للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ فَقَدْ عَدَّلَهُ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنْ يَقُولَ هَذَا عِنْدِي عَدْلٌ مَرْضِيٌّ جَائِزُ الشَّهَادَةِ اهـ.

وَاخْتَارَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ هُوَ عَدْلٌ لِأَنَّ الْمَحْدُودَ فِي قَذْفٍ بَعْدَ التَّوْبَةِ عَدْلٌ غَيْرُ جَائِزِ الشَّهَادَةِ وَكَذَا الْأَبُ إذَا شَهِدَ لِابْنِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ جَائِزِ الشَّهَادَةِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الشُّرُوطِ جَوَابُ الْمُزَكِّي عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ أَعْلَاهَا جَائِزُ الشَّهَادَاتِ أَوْ عَدْلٌ خِلَافًا لِلسَّرَخْسِيِّ فِي الثَّانِي وَالثَّانِيَةِ ثِقَةٌ وَهُوَ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَا لِفِسْقِهِ وَلَكِنْ لِغَفْلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَبَعْضُ الْقُضَاةِ يُقِيمُونَ كُلَّ ثِقَتَيْنِ مَقَامَ عَدْلٍ كَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَاكِمُ السَّمَرْقَنْدِيُّ وَالْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ مَسْتُورٌ وَالْمَسْتُورُ هُوَ الْفَاسِقُ وَفِي عُرْفِ مَشَايِخِنَا مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ. اهـ.

وَيَكْتَفِي بِالسُّكُوتِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ فَيَكُونُ سُكُوتُهُ تَزْكِيَةً لِلشَّاهِدِ لِمَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَكَانَ اللَّيْثُ بْنُ مُسَاوِرٍ قَاضِيًا فَاحْتَاجَ إلَى تَعْدِيلِ شَاهِدٍ وَكَانَ الْمُزَكِّي مَرِيضًا فَعَادَهُ الْقَاضِي وَسَأَلَهُ عَنْ الشَّاهِدِ فَسَكَتَ الْمُعَدِّلُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَسَكَتَ فَقَالَ أَسْأَلُك وَلَا تُجِيبُنِي فَقَالَ الْمُعَدِّلُ أَمَا يَكْفِيكَ مِنْ مِثْلِي السُّكُوتُ وَلَمَّا اسْتَقْضَى أَبُو مُطِيعٍ أَرْسَلَ الْأَمِيرُ إلَى يَعْقُوبَ الْقَارِئِ يُشَاوِرُهُ فَسَأَلَهُ الرَّسُولُ فِي الطَّرِيقِ عَنْ أَبِي مُطِيعٍ فَقَالَ يَعْقُوبُ أَبُو مُطِيعٍ أَبُو مُطِيعٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ إذَا كَانَ الْمُعَدِّلُ مِثْلَ يَعْقُوبَ الْقَارِئِ فَلَا بَأْسَ بِمِثْلِ هَذَا التَّعْدِيلِ. اهـ.

وَسَيَأْتِي فِي مَسَائِلِ الطَّعْنِ فِي الشَّاهِدِ عِنْدَ بَيَانِ الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ وَلَكِنْ يُحْتَاجُ هُنَا إلَى بَيَانِ مَسَائِلَ تَعَارُضِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فَإِذَا سَأَلَ الْقَاضِي عَنْ الشَّاهِدِ وَلَمْ يُزَكَّ طَلَبَ غَيْرَهُ فَإِنْ زَكَّاهُ وَاحِدٌ وَجَرَحَهُ وَاحِدٌ فَقَدْ تَعَارَضَا فَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَإِنْ عَدَّلَهُ أَحَدُهُمَا وَجَرَحَهُ الْآخَرُ تَعَارَضَا كَأَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ أَحَدًا وَإِنْ عَدَّلَهُ الثَّالِثُ فَالتَّعْدِيلُ أَوْلَى وَإِنْ جَرَحَهُ الثَّالِثُ فَالْجَرْحُ أَوْلَى وَذَكَرَ الصَّدْرُ إذَا جَرَحَ وَاحِدٌ وَعَدَّلَ وَاحِدٌ فَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الْجَرْحُ أَوْلَى كَمَا لَوْ كَانَا اثْنَيْنِ

