للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُعْلَمُ بِبَيَانِ الْمُدَّةِ كَالسُّكْنَى وَالزِّرَاعَةِ فَتَصِحُّ عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَيِّ مُدَّةٍ كَانَتْ) لِأَنَّ الْمُدَّةَ إذَا كَانَتْ مَعْلُومَةً كَانَ قَدْرُ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا مَعْلُومًا فَأَفَادَ أَنَّهَا تَجُوزُ وَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ لَا يَعِيشُ إلَى مِثْلِهَا عَادَةً وَاخْتَارَهُ الْخَصَّافُ وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ وَأَفَادَ أَنَّهَا تَجُوزُ مُضَافًا كَمَا لَوْ قَالَ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ غَدًا وَلِلْمُؤَجِّرِ بَيْعُهَا الْيَوْمَ وَتَنْتَقِضُ الْإِجَارَةُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خان الْوَصِيُّ إذَا أَجَرَ أَرْضَ الْيَتِيمِ أَوْ اسْتَأْجَرَ لِلْيَتِيمِ أَرْضًا بِمَالِ الْيَتِيمِ إجَارَةً طَوِيلَةً رَسْمِيَّةً ثَلَاثَ سِنِينَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ أَبُو الصَّغِيرِ وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ لِأَنَّ الرَّسْمَ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ أَنْ يُجْعَلَ شَيْءٌ يَسِيرٌ مِنْ مَالِ الْإِجَارَةِ بِمُقَابَلَةِ السِّنِينَ الْأَوَّلُ وَمُعْظَمُ الْمَالِ بِمُقَابَلَةِ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِأَرْضِ الْيَتِيمِ أَوْ الْوَقْفِ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِي السِّنِينَ الْأُوَلِ لِأَنَّهَا تَكُونُ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَلَا تَصِحُّ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلْيَتِيمِ أَوْ الْوَقْفِ بِمَالِ الْوَقْفِ فَفِي السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ يَكُونُ الِاسْتِئْجَارُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَلَا يَصِحُّ فَإِذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْبَعْضِ فِي الْوَجْهَيْنِ هَلْ يَصِحُّ فِيمَا كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلَ الْإِجَارَةَ الطَّوِيلَةَ عَقْدًا وَاحِدًا لَا يَصِحُّ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا عُقُودًا يَصِحُّ فِيمَا كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا كَانَ شَرًّا لَهُ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْفَسَادُ فِي الْكُلِّ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا تُزَادُ فِي الْأَوْقَافِ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ) كَيْلًا يَدَّعِي الْمُسْتَأْجِرُ مِلْكَهَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الضَّيَاعَ وَغَيْرَهُ وَقَدْ أَفْتَى الصَّدْرُ الشَّهِيدُ بِعَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ فِي الضَّيَاعِ وَعَلَى سَنَةٍ فِي غَيْرِهَا إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي غَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى. اهـ.

وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ عَدَمِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فَإِنْ نَصَّ عَلَى شَيْءٍ فَآجَرَهُ النَّاظِرُ أَكْثَرَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَتْ إجَارَتُهَا أَكْثَرَ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهَا فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُؤَاجِرَهَا أَكْثَرَ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ النَّظَرِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَعَلَى الْمَيِّتِ أَيْضًا وَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤَاجِرَهَا بِنَفْسِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ عَدَمُ الصِّحَّةِ يَعْنِي لَوْ آجَرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَقِيلَ تَصِحُّ وَتَنْفَسِخُ ذَكَرَهُ الشُّمُنِّيُّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ إجَارَةَ الْوَقْفِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَوْ أَجَرَ النَّاظِرُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْخُلَاصَةِ عِبَارَةٌ أَوْهَمَتْ أَنَّ النَّاظِرَ يَضْمَنُ تَمَامَ أَجْرِ الْمِثْلِ فَقَالَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَجَرَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ يَلْزَمُهُ تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ. اهـ.

وَقَدْ رَدَّهُ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي تَلْخِيصِ الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَعِبَارَتُهُ وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَجَرَهَا بِغَيْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ يَلْزَمُ مُسْتَأْجِرَهَا تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ بَعْضِ عُلَمَائِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا أَجَرَ الْقَيِّمُ دَارًا بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ حَتَّى لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ لَوْ تَسَلَّمَهَا الْمُسْتَأْجِرُ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عَلَى مَا أَجَازَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْمَشَايِخِ اهـ.

وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي الْمُزَارَعَةِ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ أَرْضَ وَقْفٍ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْمُتَوَلِّي إلَى طَوِيلِ الْمُدَّةِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ السِّعْرُ بِحَالِهِ لَمْ يَزْدَدْ وَلَمْ يَنْقُصْ كَمَا كَانَ وَقْتَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ غَلَا أَجْرُ مِثْلِهَا فَإِنَّهُ يُفْسَخُ ذَلِكَ الْعَقْدُ وَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ ذَلِكَ الْعَقْدِ ثَانِيًا وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَهَا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إلَى سَنَةٍ فَلَمَّا مَضَى نِصْفُ السَّنَةِ غَلَا سِعْرُهَا وَازْدَادَ أَجْرُ مِثْلِهَا فَإِنَّهُ يُفْسَخُ ذَلِكَ الْعَقْدُ وَيُعْقَدُ ثَانِيًا عَلَى أُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَالٍ لَمْ يُمْكِنْ فَسْخُهَا نَحْوُ مَا إذَا كَانَ فِيهَا زَرْعٌ لَمْ يُحْصَدْ بَعْدُ وَلَمْ يُدْرَكْ بَعْدُ فَلَا يُمْكِنُ فَسْخُهَا وَلَكِنْ إلَى وَقْتِ زِيَادَتِهِ يَجِبُ الْمُسَمَّى بِقَدْرِهِ وَبَعْدَ الزِّيَادَةِ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ يَجِبُ أَجْرُ مِثْلِهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ يُنْتَقَصُ مِنْ أُجْرَتِهَا يَعْنِي رُخْصَ أُجْرَتِهَا وَسِعْرِهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَبْطُلُ وَلَا تَنْفَسِخُ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَدْ رَضِيَ بِذَلِكَ حَيْثُ عَقَدَ عَلَيْهَا وَزِيَادَةُ الْأُجْرَةِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا زَادَتْ عِنْدَ الْكُلِّ فَأَمَّا إذَا زَادَ وَاحِدٌ فِي أُجْرَتِهَا تَعَنُّتًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَلَا يُفْسَخُ مَا لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْحَانُوتِ وَالطَّاحُونَةِ وَجَمِيعِ مَا يَكُونُ وَقْفًا اُسْتُؤْجِرَ مِنْ الْمُتَوَلِّي. اهـ. وَكَذَا ذَكَرَ قَاضِي خان فِي فَتَاوِيهِ وَرَجَّحَهُ الْعَلَامَةُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ

ــ

[منحة الخالق]

قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا تُزَادُ فِي الْأَوْقَافِ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَعَلَى هَذَا أَرْضُ الْيَتِيمِ وَقَدْ أَفْتَى صَاحِبُ الْبَحْرِ بِإِلْحَاقِ عَقَارِ الْيَتِيمِ بِالْوَقْفِ وَكَذَا تِلْمِيذُهُ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ الْغَزِّيِّ وَأَكْثَرُ كَلَامِهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَأَنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ وَعِلَّتُهُ أَنَّهُ كَمَا يُصَانُ الْوَقْفُ يُصَانُ مَالُ الْيَتِيمِ عَنْ دَعْوَى الْمِلْكِ بِطُولِ الْمُدَّةِ بَلْ مَالُ الْيَتِيمِ أَوْلَى لِلنُّصُوصِ الْمُوجِبَةِ لَهُ الْمُصَرَّحَةِ بِالنَّهْيِ عَنْ قُرْبَانِهِ فَلْيَكُنْ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ وَأَقُولُ: أَيْضًا وَمِثْلُ عَقَارِ الْيَتِيمِ عَقَارُ بَيْتِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>