للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَدْرِي أَنَّ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ هَلْ قَضَى بِذَلِكَ النَّسَبِ أَمْ لَا اهـ.

وَفِيهَا مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالِابْنُ إذَا ادَّعَى دَارًا بِجِهَةِ الْوِرَاثَةِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهَا كَانَتْ دَارًا لِأَبِيهِ وَقْتَ الْمَوْتِ وَلَمْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ وَهُوَ ابْنُهُ وَوَارِثُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَصِحُّ هَذِهِ الشَّهَادَةُ فَإِنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ وَشَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُهُ وَوَارِثُهُ قَالُوا: إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِإِزَالَةِ وَهْمِ الرَّضَاعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ وَوَارِثُهُ اتِّفَاقًا وَلَا مُعَوَّلَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْأَبِ وَالْأُمِّ وَهُوَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَجَوَّزَ الشَّهَادَةَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ وَوَارِثُهُ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ عَمُّ الْمَيِّتِ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يُفَسِّرَ فَيَقُولَ عَمُّهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ وَوَارِثُهُ وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا بُدَّ لِلشُّهُودِ مِنْ نِسْبَةِ الْمَيِّتِ وَالْوَارِثِ حَتَّى يَلْتَقِيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْأَخِ وَالْجَدِّ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُ ابْنِهِ أَوْ بِنْتُ ابْنِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولُوا: إنَّهُ وَارِثُهُ وَقَيَّدَ بِالْمِلْكِ لِأَنَّ إثْبَاتَ شِرَاءِ الْمُوَرِّثِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْجَدِّ لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّ أَبَاهُ اشْتَرَاهَا مِنْ ذِي الْيَدِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَاتَ أَبُوهُ فَجَحَدَ الْبَائِعُ ذَلِكَ صَحَّ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ: الْجَرُّ شَرْطٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى ثُمَّ الْقَاضِي يَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَقَالُوا: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ يَقْضِي الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ وَيَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الْبَائِعِ لَا بُدَّ مِنْ الْجَرِّ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى. اهـ.

وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْجَرَّ شَرْطُ صِحَّةِ الدَّعْوَى لَا كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ شَرْطُ الْقَضَاءِ بِالْبَيِّنَةِ فَقَطْ وَمِنْ شَرْطِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالْمِيرَاثِ أَنْ يُدْرِكَ الشَّاهِدُ الْمَيِّتَ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: شَهِدَا أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا وَلَمْ يُدْرِكَا الْمَيِّتَ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِمِلْكٍ لَمْ يُعَايِنَا سَبَبَهُ وَلَا رَأَيَاهُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمِنْ الشُّرُوطِ قَوْلُ الشَّاهِدِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ لِإِسْقَاطِ التَّلَوُّمِ عَنْ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ لَا أَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَوْ قَالَ: لَا وَارِث لَهُ غَيْرُهُ بِأَرْضٍ كَذَا تُقْبَلُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا اهـ وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اسْمِ الْمَيِّتِ حَتَّى لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ وَوَارِثُهُ وَلَمْ يُسَمِّ الْمَيِّتَ تُقْبَلُ بِدُونِ ذِكْرِ اسْمِ الْمَيِّتِ وَفِي الْأَقْضِيَةِ شَهِدَا بِأَنَّهُ جَدُّ الْمَيِّتِ وَقُضِيَ لَهُ بِهِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ وَبَرْهَنَ فَالثَّانِي أَحَقُّ بِالْمِيرَاثِ شَهِدَا أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ وَقُضِيَ لَهُ بِهِ ثُمَّ شَهِدَ هَذَانِ لِآخَرَ عَلَى أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ أَيْضًا لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ بَلْ يَضْمَنَانِ لِلثَّانِي مَا أَخَذَ الْأَوَّلُ مِنْ الْمِيرَاثِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَا بِيَدِ حَيٍّ مُنْذُ شَهْرٍ رُدَّتْ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تُقْبَلُ لِأَنَّ الْيَدَ مَقْصُودَةٌ كَالْمِلْكِ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا مِلْكُهُ تُقْبَلُ فَكَذَا هَذَا وَصَارَ كَمَا لَوْ شَهِدُوا بِالْأَخْذِ مِنْ الْمُدَّعِي وَوَجْهُ الظَّاهِرِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ قَامَتْ بِمَجْهُولٍ لِأَنَّ الْيَدَ مُنْقَضِيَةٌ وَهِيَ مُتَنَوِّعَةٌ إلَى مِلْكٍ وَأَمَانَةٍ وَضَمَانٍ فَتَعَذَّرَ الْقَضَاءُ بِإِعَادَةِ الْمَجْهُولِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ وَبِخِلَافِ الْأَخْذِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ وَحُكْمُهُ مَعْلُومٌ وَهُوَ وُجُوبُ الرَّدِّ وَقَوْلُهُ مُنْذُ شَهْرٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَإِنَّ الْخِلَافَ ثَابِتٌ فِيمَا لَمْ يَذْكُرْهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ لَوْ شَهِدُوا لِحَيٍّ أَنَّ الْعَيْنَ كَانَ فِي يَدِهِ لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّ الْيَدَ مُحْتَمِلَةٌ يَدَ غَصْبٍ أَوْ يَدَ مِلْكٍ فَإِنْ كَانَتْ يَدَ غَصْبٍ عَنْ ذِي الْيَدِ لَا تَجِبُ إعَادَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ يَدَ مِلْكٍ تَجِبُ فَلَا تَجِبُ بِالشَّكِّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي دُفِعَ إلَى الْمُدَّعِي) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مَعْلُومٌ فَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِهِ وَجَهَالَةُ الْمُقَرِّ بِهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْأَصْلُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ الْمُنْقَضِي مَقْبُولَةٌ لَا بِالْيَدِ الْمُنْقَضِيَةِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَتَنَوَّعُ وَالْيَدَ تَتَنَوَّعُ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ اهـ.

قَيَّدَ بِالْإِقْرَارِ بِالْيَدِ مَقْصُودًا لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا ضِمْنًا لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ.

وَإِنَّمَا قَالَ: دُفِعَ إلَيْهِ دُونَ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَخَذَ عَيْنًا مِنْ يَدِ آخَرَ وَقَالَ: إنِّي أَخَذْتُهُ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مِلْكِي وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ذَا يَدٍ بِحُكْمِ الْحَالِ لَكِنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْهُ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ ذَا الْيَدِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْخَارِجُ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ لَا كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ بِلَا جَرٍّ يَشْمَلُ الْجَرَّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالشَّاهِدِ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّهَادَاتِ لَا فِي الدَّعَاوَى (قَوْلُهُ وَمِنْ الشُّرُوطِ قَوْلُ الشَّاهِدِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَرْطٌ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ بِهَا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ شَرْطٌ لِقَبُولِهَا فِي الْحَالِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِإِسْقَاطِ التَّلَوُّمِ وَالْمُرَادُ بِالتَّلَوُّمِ تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ مُدَّةً حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَرِكَةٌ قُسِّمَتْ بَيْنَ الْوَرَثَةِ أَوْ الْغُرَمَاءِ إلَخْ وَتَمَامُ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ عَنْ شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ فَرَاجِعْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>