للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ الْبَاقِي قَالَ بَعْضُهُمْ: يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مِنْ مَالِ الطَّالِبِ وَهَذَا أَصَحُّ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِالشِّرَاءِ بِمَنْزِلَةِ قَبْضِهِ اهـ.

لِأَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ فِيمَا إذَا سَبَقَ تَوْكِيلُ الطَّالِبِ وَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ سَبَقَ تَوْكِيلُ الْمَطْلُوبِ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِلَى أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا كَفَلَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِ مَا بَاعَهُ لَمْ تَجُزْ وَتَجُوزُ كَفَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ وَالْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ بِالْمَهْرِ لِانْدِفَاعِ التَّنَافِي بِصَرْفِ الْحُقُوقِ عَنْهُ كَمَا عُلِمَ فِي التَّلْخِيصِ وَإِذَا صَحَّتْ كَفَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ بَطَلَتْ وَكَالَتُهُ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ مُبْطِلَةٌ لِلْوَكَالَةِ تَقَدَّمَتْ الْكَفَالَةُ أَوْ تَأَخَّرَتْ لِكَوْنِهَا أَقْوَى مِنْ الْوَكَالَةِ وَهَاهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ لَمْ أَرَهَا الْآنَ صَرِيحَةً وَسُئِلْت عَنْهَا: الْأَوْلَى هَلْ تَصِحُّ كَفَالَةُ الْوَصِيِّ عَنْ مَدْيُونِ الْمَيِّتِ؟ الثَّانِيَةُ هَلْ تَصِحُّ كَفَالَةُ النَّاظِرِ مُسْتَأْجِرَ الْوَقْفِ بِالْأُجْرَةِ الثَّالِثَةُ هَلْ يَصِحُّ تَوْكِيلُ الدَّائِنِ وَصِيَّ الْمَدْيُونِ بِالْقَبْضِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَدْيُونِ وَمُقْتَضَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَنْ يُفَصِّلَ فِي كَفَالَةِ الْوَصِيِّ وَالنَّاظِرِ فَإِنْ بِشَيْءٍ وَجَبَ بِعَقْدِهِ لَمْ تَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّتْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَكِيلٌ وَهَذَا حُكْمُ الْوَكِيلِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْوَكَالَةِ وَيُقِيمُ الْقَاضِي وَصِيًّا لِسَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبُرْهَانِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: يُقِيمُ الْقَاضِي وَصِيًّا لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا انْتَهَى الْأَمْرُ كَانَ الْأَوَّلُ وَصِيًّا عَلَى حَالِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ بِقَبْضِ دَيْنِهِ فَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ أُمِرَ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ مَا يَقْبِضُهُ خَالِصُ مَالِهِ وَسَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ حُكْمُ مَا إذَا ادَّعَى الْإِيفَاءَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَكِيلٌ بِالْمُبَادَلَةِ وَالتَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكِ فَلَا إشْكَالَ فِي صِحَّةِ التَّوْكِيلِ بِهِ وَبِهِ سَقَطَ مَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ كَمَا لَا يَخْفَى وَقَوْلُ الشَّارِحِ هَذَا سُؤَالٌ حَسَنٌ وَالْجَوَابُ غَيْرُ مُخَلِّصٍ إلَخْ غَفْلَةٌ عَمَّا قَدَّمَهُ وَالْمُرَادُ بِأَمْرِهِ جَبْرُهُ عَلَيْهِ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ (قَوْلُهُ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ فَصَدَّقَهُ وَإِلَّا دَفَعَ إلَيْهِ الْغَرِيمُ الدَّيْنَ ثَانِيًا) لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيفَاءُ حَيْثُ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَيَفْسُدُ الْأَدَاءُ إنْ لَمْ يَجُزْ اسْتِيفَاءٌ حَالَ قِيَامِهِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الْوَكِيلِ لَوْ بَاقِيًا) أَيْ رَجَعَ الدَّافِعُ بِمَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ وَانْقَطَعَ حَقُّ الطَّالِبِ عَنْهُ أَطْلَقَهُ فِي الْبَقَاءِ فَشَمَلَ الْبَقَاءَ الْحُكْمِيَّ بِأَنْ اسْتَهْلَكَهُ الْوَكِيلُ فَإِنَّهُ بَاقٍ بِبَقَاءِ بَدَلِهِ وَلِذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ ضَمِنَ مِثْلَهُ فَإِنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ هَلَاكَهُ أَوْ دَفْعَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ حَلَّفَهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ وَوَرِثَهُ غَرِيمُهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَخَذَهُ مِنْهُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَإِنْ كَانَ هَالِكًا ضَمِنَهُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ ضَاعَ لَا) أَيْ ضَاعَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِتَصْدِيقِهِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِي الْقَبْضِ وَهُوَ مَظْلُومٌ فِي هَذَا الْأَخْذِ وَالْمَظْلُومُ لَا يَظْلِمُ غَيْرَهُ وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ أَحَدَ الِابْنَيْنِ إذَا صَدَّقَ الْمَدْيُونَ فِي دَعْوَاهُ الْإِيفَاءَ لِلْمَيِّتِ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ وَرَجَعَ الْمُكَذِّبُ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ فَإِنَّ لِلْمَدْيُونِ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُصَدِّقِ بِالنِّصْفِ إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ غَيْرُ الدَّيْنِ مَعَ أَنَّهُ فِي زَعْمِهِ أَنَّ الْمُكَذِّبَ ظَالِمٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُصَدِّقِ لِكَوْنِهِ أَقَرَّ عَلَى أَبِيهِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا ضَمِنَهُ عِنْدَ الدَّفْعِ) لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ ثَانِيًا مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فِي زَعْمِهِمَا وَهَذِهِ كَفَالَةٌ أُضِيفَتْ إلَى حَالَةِ الْقَبْضِ فَتَصِحُّ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ بِمَا ذَابَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ قَالُوا: وَيَجُوزُ فِي ضَمَّنَهُ التَّشْدِيدُ وَالتَّخْفِيفُ فَمَعْنَى التَّشْدِيدِ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَرِيمُ الْوَكِيلَ فَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ عَائِدٌ إلَى الْغَرِيمِ وَالْبَارِزُ إلَى الْوَكِيلِ وَمَعْنَى التَّخْفِيفِ أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الْغَرِيمُ لِلْوَكِيلِ: أَنْتَ وَكِيلُهُ لَكِنْ لَا آمَنُ أَنْ يَجْحَدَ الْوَكَالَةَ وَيَأْخُذَ مِنِّي ثَانِيًا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَيَنْبَغِي إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: يَنْبَغِي تَخْصِيصُ هَذَا بِمَا إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ صِغَارًا أَمَّا إذَا كَانَ فِيهِمْ كَبِيرٌ فَادَّعَى الْوَصِيُّ عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ عَنْ الدَّائِنِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ وَصِيٍّ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى تَأَمَّلْ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ بِأَنْ كَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ هَذَا الشَّارِحُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَى الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ وَبِهِ سَقَطَ مَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَفِي الْمَسْأَلَةِ نَوْعُ إشْكَالٍ وَهُوَ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ تَوْكِيلٌ بِالِاسْتِقْرَاضِ مَعْنًى لِأَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَمَا قَبَضَهُ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَلَهُ عَلَى الْغَرِيمِ مِثْلُ ذَلِكَ فَالْتَقَيَا قِصَاصًا وَالتَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ لَا يَصِحُّ وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ رِسَالَةٌ بِالِاسْتِقْرَاضِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَلَيْسَ بِتَوْكِيلٍ بِالِاسْتِقْرَاضِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ إضَافَةِ الْقَبْضِ إلَى مُوَكِّلِهِ بِأَنْ يَقُولَ: إنَّ فُلَانًا وَكَّلَنِي بِقَبْضِ مَا لَهُ عَلَيْكَ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا بُدَّ لِلرَّسُولِ فِي الِاسْتِقْرَاضِ مِنْ الْإِضَافَةِ إلَى الْمُرْسِلِ بِأَنْ يَقُولَ: أَرْسَلَنِي إلَيْكَ وَقَالَ لَكَ: أَقْرِضْنِي فَصَحَّ مَا ادَّعَيْنَا هَذَا رِسَالَةٌ مَعْنًى وَالرِّسَالَةُ بِالِاسْتِقْرَاضِ جَائِزَةٌ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَعَزَاهُ إلَى الذَّخِيرَةِ وَهَذَا سُؤَالٌ حَسَنٌ وَالْجَوَابُ غَيْرُ مُخَلَّصٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ رَسُولًا لَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ اهـ.

(قَوْلُهُ الَّذِي أَخَذَهُ) أَيْ الَّذِي أَخَذَهُ الدَّائِنُ مِنْ الْغَرِيمِ لَا الَّذِي أَخَذَهُ كَمَا يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>