للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ يَثِقُ بِهِ إلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ عَدَدٍ وَذُكُورَةٍ فِي الْمُخْبِرِ وَلَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ فِي النِّكَاحِ وَالنَّسَبِ لَا بُدَّ أَنْ يُخْبِرَهُ عَدْلَانِ بِخِلَافِ الْمَوْتِ قَالَ وَفِي الْمَوْتِ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ هِيَ إذَا لَمْ يُعَايِنْ الْمَوْتَ إلَّا وَاحِدٌ وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ مَاذَا يَصْنَعُ قَالُوا يُخْبِرُ بِذَلِكَ عَدْلًا مِثْلَهُ وَإِذَا سَمِعَ مِنْهُ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مَوْتِهِ فَيَشْهَدَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ فَيَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا اهـ.

وَظَاهِرُ مَا فِي السِّرَاجِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خَبَرِ عَدْلَيْنِ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي الْمَوْتِ وَصَحَّحَ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْمَوْتَ كَغَيْرِهِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْمُخْتَارُ الِاكْتِفَاءُ بِالْوَاحِدِ فِي الْمَوْتِ وَالْعَدَالَةُ إنَّمَا تُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ فِي غَيْرِ الْمُتَوَاتِرِ أَمَّا فِي الْمُتَوَاتِرِ فَلَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ وَلَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْإِخْبَارِ وَهُوَ قُصُورٌ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ إذَا شَهِدَ تَعْرِيسَهُ وَزِفَافَهُ أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ عَدْلَانِ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّهُ إذَا رَأَى رَجُلًا يَدْخُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَيَنْبَسِطَانِ انْبِسَاطَ الْأَزْوَاجِ وَسَمِعَ مِنْ النَّاسِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْ النِّكَاحَ وَكَذَا إذَا رَأَى شَخْصًا جَالِسًا مَجْلِسَ الْحُكْمِ يَفْصِلُ الْخُصُومَاتِ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ قَاضٍ. اهـ.

فَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ الِاكْتِفَاءُ بِمَا ذُكِرَ وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِخْبَارِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ الْحَقُّ وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ جَاءَ خَبَرُ مَوْتِ إنْسَانٍ فَصَنَعُوا مَا يُصْنَعُ عَلَى الْمَيِّتِ لَمْ يَسَعْك أَنْ تُخْبِرَ بِمَوْتِهِ حَتَّى يُخْبِرَك ثِقَةٌ أَنَّهُ عَايَنَ مَوْتَهُ؛ لِأَنَّ الْمَصَائِبَ قَدْ تَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَوْتِ إمَّا خَطَأً أَوْ غَلَطًا أَوْ حِيلَةً لِقِسْمَةِ الْمَالِ اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ نِكَاحٌ حَضَرَهُ رَجُلَانِ ثُمَّ أَخْبَرَ أَحَدُهُمَا جَمَاعَةً أَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَ فُلَانَةَ بِإِذْنِ وَلِيِّهَا ثُمَّ الْآنَ يَجْحَدُ هَذَا التَّسَامُعَ يَجُوزُ لِلسَّامِعِينَ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالنَّسَبِ مِمَّا لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ لِكَوْنِهِ عَلَى الْكَافَّةِ كَالنِّكَاحِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْوَلَاءِ كَمَا فِي الصُّغْرَى وَكَذَا كَتَبْنَا فِي الْفَوَائِدِ أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْكَافَّةِ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ النَّسَبِ مَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ شَهِدَا أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ مَاتَ وَهَذَا ابْنُ أَخِيهِ وَوَارِثُهُ قُضِيَ بِالنَّسَبِ وَالْإِرْثِ ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَوَارِثُهُ يُنْقَضُ الْأَوَّلُ وَيَقْضِي لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ الِابْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى ابْنِ الْأَخِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ ابْنٌ وَابْنُ أَخٍ فَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ فِي حَقِّ الْمِيرَاثِ لَا فِي حَقِّ النَّسَبِ حَتَّى يَبْقَى الْأَوَّلُ ابْنَ عَمٍّ لَهُ حَتَّى يَرِثَ مِنْهُ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا آخَرَ أَقْرَبَ مِنْهُ فَإِنْ أَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَيِّتَ الْأَوَّلَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَنَسَبَهُ إلَى أَبٍ آخَرَ غَيْرِ الْأَبِ الَّذِي نَسَبَهُ إلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ ادَّعَى ابْنُ أَخِيهِ لَا يُنْقَضُ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَثْبَتَ نَفْسَهُ مِنْ الْأَوَّلِ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِإِثْبَاتِهِ فِي إنْسَانٍ آخَرَ وَلَيْسَ فِي الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ زِيَادَةُ إثْبَاتٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ.

وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَنْ يَثِقُ بِهِ غَيْرُ الْخَصْمِ إذْ لَوْ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى خَبَرِهِ وَيَشْهَدَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ لَجَازَ لِلْقَاضِي الْقَضَاءُ بِقَوْلِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَشَرَطَ فِيهَا لِلْقَبُولِ فِي النَّسَبِ أَنْ يُخْبِرَهُ عَدْلَانِ مِنْ غَيْرِ اسْتِشْهَادِ الرَّجُلِ فَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلُ شَاهِدَيْنِ عِنْدَهُ عَلَى نَسَبِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ غَرِيبًا لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ بِنَسَبِهِ حَتَّى يَلْقَى مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ فَيَشْهَدَانِ عِنْدَهُ عَلَى نَسَبِهِ قَالَ الْجَصَّاصُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ سِوَى الرَّقِيقِ لَك أَنْ تَشْهَدَ أَنَّهُ لَهُ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ أَقْصَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمِلْكِ إذْ هِيَ مَرْجِعُ الدَّلَالَةِ فِي الْأَسْبَابِ كُلِّهَا فَيُكْتَفَى بِهَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَهُ قَالُوا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِإِطْلَاقِ مُحَمَّدٍ فِي الرِّوَايَةِ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَبِهِ نَأْخُذُ فَهُوَ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا اهـ.

فَلَوْ رَأَى دُرَّةً فِي يَدِ كَنَّاسٍ أَوْ كِتَابًا بَاقِيًا فِي يَدِ جَاهِلٍ لَا يَشْهَدُ بِالْمِلْكِ لَهُ بِمُجَرَّدِ يَدِهِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ أَنَّهَا دَلِيلُ الْمِلْكِ مَعَ التَّصَرُّفِ لِكَوْنِهَا مُتَنَوِّعَةً إلَى أَمَانَةٍ وَمِلْكٍ قُلْنَا وَالتَّصَرُّفُ يَتَنَوَّعُ أَيْضًا إلَى أَصَالَةٍ وَنِيَابَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ عَايَنَ الْمَالِكَ وَالْمِلْكَ فَإِذَا رَآهُ فِي يَدِ آخَرَ فَجَاءَ الْأَوَّلُ وَادَّعَى الْمِلْكَ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ لَهُ بِنَاءً عَلَى يَدِهِ قَالُوا وَكَذَا إذَا عَايَنَ الْمِلْكَ بِحُدُودِهِ دُونَ الْمِلْكِ اسْتِحْسَانٌ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ لَهُ وَفَرَّعَ عَلَى هَذَا النَّاصِحِيُّ بِأَنَّ الْمَالِكَ لَوْ كَانَ امْرَأَةً

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ فِي حَقِّ الْمِيرَاثِ لَا فِي حَقِّ النَّسَبِ) هَذَا مُنَافٍ لِقَوْلِهِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ النَّسَبِ إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>