؛ لِأَنَّ اسْمَ الدَّرَاهِمِ يَقَعُ عَلَى الزُّيُوفِ كَمَا يَقَعُ عَلَى الْجِيَادِ وَالنَّبَهْرَجَةُ كَالزُّيُوفِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا بَيَّنَ مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا وَلَكِنْ عَبَّرَ بِثُمَّ لِيُفِيدَ أَنَّ الْبَيَانَ مَفْصُولٌ لِيُعْلَمَ حُكْمُ الْمَوْصُولِ بِالْأَوْلَى وَقَيَّدَ بِالزُّيُوفِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا بَيَّنَ أَنَّهَا سَتُّوقَةٌ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الدَّرَاهِمِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا وَلِذَا لَوْ تَجَوَّزَ بِالزُّيُوفِ وَالنَّبَهْرَجَةِ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ جَازَ وَفِي السَّتُّوقَةِ لَا إنْ كَانَ مَفْصُولًا وَإِنْ كَانَ مَوْصُولًا صُدِّقَ كَمَا فِي النِّهَايَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَوْصُولًا صَحِيحٌ فِي الْكُلِّ وَالتَّفْصِيلُ فِي الْمَفْصُولِ وَقَيَّدَ بِإِقْرَارِهِ بِقَبْضِ عَشَرَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ حَقَّهُ أَوْ الثَّمَنَ أَوْ اسْتَوْفَى لَمْ يُصَدَّقْ لِلتَّنَاقُضِ وَقَيَّدَ بِالدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ الْمَبِيعَ ثُمَّ ادَّعَى عَيْبًا بِهِ فَالْقَوْلُ لِبَائِعِهِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُتَعَيِّنٌ فَإِذَا قَبَضَهُ فَقَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ اسْتَوْفَى عَيْنَ حَقِّهِ دَلَالَةً فَبِدَعْوَاهُ الْعَيْبَ صَارَ مُتَنَاقِضًا وَقَيَّدَ بِاقْتِصَارِهِ عَلَى قَبْضِ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ قَبَضْت دَرَاهِمَ جِيَادًا لَمْ يُصَدَّقْ فِي دَعْوَاهُ الزُّيُوفَ مَوْصُولًا وَمَفْصُولًا وَفِيهَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ حَقَّهُ أَوْ الثَّمَنَ أَوْ اسْتَوْفَى ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ زُيُوفًا فَإِنْ كَانَ مَفْصُولًا لَمْ يُصَدَّقْ وَإِلَّا صُدِّقَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْقَدْرِ وَالْجَوْدَةِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ فَإِذَا اسْتَثْنَى الْجَوْدَةَ كَانَ اسْتِثْنَاءَ الْبَعْضِ مِنْ الْكُلِّ فَصَحَّ مَوْصُولًا كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا مِائَةً أَمَّا إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ عَشَرَةٍ جِيَادٍ فَقَدْ أَقَرَّ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بِلَفْظٍ عَلَى حِدَةٍ فَإِذَا قَالَ إلَّا إنَّهَا زُيُوفٌ فَقَدْ اسْتَثْنَى الْكُلَّ مِنْ الْكُلِّ فِي حَقِّ الْجَوْدَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ إلَّا دِينَارًا كَانَ بَاطِلًا وَإِنْ كَانَ مَوْصُولًا كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْإِقْرَارُ بِقَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ كَالْإِقْرَارِ بِقَبْضِ حَقِّهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ حُكْمَ وَزْنِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالدَّعْوَى وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَدَدًا ثُمَّ قَالَ هِيَ وَزْنُ خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ وَكَانَ الْإِقْرَارُ مِنْهُ بِالْكُوفَةِ فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى النُّقْصَانِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَوْصُولًا وَكَذَا الدَّنَانِيرُ وَإِنْ كَانُوا فِي بِلَادٍ يَتَعَارَفُونَ عَلَى دَرَاهِمَ مَعْرُوفَةِ الْوَزْنِ بَيْنَهُمْ صُدِّقَ اهـ.
وَالزُّيُوفُ مَا زَيَّفَهُ بَيْتُ الْمَالِ وَالنَّبَهْرَجَةُ مَا يَرُدُّهُ التُّجَّارُ وَالسَّتُّوقَةُ بِفَتْحِ السِّينِ مَا غَلَبَ غِشُّهَا فَلَيْسَتْ دَرَاهِمَ إلَّا مَجَازًا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْغَالِبِ وَأَطْلَقَ فِي الدَّرَاهِمِ الْمُقَرِّ بِهَا فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ دَيْنًا مِنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ غَصْبًا أَوْ وَدِيعَةً كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَرَأْسُ الْمَالِ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَيَّدَ بِدَعْوَى الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ مَاتَ فَادَّعَى وَارِثُهُ أَنَّهَا زُيُوفٌ لَمْ تُقْبَلْ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَدِيعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ أَوْ الْغَصْبِ ثُمَّ زَعَمَ الْوَارِثُ أَنَّهَا زُيُوفٌ لَمْ يُصَدَّقْ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا فِي مَالِ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِيهَا مِنْ الرَّهْنِ قَضَى دَيْنَهُ وَبَعْضُهُ زُيُوفٌ وَسَتُّوقَةٌ فَرَهَنَ شَيْئًا بِالسَّتُّوقَةِ وَالزُّيُوفِ وَقَالَ خُذْهُ رَهْنًا بِمَا فِيهِ مِنْ زُيُوفٍ وَسَتُّوقٍ صَحَّ فِي حَقِّ السَّتُّوقِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْجِنْسِ وَلَا يَصِحُّ فِي الزُّيُوفِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْجِنْسِ فَلَا دَيْنَ اهـ.
وَقَيَّدَ بِالْإِقْرَارِ بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْجِهَةَ ثُمَّ ادَّعَى مَوْصُولًا أَنَّهَا زَيْفٌ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ قِيلَ أَيْضًا عَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ يُصَدَّقُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ تَجِبُ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ لَا عَلَى الْبَعْضِ فَلَا تَجِبُ بِالِاحْتِمَالِ وَلَوْ قَالَ غَصَبْت أَلْفًا أَوْ أَوْدَعَنِي أَلْفًا إلَّا أَنَّهَا زُيُوفٌ صُدِّقَ وَإِنْ فَصَلَ وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْقَرْضَ كَالْغَصْبِ وَلَوْ قَالَ فِي الْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ إلَّا أَنَّهَا رَصَاصٌ أَوْ سَتُّوقَةٌ صُدِّقَ إذَا وَصَلَ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ إلَّا أَنَّهُ رَدِيءٌ فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَيْسَ هَذَا كَدَعْوَى الرَّدَاءَةِ؛ لِأَنَّ الرَّدَاءَةَ فِي الْحِنْطَةِ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ مَا يَخْلُو عَنْهُ أَصْلُ الْفِطْرَةِ وَالْحِنْطَةُ قَدْ تَكُونُ رَدِيئَةً بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ مُطْلَقُهُ عَلَى الْجَيِّدِ وَلِذَا لَمْ يَجُزْ شِرَاءُ الْبُرِّ بِدُونِ ذِكْرِ الصِّفَةِ أَقَرَّ بِقَرْضِ عَشَرَةِ أَفْلُسٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا كَاسِدَةٌ لَمْ يُصَدَّقْ وَإِنْ وَصَلَ وَقَالَا يُصَدَّقُ فِي الْقَرْضِ إذَا وَصَلَ أَمَّا فِي الْبَيْعِ فَلَا يُصَدَّقُ عِنْدَ الثَّانِي فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُصَدَّقُ فِي الْبَيْعِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَبِيعِ وَكَذَا الْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ عَشَرَةٌ سَتُّوقَةٌ مِنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلَوْ قَالَ غَصَبْته عَشَرَةَ أَفْلُسٍ أَوْ أَوْدَعَنِي عَشَرَةَ أَفْلُسٍ ثُمَّ قَالَ هِيَ كَاسِدَةٌ صُدِّقَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ مَسْأَلَةَ مَا إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ بَعْضَهُ قَرْضٌ وَبَعْضَهُ رِبًا أَنَّهُ يُقْبَلُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ مُطْلَقُهُ عَلَى الْجَيِّدِ) عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ فَلَا يُحْمَلُ مُطْلَقُهُ عَلَى الْجَيِّدِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ هِيَ كَاسِدَةٌ صُدِّقَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ) كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَقُولُ: الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ تَمَّتْ عِنْدَ قَوْلِهِ صُدِّقَ وَقَوْلُهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ابْتِدَاءُ مَسْأَلَةٍ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْبَزَّازِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute