لَا يَصِحُّ مَا لَمْ يُبَيِّنْ الْقَدْرَ فَيَقُولُ كَذَا قَفِيزًا وَالطَّيْلَسَانُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ اشْتَرِ لِي طَيْلَسَانًا بِمِائَةٍ صَحَّتْ وَأَمَّا الدَّارُ فَعَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ دَارٍ بِأَلْفٍ وَصَحَّ عِنْدَ غَيْرِهِ وَيَتَعَيَّنُ الْبَلَدُ الَّذِي هُوَ فِيهِ كَمَا هُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الثَّانِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ لُؤْلُؤَةً لَمْ يَجُزْ مَا لَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ التَّفَاوُتِ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَلَوْ قَالَ: دَارًا بِالْكُوفَةِ بِأَلْفٍ صَحَّتْ اتِّفَاقًا وَلَوْ قَالَ: دَارًا بِالْكُوفَةِ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَسَمَّى مَوْضِعًا مُتَقَارِبًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ جَازَتْ ذَكَرَ الثَّمَنَ أَوْ لَا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِيهَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ دَارٍ بِبَلْخٍ فَاشْتَرَى خَارِجَهَا أَنَّ الْمُوَكِّلَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ مِنْ الرُّسْتَاقِ جَازَ اهـ.
وَاللَّحْمُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا فَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ لَحْمٍ بِدِرْهَمٍ فَاشْتَرَى لَحْمَ ضَأْنٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ إبِلٍ لَزِمَ الْآمِرَ وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْآمِرُ غَرِيبًا يَنْصَرِفُ التَّوْكِيلُ إلَى الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ لَا الْقَدِيدِ أَوْ لَحْمِ الطُّيُورِ وَالْوُحُوشِ وَالشَّاةِ حَيَّةً أَوْ مَذْبُوحَةً غَيْرَ مَسْلُوخَةٍ وَإِنْ اشْتَرَى شَاةً مَسْلُوخَةً لَزِمَ الْآمِرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ قَلِيلًا كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(قَوْلُهُ وَبِشِرَاءِ ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ لَا وَإِنْ سَمَّى ثَمَنًا) أَيْ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ لِلْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ فَإِنَّ الدَّابَّةَ لُغَةً اسْمٌ لِمَا يَدِبُّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَعُرْفًا لِلْخَيْلِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ فَقَدْ جَمَعَ أَجْنَاسًا وَكَذَا الثَّوْبُ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْمَلْبُوسَ مِنْ الْأَطْلَسِ إلَى الْكِسَاءِ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ مَهْرًا وَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ وَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ قَيَّدَ بِالْمُنَكَّرِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَسْمِيَةِ الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَأَشَارَ بِثَوْبٍ إلَى أَنَّ ثِيَابًا كَذَلِكَ لِوُجُودِ جَهَالَةِ الْجِنْسِ وَفِي الْكَافِي وَفَرَّقُوا بَيْنَ ثِيَابٍ وَأَثْوَابٍ فَقَالُوا: الْأَوَّلُ لِلْجِنْسِ وَالثَّانِي لَا وَكَأَنَّ الْفَرْقَ مَبْنِيٌّ عَلَى عُرْفِهِمْ اهـ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَثْوَابًا جَمْعُ قِلَّةٍ لِأَنَّ أَفْعَالًا مِنْ جُمُوعِ الْقِلَّةِ وَهُوَ لِمَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَلَمْ يَدُلَّ عَلَى الْعُمُومِ بِخِلَافِ ثِيَابٍ فَإِنَّهُ جَمْعُ كَثْرَةٍ لَا يَنْحَصِرُ فِي عَدَدٍ فَتَفَاحَشَتْ الْجَهَالَةُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ دَفَعَ لَهُ دَرَاهِمَ وَقَالَ: اشْتَرِ بِهَا شَيْئًا لَا يَصِحُّ وَلَوْ قَالَ عَلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى جَازَ بِخِلَافِ الْبِضَاعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ أَيْ ثَوْبٍ شَاءَ صَحَّ وَفِي الْبِضَاعَةِ لَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ ثَوْبٍ أَوْ ثَوْبَيْنِ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ الثِّيَابِ صَحَّ وَبِشِرَاءِ أَثْوَابٍ لَا يَصِحُّ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا وَقَالَ: اشْتَرِ لِي بِهِ الدَّوَابَّ أَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ صَحَّ وَلَوْ قَالَ: خُذْ هَذَا الْأَلْفَ وَاشْتَرِ بِهَا الْأَشْيَاءَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ بِضَاعَةً أَوْ مُضَارَبَةً لِأَنَّهُ أَدْخَلَ اللَّامَ وَلَمْ يُرِدْ الْمَعْهُودَ لِعَدَمِهِ وَلَا كُلَّ الْجِنْسِ لِاسْتِحَالَتِهِ عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُدْخِلْ اللَّامَ لَمْ يَصِحَّ كَقَوْلِهِ ثَوْبًا أَوْ دَابَّةً بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الشَّيْءَ أَعَمُّ فَكَانَتْ الْجَهَالَةُ أَفْحَشَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى تَفْوِيضِ الْأَمْرِ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي الْأَثْوَابَ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ وَقِيلَ: لَا وَلَوْ أَثْوَابًا لَا يَجُوزُ وَلَوْ ثِيَابًا أَوْ الدَّوَابَّ أَوْ الثِّيَابَ أَوْ دَوَابَّ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَبِشِرَاءِ طَعَامٍ يَقَعُ عَلَى الْبُرِّ وَدَقِيقِهِ) أَيْ لَوْ وَكَّلَهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقَعَ عَلَى كُلِّ مَطْعُومٍ اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ كَمَا فِي الْيَمِينِ عَلَى الْأَكْلِ إذْ الطَّعَامُ اسْمٌ لِمَا يُطْعَمُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْعُرْفَ أَمْلَكُ وَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ إذْ ذُكِرَ مَقْرُونًا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَا عُرْفَ فِي الْأَكْلِ فَبَقِيَ عَلَى الْوَضْعِ أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَثُرَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ قَلَّتْ وَقِيلَ: يَنْظُرُ إلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً فَعَلَى الْبُرِّ وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً فَعَلَى الْخُبْزِ وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَعَلَى الدَّقِيقِ وَالْفَارِقُ الْعُرْفُ وَيُعْرَفُ بِالِاجْتِهَادِ حَتَّى إذَا عَرَفَ أَنَّهُ بِالْكَثِيرِ مِنْ الدَّرَاهِمِ يُرِيدُ بِهِ الْخُبْزَ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ وَلِيمَةٌ يَتَّخِذُهَا هُوَ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْخُبْزَ لَهُ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ: الطَّعَامُ فِي عُرْفِنَا يَنْصَرِفُ إلَى مَا يُمْكِنُ أَكْلُهُ يَعْنِي الْمُعْتَادَ لِلْأَكْلِ كَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ أَيْ مَا يُمْكِنُ أَكْلُهُ مِنْ غَيْرِ إدَامٍ دُونَ الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صِحَّةَ التَّوْكِيلِ بِدَفْعِ الدَّرَاهِمِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ بَيَانِ مِقْدَارِ الطَّعَامِ فَلَوْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ لِي طَعَامًا لَمْ يَجُزْ عَلَى الْآمِرِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ انْصِرَافِ الطَّعَامِ إلَى الْبُرِّ وَدَقِيقِهِ إنَّمَا هُوَ عُرْفُ الْكُوفَةِ وَفِي عُرْفِنَا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمُفْتَى بِهِ هَكَذَا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ ثِيَابًا كَذَلِكَ إلَخْ) مُخَالِفٌ لِمَا سَيَذْكُرُهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَثْوَابًا لَا يَجُوزُ وَلَوْ ثِيَابًا يَجُوزُ وَفِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ ثِيَابٍ صَحَّ وَبِشِرَاءِ أَثْوَابٍ لَا لِأَنَّ ثِيَابًا يُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ مُفَوِّضًا إلَى الْوَكِيلِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْعُمُومِ لِكَوْنِهِ جَمْعَ كَثْرَةٍ بِخِلَافِ أَثْوَابٍ خِلَافًا لِمَا فِي الْبَحْرِ مَقْدِسِيٌّ اهـ.
أَيْ لِأَنَّهُ عَكْسُ الْحُكْمِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي شَيْئًا أَوْ ثَوْبًا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ جِدًّا إلَّا إذَا وَجَدَ دَلَالَةَ التَّفْوِيضِ وَهُوَ التَّعْمِيمُ بِأَنْ قَالَ: ثِيَابًا أَوْ الثِّيَابَ أَوْ الدَّوَابَّ يَجُوزُ بِتَنَاوُلِ أَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَلِذَا قَالَ: اشْتَرِ بِهَا شَيْئًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ أَثْوَابًا أَوْ قَالَ: مَا أُرِيدُهُ أَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ اشْتَرِ لِي مَا اتَّفَقَ لَكَ أَوْ مَا شِئْتَ أَوْ مَا اشْتَرَيْت فَهُوَ لِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute