للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّعْوَى مِنْ الْمُسْتَأْجِر فَهَذَا دَعْوَى الْعَقْدِ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَهُوَ فِي مَعْنَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ الدَّعْوَى إذَا كَانَتْ فِي الْعَقْدِ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ فَيُؤْخَذُ الْمُسْتَأْجِرُ بِاعْتِرَافِهِ اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شَهِدَا بِرَهْنٍ وَلَمْ يَعْلَمَا قَدْرَ الدَّيْنِ لَمْ يَجُزْ اهـ.

وَلَمْ أَرَ صَرِيحًا حُكْمَ الصُّلْحِ عَنْ الْمَالِ وَإِنَّمَا سَكَتُوا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الصُّلْحِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ بِمَالٍ عَنْ إقْرَارٍ كَانَ بَيْعًا وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهُ وَإِنْ كَانَ بِمَنَافِعَ كَانَ إجَارَةً وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهَا وَلَمْ يَذْكُرُوا اخْتِلَافَهُمَا فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الدَّعْوَى بِهَا إلَّا مِنْ الطَّالِبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الدَّيْنِ فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ قُضِيَ بِالْأَقَلِّ وَلَا تُتَصَوَّرُ فِي الْحَوَالَةِ إلَّا مِنْ الْمُحْتَالِ وَهِيَ كَالْكَفَالَةِ (قَوْلُهُ فَأَمَّا فِي النِّكَاحِ فَيَصِحُّ بِأَلْفٍ) اسْتِحْسَانًا وَقَالَا: هِيَ بَاطِلَةٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ السَّبَبُ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَالَ فِي النِّكَاحِ تَابِعٌ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْحِلُّ وَالِازْدِوَاجُ وَالْمِلْكُ وَلَا اخْتِلَافَ فِيمَا هُوَ الْأَصْلُ فَيَثْبُتُ فَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْبَيْعِ يُقْضَى بِالْأَقَلِّ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا ادَّعَتْ أَقَلَّ الْمَالَيْنِ وَأَكْثَرَهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي الزَّوْجَ أَوْ الْمَرْأَةَ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَقِيلَ: الِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ وَفِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الزَّوْجُ فَالْإِجْمَاع عَلَى عَدَمِ قَبُولِهَا لِأَنَّ مَقْصُودَهَا قَدْ يَكُونُ الْمَالَ وَمَقْصُودُهُ لَيْسَ إلَّا الْعَقْدُ وَصَحَّحَهُ فِي الْفَوَائِدِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ وَمِلْكِ الْمُوَرِّثِ لَمْ يُقْضَ لِوَارِثِهِ بِلَا جَرٍّ إلَّا أَنْ يَشْهَدَا بِمِلْكِهِ أَوْ يَدِهِ أَوْ يَدِ مُسْتَعِيرِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ هُوَ يَقُولُ: إنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ مِلْكُ الْمُوَرِّثِ فَصَارَتْ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ لِلْمُوَرِّثِ شَهَادَةً لِلْوَارِثِ وَهُمَا يَقُولَانِ إنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ مُتَجَدِّدٌ فِي حَقِّ الْعَيْنِ حَتَّى يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الْجَارِيَةِ الْمَوْرُوثَةِ وَيَحِلُّ لِلْوَارِثِ الْغَنِيِّ مَا كَانَ صَدَقَةً عَلَى الْمُوَرِّثِ الْفَقِيرِ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّقْلِ إلَّا أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالشَّهَادَةِ عَلَى قِيَامِ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ وَقْتَ الْمَوْتِ لِثُبُوتِ الِانْتِقَالِ ضَرُورَةً وَكَذَا عَلَى قِيَامِ يَدِهِ لِأَنَّ الْأَيْدِيَ عِنْدَ الْمَوْتِ تَنْقَلِبُ يَدَ مِلْكٍ بِوَاسِطَةِ الضَّمَانِ وَالْأَمَانَةُ تَصِيرُ مَضْمُونَةً بِالتَّجْهِيلِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى قِيَامِ مِلْكِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ وَالْمُرَادُ بِالْمُسْتَعِيرِ الْأَمِينُ مُسْتَعِيرًا أَوْ مُودَعًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا لِأَنَّ يَدَهُ قَائِمَةٌ مَقَامَ يَدِهِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ الْجَرِّ وَالنَّقْلِ وَلَوْ قَالَ: أَوْ يَدِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْأَمِينَ وَغَيْرَهُ كَالْغَاصِبِ وَالْمُرْتَهِنِ فَالْجَرُّ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ: مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ إثْبَاتِ مِلْكِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ أَوْ إثْبَاتِ يَدِهِ أَوْ يَدِ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ فَإِذَا أَثْبَتَ الْوَارِثُ أَنَّ الْعَيْنَ كَانَتْ لِمُوَرِّثِهِ لَا يُقْضَى لَهُ وَهُوَ مَحِلُّ الِاخْتِلَافِ بِخِلَافِ الْحَيِّ إذَا أَثْبَتَ أَنَّ الْعَيْنَ كَانَتْ لَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهَا اعْتِبَارًا لِلِاسْتِصْحَابِ إذْ الْأَصْلُ الْبَقَاءُ.

وَكَذَا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَكْفِي وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ مِلْكِ الْبَائِعِ وَقْتَهُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَوْضُوعٌ لِلْمِلْكِ بِخِلَافِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ مُزِيلٌ لَهُ وَلِذَا لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ بِقَوْلِهِ لِلْوَارِثِ إنْ مَاتَ سَيِّدُك فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْقَضَاءَ لِلْوَارِثِ لَا بُدَّ فِيهِ لِلْمَشْهُودِ مِنْ الْجَرِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيَانِ سَبَبِ الْوِرَاثَةِ فَإِذَا شَهِدُوا أَنَّهُ أَخُوهُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيَانِ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ عَمُّهُ أَوْ مَوْلَاهُ لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّ الْمَوْلَى مُشْتَرَكٌ فَإِنْ قَالَا: هُوَ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ ادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ الْمَيِّتِ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَا أَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ الْمَيِّتِ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُهُمَا عَنْ النَّسَبِ وَلَا يَقْضِي قَبْلَ السُّؤَالِ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ وَأَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَضَى بِأَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ وَأَشْهَدَنَا عَلَى قَضَائِهِ وَلَا نَدْرِي بِأَيِّ سَبَبٍ قَضَى فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ الْمُدَّعِيَ عَنْ النَّسَبِ الَّذِي قَضَى لَهُ الْقَاضِي بِهِ فَإِنْ بَيَّنَ قَضَى لَهُ بِالْمِيرَاثِ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي يُحْمَلُ عَلَى الصِّحَّةِ وَالسَّدَادِ مَا أَمْكَنَ وَلَا يُنْقَضُ بِالشَّكِّ وَلَا يَقْضِي بِالنَّسَبِ الَّذِي بَيْنَ الْمُدَّعِي لِأَنَّ هَذَا الْقَاضِيَ.

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَالْجَرُّ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْجَرَّ يَكُونُ نَصًّا وَيَكُونُ غَيْرَهُ بِذِكْرِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَذَلِكَ بِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ أَوْ الْيَدِ وَقْتَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَحِلُّ الِاخْتِلَافِ) يَعْنِي أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهَا كَانَتْ لِمُوَرِّثِهِ بِدُونِ إضَافَةِ الْمِلْكِ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ فَهُوَ مَحِلُّ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَصَاحِبَيْهِ فَعِنْدَهُ يَكْفِي ذَلِكَ وَعِنْدَهُمَا لَا وَلَمَّا طُولِبَا بِالْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْحَيِّ إذَا ادَّعَى مِلْكَ عَيْنٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَشَهِدَا بِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكَ الْمُدَّعِي أَوْ شَهِدَا لِمُدَّعِي عَيْنٍ فِي يَدِ إنْسَانٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَذُو الْيَدِ يُنْكِرُ مِلْكَ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشِّرَاءِ وَالْإِرْثِ يُوجِبُ تَجَدُّدَ الْمِلْكِ أَشَارَ إلَى الْجَوَاب بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الْحَيِّ إلَخْ وَبَيَانُهُ عَلَى مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَنُصَّا عَلَى ثُبُوتِ مِلْكِهِ حَالَةَ الْمَوْتِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِصْحَابِ وَالثَّابِتُ بِهِ حُجَّةٌ لِإِبْقَاءِ الثَّابِتِ لَا لِإِثْبَاتِ مَا لَمْ يَكُنْ وَهُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْوَارِثِ بِخِلَافِ مُدَّعِي الْعَيْنِ فَإِنَّ الثَّابِتَ بِالِاسْتِصْحَابِ بَقَاءُ مِلْكِهِ لَا تَجَدُّدُهُ وَالْمِلْكُ فِي الشِّرَاءِ مُضَافٌ إلَيْهِ لَا إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ آخِرُهُمَا وُجُودًا وَهُوَ سَبَبٌ مَوْضُوعٌ لِلْمِلْكِ حَتَّى لَا يَتَحَقَّقُ لَوْ لَمْ يُوجِبْهُ وَالشِّرَاءُ ثَابِتٌ بِالْبَيِّنَةِ أَمَّا هُنَا فَثُبُوتُ مِلْكِ الْوَارِثِ مُضَافٌ إلَى كَوْنِ الْمَالِ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا إلَى الْمَوْتِ لِأَنَّهُ لَيْسَ سَبَبًا مَوْضُوعًا لِلْمِلْكِ بَلْ عِنْدَهُ يَثْبُتُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَارِغٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>