إقَالَةِ السَّلَمِ لَمْ يَتَحَالَفَا وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ) أَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي الْأَجَلِ وَالشَّرْطِ وَالْقَبْضِ فَلِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالْمَعْقُودِ بِهِ فَأَشْبَهَ الِاخْتِلَافَ فِي الْحَطِّ وَالْإِبْرَاءِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ بِانْعِدَامِهِ لَا يَخْتَلُّ مَا بِهِ قِوَامُ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الِاخْتِلَافِ فِي وَصْفِ الثَّمَنِ أَوْ جِنْسِهِ حَيْثُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ فِي جَرَيَانِ التَّحَالُفِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الثَّمَنِ فَإِنَّ الثَّمَنَ دَيْنٌ، وَهُوَ يُعْرَفُ بِالْوَصْفِ، وَلَا كَذَلِكَ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَصْفٍ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الثَّمَنَ مَوْجُودٌ بَعْدَ مُضِيِّهِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْخِيَارِ وَالْأَجَلِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُمَا يَثْبُتَانِ بِعَارِضِ الشَّرْطِ، وَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْعَوَارِضِ فَقَدْ جَزَمُوا هُنَا بِأَنَّ الْقَوْلَ لِمُنْكِرِ الْخِيَارِ كَمَا عَلِمْت وَذَكَرُوا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ فِيهِ قَوْلَيْنِ قَدَّمْنَاهُمَا فِي بَابِهِ وَالْمَذْهَبُ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الْأَجَلِ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ فِي السَّلَمِ بِأَنْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَنَفَاهُ الْآخَرُ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِيهِ لِمُدَّعِيهِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ شَرْطٌ وَتَرْكُهُ فِيهِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، وَإِقْدَامُهُمَا عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ فَكَانَ الْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لَهُ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فِيهِ فَكَانَ الْقَوْلُ لِنَافِيهِ، وَلِهَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْبَيْعِ بِأَلْفٍ إلَى شَهْرٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَلْفٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ تُقْبَلُ كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ إلَى ثَلَاثٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْآخَرُ الْخِيَارَ، وَلَوْ كَانَ وَصْفًا لِلثَّمَنِ لَمَا قُبِلَ، كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ أَطْلَقَ الِاخْتِلَافَ فِي الْأَجَلِ فَشَمِلَ الِاخْتِلَافَ فِي أَصْلِهِ، وَفِي قَدْرِهِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الزَّائِدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ فِي السَّلَمِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِهِ وَخَرَجَ الِاخْتِلَافُ فِي مُضِيِّهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ، وَهُوَ مُنْكِرٌ اسْتِيفَاءَ حَقِّهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْبُيُوعِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي رَجُلَيْنِ تَبَايَعَا شَيْئًا وَاخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ هَذَا الشَّيْءَ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا إلَى عِشْرِينَ شَهْرًا عَلَى أَنْ أُؤَدِّيَ إلَيْك كُلَّ شَهْرٍ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفً ا، وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُكَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةِ أَشْهُرٍ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ إلَيَّ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيَأْخُذُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي سِتَّةَ أَشْهُرٍ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةً، وَفِي الشَّهْرِ السَّابِعِ سَبْعَةً وَنِصْفًا ثُمَّ يَأْخُذُ بَعْدَ ذَلِكَ كُلَّ شَهْرٍ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا إلَى أَنْ تَتِمَّ لَهُ مِائَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَرَّ لَهُ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا وَبَرْهَنَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَأَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ بِزِيَادَةِ خَمْسِينَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِينَ مَعَ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ الْمُشْتَرِي فِي كُلِّ شَهْرٍ عَشَرَةً فَالزِّيَادَةُ الَّتِي يَدَّعِيهَا الْبَائِعُ فِي كُلِّ شَهْرٍ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ، وَمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي لَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ فَإِذَا أَخَذَ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَشَرَةً فَقَدْ أَخَذَ فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِمَّا ادَّعَاهُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ، وَمِمَّا أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي خَمْسَةَ عَشَرَ بَقِيَ إلَى تَمَامِ مَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْخَمْسِينَ خَمْسَةٌ فَيَأْخُذُهَا الْبَائِعُ مَعَ مَا يُقِرُّ بِهِ الْمُشْتَرِي فِي كُلِّ شَهْرٍ وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ ثُمَّ يَأْخُذُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي كُلِّ شَهْرٍ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفَهَا إلَى عِشْرِينَ شَهْرًا حَتَّى تَتِمَّ الْمِائَةُ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ يَقِفُ عَلَيْهَا مَنْ أَمْعَنَ النَّظَرَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ. اهـ.
وَفِي كَافِي الْمُصَنِّفِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً أَوْ صَفْقَتَيْنِ أَحَدَهُمَا بِأَلْفٍ حَالٍّ وَالْآخَرَ بِأَلْفٍ مُؤَجَّلٍ إلَى سَنَةٍ فَرَدَّ أَحَدَهُمَا بِعَيْبٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي ثَمَنُ الْمَرْدُودِ حَالٌّ، وَقَالَ الْبَائِعُ مُؤَجَّلٌ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ، وَلَمْ يَتَحَالَفَا؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي الْأَجَلِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهُمَا بِمِائَةٍ فِي صَفْقَةٍ وَقَبَضَهُمَا، وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فِي يَدِهِ وَرَدَّهُ الْآخَرُ بِعَيْبٍ وَاخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْمَرْدُودِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ ثَمَنُ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمَ وَثَمَنُ الْآخَرِ دَنَانِيرَ، وَقَبَضَهُمَا الْبَائِعُ وَاخْتَلَفَا فِي ثَمَنِ الْبَاقِي بَعْدَ رَدِّ أَحَدِهِمَا بِالْعَيْبِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي ثَمَنُهُ دَرَاهِمُ فَرُدَّ لِي الدَّنَانِيرَ وَعَكَسَ الْبَائِعُ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ إنْ مَاتَا، وَلَا تَحَالُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَإِنْ كَانَا قَائِمَيْنِ تَحَالَفَا إجْمَاعًا.
وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الصَّفْقَةِ فَادَّعَى الْبَائِعُ اتِّحَادَ الثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي تَعَدُّدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ مُدَّعِي خِيَارِ الشَّرْطِ أَوْلَى. اهـ.
وَالِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِهِ كَالِاخْتِلَافِ فِي أَصْلِهِ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَالتَّقْيِيدُ بِقَبْضِ بَعْضِ الثَّمَنِ اتِّفَاقِيٌّ إذْ الِاخْتِلَافُ فِي قَبْضِ كُلِّهِ كَذَلِكَ، وَهُوَ قَبُولُ قَوْلِ الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَفْرُوغٌ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الدَّعَاوَى كَذَا فِي النِّهَايَةِ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute