(قَوْلُهُ أَوْ بِالتَّسْمِيَةِ كَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى صَبْغِ الثَّوْبِ وَخِيَاطَتِهِ) يَعْنِي تُعْرَفُ الْمَنْفَعَةُ بِالتَّسْمِيَةِ كَالصَّبْغِ وَنَحْوِهِ وَمِنْهُ اسْتِئْجَارُ الدَّابَّةِ لِلْحَمْلِ أَوْ لِلرُّكُوبِ وَالْإِجَارَةُ عَلَى الْعَمَلِ كَاسْتِئْجَارِ الْقَصَّارِ وَنَحْوِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَعْلُومًا وَذَلِكَ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَأَمَّا الْأَجِيرُ الْوَاحِدُ فَمِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيَانِ الْوَقْتِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَصَرَّحَ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ مِنْ نَوْعِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْعَمَلِ لَكِنْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيَانِ الْوَقْتِ وَاخْتَارَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى صَبْغِ الثَّوْبِ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ الثَّوْبَ الَّذِي يُصْبَغُ وَلَوْنَ الصِّبْغِ بِأَنَّهُ أَحْمَرُ أَوْ نَحْوُهُ وَقَدْرَ الصِّبْغِ إذَا كَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَخِيَاطَتِهِ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ مَعْلُومًا وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَصْرِ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ وَلَمْ يَرَهَا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَإِنْ سُمِّيَ جِنْسُهَا لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِغِلَظِهِ وَرِقَّتِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِئْجَارَ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيَانِ الْوَقْتِ أَوْ الْمَوْضِعِ حَتَّى لَوْ خَلَا عَنْهُمَا فَهِيَ فَاسِدَةٌ ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَبِهِ يُعْلَمُ فَسَادُ إجَارَةِ دَوَابِّ الْعَلَّافِينَ الْوَاقِعَةِ فِي زَمَانِنَا لِعَدَمِ بَيَانِ الْوَقْتِ وَالْمَوْضِعِ
(قَوْلُهُ أَوْ بِالْإِشَارَةِ كَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى نَقْلِ هَذَا الطَّعَامِ إلَى كَذَا) يَعْنِي تُعْرَفُ الْمَنْفَعَةُ بِالْإِشَارَةِ لِأَنَّهُ إذَا أَرَاهُ مَا يَنْقُلُهُ وَالْمَوْضِعَ الَّذِي يَحْمِلُ إلَيْهِ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً فَيَصِحُّ الْعَقْدُ
(قَوْلُهُ وَالْأُجْرَةُ لَا تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ يَنْعَقِدُ شَيْئًا فَشَيْئًا عَلَى حَسَبِ حُدُوثِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَالْعَقْدُ مُعَاوَضَةٌ وَمِنْ قَضِيَّتِهَا الْمُسَاوَاةُ فَمِنْ ضَرُورَةِ التَّرَاخِي فِي جَانِبِ الْمَنْفَعَةِ التَّرَاخِي فِي جَانِبِ الْبَدَلِ الْآخَرِ فَلَا يَعْتِقُ قَرِيبُ الْمُؤَجِّرِ لَوْ كَانَ أُجْرَةً وَلَا يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِتَسْلِيمِهَا لِلْحَالِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْنَا صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْأُجْرَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالرَّهْنِ بِهَا لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ بِنَاءً عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ فَصَارَ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ بَعْدَ وُجُودِ الْجُرْحِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ أَنَّ جَوَازَ الْإِبْرَاءِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُمَا لَوْ تَصَارَفَا بِالْأُجْرَةِ فَأَخَذَ بِالدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ نَقْرَةً بِعَيْنِهَا لَا تَجُوزُ الْمُصَارَفَةُ بِهَا بِالْإِجْمَاعِ وَالْإِبْرَاءُ عَنْ بَعْضِ الْأُجْرَةِ صَحِيحٌ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَطِّ كَذَا ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ
(قَوْلُهُ بَلْ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ بِشَرْطِهِ أَوْ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ بِالتَّمَكُّنِ) يَعْنِي لَا يَمْلِكُ الْأُجْرَةَ إلَّا بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا الْمُؤَجِّرُ إلَّا بِذَلِكَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ دَيْنًا لَا يُقَالُ أَنَّهُ مَلَكَهُ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِذَا اسْتَحَقَّهَا الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ قَبْضِهَا فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا وَحُبِسَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهَا وَحُبِسَ الْعَيْنُ عَنْهُ وَلَهُ حَقُّ الْفَسْخِ إنْ لَمْ يُعَجِّلْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَوْ بَاعَ الْمُؤَجِّرَ بِالْأَجْرِ شَيْئًا وَسَلَّمَ جَازَ لِتَضَمُّنِهِ اشْتِرَاطَ التَّعْجِيلِ فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ تَعَذَّرَ إيفَاءُ الْعَمَلِ رَجَعَ بِالدَّرَاهِمِ دُونَ الْمَتَاعِ وَالْمُرَادُ مِنْ التَّمَكُّنِ تَسْلِيمُ الْمَحَلِّ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِحَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْ الِانْتِفَاعِ فَلَوْ سَلَّمَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فِي الْبَاقِي إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَقْتٌ يَرْغَبُ فِي الْإِجَارَةِ لِأَجَلِهِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمُدَّةِ وَقْتٌ كَذَلِكَ كَحَانُوتٍ يُسْتَأْجَرُ سَنَةً لِرَوَاجِ السُّوقِ فِي بَعْضِهَا أَوْ دَارٍ بِمَكَّةَ تُسْتَأْجَرُ سَنَةً لِأَجْلِ الْمَوْسِمِ فَلَمْ يُسَلِّمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَرْغَبُ لِأَجَلِهِ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِي قَبْضِ الْبَاقِي كَمَا فِي الْبَيْعِ وَفِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ فِي الِاخْتِلَافِ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْآجِرُ بَعْدَ شَهْرٍ وَالْمِفْتَاحُ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَالَ لَمْ أَقْدِرْ عَلَى فَتْحِهِ وَقَالَ الْمُؤَجِّرُ بَلْ قَدَرْت عَلَى فَتْحِهِ وَسَكَنْت وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا بِحُكْمِ الْحَالِ وَإِنْ أَقَامَاهَا فَالْبَيِّنَةُ لِرَبِّ الْمَنْزِلِ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِتَحْكِيمِ الْحَالِ مَتَى جَاءَتْ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِهِ وَفِي الْقُنْيَةِ تَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ فِي الْمِصْرِ مَعَ التَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّارِ تَسْلِيمٌ لِلدَّارِ حَتَّى يَجِبَ الْأَجْرُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ وَتَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ فِي السَّوَادِ لَيْسَ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ وَإِنْ حَضَرَ الْمِصْرَ وَالْمِفْتَاحُ فِي يَدِهِ. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ وَهَبَ الْعَبْدَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِذَا قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبِلْت كَانَ هَذَا إقَالَةً كَالْمُشْتَرِي إذَا قَالَ لِلْبَائِعِ وَهَبْت مِنْك الْعَبْدَ قَبْلَ الْقَبْضِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ كَذَا هُنَا. اهـ.
وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْإِجَارَةُ الْمُنْجَزَةُ إذْ الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute