للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَكِنْ عُرْفُ الْقَاهِرَةِ عَلَى خِلَافِهِمَا فَإِنَّ الطَّعَامَ عِنْدَهُمْ لِلطَّبْخِ بِالْمَرَقِ وَاللَّحْمِ وَقَيَّدَ بِالْبُرِّ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شَعِيرًا لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَيَّدَ بِالْوَكَالَةِ لِأَنَّ الطَّعَامَ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِالطَّعَامِ يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَطْعُومٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ وَمِنْ أَيْمَانِهَا لَا يَأْكُلُ طَعَامًا فَأَكَلَ دَوَاءً لَيْسَ بِطَعَامٍ كَالسَّقَمُونْيَا لَا يَحْنَثُ وَلَوْ بِهِ حَلَاوَةٌ كالسكنجبين يَحْنَثُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلِلْوَكِيلِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ مَا دَامَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ وَهِيَ كُلُّهَا إلَيْهِ وَلِوَارِثِهِ أَوْ وَصِيِّهِ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فَلِلْمُوَكِّلِ وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَدَّمْنَاهُ أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ رَدَّهُ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَأَشَارَ بِكَوْنِ الرَّدِّ لَهُ إلَى أَنَّهُ لَوْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثُمَّ الْمُوَكِّلُ إنْ شَاءَ قَبِلَهُ وَإِنْ شَاءَ أَلْزَمَ الْوَكِيلَ وَقَبْلَ أَنْ يُلْزِمَ الْوَكِيلَ إذَا هَلَكَ يَهْلِكُ مِنْ الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِلَى أَنَّ الرَّدَّ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ عَيْبًا مَا دَامَ الْوَكِيلُ حَيًّا عَاقِلًا مِنْ أَهْلِ لُزُومِ الْعُهْدَةِ فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا يُرَدُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي فِيمَا اشْتَرَاهُ عَيْبًا رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ كَانَ نَقَدَهُ الثَّمَنَ وَإِنْ كَانَ نَقَدَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَخَذَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَذْكُر مَا إذَا أَنْقَدَ الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ ثُمَّ أَعْطَاهُ هُوَ إلَى الْمُوَكِّلِ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي عَيْبًا يَرُدُّهُ عَلَى الْوَكِيلِ أَمْ الْمُوَكِّلِ.

أَفْتَى الْقَاضِي أَنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَى الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِلَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَجْنَبِيٌّ فِي الْخُصُومَةِ بِالْعَيْبِ فَلَوْ أَقَرَّ الْمُوَكِّلُ بِالْعَيْبِ وَأَنْكَرَهُ الْوَكِيلُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ وَلَا الْمُوَكِّلَ شَيْءٌ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ فِيهِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ وَالْمُوجَبُ أَجْنَبِيٌّ فِيهِ وَإِلَى أَنَّ إقْرَارَ الْوَكِيلِ يُوجِبُ رَدَّهُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ لَكِنْ إقْرَارُهُ صَحِيحٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ لِانْتِهَاءِ وَكَالَتِهِ بِالتَّسْلِيمِ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ مُلْزِمًا عَلَى الْمُوَكِّلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِلْقَطْعِ بِقِيَامِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ أَمْكَنَ حُدُوثُ مِثْلِهِ فِي الْمُدَّةِ لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ إلَّا بِبُرْهَانٍ عَلَى كَوْنِهِ عِنْدَ مُوَكِّلِهِ وَإِلَّا يُحَلِّفُهُ فَإِنْ نَكِلَ رَدَّهُ وَإِلَّا لَزِمَ الْوَكِيلَ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَلَوْ سَلَّمَهُ إلَى الْآمِرِ لَا يَرُدُّهُ إلَّا بِأَمْرِهِ) لِأَنَّهُ انْتَهَى حُكْمُ الْوَكَالَةِ وَلِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ يَدِهِ الْحَقِيقَةِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلِهَذَا كَانَ خَصْمًا لِمَنْ يَدَّعِي فِي الْمُشْتَرَى دَعْوَى كَالشَّفِيعِ وَغَيْرِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُوَكِّلِ لَا بَعْدَهُ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْوَكِيلُ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ إجْمَاعًا اهـ.

وَقَيَّدَ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ مَتَاعِهِ فَبَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَسَلَّمَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ مِنْ الْمُوَكِّلِ بِغَيْرِ رِضَاهُ لِحَقِّ الشَّرْعِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

(قَوْلُهُ وَحَبَسَ الْمَبِيعَ بِثَمَنٍ دَفَعَهُ مِنْ مَالِهِ) لِأَنَّهُ انْعَقَدَتْ بَيْنَهُمَا مُبَادَلَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَلِهَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ يَتَحَالَفَانِ فِي الثَّمَنِ وَيَرُدُّ الْمُوَكِّلُ بِالْعَيْبِ عَلَى الْوَكِيلِ وَقَدْ سَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي لِلْمُوَكِّلِ مِنْ جِهَةِ الْوَكِيلِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْحُقُوقَ لَمَّا كَانَتْ رَاجِعَةً إلَيْهِ وَقَدْ عَلِمَهُ الْمُوَكِّلُ فَيَكُونُ رَاضِيًا بِدَفْعِهِ مِنْ مَالِهِ وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَحْبِسُهُ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ صَارَ قَابِضًا بِيَدِهِ فَكَأَنَّهُ سَلَّمَهُ إلَيْهِ قُلْنَا: هَذَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَلَا يَكُونُ رَاضِيًا بِسُقُوطِ حَقِّهِ فِي الْحَبْسِ عَلَى أَنَّ قَبْضَهُ مَوْقُوفٌ فَيَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ إنْ لَمْ يَحْبِسْهُ وَلِنَفْسِهِ عِنْدَ حَبْسِهِ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ دَفَعَ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهُ فَلَهُ الْحَبْسُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ مَعَ الدَّفْعِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِدَفْعِ الثَّمَنِ فَلَا يَحْبِسُهُ فَأَفَادَ بِالْحَبْسِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ وَأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِمَا دَفَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ صَرِيحًا لِلْإِذْنِ حُكْمًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا فَإِنْ اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ تَأَجَّلَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ طَلَبُهُ حَالًّا بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِنَقْدٍ ثُمَّ أَجَّلَهُ الْبَائِعُ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهِ حَالًا وَهِيَ الْحِيلَةُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ وَلَوْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِأَلْفٍ فَاشْتَرَاهَا ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ وَهَبَ الْأَلْفَ مِنْ الْوَكِيلِ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ وَلَوْ وَهَبَ مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ إلَّا بِخَمْسِمِائَةٍ وَلَوْ وَهَبَ مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ وَهَبَ مِنْهُ أَيْضًا الْخَمْسَمِائَةِ الْبَاقِيَةَ لَمْ يَرْجِعْ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا بِالْخَمْسِمِائَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّ الْأَوَّلَ حَطٌّ وَالثَّانِي هِبَةٌ وَلَوْ وَهَبَ مِنْهُ تِسْعَمِائَةٍ ثُمَّ وَهَبَ مِنْهُ الْمِائَةَ الْبَاقِيَةَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>