للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّفْسِ وَالْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَدْلًا لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي، وَلَوْ كَانَ فَاسِقًا يُجِيبُهُ، وَفِي الْعَقَارِ لَا يُجِيبُهُ إلَّا فِي الشَّجَرِ الَّذِي عَلَيْهِ الثَّمَرُ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ نَقْلِيٌّ. اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّجَرَ مِنْ الْعَقَارِ، وَقَدَّمْنَا خِلَافَهُ، وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ فِيمَا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ، وَلَمْ تُزَكَّ فِي الْجَارِيَةِ قَالَ يَضَعُهَا الْقَاضِي عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ مَأْمُونَةٍ تَحْفَظُهَا حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ، وَلَا يَتْرُكُهَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَوْ لَا، وَهَذَا إذَا سَأَلَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَضَعَهَا. اهـ.

وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ، وَلَمْ تُزَكَّ فَالْحُكْمُ بِالْأُولَى كَمَا لَا يَخْفَى وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ فَإِنْ أَبَى فَالْحَاصِلُ أَنَّ أَخْذَ الْكَفِيلِ وَالْوَكِيلِ إنَّمَا هُوَ بِرِضَا الْخَصْمِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى لَازَمَهُ أَيْ دَارَ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ) أَيْ بِمِقْدَارِ مُدَّةِ التَّكْفِيلِ الْمَذْكُورَةِ أَشَارَ إلَى تَفْسِيرِ الْمُلَازَمَةِ بِالدَّوَرَانِ إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ، وَفِي الصُّغْرَى الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يُلَازِمُهُ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ بُنِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِهِ يُفْتَى ثُمَّ قَالَ فِيهَا وَتَفْسِيرُ الْمُلَازَمَةِ أَنْ يَدُورَ مَعَهُ حَيْثُمَا دَارَ وَيَبْعَثُ مَعَهُ أَمِينًا حَتَّى يَدُورَ مَعَهُ وَرَأَيْت فِي زِيَادَاتِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّ الطَّالِبَ لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِمُلَازَمَةِ مَدْيُونِهِ فَلِلْمَدْيُونِ أَنْ لَا يَرْضَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَجَعَلَهُ فَرْعًا لِمَسْأَلَةِ التَّوْكِيلِ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ لَكِنَّهُ لَا يَحْبِسُهُ فِي مَوْضِعٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَبْسٌ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الدَّعْوَى، وَلَا يَشْغَلُهُ عَنْ التَّصَرُّفِ بَلْ هُوَ يَتَصَرَّفُ وَالْمُدَّعِي يَدُورُ مَعَهُ، وَإِذَا انْتَهَى الْمَطْلُوبُ إلَى دَارِهِ فَإِنَّ الطَّالِبَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الدُّخُولِ إلَى أَهْلِهِ بَلْ يَدْخُلُ الْمَطْلُوبُ إلَى أَهْلِهِ، وَالْمُلَازِمُ يَجْلِسُ عَلَى بَابِ دَارِهِ هَكَذَا ذُكِرَ هُنَا، وَفِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ فَإِمَّا أَنْ يَأْذَنَ لِلْمُدَّعِي فِي الدُّخُولِ مَعَهُ أَوْ يَجْلِسَ مَعَهُ عَلَى بَابِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ حَتَّى يَدْخُلَ الدَّارَ وَحْدَهُ فَرُبَّمَا يَهْرُبُ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ فَيُفَوِّتُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا، وَفِي تَعْلِيقِ أُسْتَاذِنَا لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ امْرَأَةً فَإِنَّ الطَّالِبَ لَا يُلَازِمُهَا بِنَفْسِهِ بَلْ يَسْتَأْجِرُ امْرَأَةً فَتُلَازِمُهَا، وَفِي أَوَّلِ كَرَاهِيَةِ الْوَاقِعَاتِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى امْرَأَةٍ حَقٌّ فَلَهُ أَنْ يُلَازِمَهَا وَيَجْلِسَ مَعَهَا وَيَقْبِضَ عَلَى ثِيَابِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَرَامٍ فَإِنْ هَرَبَتْ وَدَخَلَتْ خَرِبَةً فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ الرَّجُلُ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَكُونُ بَعِيدًا مِنْهَا يَحْفَظُهَا بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْخَلْوَةِ ضَرُورَةً. اهـ.

وَأَشَارَ بِمُلَازَمَتِهِ إلَى مُلَازَمَةِ الْمُدَّعَى لِمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِتْلَافًا، وَأَبَى إعْطَاءَ الْكَفِيلِ بِالْمُدَّعِي فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُلَازِمَ ذَلِكَ الشَّيْءَ إلَى أَنْ يُعْطِيَهُ كَفِيلًا، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي ضَعِيفًا عَنْ مُلَازَمَتِهِ يَضَعُ ذَلِكَ الشَّيْءَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ. اهـ.

وَظَاهِرُ مَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّهُ لَا يُلَازِمُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ مِنْهَا أَنْ يَسْكُنَ حَيْثُ سَكَنَ، وَفِي الْمِصْبَاحِ دَارَ حَوْلَ الْبَيْتِ يَدُورُ دَوْرًا وَدَوَرَانًا طَافَ بِهِ وَدَوَرَانُ الْفَلَكِ تَوَاتُرُ حَرَكَاتِهِ بَعْضُهَا إثْرَ بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ، وَلَا اسْتِقْرَارٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ دَارَتْ الْمَسْأَلَةُ أَيْ كُلَّمَا تَعَلَّقَتْ بِمَحَلٍّ تَوَقَّفَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ عَلَى غَيْرِهِ فَتَنْتَقِلُ إلَيْهِ ثُمَّ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَهَكَذَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ غَرِيبًا لَازَمَهُ مِقْدَارَ مَجْلِسِ الْقَاضِي) وَكَذَا لَا يَكْفُلُ إلَّا إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ فَلَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَرِيبًا فَإِلَى انْتِهَاءِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَرْجِعَ إلَى الْمُلَازَمَةِ وَالتَّكْفِيلِ وَعَلَّلَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّ فِي أَخْذِ الْكَفِيلِ وَالْمُلَازَمَةِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ إضْرَارًا بِهِ بِمَنْعِهِ عَنْ السَّفَرِ، وَلَا ضَرَرَ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ ظَاهِرًا، أَطْلَقَ فِي مِقْدَارِ مَجْلِسِ الْقَاضِي فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ يَجْلِسُ فِي كُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَرَّةً كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْغَرِيبِ الْمُسَافِرُ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُسَافِرًا وَعُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ، وَأَجَّلَهُ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ فَإِنْ بَرْهَنَ فِي الْمَجْلِسِ، وَإِلَّا خَلَّى سَبِيلَهُ، وَلَوْ قَالَ أَنَا أَخْرُجُ غَدًا أَوْ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَكْفُلُهُ إلَى وَقْتِ الْخُرُوجِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الطَّالِبُ خُرُوجَهُ نَظَرَ إلَى زِيِّهِ أَوْ بَعَثَ مَنْ يَثِقُ بِهِ إلَى رُفَقَائِهِ فَإِنْ قَالُوا أُعَدَّ لِلْخُرُوجِ مَعَنَا يَكْفُلُهُ إلَى وَقْتِ الْخُرُوجِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا بِطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ إلَّا إذَا أَلَحَّ الْخَصْمُ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ كَانَ حَالِفًا مِنْكُمْ فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَذَرْ» ، وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُ اسْمِهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ. اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تَحْلِيفَ بِغَيْرِ هَذَا الِاسْمِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَقَدَّمْنَا خِلَافَهُ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَإِنْ ادَّعَى عَقَارًا ذَكَرَ حُدُودَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>