ أَوَّلًا ثُمَّ الشِّرَاءَ لَا تُقْبَلُ لِعَدَمِهِ وَمِنْهُ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ لَهُ بِالْإِرْثِ ثُمَّ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي قَطُّ أَوْ لَمْ يَزِدْ قَطُّ لَمْ يُقْبَلْ بُرْهَانُهُ وَبَطَلَ الْقَضَاءُ وَمِنْهَا ادَّعَى أَوَّلًا أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَا تُقْبَلُ كَمَا لَوْ ادَّعَاهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ لِنَفْسِهِ وَلَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ أَوَّلًا ثُمَّ الْوَقْفَ تُقْبَلُ كَمَا لَوْ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِغَيْرِهِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَقِيَّتُهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَقَدَّمْنَا شَيْئًا مِنْهَا فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْبُيُوعِ وَقَدْ أَسْقَطَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ مَسَائِلِ الْهِدَايَةِ هُنَا مَسْأَلَةً قَبْلَ هَذِهِ لِلِاكْتِفَاءِ بِذِكْرِهَا فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَكَرَّرَهَا فِي الْهِدَايَةِ لِاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ نَظَرَ فِي الْمَوْضُوعَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ اشْتَرَيْتَ مِنِّي هَذِهِ الْأَمَةَ فَأَنْكَرَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطَأَهَا إنْ تَرَكَ الْخُصُومَةَ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا جَحَدَ كَانَ فَسْخًا مِنْ جِهَتِهِ إذْ الْفَسْخُ يَثْبُتُ بِهِ كَمَا إذَا تَجَاحَدَ فَإِذَا عَزَمَ الْبَائِعُ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ تَمَّ الْفَسْخُ بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ فَقَدْ اقْتَرَنَ بِالْفِعْلِ وَهُوَ إمْسَاكُ الْجَارِيَةِ وَنَقْلُهَا وَمَا يُضَاهِيهِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَاتَ رِضَا الْبَائِعِ فَيَسْتَقِلُّ بِفَسْخِهِ وَفِي إقْرَارِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي رَجُلٌ أَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِذِي الْيَدِ أَنَا بِعْتُهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَوَصَلَ الْكَلَامَ وَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ الشِّرَاءَ فَأَقَامَ الْمُقِرُّ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ لَهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَنَّ الدَّارَ لِذِي الْيَدِ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ لَهُ لَمْ تُقْبَلْ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَيْعِ مِنْهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ ادَّعَاهُ اهـ.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْإِقْرَارَ إذَا ذُكِرَ لَهُ سَبَبٌ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ السَّبَبُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ إنْ كَانَ مَوْصُولًا وَإِلَّا لَا أَشَارَ بِحِلِّ وَطْءِ الْبَائِعِ إلَى فَسْخِ الْبَيْعِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى بَائِعِهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ لِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ وَقَيَّدَهُ فِي النِّهَايَةِ بِأَنْ يَكُونَ بَعْدَ تَحْلِيفِ الْمُشْتَرِي إذْ لَوْ كَانَ قَبْلَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ لِاحْتِمَالِ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَاعْتُبِرَ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقٍّ ثَالِثٍ وَقَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِأَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْقَبْضِ أَمَّا قَبْلَهُ فَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ الرَّدَّ مُطْلَقًا لِكَوْنِهِ فَسْخًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ إلَّا بَعْدَ حَلِفِ فَيَجِبُ تَقْيِيدُ الْكِتَابِ وَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ لَمْ يُقْبَلْ.

وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ أَوْ الْعَزْمِ عَلَيْهَا فَقِيلَ يُكْتَفَى بِالْقَلْبِ وَقِيلَ يَشْهَدُ بِلِسَانِهِ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَلَا يُكْتَفَى بِالْقَلْبِ ذَكَرَهُمَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْهِدَايَةِ لَا بُدَّ مِنْ الِاقْتِرَانِ بِالْفِعْلِ بِإِمْسَاكِهَا وَنَقْلِهَا وَاسْتِخْدَامِهَا فَإِنَّ مَنْ لَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ إذَا فَسَخَ بِقَلْبِهِ لَا يَنْفَسِخُ وَفِي الِاخْتِيَارِ أَنْكَرَ الْبَيْعَ ثُمَّ ادَّعَاهُ لَا يُقْبَلُ وَفِي النِّكَاحِ يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِالْإِنْكَارِ وَالنِّكَاحِ لَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى تَزْوِيجًا عَلَى أَلْفٍ فَأَنْكَرَتْ ثُمَّ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَلْفَيْنِ قُبِلَتْ وَلَا يَكُونُ إنْكَارُهَا تَكْذِيبًا لِلشُّهُودِ وَفِي الْبَيْعِ لَا تُقْبَلُ وَيَكُونُ تَكْذِيبًا لِلشُّهُودِ. اهـ.

وَلَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ نِكَاحًا وَحَلَفَ عِنْدَهُمَا أَوْ لَمْ يَحْلِفْ عِنْدَهُ لَا يَحِلُّ لَهَا التَّزَوُّجُ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ لَا يَكُونُ فَسْخًا فَيَحْتَاجُ الْقَاضِي بَعْدَهُ أَنْ يَقُولَ فَرَّقْت بَيْنَكُمَا أَوْ يَقُولَ الْخَصْمُ إنْ كَانَتْ زَوْجَتِي فَهِيَ طَالِقٌ بَائِنٌ وَقَيَّدَ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَحَدَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ وَحَلَفَ وَعَزَمَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ وَالنِّكَاحُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدَّمْنَا فِي النِّكَاحِ مِنْ خِيَارِ الْبُلُوغِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ فِي صُوَرٍ بَعْدَ التَّمَامِ وَفِي الْخُلَاصَةِ امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَبْطُلُ بِجُحُودِهِمَا وَلَوْ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَجَاءَتْ الْمَرْأَةُ تَدَّعِي مِيرَاثَهُ لَهَا الْمِيرَاثُ كَعَكْسِهِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا مِيرَاثَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهِ وَلِذَا لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا. اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ إنْكَارَ النِّكَاحِ كَمَا لَا يَكُونُ فَسْخًا لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَى بِخِلَافِ لَسْت لِي بِامْرَأَةٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ إنْ نَوَى عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا كَمَا فِي طَلَاقِ الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَتْ الطَّلَاقَ فَأَنْكَرَ ثُمَّ مَاتَ لَا تَمْلِكُ مُطَالَبَةَ الْمِيرَاثِ اهـ.

فَجُحُودُ الطَّلَاقِ لَا يَرْفَعُهُ وَفِيهَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْبَيْعَ فَأَنْكَرَ فَبَرْهَنَ عَلَى الْبَيْعِ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَسْخَهُ تُسْمَعُ وَلَا يَكُونُ مُتَنَاقِضًا؛ لِأَنَّ جُحُودَ مَا عَدَا النِّكَاحَ فَسْخٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ أَقَرَّ بِقَبْضِ عَشَرَةٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا زُيُوفٌ صُدِّقَ)

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>