للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُقَدَّمُ الْمُؤَقَّتَةُ عَلَى غَيْرِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ ثَالِثٍ فَإِنَّهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَ الثَّانِي تُقَدَّمُ الْمُؤَقَّتَةُ وَعِنْدَ الثَّالِثِ الْمُطْلَقَةُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِذِي الْيَدِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَمُرَادُهُ وَتَارِيخُ مِلْكِ ذِي الْيَد سَبَقَ وَإِنَّمَا قَرَّرْنَاهُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ أَمَةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا فِي يَدِهِ مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهَا لَهُ قُضِيَتْ بِهَا لِلْمُدَّعِي. اهـ.

لِأَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ إنَّمَا شَهِدَتْ بِالْيَدِ لَا بِالْمِلْكِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ سَبْقِ تَارِيخِ ذِي الْيَدِ لِمَا فِي الْخِزَانَةِ أَيْضًا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ شَكَّ الشُّهُودُ فِيهِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ قُضِيَ بِهَا لِذِي الْيَدِ وَلَوْ وَقَّتَ شُهُودُ الْمُدَّعِي سَنَةً وَوَقَّتَ شُهُودُ ذِي الْيَدِ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ فَهِيَ لِلْمُدَّعِي اهـ.

وَالشَّهَادَةُ بِأَنَّهَا لَهُ عَامَ أَوَّلٍ مُقَدَّمَةٌ عَلَى أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ الْعَامِ كَمَا فِيهَا أَيْضًا الثَّانِيَةُ أَقَامَ كُلٌّ مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى النِّتَاجِ فَصَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى مَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْيَدُ فَاسْتَوَيَا وَتَرَجَّحَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ بِالْيَدِ فَيُقْضَى لَهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَدَلِيلُهُ مِنْ السُّنَّةِ مَا رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى نَاقَةً فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَاقَتُهُ نُتِجَتْ وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَاقَتُهُ نُتِجَهَا فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ» وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مَشْهُورٌ فَصَارَتْ مَسْأَلَةُ النِّتَاجِ مَخْصُوصَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ بَرْهَنَ عَلَى الْمِلْكِ وَالْآخَرَ عَلَى النِّتَاجِ فَصَاحِبُ النِّتَاجِ أَوْلَى أَيُّهُمَا كَانَ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ عَلَى أَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ فَلَا يَثْبُتُ الْآخَرُ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْ جِهَتِهِ وَكَذَا إذَا كَانَ الدَّعْوَى بَيْنَ خَارِجَيْنِ فَبَيِّنَةُ النِّتَاجِ أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَا وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ قُضِيَ بِالنِّتَاجِ لِصَاحِبِ الْيَدِ ثُمَّ أَقَامَ ثَالِثٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ يُقْضَى لَهُ إلَّا أَنْ يُعِيدَهَا ذُو الْيَدِ لِأَنَّ الثَّالِثَ لَمْ يَكُنْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْقَضِيَّةِ وَكَذَا الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ تُقْبَلُ وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّصِّ اهـ.

وَأَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بَرْهَنَا فَشَمِلَ مَا إذَا بَرْهَنَ الْخَارِجُ فَقَطْ عَلَى النِّتَاجِ وَقُضِيَ لَهُ ثُمَّ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ وَيَبْطُلُ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَعْزِيًّا إلَى الْعُدَّةِ ادَّعَى ذُو الْيَدِ نِتَاجًا أَيْضًا وَلَمْ يُبَرْهِنْ حَتَّى حُكِمَ بِهَا لِلْمُدَّعِي بِالنِّتَاجِ ثُمَّ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى النِّتَاجِ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ فِي حَادِثَةٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَهُ إلَّا إذَا بَرْهَنَ عَلَى إبْطَالِ الْقَضَاءِ أَوْ عَلَى تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ أَوْ عَلَى النِّتَاجِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا أَرَّخَا وَاسْتَوَى تَارِيخُهُمَا أَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَصْلًا أَوْ أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا فَلَا اعْتِبَارَ بِالتَّارِيخِ مَعَ النِّتَاجِ إلَّا مَنْ أَرَّخَ تَارِيخًا مُسْتَحِيلًا بِأَنْ لَمْ يُوَافِقْ سِنَّ الْمُدَّعِي لِوَقْتِ ذِي الْيَدِ وَوَافَقَ وَقْتَ الْخَارِجِ فَحِينَئِذٍ يُحْكَمُ لِلْخَارِجِ وَلَوْ خَالَفَ سِنَّهُ لِلْوَقْتَيْنِ لَغَتْ الْبَيِّنَتَانِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَيُتْرَكُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ عَلَى مَا كَانَ كَذَا فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فِي رِوَايَةٍ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالنِّتَاجُ وِلَادَةُ الْحَيَوَانِ وَوَضْعُهُ عِنْدَهُ مَنْ نُتِجَتْ عِنْدَهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَلَدَتْ وَوَضَعَتْ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَالْمُرَادُ وِلَادَتُهُ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مِلْكِ بَائِعِهِ أَوْ مُوَرِّثِهِ وَلِذَا قَالَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّابَّةَ نَتَجَتْ عِنْدَهُ أَوْ نَسَجَ هَذَا الثَّوْبَ عِنْدَهُ أَوْ أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا بِالْمِلْكِ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى لَهُ. اهـ.

وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا بِنْتُ أَمَتِهِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا شَهِدُوا بِالنَّسَبِ كَذَا فِي الْخِزَانَةِ وَإِنَّمَا قُلْت أَوْ مَلَكَ بَائِعُهُ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَرْهَنَ كُلٌّ مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ عَلَى نِتَاجٍ فِي مِلْكِ بَائِعِهِ حُكِمَ لِذِي الْيَدِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا خَصْمٌ عَنْ بَائِعِهِ فَكَأَنَّ بَائِعَهُمَا حَضَرَ أَوْ ادَّعَيَا مِلْكًا بِنِتَاجٍ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ لِذِي الْيَدِ وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ لَهُ وَلَدٌ فِي مِلْكِهِ وَبَرْهَنَ ذُو الْيَدِ أَنَّهُ لَهُ وَلَدٌ فِي مِلْكِ بَائِعِهِ حُكِمَ بِهِ لِذِي الْيَدِ لِأَنَّهُ خَصْمٌ عَمَّنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ وَيَدُهُ يَدُ الْمُتَلَقِّي مِنْهُ فَكَأَنَّهُ حَضَرَ وَبَرْهَنَ عَلَى النِّتَاجِ وَالْمُدَّعِي فِي يَدِهِ بِحُكْمٍ لَهُ بِهِ كَذَا هَذَا اهـ.

وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يَتَرَجَّحُ نِتَاجٌ فِي مِلْكِهِ عَلَى نِتَاجٍ فِي مِلْكِ بَائِعِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَشْهَدُوا بِأَنَّ أُمَّهُ فِي مِلْكِهِ لَكِنْ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ دُونَ أُخْرَى قُدِّمَتْ عَلَيْهَا لِمَا فِي الْخِزَانَةِ عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ وَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ مِنْ أَمَتِهِ هَذِهِ قُضِيَ لِلَّذِي أُمُّهُ فِي يَدِهِ فَإِنْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ إلَخْ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ وَقَالَ الرَّمْلِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا فَازْدَدْ نَقْلًا فِي الْمَسْأَلَةِ إنْ شِئْت

<<  <  ج: ص:  >  >>