للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُفِعَ الْآجُرُّ عَنْ الْفَرْشِ هَلْ يَعُودُ نَجَسًا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ الصَّحِيحِ فِي نَظَائِرِهِ وَأَطْلَقَ فِي الْيُبْسِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالشَّمْسِ كَمَا قَيَّدَهُ الْقُدُورِيُّ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعَادَةِ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَفَافِ بِالشَّمْسِ وَالنَّارِ وَالرِّيحِ وَالظِّلِّ وَقَيَّدَ بِالْيُبْسِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَوْ كَانَتْ رَطْبَةً لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْغَسْلِ

فَإِنْ كَانَتْ رَخْوَةً تَتَشَرَّبُ الْمَاءَ كُلَّمَا صُبَّ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا طَهُرَتْ وَلَا تَوْقِيتَ فِي ذَلِكَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَصُبُّ بِحَيْثُ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ النَّجَاسَةُ فِي الثَّوْبِ طَهُرَ وَاسْتَحْسَنَ هَذَا صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ، وَإِنْ كَانَتْ صُلْبَةً إنْ كَانَتْ مُنْحَدِرَةً حَفَرَ فِي أَسْفَلِهَا حَفِيرَةً وَصَبَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ فَإِذَا اجْتَمَعَ فِي تِلْكَ الْحَفِيرَةِ كَبَسَهَا أَعْنِي الْحَفِيرَةَ الَّتِي فِيهَا الْغُسَالَةُ، وَإِنْ كَانَتْ صُلْبَةً مُسْتَوِيَةً فَلَا يُمْكِنُ الْغَسْلُ بَلْ يَحْفِرُ لِيَجْعَلَ أَعْلَاهُ فِي أَسْفَلِهِ وَأَسْفَلَهُ فِي أَعْلَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُجَصَّصَةً قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ يَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، ثُمَّ يُدَلِّكُهَا وَيُنَشِّفُهَا بِخِرْقَةٍ أَوْ صُوفَةٍ ثَلَاثًا فَتَطْهُرُ جَعَلَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ غَسْلِ الثَّوْبِ فِي الْإِجَّانَةِ وَالتَّنْشِيفُ بِمَنْزِلَةِ الْعَصْرِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَلَكِنْ صَبَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ كَثِيرًا حَتَّى زَالَتْ النَّجَاسَةُ وَلَمْ يُوجَدْ لَهَا لَوْنٌ وَلَا رِيحٌ، ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى نَشَفَتْ طَهُرَتْ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحِيطِ وَقَيَّدَ بِذَهَابِ الْأَثَرِ الَّذِي هُوَ الطَّعْمُ وَاللَّوْنُ وَالرِّيحُ؛ لِأَنَّهَا لَوْ جَفَّتْ وَذَهَبَ أَثَرُهَا بِالرُّؤْيَةِ وَكَانَ إذَا وَضَعَ أَنْفَهُ شَمَّ الرَّائِحَةَ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ عَلَى مَكَانِهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي الْفَتَاوَى إذَا احْتَرَقَتْ الْأَرْضُ بِالنَّارِ فَتَيَمَّمَ بِذَلِكَ التُّرَابِ قِيلَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ بِمُطَهَّرٍ غَيْرِ الْمَائِعَاتِ إذَا أَصَابَهُ مَاءٌ هَلْ يَعُودُ نَجَسًا فَذَكَرَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ وَأَنَّ أَظْهَرَهُمَا أَنَّ النَّجَاسَةَ تَعُودُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ قَلَّتْ وَلَمْ تَزُلْ وَحَكَى خَمْسَ مَسَائِلَ الْمَنِيَّ إذَا فُرِكَ وَالْخُفَّ إذَا دُلِّكَ وَالْأَرْضَ إذَا جَفَّتْ مَعَ ذَهَابِ الْأَثَرِ وَجِلْدَ الْمَيْتَةِ إذَا دُبِغَ دِبَاغًا حُكْمِيًّا بِالتَّتْرِيبِ وَالتَّشْمِيسِ وَالْبِئْرَ إذَا غَارَ مَاؤُهَا، ثُمَّ عَادَ، وَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي بَعْضِهَا وَلَا بَأْسَ بِسَوْقِ عِبَارَاتِهِمْ، فَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمَنِيِّ فَقَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَعُودُ نَجَسًا وَفِي الْخُلَاصَةِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ نَجَسًا، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْخُفِّ فَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ هُوَ كَالْمَنِيِّ فِي الثَّوْبِ يَعْنِي الْمُخْتَارُ عَدَمُ الْعَوْدِ وَقَالَ الْحَدَّادِيُّ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَعُودُ نَجَسًا، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْأَرْضِ فَقَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَعُودُ نَجِسَةً وَقَالَ فِي الْمُجْتَبَى الصَّحِيحُ عَدَمُ عَوْدِ النَّجَاسَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ بَعْدَمَا ذَكَرَ أَنَّ الْمُخْتَارَ عَدَمُ نَجَاسَةِ الثَّوْبِ مِنْ الْمَنِيِّ إذَا أَصَابَهُ الْمَاءُ بَعْدَ الْفَرْكِ قَالَ وَكَذَا الْأَرْضُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ جِلْدِ الْمَيْتَةِ إذَا دُبِغَ، ثُمَّ أَصَابَهُ الْمَاءُ فَأَفَادَ الشَّارِحُ أَنَّهَا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ لَكِنْ الْمُتُونُ مُجْمِعَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ بِالدِّبَاغِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ كُلُّ إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ عَوْدِهَا، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْبِئْرِ إذَا غَارَ مَاؤُهَا، ثُمَّ عَادَ فَفِي الْخُلَاصَةِ لَا تَعُودُ نَجِسَةً وَعَزَاهُ إلَى الْأَصْلِ وَيُزَادُ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسَةِ الْآجُرَّةُ الْمَفْرُوشَةُ إذَا تَنَجَّسَتْ فَجَفَّتْ، ثُمَّ قُلِعَتْ فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَفِي الْخُلَاصَةِ الْمُخْتَارُ عَدَمُ الْعَوْدِ وَيُزَادُ السِّكِّينُ إذَا مُسِحَتْ فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَقَالَ السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ اخْتَارَ الْقُدُورِيُّ عَوْدَ النَّجَاسَةِ وَاخْتَارَ الْإِسْبِيجَابِيُّ عَدَمَ الْعَوْدِ وَفِي الْمُحِيطِ الْأَرْضُ إذَا أَصَابَتْهَا النَّجَاسَةُ فَيَبِسَتْ وَذَهَبَ أَثَرُهَا ثُمَّ أَصَابَهَا الْمَاءُ وَالْمَنِيُّ إذَا فُرِكَ وَالْخُفُّ إذَا دُلِّكَ وَالْجُبُّ إذَا غَارَ مَاؤُهَا، ثُمَّ عَادَ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يَعُودُ نَجِسًا وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّصْحِيحَ وَالِاخْتِيَارَ قَدْ اخْتَلَفَ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْهَا كَمَا تَرَى فَالْأَوْلَى اعْتِبَارُ الطَّهَارَةِ فِي الْكُلِّ كَمَا يُفِيدُهُ أَصْحَابُ الْمُتُونِ حَيْثُ صَرَّحُوا بِالطَّهَارَةِ فِي كُلٍّ وَمُلَاقَاةُ الْمَاءِ الطَّاهِرِ لِلطَّاهِرِ لَا تُوجِبُ التَّنَجُّسَ، وَقَدْ اخْتَارَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَإِنَّ مَنْ قَالَ بِالْعَوْدِ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ لَمْ تَزُلْ وَإِنَّمَا قَلَّتْ وَلَا يَرِدُ الْمُسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ إذَا دَخَلَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا بِأَنَّهُ يُنَجِّسُهُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَائِعِ لَمْ يُعْتَبَرْ مُطَهِّرًا فِي الْبَدَنِ إلَّا فِي الْمَنِيِّ