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ مَا لَمْ يَتِمَّ بِالْوَاحِدِ تَوَقَّفَ الشَّهَادَةَ وَلَا يُجِيزُ حَتَّى يَسْأَلَ الْآخَرَ فَإِنْ جَرَحَهُ تَمَّ الْجَرْحُ وَإِنْ عَدَّلَهُ تَمَّ التَّعْدِيلُ فَإِنْ جَرَحَهُ وَاحِدٌ وَعَدَّلَهُ اثْنَانِ فَالتَّعْدِيلُ أَوْلَى عِنْدَهُمْ وَإِنْ جَرَحَهُ اثْنَانِ وَعَدَّلَهُ عَشَرَةٌ فَالْجَرْحُ أَوْلَى فَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ الْجَرْحِ أَنَا أَجِيءُ بِقَوْمٍ صَالِحِينَ يُعَدِّلُونَهُمْ قَالَ فِي الْعُيُونِ قُبِلَ ذَلِكَ وَفِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ وَهُوَ اخْتِيَارُ ظَهِيرِ الدِّينِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يُقْبَلُ إذَا جَاءَ بِقَوْمٍ ثِقَةٍ يُعَدِّلُونَهُمْ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الْجَارِحِينَ فَلَعَلَّهُمْ جَرَحُوا بِمَا لَا يَكُونُ جَرْحًا عِنْدَ الْقَاضِي لَا يُلْتَفَتُ إلَى جَرْحِهِمْ هَذَا أَلْطَفُ الْأَقَاوِيلِ وَلَوْ عَدَّلَ الشُّهُودَ سِرًّا فَقَالَ الْخَصْمُ أَجِيءُ فِي الْعَلَانِيَةِ بِمَنْ يُبَيِّنُ فِيهِمْ مَا تُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُمْ لَا تُقْبَلُ مَقَالَتُهُ إلَى أَنْ قَالَ إنَّ الْجَرْحَ أَوْلَى إلَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ تَعَصُّبٌ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ جَرْحَهُمْ لِأَنَّ أَصْلَ الشَّهَادَةِ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ التَّعَصُّبِ فَالْجَرْحُ أَوْلَى. اهـ.

وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ إطْلَاقِ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ الْجَرْحَ يُقَدَّمُ عَلَى التَّعْدِيلِ سَوَاءٌ كَانَ مُجَرَّدًا أَوْ لَا عِنْدَ سُؤَالِ الْقَاضِي عَنْ الشَّاهِدِ وَالتَّفْصِيلُ الْآتِي مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُجَرَّدًا لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بِهِ أَوْ لَا فَتُسْمَعُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ طَعْنِ الْخَصْمِ فِي الشَّاهِدِ عَلَانِيَةً لَكِنْ فِي الْمُلْتَقَطِ فَلَوْ عُدِّلَ فَقَالَ قَوْمٌ إنَّا رَأَيْنَاهُ أَمْسِ سَكْرَانَ أَوْ يُبَايِعُ بِالرِّبَا أَوْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ إنْ كَانَ شَيْئًا يَلْزَمُهُ فِيهِ حَقٌّ مِنْ حَدٍّ أَوْ مَالٍ يُرَدُّ عَلَى صَاحِبِهِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَإِلَّا لَا اهـ.

وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ عَلَانِيَةً أَمَّا إذَا أَخْبَرُوهُ سِرًّا فَلَا وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا إذَا كَانَ الشَّاهِدُ غَرِيبًا فَإِنْ كَانَ غَرِيبًا وَلَا يَجِدُ مُعَدِّلًا فَإِنَّهُ يَكْتُبُ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ لِيُخْبِرَهُ عَنْ حَالِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ شَرْحِ أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ مِنْ بَحْثِ الْمُجْمَلِ أَنَّهُ عَلَى مِثَالِ رَجُلٍ دَخَلَ بَلْدَةً لَا يَعْرِفُهُ أَهْلُهَا بِالتَّأَمُّلِ فِيهِ بَلْ بِالرُّجُوعِ إلَى أَهْلِ بَلْدَتِهِ حَتَّى لَوْ شَهِدَ لَا يَحِلُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِشَهَادَتِهِ وَلَا لِلْمُزَكِّي أَنْ يُعَدِّلَهُ إلَّا بِالرُّجُوعِ إلَى أَهْلِ بَلْدَتِهِ لِيَعْرِفَ اهـ.

وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَيْضًا أَنَّهُ يَسْأَلُ عَنْهُمْ فِي كُلِّ حَادِثَةٍ شَهِدُوا فِيهَا لَكِنْ قَالُوا لَوْ عُدِّلَ فِي حَادِثَةٍ وَقَضَى بِهِ ثُمَّ شَهِدَ فِي أُخْرَى فَإِنْ بَعُدَتْ الْمُدَّةُ أُعِيدَ وَإِلَّا لَا وَكَذَا غَرِيبٌ نَزَلَ بَيْنَ ظَهْرَانِي قَوْمٍ لَا يُعَدِّلُهُ قَبْلَ مُضِيِّ ذَلِكَ الزَّمَانِ.

وَكَذَا إذَا تَخَلَّلَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالتَّعْدِيلِ هَلْ يُؤَثِّرُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الْمَاضِيَةِ وَكَانَ الْإِمَامُ الثَّانِي يَقُولُ ذَلِكَ الزَّمَانُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ رَجَعَ إلَى سَنَةٍ وَمُحَمَّدٌ لَمْ يُقَدِّرْهُ بَلْ عَلَى

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَيَكْتَفِي بِالسُّكُوتِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ فَيَكُونُ سُكُوتُهُ تَزْكِيَةً لِلشَّاهِدِ) مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ عَرَفَهُ بِالْفِسْقِ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ بَلْ يَسْكُتْ احْتِرَازًا عَنْ هَتْكِ السِّتْرِ أَوْ يَكْتُبْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ إلَخْ ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ ثِقَةٍ مَعْزِيًّا إلَى الْمَقْدِسِيَّ بَعْدَ ذِكْرِ مَا فِي الْمُلْتَقَطِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ كَانَ سُكُوتُهُ مِنْهُ طَعْنًا فِي الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقْبَلُ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ ذَلِكَ وَيَسْأَلُ عَنْهُمْ فَإِنْ عَدَلُوهُمْ سَأَلَ الْقَاضِي الطَّاعِنِينَ بِمَ يَطْعَنُونَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ طَعَنُوا بِمَا لَا يَكُونُ جَرْحًا عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنْ بَيَّنُوا مَا يَكُونُ طَعْنًا فَإِنَّ الْجَرْحَ أَوْلَى وَإِلَّا فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِمْ وَيَقْضِي بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْمُدَّعِي وَكَذَا لَوْ عَدَّلَ الْمُزَكِّي الشُّهُودَ وَطَعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَقَالَ لِلْقَاضِي سَلْ عَنْهُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا وَسَمَّى قَوْمًا يَصْلُحُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ عِنْدَ سُؤَالِ الْقَاضِي عَنْ الشَّاهِدِ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ أَوْ عِنْدَ طَعْنِ الْخَصْمِ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ سِرًّا لِأَنَّهُ تُقْبَلُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَفْسُقُوا بِإِظْهَارِ الْفَاحِشَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَرْهَنَ عَلَانِيَةً لَا يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ لِفِسْقِ شُهُودِهِ بِإِظْهَارِ الْفَاحِشَةِ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ الْآتِي وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ الْجَوَابُ الْآتِي عَمَّا فِي الْمُلْتَقَطِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مِنْ بَحْثِ الْمُجْمَلِ أَنَّهُ) أَيْ الْمُجْمَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>