للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ مِنْ أَمَةٍ أُخْرَى فَصَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وُلِدَ مِنْ أَمَتِهِ هَذَا مِنْ عَبْدِهِ هَذَا وَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَيَكُونُ ابْنَ عَبْدَيْنِ وَأَمَتَيْنِ وَقَالَ صَاحِبَاهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا اهـ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَرْهَنَ الْخَارِجُ أَنَّ هَذِهِ أَمَتُهُ وَلَدَتْ هَذَا الْقِنَّ فِي مِلْكِي وَبَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى مِثْلِهِ يُحْكَمُ بِهَا لِلْمُدَّعِي لِأَنَّهُمَا ادَّعَيَا فِي الْأَمَةِ مِلْكًا مُطْلَقًا فَيُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي ثُمَّ يَسْتَحِقُّ الْقِنَّ تَبَعًا اهـ.

وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ ذَا الْيَدِ إنَّمَا يُقَدَّمُ فِي دَعْوَى النِّتَاجِ عَلَى الْخَارِجِ أَنْ لَوْ لَمْ يَتَنَازَعَا فِي الْأُمِّ أَمَّا لَوْ تَنَازَعَا فِيهَا فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَشَهِدُوا بِهِ وَبِنِتَاجِ وَلَدِهَا فَإِنَّهُ لَا يُقَدَّمُ وَهَذِهِ يَجِبُ حِفْظُهَا وَإِنَّمَا قُلْت أَوْ مَلَكَ مُوَرِّثَةً لِمَا فِي الْقُنْيَةِ كَمَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَد إذَا ادَّعَى أَوَّلِيَّةَ الْمِلْكِ بِالنِّتَاجِ عِنْدَهُ فَكَذَا إذَا ادَّعَاهُ عِنْدَ مُوَرِّثِهِ فَإِذَا أَقَامَا بَيِّنَةً عَلَى عِمَارَةِ دَارٍ أَنَّ أَبَاهُ بَنَاهَا مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً وَقَالَا مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَنَا فَبَيِّنَةُ ذِي الْيَد أَوْلَى اهـ.

وَقَيَّدَ بِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُدَّعِيًا لِلْمِلْكِ وَالنِّتَاجِ فَقَطْ إذْ لَوْ ادَّعَى الْخَارِجُ الْفِعْلَ عَلَى ذِي الْيَدِ كَالْغَصْبِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى وَإِنْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ النِّتَاجَ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَكْثَرُ إثْبَاتًا لِإِثْبَاتِهَا الْفِعْلَ عَلَى ذِي الْيَدِ إذْ هُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ أَصْلًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَفِي الْمُحِيطِ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى نِتَاجِ الْعَبْدِ وَالْخَارِجُ يَدَّعِي الْإِعْتَاقَ أَيْضًا فَهُوَ أَوْلَى وَكَذَا إذَا ادَّعَيَا وَهُوَ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَحَدُهُمَا يَدَّعِي الْإِعْتَاقَ فَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ بَيِّنَةَ النِّتَاجِ مَعَ الْعِتْقِ أَكْثَرُ إثْبَاتًا لِأَنَّهَا أَثْبَتَتْ أَوَّلِيَّةَ الْمِلْكِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ أَصْلًا وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَثْبَتَتْ الْمِلْكَ عَلَى وَجْهٍ يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ الْعِتْقَ مَعَ مُطْلَقِ الْمِلْكِ وَذُو الْيَدِ ادَّعَى النِّتَاجَ فَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى لِأَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَوِيَا فِي إثْبَاتِ أَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْخَارِجَ مَا أَثْبَتَ الْمِلْكَ فَلَمْ يُعْتَبَرْ الْعِتْقُ لِلتَّرْجِيحِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْخَارِجُ التَّدْبِيرَ أَوْ الِاسْتِيلَادَ مَعَ النِّتَاجِ أَيْضًا وَذُو الْيَدِ مَعَ النِّتَاجِ عِتْقًا بَاتًّا فَهُوَ أَوْلَى وَلَوْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ التَّدْبِيرَ أَوْ الِاسْتِيلَادَ مَعَ النِّتَاجِ وَالْخَارِجُ ادَّعَى عِتْقًا بَاتًّا مَعَ النِّتَاجِ فَالْخَارِجُ أَوْلَى اهـ.

وَقُيِّدَ بِتَنَازُعِ الْخَارِجِ مَعَ ذِي الْيَدِ إذْ لَوْ كَانَا خَارِجَيْنِ ادَّعَى كُلٌّ دَابَّةً فِي يَدِ آخَرَ وَبَرْهَنَا عَلَى النِّتَاجِ فَإِنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ وَيُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا كَمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ وَفِي شَهَادَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ عَايَنَ الشَّاهِدُ دَابَّةً تَتْبَعُ دَابَّةً وَتَرْضَعُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ وَالنِّتَاجِ اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى النِّتَاجِ لِزَيْدٍ وَآخَرَانِ عَلَى النِّتَاجِ لِعَمْرٍو وَيُتَصَوَّرُ هَذَا بِأَنْ رَأَى الشَّاهِدَانِ أَنَّهُ ارْتَضَعَ مِنْ لَبَنِ أُنْثَى كَانَتْ لَهُ فِي مِلْكِهِ وَآخَرَانِ رَأَيَا أَنَّهُ ارْتَضَعَ مِنْ لَبَنِ أُنْثَى فِي مِلْكٍ آخَرَ فَتَحِلُّ الشَّهَادَةُ لِلْفَرِيقَيْنِ اهـ.

وَأَلْحَقُوا بِالنِّتَاجِ مَا لَا يَتَكَرَّرُ سَبَبُهُ لِكَوْنِهِ فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ دَعْوَى أَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ كَالنَّسْجِ فِي الثِّيَابِ الَّتِي لَا تُنْسَجُ إلَّا مَرَّةً كَالثِّيَابِ الْقُطْنِيَّةِ وَغَزْلِ الْقُطْنِ وَحَلْبِ اللَّبَنِ وَاتِّخَاذِ الْجُبْنِ وَاللِّبْدِ وَالْمِرْعِزَّى وَجَزِّ الصُّوفِ وَإِنْ كَانَ سَبَبًا يَتَكَرَّرُ لَا يَكُونُ فِي مَعْنَاهُ فَيُقْضَى بِهِ لِلْخَارِجِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ مِثْلَ الْجَزِّ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَزِرَاعَةِ الْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ فَإِنْ أَشْكَلَ يَرْجِعُ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ قُضِيَ بِهِ لِلْخَارِجِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِبَيِّنَةٍ هُوَ الْأَصْلُ وَإِنَّمَا عَدَلْنَا عَنْهُ بِخَبَرِ النِّتَاجِ فَإِذَا بَرْهَنَ الْخَارِجُ أَنَّهُ ثَوْبُهُ نَسَجَهُ وَبَرْهَنَ ذُو الْيَدِ كَذَلِكَ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُنْسَجُ إلَّا مَرَّةً فَهُوَ لِذِي الْيَدِ وَإِنْ عُلِمَ تَكْرَارُ نَسَجَهُ فَهُوَ لِلْخَارِجِ كَالْخَزِّ وَكَذَا إذَا أَشْكَلَ وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي صُوفٍ وَبَرْهَنَ كُلٌّ أَنَّهُ صُوفُهُ جَزَّهُ مِنْ غَنَمِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِذِي الْيَدِ وَأَوْرَدَ كَيْفَ يَكُونُ الْجَزُّ فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ لَيْسَ بِسَبَبٍ لَا وَلِيَّةِ الْمِلْكِ لِأَنَّ الصُّوفَ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ قَبْلَهُ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْكَافِي بِأَنَّهُ كَوَصْفِ الشَّاةِ وَلَمْ يَكُنْ مَالًا إلَّا بَعْدَ الْجَزِّ وَلِذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ قَبْلَهُ وَفَصْلُ السَّيْفِ يُسْأَلُ عَنْهُ فَإِنْ أَخْبَرُوا أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ إلَّا مَرَّةً كَانَ لِذِي الْيَدِ وَإِلَّا فَلِلْخَارِجِ وَالْغَزْلُ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ وَهُوَ سَبَبٌ لَا وَلِيَّةُ الْمِلْكِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ إذْ لَوْ ادَّعَى الْخَارِجُ الْفِعْلَ عَلَى ذِي الْيَدِ إلَخْ) قَالَ فِي مَتْنِ الدُّرَرِ إلَّا إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ عَلَيْهِ فِعْلًا فِي رِوَايَةٍ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَإِنَّمَا قَالَ فِي رِوَايَةٍ لَمَّا قَالَ الْعِمَادِيُّ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ الذَّخِيرَةِ ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي بَابِ دَعْوَى النِّتَاجِ مِنْ الْمَبْسُوطِ مَا يُخَالِفُ الْمَذْكُورَ فِي الذَّخِيرَةِ فَقَالَ دَابَّةٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا دَابَّتُهُ أَجَّرَهَا مِنْ ذِي الْيَدِ أَوْ أَعَارَهَا مِنْهُ أَوْ رَهَنَهَا إيَّاهُ وَذُو الْيَدِ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا دَابَّتُهُ نَتَجَتْ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِذِي الْيَدِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مِلْكَ النِّتَاجِ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْإِجَارَةَ أَوْ الْإِعَارَةَ وَالنِّتَاجُ أَسْبَقُ مِنْهُمَا فَيُقْضَى لِذِي الْيَدِ وَهَذَا خِلَافُ مَا نُقِلَ عَنْهُ. اهـ.

وَفِي نُورِ الْعَيْنِ الظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي الذَّخِيرَةِ هُوَ الْأَصَحُّ وَالْأَرْجَحُ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَالنِّتَاجُ مِنْ خَصَائِصِهِ فَيَكُونُ دَعْوَى ذِي الْيَدِ نِتَاجًا مُوَاقِفًا لِلظَّاهِرِ وَأَمَّا دَعْوَى الْخَارِجِ فِعْلًا عَلَى ذِي الْيَدِ فَخِلَافُ الظَّاهِرِ وَالْبَيِّنَاتُ إنَّمَا شُرِعَتْ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ يُؤَيِّدُهُ مَا قَالَ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ ذَكَرَ الْإِمَامُ خواهر زاده فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ أَنَّ ذَا الْيَدِ إذَا ادَّعَى النِّتَاجَ وَادَّعَى الْخَارِجُ أَنَّهُ مِلْكُهُ غَصَبَهُ مِنْهُ ذُو الْيَدِ أَوْ أَوْدَعَهُ لَهُ أَوْ أَعَارَهُ مِنْهُ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى وَإِنَّمَا تَتَرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى النِّتَاجِ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْخَارِجُ فِعْلًا عَلَى ذِي الْيَدِ أَمَّا لَوْ ادَّعَى فِعْلًا كَالشِّرَاءِ وَغَيْرِهِ ذَلِكَ فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إثْبَاتًا لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْفِعْلَ عَلَيْهِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>