للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَعْنَى الْآيَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إنْ لَمْ يَشْهَدَا حَالَ كَوْنِهِمَا رَجُلَيْنِ فَلْيَشْهَدْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَلَوْلَا هَذَا التَّأْوِيلُ لَمَا اُعْتُبِرَ شَهَادَتُهُنَّ مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ وَشَهَادَتُهُنَّ مُعْتَبَرَةٌ مَعَهُمْ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ بِالرِّجَالِ حَتَّى إذَا شَهِدَ رِجَالٌ وَنِسْوَةٌ بِشَيْءٍ يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى الْكُلِّ حَتَّى يَجِبَ الضَّمَانُ عَلَى الْكُلِّ عِنْدَ الرُّجُوعِ اهـ.

وَذَكَرَ الْبِقَاعِيُّ فِي الْمُنَاسَبَاتِ مَعْزِيًّا إلَى الْحَرَّانِيِّ وَفِي عُمُومِ مَعْنَى الْكَوْنِ إشْعَارٌ بِتَطَرُّقِ شَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ مَعَ إمْكَانِ طَلَبِ الرَّجُلِ بِوَجْهٍ مَا مِنْ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا اهـ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ قَالَ إنْ شَرِبْت الْخَمْرَ فَمَمْلُوكِي حُرٌّ فَشَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ عَتَقَ الْعَبْدُ وَلَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ لَا مَجَالَ لَهَا فِي الْحُدُودِ وَلَوْ قَالَ إنْ سَرَقْت مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا فَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ وَيَعْتِقَ الْعَبْدُ وَلَا يُقْطَعُ اهـ.

وَعَزَا الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْخَانِيَّةِ إلَى أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ قَالَ وَالْفَتْوَى فِيهِمَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ فِي مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ أَضْمَنُهُ وَلَا أُعْتِقُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِأَنَّهُ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ فَأَعْتَقَهُ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَمَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْكُلُّ ضَمِنَ شَاهِدَا الْإِعْتَاقِ قِيمَتَهُ لِمَوْلَاهُ وَشُهُودُ الزِّنَا دِيَتَهُ لِمَوْلَاهُ أَيْضًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ وَلِلْوِلَادَةِ وَالْبَكَارَةِ وَعُيُوبِ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ رَجُلٌ امْرَأَةٌ) أَيْ وَشَرْطُ امْرَأَةٍ أَيْ شَهَادَتِهَا لِلْحَدِيثِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ جَائِزَةٌ فِيمَا لَا يَسْتَطِيعُ الرِّجَالُ النَّظَرَ إلَيْهِ وَالْجَمْعُ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ فَيَتَنَاوَلُ الْأَقَلَّ وَهُوَ الْوَاحِدُ وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي اشْتِرَاطِ الْأَرْبَعِ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا سَقَطَ الذُّكُورَةُ لِيَخِفَّ النَّظَرُ؛ لِأَنَّ نَظَرَ الْجِنْسِ أَخَفُّ فَكَذَا يَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ لِأَنَّ الْمَثْنَى وَالثَّلَاثَ أَحْوَطُ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْإِلْزَامِ ثُمَّ حُكْمُهَا فِي الْوِلَادَةِ شَرَحْنَاهُ فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَفِي الْبَكَارَةِ شَرَحْنَاهُ فِي بَابِ الْعِنِّينِ مِنْ أَنَّهُنَّ إنْ شَهِدْنَ بِبَكَارَتِهَا يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ سَنَةً وَيُفَرَّقُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهَا تَأَيَّدَتْ بِمُؤَيِّدٍ إذْ الْبَكَارَةُ أَصْلٌ وَكَذَا فِي رَدِّ الْبَيْعِ إذَا اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْبَكَارَةِ وَإِنْ قُلْنَ إنَّهَا ثَيِّبٌ يَحْلِفُ الْبَائِعُ لِيَنْضَمَّ نُكُولُهُ إلَى قَوْلِهِنَّ وَالْعَيْبُ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِنَّ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الْعَيْبُ بِقَوْلِهِنَّ لَمْ يَحْلِفْ الْبَائِعُ بَلْ نَرُدُّ عَلَيْهِ الْجَارِيَةَ فَكَيْفَ يَكُونُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ نَتِيجَةً لِثُبُوتِ الْعَيْبِ فِي الْجَارِيَةِ بَلْ ثُبُوتُ الْعَيْبِ بِقَوْلِهِنَّ يَثْبُتُ الرَّدُّ لَا التَّحْلِيفُ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّ ثُبُوتَهُ بِقَوْلِهِنَّ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى وَفِي حَقِّ التَّحْلِيفِ إذْ لَوْلَا شَهَادَتُهُنَّ لَمْ يَحْلِفْ الْبَائِعُ وَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ بِلَا يَمِينٍ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْبَكَارَةُ اهـ.

وَظَاهِرُ اقْتِصَارِهِ عَلَى الثَّلَاثَةِ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمَرْأَةِ بَلْ النِّسَاءِ لَا يُقْبَلُ فِي غَيْرِهَا وَلَكِنْ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ شَهِدَ عِنْدَهُ نِسْوَةٌ عُدُولٌ أَنَّهَا امْرَأَةُ فُلَانٍ أَوْ ابْنَتُهُ وَسِعَتْهُ الشَّهَادَةُ اهـ.

وَفِيهَا يُقْبَلُ تَعْدِيلُ الْمَرْأَةِ وَلَا تُقْبَلُ تَرْجَمَتُهَا وَأَطْلَقَ فِي الْوِلَادَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الشَّهَادَةُ عَلَى اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ فِي حَقِّ الْإِرْثِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ رَجُلٌ إنْ كَانَ قَيْدًا فِي الْكُلِّ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ رُجُوعَهُ إلَى الْأَخِيرِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الصَّلَاةِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهَا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْإِرْثِ أَيْضًا وَبِقَوْلِهِمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَهُوَ أَرْجَحُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَتَقَدَّمَتْ فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ رَجُلٌ إلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ شَهِدَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ أَيْ وَشَرَطَ امْرَأَةً أَيْ شَهَادَتَهَا) قَالَ الرَّمْلِيُّ سَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّ قَبُولَ شَهَادَتِهَا لِثُبُوتِ سَمَاعِ الدَّعْوَى لَا لِثُبُوتِ الرَّدِّ بِهَا فَافْهَمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَفِيمَا لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ الرِّجَالُ كَالْقَرَنِ وَالرَّتْقِ وَنَحْوِهِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ وَآخِرُ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ عَيْبٌ لَا يَحْدُثُ تُرَدُّ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَالْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ وَالْمَرْأَتَانِ سَوَاءٌ وَالْمَرْأَتَانِ أَوْثَقُ، وَأَمَّا الْحَبَلُ فَيَثْبُتُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ فِي حَقِّ الْخُصُومَةِ وَلَا تُرَدُّ بِشَهَادَتِهِنَّ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ اقْتِصَارِهِ عَلَى الثَّلَاثَةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ ذَكَرَ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ وَالْوِلَادَةُ وَاسْتِهْلَالُ الصَّبِيِّ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالْبَكَارَةُ وَعُيُوبُ النِّسَاءِ امْرَأَةٌ اهـ.

فَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَعُيُوبُ النِّسَاءِ الْحَبَلُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي يُرَدُّ بِهَا الْمَبِيعُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ رَجُلٌ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَدَّمَ فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَالْمُعْتَدَّةُ إنْ جَحَدَتْ وِلَادَتَهَا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ إلَخْ أَنَّهُ أَفَادَ بِقَوْلِهِ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ قَبُولَ شَهَادَةِ الرِّجَالِ عَلَى الْوِلَادَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَأَنَّهُمْ لَا يَفْسُقُونَ بِالنَّظَرِ إلَى عَوْرَتِهَا إمَّا لِكَوْنِهِ قَدْ يَتَّفِقُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ نَظَرٍ وَلَا تَعَمُّدٍ أَوْ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي شُهُودِ الزِّنَا وَفِي مِنَحِ الْغَفَّارِ نَقْلًا عَنْ السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَيْضًا وَإِنْ قَالَ تَعَمَّدْت النَّظَرَ إلَيْهَا. اهـ.

وَأَقُولُ: فَثَبَتَ الْخِلَافُ فِي التَّعَمُّدِ ظَاهِرٌ أَوْ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ النَّافِي عَلَى التَّعَمُّدِ لَا لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَالْمُثْبِتِ عَلَى التَّعَمُّدِ لَهَا إحْيَاءً لِلْحُقُوقِ بِإِيصَالِهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا بِوَاسِطَةِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَفِي كَلَامِهِمْ نَوْعُ إشَارَةٍ إلَيْهِ وَرُبَّمَا أَفْهَمَ كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ شُهُودُ الزِّنَا تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ قُبِلَتْ أَرْجَحِيَّةُ الْقَبُولِ وَأَيْضًا عِبَارَتُهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا قَالَ تَعَمَّدْت النَّظَرَ قَالَ بَعْضُهُمْ تُقْبَلُ كَمَا فِي الزِّنَا لِطَرْحِهِ ذِكْرَ مُقَابِلِهِ وَقِيَاسِهِ عَلَى الزِّنَا وَالرَّاجِحُ فِيهِ الْقَبُولُ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيمَا إذَا دُعِيَ إلَى تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ إلَيْهَا يَشْتَهِي فَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَقْصِدَ بِذَلِكَ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ لَا قَضَاءَ الشَّهْوَةِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>