الصِّحَّةِ أَوْلَى وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْخَارِجِ وَالشِّرَاءِ مِنْ آخَرَ مِنْ ذِي الْيَدِ فَبَيِّنَةُ مُدَّعِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ أَوْلَى السَّادِسَةَ عَشْرَةَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ فَبَيِّنَةُ الرَّاهِنِ أَوْلَى السَّابِعَةَ عَشْرَةَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا وُجُودِ الشَّرْطِ وَعَدَمِهِ فَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَوْلَى الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا بَيْعِ الْوَصِيِّ بَعْدَ عَزْلِهِ أَوْ قَبْلَهُ فَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى لِمَا فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ إثْبَاتِ نَفَاذِ الشِّرَاءِ أَوْ سَبْقِ التَّارِيخِ وَقِيلَ: بَيِّنَةُ الْعَزْلِ أَوْلَى وَكَذَا الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مِنْ الْوَكِيلِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ فِي حِمَارٍ وَقَالَ الْمُدَّعِي: إنَّهُ مِلْكِي غَابَ عَنِّي مُنْذُ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: اشْتَرَيْتُهُ مُنْذُ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْمُدَّعِي أَوْلَى الْعِشْرُونَ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْمَهْرِ بِشَرْطٍ وَادَّعَاهَا زَوْجُهَا مُطْلَقَةً وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَوْلَى إنْ كَانَ الشَّرْطُ مُتَعَارَفًا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مَعَهُ.
وَقِيلَ: بَيِّنَةُ الزَّوْجِ أَوْلَى الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ أَقَامَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ بَيِّنَةً أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي أَيْدِينَا كَانَتْ لِأُمِّي تَرَكَتْهَا مِيرَاثًا بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِينَا فَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَنَا فَبَيِّنَةُ الْأَوَّلِ أَوْلَى لِإِثْبَاتِهِ الزِّيَادَةَ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَهْرِ عَلَى أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ مُقِرًّا بِذَلِكَ إلَى يَوْمِنَا هَذَا وَأَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ هَذَا الْمَهْرِ الَّذِي تَدَّعِي فَبَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ أَوْلَى وَكَذَا فِي الدَّيْنِ لِأَنَّ بَيِّنَةَ مُدَّعِي الدَّيْنِ بَطَلَتْ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمَّا ادَّعَى الْبَرَاءَةَ وَلَمْ تَبْطُلْ بَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ وَهَذَا كَشُهُودِ الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ فَإِنَّ بَيِّنَةَ الْإِقَالَةِ أَوْلَى لِبُطْلَانِ بَيِّنَةِ الْبَيْعِ بِإِقْرَارِ مُدَّعِي الْإِقَالَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْفَظَ هَذَا الْأَصْلُ فَإِنَّهُ يُخَرَّجُ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْوَاقِعَاتِ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ سِتَّةَ دَنَانِيرَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّهُ أَبْرَأَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَأَقَامَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ لَهُ بِسِتَّةِ دَنَانِيرَ قِيلَ: تَصِحُّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ ثَانِيًا وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ وَقِيلَ: إنْ ذَكَرَ الْخَصْمُ الْقَبُولَ أَوْ التَّصْدِيقَ فِي الْإِبْرَاءِ لَا يَصِحُّ وَإِلَّا يَصِحُّ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فِي الشِّرَاءِ فَفِيهِ قَوْلَانِ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ فِي بَيْعِ الْفُصُولَيْنِ فَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا السُّكُوتِ وَالرَّدِّ فِي نِكَاحِ الْبِكْرِ فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا بَرْهَنَ عَلَى إجَازَتِهَا وَهِيَ عَلَى رَدِّهَا فَبَيِّنَتُهُ أَوْلَى السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الْبَيْعِ وَالْوَقْفِ عَلَيْهِ مُسَجَّلًا فَبَيِّنَةُ مُدَّعِي الْبَيْعِ أَوْلَى إلَّا إذَا عَيَّنَ الْوَاقِفُ فَبَيِّنَةُ الْوَقْفِ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ كَبَيِّنَةِ الْمِلْكِ مَعَ بَيِّنَةِ الْعِتْقِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قُضِيَ بِإِحْدَاهُمَا أَوَّلًا بَطَلَتْ الْأُخْرَى) لِأَنَّ الْأُولَى تَرَجَّحَتْ بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا فَلَا تُنْقَضُ بِالثَّانِيَةِ وَنَظِيرُهُ لَوْ كَانَ مَعَ رَجُلٍ ثَوْبَانِ أَحَدُهُمَا نَجِسٌ فَتَحَرَّى وَصَلَّى فِي أَحَدِهِمَا ثُمَّ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى