قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَتَحَالَفَانِ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي مِثْلَ مَا أَخَذَ مِنْ التِّبْنِ وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ. اهـ.
وَفِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ لَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ هَلَاكِ الْجَارِيَةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الثَّمَنَ عَيْنٌ، وَهُوَ هَذَا الْعَبْدُ أَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الثَّمَنَ عَيْنٌ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الثَّمَنَ دَيْنٌ لَمْ يَنْظُرْ إلَى دَعْوَى الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى دَعْوَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي جَانِبِ الْبَائِعِ هَلَكَ فَكَانَ الْقَوْلُ فِي الثَّمَنِ قَوْلَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِالْعَيْنِ يَتَحَالَفَا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي جَانِبِهِ قَائِمٌ، وَلَوْ تَحَالَفَا، وَقَدْ هَلَكَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي يَدِ الْآخَرِ رَدَّ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَقِيمَتَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْفَسَخَ فَبَقِيَ مَقْبُوضًا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ فَصَارَ كَالْغَاصِبِ. اهـ.
وَفِي كَافِي الْمُصَنِّفِ ادَّعَى شِرَاءَ أَمَةٍ قَبَضَهَا، وَمَاتَتْ بِأَلْفٍ وَبِهَذَا الْوَصِيفِ، وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْت بِأَلْفَيْنِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي فِي ثُلُثَيْ الْأَمَةِ وَتَحَالَفَا فِي ثُلُثِهَا وَبِعَكْسِهِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي، وَفِيهِ اخْتَلَفَا فِي مَوْتِ الْمَبِيعِ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ أَنَّهُ مَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ وَبَرْهَنَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْبَيِّنَةُ لِبَائِعِهِ، وَإِنْ وَقَفَا فَلَا سَابِقَ وَالْقَتْلُ كَالْمَوْتِ، وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ قَتَلَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ بِيَوْمٍ فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَتَلَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ بِيَوْمَيْنِ فَالْبَيِّنَةُ لِلْمُشْتَرِي لِلسَّبْقِ اهـ.
وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا أَيْ الْمَوْلَى وَالْمُكَاتَبُ فِي بَدَلِ الْكِتَابَةِ أَيْ فِي قَدْرِهِ فَعَدَمُ التَّحَالُفِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَا يَتَحَالَفَانِ وَتُفْسَخُ الْكِتَابَةُ كَالْبَيْعِ بِجَامِعِ قَبُولِ الْفَسْخِ، وَلَهُ أَنَّ التَّحَالُفَ فِي الْمُعَاوَضَاتِ اللَّازِمَةِ وَبَدَلِ الْكِتَابَةِ غَيْرُ لَازِمٍ عَلَى الْمُكَاتَبِ مُطْلَقًا فَلَمْ تَكُنْ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ؛ وَلِأَنَّ فَائِدَتَهُ النُّكُولُ لِيُقْضَى عَلَيْهِ وَالْمُكَاتَبُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ، وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُبِلَتْ، وَإِنْ أَقَامَاهَا فَبَيِّنَةُ الْمَوْلَى أَوْلَى لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ لَكِنْ يَعْتِقُ بِأَدَاءِ قَدْرِ مَا بَرْهَنَ عَلَيْهِ، وَلَا يَمْنَعُ وُجُوبُهُ بَدَلَ الْكِتَابَةِ بَعْدَ عِتْقِهِ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَدَّى خَمْسَمِائَةٍ عَتَقَ وَكَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ الْبَدَلَ بَعْدَ الْأَدَاءِ.
وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا أَيْ رَبُّ السَّلَمِ وَالْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بَعْدَ إقَالَةِ عَقْدِ السَّلَمِ فِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ لَمْ يَتَحَالَفَا وَالْقَوْلُ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا يَعُودُ السَّلَمُ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِي بَابِ السَّلَمِ لَا تَحْتَمِلُ النَّقْضَ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ فَلَا يَعُودُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ كَمَا سَيَأْتِي وَيَنْبَغِي أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ صِفَتِهِ بَعْدَهَا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ كَحُكْمِهِ قَبْلَهَا فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ بَعْدَهَا إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ لَا تَحَالُفَ إذَا اخْتَلَفَا فِيهِ بَعْدَهَا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا قَبْضُهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا، وَهَذِهِ قَدَّمْنَاهَا فِي بَابِهِ، وَقَيَّدَ بِالِاخْتِلَافِ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا قَبْلَهَا فِي قَدْرِهِ تَحَالَفَا كَالِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَصِفَتِهِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ تَقْرِيرِهِمْ هُنَا أَنَّ الْإِقَالَةَ تَقْبَلُ الْإِقَالَةَ إلَّا فِي إقَالَةِ السَّلَمِ، وَأَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَقْبَلُهَا، وَقَدْ كَتَبْنَاهُ فِي الْفَوَائِدِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ تَحَالَفَا) أَيْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِهِ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي كَانَ الثَّمَنُ أَلْفًا، وَقَالَ الْبَائِعُ خَمْسَمِائَةٍ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَعُودُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ، أَطْلَقَهُ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مَقْبُوضًا، وَلَمْ يَرُدَّهُ الْمُشْتَرِي إلَى بَائِعِهِ فَأَمَّا إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إلَيْهِ بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ فَلَا تُحَالَفَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ يَرَى النَّصَّ مَعْلُولًا بَعْدَ الْقَبْضِ أَيْضًا، وَهُمَا قَالَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَحَالُفَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ بِالسُّنَّةِ وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ فِي حَقِّهِمَا إلَّا أَنَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ فَوَجَبَ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ كَمَا قِسْنَا الْإِجَارَةَ عَلَى الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْوَارِثَ عَلَى الْعَاقِدِ وَالْقِيمَةَ عَلَى الْعَيْنِ فِيمَا إذَا اسْتَهْلَكَهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ غَيْرُ الْمُشْتَرِي.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمَهْرِ قُضِيَ لِمَنْ بَرْهَنَ) أَيْ الزَّوْجَانِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمَهْرِ قُضِيَ لِمَنْ بَرْهَنَ؛ لِأَنَّهُ فَوْرَ دَعْوَاهُ بِالْحُجَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَرْهَنَا فَلِلْمَرْأَةِ) فَإِنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ أَطْلَقَهُ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ يَشْهَدُ لِلزَّوْجِ بِأَنْ كَانَ مِثْلَ مَا يَدَّعِي الزَّوْجُ أَوْ أَقَلَّ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهَا أَثْبَتَتْ خِلَافَ الظَّاهِرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَشْهَدُ لَهَا بِأَنْ كَانَ مِثْلَ مَا تَدْعِيهِ أَوْ أَكْثَرَ فَبَيِّنَتُهُ أَوْلَى لِإِثْبَاتِهَا الْحَطَّ، وَهُوَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَبِعَكْسِهِ حَلَفَ) أَيْ لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ الْمَبِيعَ بِأَلْفٍ، وَهَذَا الْوَصِيفُ وَالْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ بِأَلْفَيْنِ.