للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُبُوتَ حُرِّيَّةِ الشَّاهِدِ إمَّا بِظَاهِرِ الدَّارِ عِنْدَ عَدَمِ طَعْنِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ بَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا الشَّاهِدُ عِنْدَ طَعْنِ الْخَصْمِ بِخِلَافِ مَا إذَا طَعَنَ بِأَنَّهُ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ أَوْ شَرِيكِ الْمُدَّعِي فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا بَلَغَ فَشَهِدَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّزْكِيَةِ وَكَذَا الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ وَأَنَّ الْكَافِرَ إذَا عَدَلَ فِي كُفْرِهِ لِشَهَادَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَ فَشَهِدَ فَإِنَّهُ يَكْفِي التَّعْدِيلُ الْأَوَّلُ وَفِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ مَاتَ وَتَرَكَ عَبْدًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَلَا يُعْلَمُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَعْتَقَهُ الْوَارِثُ ثُمَّ شَهِدَ الْعَبْدُ شَهَادَاتٍ وَاسْتَقْضَى بِقَضَايَا ثُمَّ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يُرَدُّ رَقِيقًا وَبَطَلَ عِتْقُهُ وَمَا شَهِدَ بِهِ فَإِنْ أَبْرَأَ الْغَرِيمُ الْمَيِّتَ جَازَ الْعِتْقُ لَا الشَّهَادَةُ وَالْقَضَاءُ وَتَمَامُهُ فِيهِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْقِنَّ وَالْمُكَاتَبَ وَالْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمُعْتَقُ الْبَعْضِ كَالْمُكَاتَبِ وَالْمُعْتَقُ فِي الْمَرَضِ كَالْمُكَاتَبِ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْمُدَبَّرُ بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَاهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ وَحُرٌّ مَدْيُونٌ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي جِنَايَاتِ الْمَجْمَعِ وَالْكَافِي.

وَفِي الْكَافِي مِنْ الشَّهَادَاتِ رَجُلٌ مَاتَ عَنْ عَمٍّ وَأَمَتَيْنِ وَعَبْدَيْنِ فَأَعْتَقَ الْعَمُّ الْعَبْدَيْنِ فَشَهِدَا بِبِنْتِيَّةِ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا لِلْمَيِّتِ أَيْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ لَمْ تُقْبَلْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ فِي قَبُولِهَا ابْتِدَاءً بُطْلَانَهَا انْتِهَاءً؛ لِأَنَّ مُعْتَقَ الْبَعْضِ فِي حُكْمِ الْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ وَلَا شَهَادَةَ لَهُ وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ الثَّانِيَةَ أُخْتُ الْمَيِّتِ قَبْلَ الْأُولَى أَوْ بَعْدَهَا أَوْ مَعَهَا لَا تُقْبَلُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّا لَوْ قَبِلْنَا لَصَارَتْ عَصَبَةً مَعَ الْبِنْتِ فَيَخْرُجُ الْعَمُّ عَنْ الْوِرَاثَةِ فَيَبْطُلُ الْعِتْقُ اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ الْمَجْنُونَ وَلَا خَفَاءَ فِي عَدَمِ قَبُولِهَا وَفِي الْمُحِيطِ وَمَنْ يُجَنُّ سَاعَةً وَيُفِيقُ سَاعَةً فَشَهِدَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْإِغْمَاءِ وَالْإِغْمَاءُ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ وَقَدَّرَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا جُنُونَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ حَتَّى لَوْ جُنَّ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ أَفَاقَ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ فِي حَالِ الصِّحَّةِ اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ أَيْضًا الْمُغَفَّلَ وَفِي الْمُحِيطِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي رَجُلٍ أَعْجَمِيٍّ صَوَّامٍ قَوَّامٍ مُغَفَّلٍ يُخْشَى عَلَيْهِ أَنْ يُلَقَّنَ فَيُؤْخَذَ بِهِ قَالَ هَذَا شَرٌّ مِنْ الْفَاسِقِ فِي الشَّهَادَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أُجِيزُ شَهَادَةَ الْمُغَفَّلِ وَلَا أُجِيزُ تَعْدِيلَهُ؛ لِأَنَّ التَّعْدِيلَ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْمُغَفَّلُ لَا يَسْتَقْصِي فِي ذَلِكَ اهـ.

وَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْقَضَاءِ مِنْ حُصُولِ الْحُرِّيَّةِ لِلشَّاهِدِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَوْ قَضَى بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ ظَهَرُوا عَبِيدًا بَطَلَ الْقَضَاءُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ ظُهُورِ خَطَأِ الْقَاضِي وَفِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ قَضَى الْقَاضِي بِوِصَايَةِ بَيِّنَةٍ وَأَخَذَ مَا عَلَى النَّاسِ مِنْ الدُّيُونِ ثُمَّ وَجَدُوا عَبِيدًا فَقَدْ بَرِئَ الْغُرَمَاءُ وَلَوْ كَانَ مِثْلَهُ فِي الْوَكَالَةِ لَمْ يَبْرَءُوا. اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ الْفَرْقَ وَكَأَنَّهُ لِكَوْنِهِمْ دَفَعُوا لَهُ دَيْنَ الْمَيِّتِ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْإِيصَاءُ بِمَنْزِلَةِ إذْنِهِ لَهُمْ فِي الدَّفْعِ إلَى أَمِينِهِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ إذْ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ لِلْغَرِيمِ بِدَفْعِ دَيْنِ الْحَيِّ إلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَحَمَّلَا فِي الرِّقِّ وَالصِّغَرِ وَأَدَّيَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَالْبُلُوغِ) ؛ لِأَنَّهُمَا أَهْلٌ لِلتَّحَمُّلِ؛ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ بِالشَّهَادَةِ وَالسَّمَاعِ وَيَبْقَى إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ بِالضَّبْطِ وَهُمَا لَا يُنَافِيَانِ ذَلِكَ وَهُمَا أَهْلٌ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْكَافِرَ إذَا تَحَمَّلَهَا عَلَى مُسْلِمٍ ثُمَّ أَسْلَمَ فَأَدَّاهَا تُقْبَلُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا لَمْ يُؤَدِّهَا إلَّا بَعْدَ الْأَهْلِيَّةِ أَوْ أَدَّاهَا قَبْلَهَا فَرُدَّتْ ثُمَّ زَالَتْ الْعِلَّةُ فَأَدَّاهَا ثَانِيًا وَلِذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَمَتَى رُدَّتْ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ لِعِلَّةٍ ثُمَّ زَالَتْ الْعِلَّةُ فَشَهِدَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ لَا تُقْبَلُ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالْأَعْمَى وَالصَّبِيِّ إذَا شَهِدُوا فَرُدَّتْ ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ فَشَهِدُوا فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ اهـ.

فَعَلَى هَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الزَّوْجِ وَالْأَجِيرِ وَالْمُغَفَّلِ وَالْمُتَّهَمِ وَالْفَاسِقِ بَعْدَ رَدِّهَا وَإِدْخَالُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَعَ الْأَرْبَعَةِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ سَهْوٌ

ــ

[منحة الخالق]

فِي الْوَكَالَةِ غَيْرُ أَصْلِيَّةٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الصَّبِيَّ إلَخْ) قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَسَأَلَ عَنْ الشُّهُودِ وَقَدَّمَ أَيْضًا هُنَاكَ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ الْفَرْقَ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ وَهُوَ أَنَّ الْكَافِرَ كَانَ لَهُ شَهَادَةٌ مَقْبُولَةٌ قَبْلَ إسْلَامِهِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ فَشَهِدَا بِبِنْتِيَّةِ إحْدَاهُمَا) أَيْ شَهِدَا أَنَّ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ وَهِيَ فُلَانَةُ بِنْتُ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّا لَوْ قَبِلْنَا لَصَارَتْ عَصَبَةً مَعَ الْبِنْتِ) قَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ السَّائِحَانِيُّ هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ عِنْدَ سَبْقِ شَهَادَةِ الْأُخْتِيَّةِ بَلْ الْعِلَّةُ فِيهَا هِيَ عِلَّةُ الْبِنْتِيَّةِ فَتَفَقَّهْ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ لِكَوْنِهِمْ دَفَعُوا إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ السَّائِحَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمَقْدِسِيَّ فَعَلَى هَذَا مَا يَقَعُ الْآنَ كَثِيرًا مِنْ تَوْلِيَةِ شَخْصٍ نَظَرَ وَقْفٍ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ مِثْلِهِ مِنْ قَبْضٍ وَصَرْفٍ وَشِرَاءٍ وَبَيْعٍ ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ يُغَيِّرُ شَرْطَ الْوَاقِفِ أَوْ أَنَّ إنْهَاءَهُ بَاطِلٌ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ بِإِذْنِ الْقَاضِي كَالْوَصِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ قُلْتُ: وَتَقَدَّمَ فِي الْوَقْفِ مَا يُؤَيِّدُهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِدْخَالُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَعَ الْأَرْبَعَةِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ سَهْوٌ) وَالْعَجَبُ أَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ كَمَا لَوْ رُدَّتْ لِفِسْقٍ ثُمَّ تَابَ ثُمَّ قَالَ فَصَارَ الْحَاصِلُ إلَخْ فَذَكَرَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَعَ مَنْ يُقْبَلُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ لِمُخَالَفَتِهِ صَدْرَ كَلَامِهِ وَلَمَّا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلِمُخَالَفَتِهِ لِقَوْلِ الْخُلَاصَةِ لَا تُقْبَلُ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ وَلِمَا فِي الْجَوْهَرَةِ إذَا شَهِدَ الزَّوْجُ الْحُرُّ لِزَوْجَتِهِ فَرُدَّتْ ثُمَّ أَبَانَهَا وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ ثُمَّ شَهِدَ لَهَا بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ لَمْ تُقْبَلْ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَوَصَّلَ بِطَلَاقِهَا إلَى تَصْحِيحِ شَهَادَتِهِ وَكَذَا إذَا شَهِدَتْ لِزَوْجِهَا ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ شَهِدَتْ لَهُ اهـ.

وَلِمَا فِي الْبَدَائِعِ لَوْ شَهِدَ الْفَاسِقُ فَرُدَّتْ أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ فَرُدَّتْ ثُمَّ شَهِدَا بَعْدَ التَّوْبَةِ وَالْبَيْنُونَةِ لَا تُقْبَلُ وَلَوْ شَهِدَ الْعَبْدُ أَوْ الصَّبِيُّ أَوْ الْكَافِرُ فَرُدَّتْ ثُمَّ عَتَقَ وَبَلَغَ وَأَسْلَمَ وَشَهِدَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بِعَيْنِهَا تُقْبَلُ وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْفَاسِقَ وَالزَّوْجَ لَهُمَا شَهَادَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَإِذَا رُدَّتْ لَا تُقْبَلُ بَعْدُ بِخِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>