وَهُوَ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَشَهَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ لَا يَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّهُ عَدْلٌ مُسْلِمٌ فَإِذَا لَمْ يَتَعَلَّمْ الْقُرْآنَ لِلْحَالِ لَا يَصِيرُ فَاسِقًا اهـ.
وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ تَرَكَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ
(قَوْلُهُ أَوْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إزَارٍ) ؛ لِأَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ حَرَامٌ وَرَأَى أَبُو حَنِيفَةَ رَجُلًا فِي الْحَمَّامِ بِغَيْرِ إزَارٍ فَقَالَ
أَلَا يَا عِبَادَ اللَّهِ خَافُوا إلَهكُمْ ... وَلَا تَدْخُلُوا الْحَمَّامَ مِنْ غَيْرِ مِئْزَرِ
وَعَلَى هَذَا فَرَّعُوا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي الْحَمَّامَاتِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ مَنْ يَمْشِي فِي الطَّرِيقِ بِالسَّرَاوِيلِ وَحْدَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لِلْمُرُوءَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَأْكُلُ الرِّبَا) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ أَيْ يَأْخُذُ الْقَدْرَ الزَّائِدَ فَالْمُرَادُ بِالْأَكْلِ الْأَخْذُ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ تَبَعًا لِلْآيَةِ {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ مَنَافِعِ الْمَالِ وَلِأَنَّ الرِّبَا شَائِعٌ فِي الْمَطْعُومَاتِ وَالْمُرَادُ بِالرِّبَا الْقَدْرُ الزَّائِدُ لَا الزِّيَادَةُ وَهِيَ الْمُرَادَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي بَابِهِ وَأَطْلَقَهُ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِكَثِيرٍ وَقَيَّدَهُ فِي الْأَصْلِ بِأَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِهِ وَعَلَّلَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَلَّ مَا يَنْجُو عَنْ مُبَاشَرَاتِ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ وَكُلُّ ذَلِكَ رِبَا اهـ.
وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا قِيلَ؛ لِأَنَّ الرِّبَا لَيْسَ بِحَرَامٍ مَحْضٍ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ كَسَائِرِ الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا مَعَ ذَلِكَ فَكَانَ نَاقِصًا فِي كَوْنِهِ كَبِيرَةً بِخِلَافِ أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ بِمَرَّةٍ وَالْأَوْجَهُ مَا قِيلَ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِهِ كَانَ الْوَاقِعُ لَيْسَ إلَّا تُهْمَةَ أَكْلِ الرِّبَا وَلَا تَسْقُطُ الْعَدَالَةُ بِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي وَجْهِ تَقْيِيدِ شُرْبِ الْخَمْرِ بِالْإِدْمَانِ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ مَحْضٍ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَالْمِلْكُ بِالْقَبْضِ شَيْءٌ آخَرُ، وَأَمَّا أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ فَلَمْ يُقَيِّدْهُ أَحَدٌ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الظُّهُورِ لِلْقَاضِي فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرِّبَا وَمَالِ الْيَتِيمِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِسْقَ نَفْسَهُ مَانِعٌ شَرْعًا مِنْ قَبُولِهَا غَيْرَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَرْتَكِبُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ ظُهُورِهِ لَهُ فَالْكُلُّ سَوَاءٌ وَفَرَّقَ الزَّيْلَعِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ مِلْكِهِ وَمَالُ الرِّبَا دَخَلَ فَلَا يُفِيدُ شَيْئًا كَمَا لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ أَوْ يُقَامِرُ بِالنَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ أَوْ تَفُوتُهُ الصَّلَاةُ بِسَبَبِهِمَا) ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ بِمَا ذَكَرَ اسْتِوَاءُ النَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ اللَّعِبَ بِالنَّرْدِ مُبْطِلٌ لِلْعَدَالَةِ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا لِلْإِجْمَاعِ عَلَى حُرْمَتِهِ بِخِلَافِ الشِّطْرَنْجِ؛ لِأَنَّ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مُسَاغًا لِقَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ بِإِبَاحَتِهِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَاخْتَارَهَا ابْنُ الشِّحْنَةِ إذَا كَانَ لِإِحْضَارِ الذِّهْنِ وَاخْتَارَ أَبُو زَيْدٍ الْحَكِيمُ حِلَّهُ ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ وَفِي النَّوَازِلِ سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ يَنْظُرُ إلَى لَاعِبِيهِ مِنْ غَيْرِ لَعِبٍ أَيَجُوزُ فَقَالَ أَخَافُ أَنْ يَصِيرَ فَاسِقًا اهـ.
وَفِيهِ إذَا قَامَرَ بِهِ سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ إجْمَاعًا وَفِيهِ الْمَيْسِرُ اسْمٌ لِكُلِّ قِمَارٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَدَالَةَ إنَّمَا تَسْقُطُ بِالشِّطْرَنْجِ إذَا وُجِدَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ خَمْسٍ الْقِمَارِ وَفَوْتِ الصَّلَاةِ بِسَبَبِهِ وَإِكْثَارِ الْحَلِفِ عَلَيْهِ وَاللَّعِبِ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَوْ يَذْكُرُ عَلَيْهِ فِسْقًا كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِلَّا فَلَا بِخِلَافِ النَّرْدِ فَإِنَّهُ مُسْقِطٌ لَهَا مُطْلَقًا وَالنَّرْدُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ لُعْبَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَهُوَ مُعَرَّبٌ اهـ.
وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ وَضَعَهُ أردشير بْنُ بَابَكَ وَلِهَذَا يُقَالُ النَّرْدَشِيرُ اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَعِبُ الطَّابِ فِي بِلَادِنَا مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُرْمَى وَيُطْرَحُ بِلَا حِسَابٍ وَإِعْمَالِ فِكْرٍ وَكُلَّمَا كَانَ كَذَلِكَ مِمَّا أَحْدَثَهُ الشَّيْطَانُ وَعَمِلَهُ أَهْلُ الْغَفْلَةِ فَهُوَ حَرَامٌ مُطْلَقًا. اهـ.
، وَأَمَّا الشِّطْرَنْجُ فَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَاضِعِهِ فِي مَحَلِّهِ مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ، وَأَمَّا الْقِمَارُ فَقَدَّمْنَا أَنَّهُ الْمَيْسِرُ وَفِي الْقَامُوسِ قَامَرَهُ مُقَامَرَةً وَقِمَارًا فَقَمَرَهُ كَنَصَرَهُ وَتَقَمَّرَهُ رَاهِنُهُ فَغَلَبَهُ وَهُوَ التَّقَامُرُ اهـ.
وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْقَمَرِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ تَارَةً يَزْدَادُ إذَا غَلَبَ وَيَنْتَقِصُ إذَا غُلِبَ كَالْقَمَرِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ اهـ.
وَعَلَى هَذَا فَلَا بُدَّ فِي الْقِمَارِ مِنْ الرِّهَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لِتَسْقُطَ الْعَدَالَةُ كَالسِّبَاقِ بِالْخَيْلِ وَالْإِقْدَامِ وَالدَّرْسِ وَذَكَرَ فِي يَتِيمَةِ الدَّهْرِ مِنْ الْحُدُودِ أَنَّ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ مِنْ الْقِمَارِ وَفِي الْقَامُوسِ الشِّطْرَنْجُ وَلَا يُفْتَحُ أَوَّلُهُ لُعْبَةٌ وَالسِّينُ لُغَةٌ فِيهِ اهـ
(قَوْلُهُ أَوْ يَبُولُ أَوْ يَأْكُلُ عَلَى الطَّرِيقِ) ؛ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لِلْمُرُوءَةِ وَإِذَا كَانَ لَا يَسْتَحْيِ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .