للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي دَارِ الْحَرْبِ فَأَخْرَجَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ وَقِصَارَةُ الثَّوْبِ زِيَادَةٌ بِخِلَافِ غَسْلِهِ وَفَتْلِهِ إنْ لَمْ يَزِدْ فِي الثَّمَنِ وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَأَخَذَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَرْشَهُ كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ وَلَا يَأْخُذَ الْأَرْشَ وَلَوْ مَرِضَ عِنْدَهُ فَدَاوَاهُ لَا يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مَرِيضًا فَدَاوَاهُ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الزِّيَادَةِ كَانَ الْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ لُزُومَ الْعَقْدِ وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خان تَفْصِيلًا حَسَنًا وَهُوَ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ كَكِبَرِ الْجَارِيَةِ الصَّغِيرَةِ إذَا أَنْكَرَ الْوَاهِبُ وُجُودَهَا عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَأَمَّا فِي الْبِنَاءِ وَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْهُوبِ لَهُ.

وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ إلَّا أَنَّهُ اسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ لَا يَبْنِي فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ قَالَ وَكَذَلِكَ فِي الصَّبْغِ وَلَتِّ السَّوِيقِ بِسَمْنٍ لِأَنَّهُ امِمَّا يَقْبَلُ الِانْفِكَاكَ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي أَنَّهُ وَهَبَ لَهُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ مُنْكِرٌ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَنَقْطُ الْمُصْحَفِ بِإِعْرَابِهِ زِيَادَةٌ مَانِعَةٌ مِنْ الرُّجُوعِ وَقَطْعُ الشَّجَرَةِ مِنْ مَكَانِهَا غَيْرُ مَانِعٍ كَجَعْلِهَا حَطَبًا بِخِلَافِ جَعْلِهَا أَبْوَابًا وَجُذُوعًا وَذَبْحِهَا عَنْ أُضْحِيَّةٍ أَوْ هَدْيٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَا يَمْنَعُ وَفِي الْمُحِيطِ وَهَبَ ثَوْبًا فَشَقَّهُ نِصْفَيْنِ وَخَلَطَ نِصْفَهُ قَبَاءً لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي وَلَوْ وَهَبَ حَلْقَةً فَرَكَّبَ فِيهَا فَصًّا إنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ نَزْعُهُ إلَّا بِضَرَرٍ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ يَرْجِعُ وَإِنْ وَهَبَ لَهُ وَرَقَةً فَكَتَبَ فِيهَا سُورَةً أَوْ بَعْضَ سُورَةٍ يَرْجِعُ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ وَإِنْ قَطَعَهُ مُصْحَفًا وَكَتَبَ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَتْ دَفَاتِرَ ثُمَّ كَتَبَ فِيهَا فِقْهًا أَوْ حَدِيثًا أَوْ شِعْرًا إنْ كَانَ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ نَقَصَ يَرْجِعُ

(قَوْلُهُ وَالْمِيمُ مَوْتُ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) يَعْنِي حَرْفَ الْمِيمِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَوْتَ أَحَدِهِمَا مَانِعٌ إذَا كَانَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ بِمَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَى الْوَرَثَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا انْتَقَلَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَإِذَا مَاتَ الْوَاهِبُ فَوَارِثُهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ إذْ هُوَ مَا أَوْجَبَهُ وَهُوَ مُجَرَّدُ خِيَارٍ فَلَا يُورَثُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ كَمَا عُرِفَ قَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ بَطَلَتْ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَرُجُوعُ الْمُسْتَأْمَنِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُبْطِلٌ لَهَا كَالْمَوْتِ فَإِنْ كَانَ الْحَرْبِيُّ أَذِنَ لِلْمُسْلِمِ فِي قَبْضِهِ وَقَبَضَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ جَازَ اسْتِحْسَانًا بِخِلَافِ قَبْضِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ وَهَبَ لَك وَارِثِي هَذَا الْعَبْدَ فَلَمْ تَقْبِضْهُ فِي حَيَاتِهِ وَإِنَّمَا قَبَضْته بَعْدَ وَفَاتِهِ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَلْ قَبَضْت فِي حَيَاتِهِ وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَارِثِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ لِأَنَّ الْقَابِضَ قَدْ عَلِمَ السَّاعَةَ وَالْمِيرَاثُ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَبْضَ

(قَوْلُهُ وَالْعَيْنُ الْعِوَضُ فَإِنْ قَالَ خُذْهُ عِوَضَ هِبَتِك أَوْ بَدَلَهَا أَوْ بِمُقَابَلَتِهَا فَقَبَضَهُ الْوَاهِبُ سَقَطَ الرُّجُوعُ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَثِبْ عَنْهَا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ خُذْهُ إلَى آخِرِهِ إلَى أَنَّ الشَّرْطَ فِي كَوْنِهِ عِوَضًا أَنْ يَذْكُرَ لَفْظًا يَعْلَمُ الْوَاهِبُ أَنَّهُ عِوَضٌ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ لَهُ شَيْئًا أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ عِوَضٌ لَا يَسْقُطُ الرُّجُوعُ بَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فَقَبَضَهُ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعِوَضِ شَرَائِطُ الْهِبَةِ مِنْ الْقَبْضِ وَالْإِفْرَازِ فَأَفَادَ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ جَدِيدٌ وَإِنْ سُمِّيَ عَوَّضَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ بِأَقَلَّ مِنْ الْمَوْهُوبِ مِنْ جِنْسِهِ فِي الْمُقَدَّرَاتِ وَلَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يُعَوِّضَ عَمَّا وَهَبَ لِلصَّغِيرِ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ وَهَبَ الْعَبْدَ التَّاجِرُ ثُمَّ عَوَّضَ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَصِحُّ تَعْوِيضُ الْمُسْلِمِ لِلنَّصْرَانِيِّ مِنْ هِبَةٍ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا لِمَا أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ تَمْلِيكًا مِنْ الْمُسْلِمِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَدَلَّ ذِكْرُ الْعِوَضِ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ بَعْضُ الْمَوْهُوبِ فَلَوْ عَوَّضَهُ الْبَعْضَ عَنْ الْبَاقِي فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْبَاقِي وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ شَيْئَيْنِ فَعَوَّضَهُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْجَمِيعِ إنْ كَانَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِوَضًا وَإِنْ كَانَا فِي عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ فَعَوَّضَهُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَهُوَ عِوَضٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعَقْدِ كَاخْتِلَافِ الْعَيْنِ وَدَقِيقُ الْحِنْطَةِ يَصْلُحُ عِوَضًا عَنْهَا لِكَوْنِهِ حَادِثًا بِالطَّحْنِ.

وَكَذَا لَوْ صَبَغَ ثَوْبًا مِنْ الثِّيَابِ الْمَوْهُوبَةِ أَوْ خَاطَهُ أَوْ لَتَّ بَعْضَ السَّوِيقِ ثُمَّ عَوَّضَهُ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الرُّجُوعِ قَدْ انْقَطَعَ بِهَذَا الصُّنْعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْهِبَةِ إذَا ضَمِنَ شُهُودُهُ بِعَدَدِ رُجُوعِهِمْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَذَبَحَهَا عَنْ أُضْحِيَّتِهِ إلَخْ) وَفِي الْخَانِيَّةِ أَوْ بَقَرَةً فَذَبَحَهَا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا لَوْ ضَحَّى بِهَا أَوْ ذَبَحَهَا فِي هَدْيِ الْمُتْعَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَرْجِعُ وَتَجْزِئَةُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْمُتْعَةِ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>