طَهَارَةِ الْآخَرِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ) قَالَ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ لِلشَّيْخِ غَانِمٍ الْبَغْدَادِيِّ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ أَحَدُهُمَا يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْفَسَادَ شَرْطًا فَاسِدًا أَوْ أَجَلًا فَاسِدًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ مُدَّعِي الْفَسَادِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَإِنْ كَانَ مُدَّعِي الْفَسَادِ يَدَّعِي الْفَسَادَ لِمَعْنًى فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرَطْلٍ مِنْ الْخَمْرِ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْبَيْعَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ أَيْضًا وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ كَمَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَفِي رِوَايَةٍ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَبَيِّنَةُ الْمُدَّعِي أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّهُ خَارِجٌ وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْأَسْبَقُ تَارِيخًا لِأَنَّ تَارِيخَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِأَنَّهُ تَارِيخُ غَيْبَةٍ لَا تَارِيخُ مِلْكٍ فَلَمْ يُوجَدْ التَّارِيخُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَتَّى يُعْتَبَرَ أَسْبَقُهُمَا (قَوْلُهُ أَقَامَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ بَيِّنَةً) أَيْ عَلَى أَخِيهِ الْآخَرِ لِأَبِيهِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ قُضِيَ بِأَحَدِهِمَا أَوَّلًا بَطَلَتْ الْأُخْرَى إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: يَدُلُّ بِظَاهِرِهِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي سَرَدَهَا وَفِيهَا تَرْجِيحُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ لَوْ قُضِيَ بِالْمَرْجُوحَةِ تُقْبَلُ الْمُرَجَّحَةُ وَلَوْ اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِالْأُخْرَى الَّتِي هِيَ مَرْجُوحَةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْمُتَسَاوِيَةِ فَإِنَّهَا مَا تَرَجَّحَتْ إلَّا بِاتِّصَالِهَا بِالْقَضَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا إذَا تَسَاوَيَا فَتُرَجَّحُ الْأُولَى بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا أَوْ سَبْقِ الْقَضَاءِ بِالْمُرَجَّحَةِ إذْ لَا مُعَارِضَ لَهَا وَقْتَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَوْلَى بِالْقَبُولِ فَقُضِيَ بِغَيْرِهَا ثُمَّ أُقِيمَتْ عَلَيْهَا يُعْمَلُ بِهَا وَلَوْ اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِغَيْرِهَا لِأَوَّلِيَّتِهَا يُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ مَا يَأْتِي مِنْ مَسْأَلَةِ مَا لَوْ بَرْهَنَا عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ مِنْ قَوْلِهِ فِي تَعْلِيلِ كَوْنِهَا لِمَنْ سَبَقَتْ بَيِّنَتُهُ لِكَوْنِهَا أَقْوَى لِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا لِأَنَّهَا لَمَّا سَبَقَتْ وَحُكِمَ بِهَا تَأَكَّدَتْ فَلَا تُنْقَضُ بِغَيْرِ الْمُتَأَكِّدَةِ اهـ.
فَإِنَّ الْمُرَجَّحَةَ أَقْوَى قَبْلَ اتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا فَهِيَ مُتَأَكِّدَةٌ فَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ بِغَيْرِهَا لِأَرْجَحِيَّتِهَا قَبْلَهُ لَكِنْ عَلَّلَ الزَّيْلَعِيُّ مَسْأَلَةَ الْقَتْلِ لِأَنَّهُ لَمَّا حُكِمَ بِأَنَّهُ قُتِلَ بِمَكَّةَ صَارَ ذَلِكَ حُكْمًا بِأَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ فِي غَيْرِهَا إذْ قَتْلُ شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي مَكَانَيْنِ لَا يُتَصَوَّرُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي سَرَدَهَا لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِنَفْيِ مُقَابِلِهِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ مِثْلُهَا فِي بَيْعٍ وَإِحْدَاثِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَبِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَكَذَا فِي نَظَائِرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى شَيْخِ مَشَايِخِي شِهَابِ الدِّينِ الْحَلَبِيِّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْبَيِّنَةِ الْأُولَى لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّ الْأُولَى تَرَجَّحَتْ بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا قَالَ قَاضِي خَانْ: لَوْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَيِّتَ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ أَقَامَتْ أُخْرَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِخُرَاسَانَ لَمْ تُقْبَلْ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute