وَأَشَارَ بِالْأَجَلِ وَالْخِيَارِ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي شَرْطِ الرَّهْنِ أَوْ شَرْطِ الضَّمَانِ أَوْ الْعُهْدَةِ بِالْمَالِ فَلَا تَحَالُفَ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَبِالِاخْتِلَافِ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي حَطِّ الْبَعْضِ أَوْ إبْرَاءِ الْكُلِّ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ أَيْضًا.
وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ فَلَا تَحَالُفَ عِنْدَهُمَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا اسْتَهْلَكَهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ غَيْرُ الْمُشْتَرِي كَمَا سَنَذْكُرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَتَحَالَفَانِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ عَلَى قِيمَةِ الْهَالِكِ وَعَلَى هَذَا إذَا خَرَجَ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ صَارَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ بِالْعَيْبِ لَهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي غَيْرَ الْعَقْدِ الَّذِي يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ وَالْآخَرُ يُنْكِرُهُ، وَأَنَّهُ يُفِيدُ دَفْعَ زِيَادَةِ الثَّمَنِ فَيَتَحَالَفَانِ كَمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ بَعْدَ هَلَاكِ السِّلْعَةِ، وَلَهُمَا أَنَّ التَّحَالُفَ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِمَا أَنَّهُ سَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي مَا يَدَّعِيهِ، وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ فِي حَالِ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَالتَّحَالُفُ فِيهِ يُفْضِي إلَى الْفَسْخِ، وَلَا كَذَلِكَ بَعْدَ هَلَاكِهَا لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَاهُ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُبَالِي بِالِاخْتِلَافِ فِي السَّبَبِ بَعْدَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى مِنْ الْفَائِدَةِ مَا يُوجِبُ الْعَقْدَ، وَفَائِدَةُ دَفْعِ زِيَادَةِ الثَّمَنِ لَيْسَتْ مِنْ مُوجَبَاتِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا فَإِنْ كَانَ عَيْنًا يَتَحَالَفَانِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَكَانَ قَائِمًا بِبَقَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَيَرُدُّهُ وَيَرُدُّ الْآخَرُ مِثْلَ الْهَالِكِ إذَا كَانَ مِثْلِيًّا، وَقِيمَتَهُ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ بِأَنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ دَرَاهِمُ وَالْآخَرُ أَنَّهُ دَنَانِيرُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ثَمَنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّحَالُفِ لِلْفَسْخِ، وَهُنَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَهُوَ كَافٍ لِلصِّحَّةِ.
وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ كَالِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ هِيَ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ هَالِكًا، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى تِبْنًا فِي مَوْضِعَيْنِ بِكَذَا دِرْهَمًا، وَقَبَضَ تِبْنَ أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ وَذَهَبَ الرِّيحُ بِتِبْنِ الْمَوْضِعِ الْآخَرِ وَاخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ مَا قُبِضَ، وَمَا ذَهَبَ فَإِنْ كَانَ مَا قُبِضَ قَائِمًا تَحَالَفَا أَوْ تَرَادَّا، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي قِيَاسِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ) قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ قَوْلُهُ: فَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ أَيْ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ إذْ قَبْلَ قَبْضِهِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا أَيْ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ صَارَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ بِالْعَيْبِ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنْ زَادَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً، وَفِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ أَوْ تَغَيَّرَ إلَى زِيَادَةٍ مَنْشَؤُهَا الذَّاتُ بَعْضُ الْقَبْضِ مُتَّصِلَةً كَانَتْ أَوْ مُنْفَصِلَةً كَوَلَدٍ، وَأَرْشٍ وَعُقْرٍ، وَإِذَا تَحَالَفَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ يُفْسَخُ عَلَى الْقِيمَةِ إلَّا إذَا اخْتَارَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْعَيْنِ مَعَ الزِّيَادَةِ وَلَوْ لَمْ تَنْشَأْ مِنْ الذَّاتِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ حَيْثُ السِّعْرُ أَوْ غَيْرُهُ كَانَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ يَتَحَالَفَانِ اتِّفَاقًا وَيَكُونُ الْكَسْبُ لِلْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا. اهـ.
قَالَ الرَّمْلِيُّ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ بِالْمَبِيعِ الَّتِي لَمْ تَتَوَلَّدْ مِنْ الْأَصْلِ مَانِعَةٌ مِنْ الرَّدِّ كَالْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَشَيِّ اللَّحْمِ وَخَبْزِ الدَّقِيقِ فَإِذَا وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا تَحَالُفَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الشَّارِحُ وَلَا غَالِبُ الشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى اخْتِلَافَهُمَا بَعْدَ الزِّيَادَةِ وَلَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَارْجِعْ إلَيْهِ إنْ شِئْت ثُمَّ بَحَثْت فِي الْكُتُبِ فَرَأَيْت ابْنَ مَالِكٍ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ اعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّغَيُّرِ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَنْظُومَةِ، وَقَدْ أَهْمَلَهَا الْمُصَنِّفُ ثُمَّ تَغَيُّرُهُ إلَى زِيَادَةٍ إنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ بَعْدَ الْقَبْضِ مُتَّصِلَةً كَانَتْ أَوْ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ عَيْنِهَا كَالْوَلَدِ أَوْ بَدَلَ الْعَيْنِ كَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ يَتَحَالَفَانِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لَهُمَا، وَإِذَا تَحَالَفَا يَتَرَادَّانِ الْقِيمَةَ عِنْدَهُ إلَّا إنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْعَيْنَ مَعَ الزِّيَادَةِ، وَقِيلَ يَتَرَادَّانِ رَضِيَ الْمُشْتَرِي أَوْ لَا قَيَّدْنَا الزِّيَادَةَ بِقَوْلِنَا مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ حَيْثُ السِّعْرُ يَتَحَالَفَانِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا مُتَوَلِّدَةً مِنْ عَيْنِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ يَتَحَالَفَانِ اتِّفَاقًا وَيَكُونُ الْكَسْبُ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفِي التَّجْرِيدِ، وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ وَرَثَتِهِمَا أَوْ بَيْنَ وَرَثَةِ أَحَدِهِمَا وَبَيْنَ الْحَيِّ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ قَبْضِ السِّلْعَةِ يَتَحَالَفَانِ بِالْإِجْمَاعِ، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إلَّا أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْوَرَثَةِ عَلَى الْعِلْمِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا يَتَحَالَفَانِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَوْ قَوْلُ وَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَفِيهَا، وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ اشْتَرَى شَيْئًا فَمَاتَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الثَّمَنِ بَيْنَ الْحَيِّ وَوَرَثَةِ الْمَيِّتِ إنْ مَاتَ الْبَائِعُ فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ يَتَحَالَفَانِ، وَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ فِي يَدِ الْحَيِّ لَا يَتَحَالَفَانِ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَتَحَالَفَانِ هَذَا إذَا مَاتَ الْبَائِعُ فَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي وَالسِّلْعَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ يَتَحَالَفَانِ عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ فِي يَدِ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُمَا لَا يَتَحَالَفَانِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَتَحَالَفَانِ وَهَلَاكُ الْعَاقِدِ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَمِمَّنْ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ التَّغَيُّرِ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ الِاخْتِيَارُ وَالْمِنْهَاجُ وَالتَّغَيُّرِ بِالْعَيْبِ الدُّرَرُ وَالْغُرَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاقِعَةُ حَالٍ: اخْتَلَفَ الْمُشْتَرِي مَعَ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ هَلْ يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ كَتَبْت الْجَوَابَ لَا يَجْرِي إذْ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ لَا يَحْلِفُ، وَإِنْ مَلَكَ الْخُصُومَةَ عِنْدَ الْإِمَامِ فَيَدْفَعُ الثَّمَنَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ لَهُ، وَإِذَا حَضَرَ الْمُوَكِّلُ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ وَطَلَبَهُ بِالزِّيَادَةِ يَتَحَالَفَانِ حِينَئِذٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ) أَيْ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ، وَهَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ إلَخْ فَإِنَّ هُنَاكَ الِاخْتِلَافَ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمِعْرَاجِ فَصَحَّتْ الْمُقَابَلَةُ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا عُلِمَ) أَيْ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