للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي تَفْسِيرِهَا عِنْدَهُمَا وَلَا بَلْوَى فِي إصَابَتِهِ فَظَهَرَ بِهِ أَنَّ عِنْدَهُ كَمَا يَكُونُ التَّخْفِيفُ بِالتَّعَارُضِ يَكُونُ بِعُمُومِ الْبَلْوَى بِالنِّسْبَةِ إلَى جِنْسِ الْمُكَلَّفِينَ، وَإِنْ وَرَدَ نَصٌّ وَاحِدٌ فِي نَجَاسَتِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ وَكَذَا عِنْدَهُمَا كَمَا يَكُونُ التَّخْفِيفُ بِالِاخْتِلَافِ يَكُونُ أَيْضًا بِعُمُومِ الْبَلْوَى فِي إصَابَتِهِ

وَإِنْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى النَّجَاسَةِ فَيَقَعُ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِدْقِ الْقَضِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ الْمَنْقُولَةِ فِي الْكَافِي وَهِيَ أَنَّ مَا عَمَّتْ بَلِيَّتُهُ خَفَّتْ قَضِيَّتُهُ نَعَمْ قَدْ يَقَعُ النِّزَاعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا فِي وُجُودِ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَعْضِ الْأَعْيَانِ فَيَخْتَلِفُ الْجَوَابُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ إذَا كَانَ النَّصُّ الْوَارِدُ فِي نَجَاسَةِ شَيْءٍ يُضْعِفُ حُكْمَهُ بِمُخَالَفَةِ الِاجْتِهَادِ عِنْدَهُمَا فَيَثْبُتُ بِهِ التَّخْفِيفُ فَضَعْفُهُ بِمَا إذَا وَرَدَ نَصٌّ آخَرُ يُخَالِفُهُ يَكُونُ بِطَرِيقِ أَوْلَى فَيَكُونُ حِينَئِذٍ التَّخْفِيفُ بِتَعَارُضِ النَّصَّيْنِ اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ الِاخْتِلَافُ فِي ثُبُوتِ التَّخْفِيفِ بِالِاخْتِلَافِ فَعِنْدَهُ لَا يَثْبُتُ وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي قَالَ وَكَأَنَّ مَنْ هُنَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - قَالَ فِي الْكَافِي وَلَا يَظْهَرُ الِاخْتِلَافُ فِي غَيْرِ الرَّوْثِ وَالْخِثْيِ لِثُبُوتِ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ مَعَ فَقْدِ تَعَارُضِ النَّصَّيْنِ، ثُمَّ عَلَى طَرْدِ أَنَّهُ يَثْبُتُ التَّخْفِيفُ عِنْدَهُمَا بِالتَّعَارُضِ كَمَا بِاخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى الِاعْتِذَارِ لِمُحَمَّدٍ عَنْ قَوْلِهِ بِطَهَارَةِ بَوْلِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ الْمُقْتَضِي لِلتَّخْفِيفِ عِنْدَهُمَا الْخِلَافُ الْمُسْتَقَرُّ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْمَاضِينَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ قَبْلَ وُجُودِهِمَا أَوْ الْكَائِنِينَ فِي عَصْرِهِمَا لَا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ اهـ.

وَأَوْرَدَ بَعْضُهُمْ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ سُؤْرَ الْحِمَارِ فَإِنَّ تَعَارُضَ النَّصَّيْنِ قَدْ وُجِدَ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِالنَّجَاسَةِ أَصْلًا وَعَلَى قَوْلِهِمَا الْمَنِيُّ فَإِنَّهُ مُغَلَّظٌ اتِّفَاقًا مَعَ وُجُودِ الِاخْتِلَافِ وَفِي الْكَافِي وَخِفَّةُ النَّجَاسَةِ تَظْهَرُ فِي الثِّيَابِ لَا فِي الْمَاءِ. اهـ.

وَالْبَدَنُ كَالثِّيَابِ وَأَرَادَ بِالدَّمِ الدَّمَ الْمَسْفُوحَ غَيْرَ دَمِ الشَّهِيدِ فَخَرَجَ الدَّمُ الْبَاقِي فِي اللَّحْمِ الْمَهْزُولِ إذَا قُطِعَ وَالْبَاقِي فِي الْعُرُوقِ وَالدَّمُ الَّذِي فِي الْكَبِدِ الَّذِي يَكُونُ مَكْمَنًا فِيهِ لَا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا دَمُ قَلْبِ الشَّاةِ فَفِي رَوْضَةِ النَّاطِفِيِّ أَنَّهُ طَاهِرٌ كَدَمِ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ وَفِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ نَجَسٌ وَقِيلَ طَاهِرٌ وَخَرَجَ الدَّمُ الَّذِي لَمْ يَسِلْ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ كَمَا سَيَأْتِي وَدَمُ الْبَقِّ وَالْبَرَاغِيثِ وَالْقَمْلِ، وَإِنْ كَثُرَ وَدَمُ السَّمَكِ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَدَخَلَ دَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَكُلُّ دَمٍ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ أَوْ الْغُسْلَ وَدَمُ الْحَلَمَةِ وَالْوَزَغِ وَقَيَّدَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِأَنْ يَكُونَ سَائِلًا وَفِي الْمُحِيطِ وَدَمُ الْحَلَمَةِ نَجَسٌ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ قُرَادٌ وَحَمْنَانَةٌ وَحَمَلَةٌ فَالْقُرَادُ أَصْغَرُ أَنْوَاعِهِ وَالْحَمْنَانَةُ أَوْسَطُهَا وَلَيْسَ لَهُمَا دَمٌ سَائِلٌ وَالْحَلَمَةُ أَكْبَرُهَا وَلَهَا دَمٌ سَائِلٌ وَدَمُ كُلِّ عِرْقٍ نَجَسٌ وَكَذَا الدَّمُ السَّائِلُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ.

وَأَمَّا دَمُ الشَّهِيدِ فَهُوَ طَاهِرٌ مَا دَامَ عَلَيْهِ فَإِذَا أُبِينَ مِنْهُ كَانَ نَجِسًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ حَتَّى لَوْ حَمَلَهُ مُلَطَّخًا بِهِ فِي الصَّلَاةِ صَحَّتْ وَأَرَادَ بِالْبَوْلِ كُلَّ بَوْلٍ سَوَاءٌ كَانَ بَوْلَ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا بَوْلَ الْخُفَّاشِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ كَمَا سَيَأْتِي وَإِلَّا بَوْلَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَإِنَّهُ سَيُصَرِّحُ بِتَخْفِيفِهِ وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ بَوْلَ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَطْعَمْ وَشَمَلَ بَوْلَ الْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ بَوْلُ الْهِرَّةِ أَوْ الْفَأْرَةِ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ لَا يُفْسِدُ وَقِيلَ إنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ أَفْسَدَ وَهُوَ الظَّاهِرُ. اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا بَالَتْ الْهِرَّةُ فِي الْإِنَاءِ أَوْ عَلَى الثَّوْبِ تَنَجَّسَ وَكَذَا بَوْلُ الْفَأْرَةِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَنْجُسُ الْإِنَاءُ دُونَ الثَّوْبِ. اهـ.

وَهُوَ حَسَنٌ لِعَادَةِ تَخْمِيرِ الْأَوَانِي كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْمُحِيطِ وَخُرْءُ الْفَأْرَةِ وَبَوْلُهَا نَجَسٌ

ــ

[منحة الخالق]

ثُمَّ تَبْسُطَ فَمَا بَقِيَ فَهُوَ مِقْدَارُ الْكَفِّ. (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِ الْخِلَافِ إلَخْ) أَيْ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ وَدَمُ الْبَقِّ وَالْبَرَاغِيثِ) وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ دَمِ الْبَقِّ فَقَالَ لَهُ مِنْ أَيْنَ أَنْتَ قَالَ مِنْ الشَّامِ فَقَالَ اُنْظُرُوا إلَى قِلَّةِ حَيَاءِ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنَّهُ مِنْ قَوْمٍ أَرَاقُوا دَمَ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ جَاءَنِي يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَقِّ فَعَدَّ الْحَسَنُ هَذَا السُّؤَالَ مِنْ التَّعَمُّقِ وَكَرِهَ لَهُ التَّكَلُّفَ لِمَا فِيهِ مِنْ حَرَجِ النَّاسِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّهْلَةِ وَلَمْ أُبْعَثْ بِالرَّهْبَانِيَّةِ الصَّعْبَةِ» اهـ. مَا فِي النِّهَايَةِ فَرَائِدُ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا دَمُ الشَّهِيدِ فَهُوَ طَاهِرٌ إلَخْ) قَالَ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ؛ لِأَنَّ دَمَ الشَّهِيدِ مَا دَامَ عَلَيْهِ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ لِضَرُورَةِ جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَعَ قِيَامِ الدَّمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْفَصَلَ الدَّمُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجَسًا حَتَّى لَوْ أَصَابَ ثَوْبَ إنْسَانٍ أَكْبَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ لِانْعِدَامِ الضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ فَلَمْ يَسْقُطْ اعْتِبَارُ نَجَاسَتِهِ ذَكَرَهُ رَضِيُّ الدِّينِ فِي الْمُحِيطِ، ثُمَّ قَالَ فِي أَثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّظَرَ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمُحِيطِ مِنْ التَّعْلِيلِ لِجَوَازِ صَلَاةِ حَامِلِ الشَّهِيدِ الْمُتَلَطِّخِ بِدِمَائِهِ الزَّائِدِ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ يُفِيدُ جَوَازَ صَلَاةِ حَامِلِ الْمُسْلِمِ الْمَيِّتِ الْمَغْسُولِ الَّذِي لَيْسَ بِشَهِيدٍ، وَقَدْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ غَلِيظَةٌ تَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ النَّجَاسَةَ الْمَذْكُورَةَ بِهِ لَا تَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَوَضْعُ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّهِيدِ اتِّفَاقِيٌّ وَظَاهِرُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ مَسْأَلَةِ الرَّضِيعِ الْمَذْكُورَةِ يُفِيدُ عَامَّ جَوَازِ صَلَاةِ حَامِلِ الْمُسْلِمِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَوْجَهُ وَحِينَئِذٍ فَوَضْعُهُ فِي الشَّهِيدِ غَيْرُ اتِّفَاقِيٍّ وَيَحْتَاجُ إلَى تَعْلِيلٍ غَيْرِ الْمَذْكُورِ لَهَا إلَى آخِرِ مَا قَالَ الْحِلْيَةُ فَرَاجِعْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>