وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كَافِرَيْنِ عَلَى شَهَادَةِ مُسْلِمَيْنِ وَعَلَى الْعَكْسِ تُقْبَلُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ بِدَيْنٍ عَلَى ذِمِّيٍّ مَيِّتٍ وَإِنْ كَانَ وَصِيُّهُ مُسْلِمًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِمُسْلِمٍ فَإِنْ كَانَ فَقَدْ كَتَبْنَاهُ عَنْ الْجَامِعِ وَفِي الْخَانِيَّةِ ذِمِّيٌّ مَاتَ فَشَهِدَ عَشَرَةٌ مِنْ النَّصَارَى أَنَّهُ أَسْلَمَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمْ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ فُسَّاقٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ لِهَذَا الْمَيِّتِ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ وَبَقِيَّةُ أَوْلِيَائِهِ كُفَّارٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ فَادَّعَى الْوَلِيُّ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَأَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِيرَاثَهُ وَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ بِذَلِكَ يَأْخُذُ الْمَوْلَى الْمُسْلِمُ مِيرَاثَهُ بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ فِي حُكْمِ الْمِيرَاثِ قَامَتْ عَلَى أَوْلِيَائِهِ الْكُفَّارِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ وَلِيِّهِ الْمُسْلِمِ إنْ كَانَ عَدْلًا وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى إسْلَامِهِ غَيْرُ الْوَلِيِّ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِقَوْلِ وَلِيِّهِ الْمُسْلِمِ وَلَا مِيرَاثَ لَهُ اهـ.
ثُمَّ قَالَ لَوْ شَهِدَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ أَرْبَعَةٌ مِنْ النَّصَارَى أَنَّهُ زَنَى بِأَمَةٍ مُسْلِمَةٍ فَإِنْ شَهِدُوا وَأَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا حُدَّ الرَّجُلُ وَإِنْ قَالُوا طَاوَعَتْهُ دُرِئَ الْحَدُّ عَنْهُمَا وَيُعَزَّرُ الشُّهُودُ لِحَقِّ الْمُسْلِمَةِ لِقَذْفِهِمْ الْأَمَةَ. اهـ.
وَفِي الْبَدَائِعِ مِنْ النِّكَاحِ لَوْ ادَّعَى مُسْلِمٌ عَبْدًا فِي يَدِ ذِمِّيٍّ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَشَهِدَ كَافِرَانِ أَنَّهُ عَبْدُهُ قَضَى بِهِ الْقَاضِي فُلَانٌ لَمْ تُقْبَلْ لِكَوْنِهَا شَهَادَةً عَلَى الْقَاضِي الْمُسْلِمِ وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَلَوْ شَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى شَهَادَةِ مُسْلِمَيْنِ لِكَافِرٍ عَلَى كَافِرٍ لَمْ تَجُزْ وَلَوْ شَهِدَ مُسْلِمَانِ عَلَى شَهَادَةِ كَافِرٍ جَازَتْ اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّزْكِيَةِ فِي شَهَادَةِ الذِّمِّيِّ قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ تَزْكِيَةُ الذِّمِّيِّ أَنْ تُزَكِّيَهُ بِالْأَمَانَةِ فِي دِينِهِ وَلِسَانِهِ وَيَدِهِ وَأَنَّهُ صَاحِبُ يَقَظَةٍ اهـ.
وَأَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَأَصْلُهُ فِي النَّوَازِلِ وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مَعْزِيًّا إلَى الْعُيُونِ شَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى كَافِرٍ فَعَدَلَا ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَسْلَمَا يُؤْمَرَانِ أَنْ يُعِيدَا الشَّهَادَةَ وَيَكْفِي تَعْدِيلُهُمَا فِي الْكُفْرِ وَإِنَّمَا تَعْدِيلُ الْكُفَّارِ إلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ تَعْدِيلَ الْكَافِرِ لِلْكَافِرِ لَا يَجُوزُ ثُمَّ يَسْأَلُ أُولَئِكَ عَنْ الشُّهُودِ. اهـ.
وَقَدَّمْنَا فِي مَسَائِلِ التَّعْدِيلِ أَنَّ تَعْدِيلَ الْكَافِرِ بِالْمُسْلِمِينَ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَيَسْأَلُ مِنْ عُدُولِ الْكُفَّارِ وَفِي الْمُلْتَقَطِ إذَا سَكِرَ الذِّمِّيُّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْحَرْبِيِّ عَلَى مِثْلِهِ) أَيْ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى مِثْلِهِ لَا عَلَى الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالْمُرَادُ بِالْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْحَرْبِيَّ لَوْ دَخَلَ بِلَا أَمَانٍ فَهَذَا اسْتِرْقَاقٌ وَلَا شَهَادَةَ لِلْعَبِيدِ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْحَرْبِيِّ عَلَى مِثْلِهِ مَا إذَا كَانَا مِنْ دَارَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَالْإِفْرِنْجِ وَالْحَبَشِ لِانْقِطَاعِ الْوِلَايَةِ بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا لَا يَتَوَارَثَانِ وَالدَّارُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَنَعَةِ وَالْمِلْكِ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ أَلَمَّ بِصَغِيرَةٍ إنْ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ) أَيْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ ارْتَكَبَ صَغِيرَةً إنْ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ كُلَّهَا وَقَدْ أَشَارَ هُنَا إلَى الْعَدَالَةِ فَإِنَّهَا شَرْطُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الِاسْتِقَامَةُ وَهِيَ بِالْإِسْلَامِ وَاعْتِدَالِ الْعَقْلِ وَيُعَارِضُهُ هَوًى يُضِلُّهُ وَيَصُدُّهُ وَلَيْسَ لِكَمَالِهَا حَدٌّ يُدْرَكُ مَدَاهُ وَيَكْتَفِي لِقَبُولِهَا بِأَدْنَاهُ كَيْ لَا يُضَيِّعَ الْحُقُوقَ وَهُوَ رُجْحَانُ جِهَةِ الدِّينِ وَالْعَقْلِ عَلَى الْهَوَى وَالشَّهْوَةِ وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ مَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْعَدْلُ أَنْ يَكُونَ مُجْتَنِبًا لِلْكَبَائِرِ غَيْرَ مُصِرٍّ عَلَى الصَّغَائِرِ وَأَنْ تَكُونَ مُرُوءَتُهُ ظَاهِرَةً فَعَدَمُهَا مُفَوِّتٌ لَهَا وَزَادَ فِي الْمُحِيطِ أَنْ يَعْتَادَ الصِّدْقَ وَيَجْتَنِبَ الْكَذِبَ دِيَانَةً وَمُرُوءَتُهُ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مُسِنًّا عَفِيفًا ذَا مَالٍ ذَا فَضْلٍ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَطْمَعُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ وَيَسْتَحْيِ مِنْ ارْتِكَابِ مَا لَا يَحِلُّ فِي الشَّرْعِ فَكَانَ أَوْلَى بِالِاسْتِشْهَادِ اهـ.
وَبِهِ يُعْلَمُ مِنْ يَنْصِبُهُ الْقَاضِي شَاهِدًا بَيْنَ النَّاسِ وَفِي الْخَانِيَّةِ الْفَاسِقُ إذَا تَابَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يَمْضِ عَلَيْهِ زَمَانٌ تَظْهَرُ التَّوْبَةُ ثُمَّ بَعْضُهُمْ قَدَّرَهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَبَعْضُهُمْ قَدَّرَهُ بِسَنَةٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَالْمُعَدِّلِ اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ كَانَ عَدْلًا فَشَهِدَ بِزُورٍ ثُمَّ تَابَ فَشَهِدَ تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ مُدَّةٍ اهـ.
وَقَدَّمْنَا أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا كَانَ فَاسِقًا سِرًّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْبِرَ بِفِسْقِهِ كَيْ لَا يُبْطِلَ حَقَّ الْمُدَّعِي وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ أَيْضًا وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ مَنْ أَجَّرَ بَيْتَهُ لِمَنْ يَبِيعُ الْخَمْرَ لَمْ تَسْقُطْ عَدَالَتُهُ.
(قَوْلُهُ وَالْأَقْلَفِ) أَيْ الْكَبِيرِ الَّذِي لَمْ يُخْتَتَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ لَا تُخِلُّ بِتَرْكِ الْخِتَانِ لِكَوْنِهِ سُنَّةً عِنْدَنَا أَطْلَقَهُ وَقَيَّدَهُ قَاضِي خَانْ بِأَنْ يَتْرُكَهُ لِخَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ أَمَّا إذَا تَرَكَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ تُقْبَلْ وَقَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنْ لَا يَتْرُكَهُ اسْتِخْفَافًا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَقَدْ كَتَبْنَاهُ عَنْ الْجَامِعِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي الْكِتَاب أَجَزْت بَيِّنَةَ الْمُسْلِمِ وَأَعْطَيْت حَقَّهُ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِلْكَافِرِ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ أَنَّ التَّرِكَةَ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ دَيْنِهِمَا اهـ.
مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة ثُمَّ قَالَ وَلَوْ كَانَ النَّصْرَانِيُّ حَيًّا وَفِي يَدِهِ عَبْدٌ ادَّعَاهُ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِ قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْعَبْدَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فُلَانٌ) بَدَلٌ مِنْ الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ عَدْلًا فَشَهِدَ بِزُورٍ ثُمَّ تَابَ إلَخْ) الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ إذَا شَهِدَ بِزُورٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا لِأَنَّهُ لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ وَرَوَى الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ خَانِيَّةٌ قُبَيْلَ التَّزْكِيَةِ وَالتَّعْدِيلِ (قَوْلُهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْبِرَ بِفِسْقِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَحِلُّ وَفِي الْخَانِيَّةِ الشَّاهِدُ إذَا كَانَ فَاسِقًا فِي السِّرِّ وَهُوَ فِي الظَّاهِرِ عَدْلٌ فَأَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِشَهَادَتِهِ فَأَخْبَرَ الشَّاهِدُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَدْلٍ صَحَّ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ صَادِقًا فِي الشَّهَادَةِ لَا يَسَعُهُ تَضْمِينُ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَدْلٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّ الْمُدَّعِي اهـ.