ــ

[منحة الخالق]

وَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي الْحَصَى إذَا تَنَجَّسَتْ وَجَفَّتْ وَذَهَبَ أَثَرُهَا لَا يَطْهُرُ أَيْضًا إلَّا إذَا كَانَ مُتَدَاخِلًا فِي الْأَرْضِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى نَشَفَتْ طَهُرَتْ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ قَالَ لَوْ أَنَّ أَرْضًا أَصَابَهَا نَجَاسَةٌ فَصَبَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ فَجَرَى عَلَيْهَا إلَى أَنْ أَخَذَتْ قَدْرَ ذِرَاعٍ مِنْ الْأَرْضِ طَهُرَتْ الْأَرْضُ وَالْمَاءُ طَاهِرٌ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ الْجَارِي وَفِي الْمُنْتَقَى أَرْضٌ أَصَابَهَا بَوْلٌ أَوْ عَذِرَةٌ، ثُمَّ أَصَابَهَا الْمَطَرُ غَالِبًا، وَقَدْ جَرَى مَاؤُهُ عَلَيْهَا فَذَلِكَ مُطَهِّرٌ لَهَا وَإِنْ كَانَ الْمَطَرُ قَلِيلًا لَمْ يَجْرِ مَاؤُهُ عَلَيْهَا لَمْ تَطْهُرْ. اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمَنِيِّ) أَيْ وَإِلَّا فِي الْمَحَاجِمِ وَمَحَلِّ الْفَصَادَةِ فَإِنَّ الْمَسْحَ فِيهَا كَالْغُسْلِ كَمَا مَرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>