للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَخْرُجُ وَلَا يَرَاهَا الرِّجَالُ فَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ مَشْهُورًا أَنَّهُ لَهَا جَازَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ شُهْرَةَ الِاسْمِ كَالْمُعَايَنَةِ اهـ.

وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ لُزُومَ الشَّهَادَةِ بِالْمَالِ بِالتَّسَامُعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فِي ضِمْنِ الشَّهَادَةِ بِالنَّسَبِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ ثُبُوتِ نَسَبِهِ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي لَمْ يُوجِبْ ثُبُوتَ مِلْكِهِ لِتِلْكَ الضَّيْعَةِ لَوْلَا الشَّهَادَةُ بِهِ وَكَذَا الْمَقْصُودُ لَيْسَ إثْبَاتَ النَّسَبِ بَلْ الْمِلْكِ فِي الضَّيْعَةِ. اهـ.

وَخَرَجَ مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ لَا يُعَانِيَهُمَا وَإِنَّمَا سَمِعَ أَنَّ لِفُلَانٍ كَذَا الثَّانِيَةُ أَنْ يُعَايِنَ الْمَالِكَ لَا الْمِلْكَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِكَوْنِهِ مُجَازِفًا فِي الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِلْمُ بِالْمَحْدُودِ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّ مَنْ رَأَى شَيْئًا فِي يَدِ إنْسَانٍ وَلَمْ يَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ رَآهُ قَبْلَهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَإِنْ أَخْبَرَهُ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ أَوْ بِالْوَكَالَةِ مِنْهُ حَلَّ الشِّرَاءُ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا لَوْ رَأَى جَارِيَةً فِي يَدِ إنْسَانٍ ثُمَّ رَآهَا فِي بَلَدٍ أُخْرَى وَقَالَتْ أَنَا حُرَّةُ الْأَصْلِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي الْكَرَاهِيَةِ وَاسْتَثْنَى الْمُصَنِّفُ الرَّقِيقَ أَيْ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَا كَبِيرَيْنِ لِأَنَّ لَهُمَا يَدًا عَلَى أَنْفُسِهِمَا تَدْفَعُ يَدَ الْغَيْرِ عَنْهُمَا فَانْعَدَمَ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِيهِمَا أَيْضًا اعْتِبَارًا بِالثِّيَابِ.

وَالْفَرْقُ مَا بَيَّنَّاهُ وَإِنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ لَا يُعَبِّرَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا كَالْمَتَاعِ لَا يَدَ لَهُمَا فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ لِذَوِي الْيَد وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرِ فِي كَلَامِهِمْ هُنَا مَنْ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا أَوْ لَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يَشْهَدُ بِالْمِلْكِ لِذِي الْيَدِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخْبِرَهُ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ لِغَيْرِهِ فَلَوْ أَخْبَرَاهُ لَمْ تَجُزْ لَهُ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ لَهُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَدَّمْنَاهُ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ رَأَى عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْقَضَاءُ بِالْمِلْكِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فِي تَقْرِيرِ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا فَسَّرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ يَشْهَدُ عَنْ سَمَاعٍ أَوْ مُعَايَنَةِ يَدٍ لَمْ يَقْبَلْهُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِسَمَاعِ نَفْسِهِ وَلَوْ تَوَاتَرَ عِنْدَهُ وَلَا بِرُؤْيَةِ نَفْسِهِ فِي يَدِ إنْسَانٍ سَهْوٍ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ مَا قَالُوا لَوْ رَأَى شَيْئًا فِي يَدِ إنْسَانٍ ثُمَّ رَآهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَزِعُهُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدَّعِيَهُ الْأَوَّلُ فَمَا فِي الْفَتَاوَى فِيمَا إذَا ادَّعَاهُ الْمَالِكُ وَمَا فِي الشَّرْحِ فِيمَا إذَا لَمْ يَدَّعِهِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ يَشْهَدُ لَهُ بِالتَّسَامُعِ أَوْ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ لَا تُقْبَلُ) وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا ذَكَرَهُ مِسْكِينٌ فِي شَرْحِهِ لَكِنَّهُ اسْتَثْنَى الْمَوْتَ وَالْوَقْفَ فَتُقْبَلُ وَلَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ أَخْبَرَهُ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَاسْتَثْنَى الْعِمَادِيُّ فِي الْفُصُولِ الْوَقْفَ فَلَوْ شَهِدَا بِهِ وَقَالَا نَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ رُبَّمَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا) لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ قَرِيبًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ إلَخْ) مَقُولُ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ سَهْوٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) رَدَّهُ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّهُ لَا سَهْوَ فِي كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ وَمُرَادُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي قَضَاءً مُحْكَمًا مُبْرَمًا بِحَيْثُ لَوْ ادَّعَى الْخَصْمُ لَا يَقْبَلُ مِنْهُ بِدَلِيلِ مَا صَرَّحَ بِهِ قُبَيْلَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَقْضِي بِهِ قَضَاءَ تَرْكٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُتْرَكُ فِي يَدِ ذِي الْيَد مَا دَامَ خَصْمُهُ لَا حُجَّةَ لَهُ حَمَوِيٌّ وَأَقُولُ: لَا حَاجَةَ إلَى تَكَلُّفِ إبْدَاءِ وَجْهِ التَّوْفِيقِ وَدَفْعِ الْمُعَارَضَةِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ يُبْتَنَى عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِهِ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ وَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ يُبْتَنَى عَلَى مُقَابِلِهِ أَبُو السُّعُودِ وَفِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ وَلَا يَتَوَهَّمُ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ وَمَا فِي النِّهَايَةِ فَإِنَّ مَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ هُوَ مَا إذَا رَأَى الْقَاضِي قَبْلَ حَالِ الْقَضَاءِ ثُمَّ رَأَى حَالَ قَضَائِهِ فِي يَدِ غَيْرِهِ كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي إلَخْ) بَقِيَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَةٌ مِنْ الْمَتْنِ لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُؤَلِّفُ وَهِيَ قَوْلُهُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَنْ شَهِدَ أَنَّهُ حَضَرَ دَفْنَ فُلَانٍ أَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَتِهِ فَهُوَ مُعَايَنَةٌ حَتَّى لَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي قُبِلَ قَالَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ إلَّا بِمَا عَلِمَ فَوَجَبَ قَبُولُهَا لِدُخُولِهِ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦] وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا} [يوسف: ٨١] .

(قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْعِمَادِيُّ فِي الْفُصُولِ الْوَقْفَ إلَخْ) أَفْتَى الْعَلَّامَةُ مُلَّا عَلِيٌّ التُّرْكُمَانِيُّ بِعَدَمِ الْقَبُولِ مُسْتَنِدًا إلَى إطْلَاقِ عِبَارَةِ الْكَنْزِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَالْعَيْنِيِّ وَالْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَالْمُخْتَارِ وَالِاخْتِيَارِ ثُمَّ قَالَ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الْوَقْفِ بِالسَّمَاعِ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ أَشْهَدُ بِهِ لِأَنِّي سَمِعْت مِنْ النَّاسِ أَوْ بِسَبَبِ أَنِّي سَمِعْت مِنْ النَّاسِ وَنَحْوِهِ وَفِيهِ خِلَافٌ فَالْمُتُونُ قَاطِبَةَ قَدْ أَطْلَقَتْ الْقَوْلَ بِأَنَّ الشَّاهِدَ إذَا فَسَّرَ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ لَا تُقْبَلُ وَبِهِ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ وَكَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِنَا وَعِبَارَةُ قَاضِي خَانْ وَلَوْ قَالُوا شَهِدْنَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّا سَمِعْنَا مِنْ النَّاسِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ اهـ.

قُلْت: وَعِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِمَا تَجُوزُ بِهِ الشَّهَادَةُ بِالسَّمَاعِ وَقَالُوا شَهِدْنَا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّا سَمِعْنَا مِنْ النَّاسِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ انْتَهَتْ ثُمَّ نُقِلَ نَحْوُهُ عَنْ فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلِيٍّ أَفَنْدِي التُّرْكِيَّةِ وَعَرَّبَهَا ثُمَّ قَالَ فَتَحَرَّرَ مِنْ النُّقُولِ الْمُعْتَبَرَةِ أَنَّ الشَّاهِدَ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ إذَا فَسَّرَ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمُتُونِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي تَمْشِي غَالِبًا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِهِ صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الْخَيْرِيَّةِ وَمَا فِي التَّنْوِيرِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ مُسْتَنِدًا فِي الدُّرَرِ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَفِي التَّنْوِيرِ إلَى الْخُلَاصَةِ قَائِلًا وَهُوَ الْأَصَحُّ فَذَاكَ قَوْلٌ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْمُتُونُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّا نُقَابِلُ مَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ عَدَمِ قَبُولِهِ؛ لِأَنَّ قَاضِي خَانْ فَقِيهَ النَّفْسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الْعَيْبِ وَأَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَشْهَرِ فَكَانَ الْمُعْتَمَدُ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ قَاضِي خَانْ مِنْ أَجَلِّ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحَاتِهِ وَيَكْفِينَا أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَلَيْسَ هَذَا فِي الْوَقْفِ خَاصَّةً بَلْ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ الشَّهَادَةُ فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>