للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجِبُ الْأَجْرُ وَبَيْنَ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ مُعَيَّنٍ فَإِنْ رَكِبَ غَيْرُهُ وَسَلِمَتْ حَيْثُ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْحَدَّادِيِّ وَالْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ، قُلْت الْفَرْقُ أَنَّهُ هُنَا وَافَقَ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُصُولُ الْمَتَاعِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَهُنَاكَ لَمْ يَحْصُلْ الْمَقْصُودُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رُكُوبُ الْمُعَيَّنِ وَلَمْ يَحْصُلْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَتَفَاوَتَا لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ إلَى مَكَان غَيْرِ مَا عَيَّنَهُ يَضْمَنُ، وَلَوْ كَانَ أَقْرَبَ، قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَرَكِبَهَا إلَى مَكَان أَقْرَبَ مِنْهُ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا. اهـ.

زَادَ فِي الْمُحِيطِ فِي بَابِ الرَّاعِي وَلَوْ سَلِمَ فَلَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّ رُبَّ طَرِيقٍ يُفْسِدُ الدَّابَّةَ السَّيْرُ فِيهَا يَوْمًا لِصُعُوبَتِهَا وَطَرِيقٍ لَا يُفْسِدُ الدَّابَّةَ السَّيْرُ فِيهَا شَهْرًا لِسُهُولَتِهَا فَاخْتَلَفَ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ فَاسْتُوْفِيَ جِنْسٌ آخَرُ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ فَهَذِهِ رِوَايَةٌ تُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ نَزَلَ وَتَهَيَّأَ لَهُ الِارْتِحَالُ فَلَمْ يَرْتَحِلْ حَتَّى أَفْسَدَ الْمَطَرُ الْمَتَاعَ يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَطَرُ عَامًّا وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا أَفْسَدَ الْمَطَرُ الْمَتَاعَ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَوْ سُرِقَ لَا يَضْمَنُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَحَمَّلَهُ فِي الْبَحْرِ الْكُلَّ وَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ الْأَجْرُ) يَعْنِي لَوْ عَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَهُ فِي الْبَرِّ فَحَمَلَهُ فِي الْبَحْرِ إنْ هَلَكَ الْقُمَاشُ ضَمِنَ وَإِنْ سَلِمَ فَلَهُ الْأَجْرُ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ كَانَ الْبَحْرُ يَسْلُكُهُ النَّاسُ وَلِهَذَا أَطْلَقَهُ الْمُؤَلِّفُ، قَالَ الْأَتْقَانِيُّ السَّمَاعُ بَلَّغَ بِالتَّشْدِيدِ وَقَوْلُهُ الْكُلُّ عَائِدٌ إلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ كُلُّهَا مِنْ قَوْلِهِ وَبِالضَّرْبِ. اهـ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِزَرْعِ رَطْبَةٍ وَأَذِنَ بِالْبَرِّ مَا نَقَصَ) يَعْنِي إذَا قُيِّدَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَزْرَعَ حِنْطَةً فَزَرَعَ رَطْبَةً يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ نُقْصَانِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الرَّطْبَةَ أَكْثَرُ ضَرَرًا مِنْ الْحِنْطَةِ لِانْتِشَابِ عُرُوقِهَا فِيهَا وَكَثْرَةِ الْحَاجَةِ إلَى سَقْيِهَا فَكَانَ خِلَافًا إلَى شَرٍّ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ النُّقْصَانُ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ أَوْ الْحَمْلِ فَأَرْدَفَ غَيْرَهُ أَوْ زَادَ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الضَّمَانِ بِحِسَابِهِ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِمَا هُوَ مَأْذُونٌ فِيهِ وَبِمَا هُوَ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا أَجْرَ) يَعْنِي وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا خَالَفَ صَارَ غَاصِبًا وَاسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ بِالْغَصْبِ فَلَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ وَالْأُجْرَةَ لَا يَجْتَمِعَانِ وَإِنْ زَرَعَ فِيهَا مَا هُوَ أَقَلُّ ضَرَرًا مِنْ الْحِنْطَةِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافٌ إلَى خَيْرٍ فَلَا يَصِيرُ بِهِ غَاصِبًا وَأَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ قَوْلُهُ وَلَا أَجْرَ لِجَمِيعِ الْمَسَائِلِ الَّتِي قُيِّدَ فِيهَا وَالتَّقْيِيدُ مُقَيَّدٌ إذَا خَالَفَ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِخِيَاطَةِ قَبَاءٍ وَأَمْرٍ بِقَمِيصٍ فَلَهُ قِيمَةُ ثَوْبِهِ وَلَهُ أَخْذُ الْقَبَاءِ وَدَفْعُ أُجْرَةِ مِثْلِهِ) يَعْنِي إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَخِيطَ ثَوْبَهُ قَمِيصًا فَخَاطَهُ قَبَاءً فَرَبُّ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَدَفَعَ لَهُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ أَيْ مِثْلِ الْقَبَاءِ الْقَبَاءُ الْقَرْطَفُ الَّذِي يَلْبَسُهُ الْأَتْرَاكُ مَكَانَ الْقَمِيصِ وَهُوَ ذُو طَاقٍ وَاحِدٍ، قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْقَمِيصُ إذَا قُدَّ مِنْ قُبُلٍ كَانَ قَبَاءَ طَاقٍ إذَا خِيطَ جَانِبَاهُ كَانَ قَمِيصًا قُيِّدَ بِالْقَبَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ خَاطَهُ غَيْرَ قَبَاءٍ لَا يَثْبُتُ لَهُ خِيَارٌ، بَلْ يُضَمِّنُهُ الْقِيمَةَ حَتْمًا، وَقِيلَ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْكُلِّ وَوَجْهُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ قَمِيصٌ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ سَدُّهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ انْتِفَاعَ الْقَمِيصِ فَصَارَ مُوَافِقًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ مِنْ حَيْثُ الْقَطْعُ فَيُخَيَّرُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَإِذَا أَخَذَ الْقَبَاءَ يَدْفَعُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ لَا يَتَجَاوَزُ بِهِ الْمُسَمَّى، وَلَوْ خَاطَهُ قَمِيصًا مُخَالِفًا لِمَا وَصَفَهُ لَهُ يُخَيَّرُ فَإِذَا أَخَذَهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يَتَجَاوَزُ بِهِ الْمُسَمَّى، وَلَوْ خَاطَهُ سَرَاوِيلَ، وَقَدْ أَمَرَهُ بِالْقَبَاءِ يَضْمَنُ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ لِلتَّفَاوُتِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْهَيْئَةِ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِوُجُودِ الِاتِّحَادِ فِي أَصْلِ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ السَّتْرُ فَصَارَ كَمَا لَوْ دَفَعَ لِرَجُلٍ نُحَاسًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبَ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْأَوَانِي فَضَرَبَهُ لَهُ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا أَمَرَ إنْسَانًا أَنْ يَنْقُشَ اسْمَهُ فِي فَصِّ خَاتَمِهِ فَغَلِطَ فَنَقَشَ اسْمَ غَيْرِهِ ضَمِنَ الْخَاتَمَ وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ وَإِنْ شَاءَ صَاحِبُ الْخَاتَمِ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ مِثْلَ أَجْرِ عَمَلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى، وَلَوْ دَفَعَ إلَى نَجَّارٍ بَابًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْقُشَهُ كَذَا فَفَعَلَ غَيْرَ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ وَافَقَ أَمْرَهُ إلَّا قَلِيلًا فَلَا وَإِنْ أَجَّرَهُ أَنْ يُحَمِّرَ لَهُ بَيْتًا فَخَضَّرَ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَتْ الْخُضْرَةُ فِيهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ.

وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى صَبَّاغٍ لِيَصْبُغَهُ بِزَعْفَرَانٍ فَصَبَغَهُ بِغَيْرِ مَا سَمَّى فَصَاحِبُ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبٍ أَبْيَضَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ لَا يَتَجَاوَزُ بِهِ الْمُسَمَّى وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ لَوْ اخْتَلَفَ فِي كَيْفِيَّةِ الصَّبْغِ قَبْلَ الْعَمَلِ مُخَالِفًا وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ وَإِنْ بَعْدَ الْعَمَلِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الثَّوْبِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى حَائِكٍ غَزْلًا لِيَنْسِجَهُ كَذَا فَخَالَفَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ مِنْ حَيْثُ الْقَدْرُ أَوْ مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ إلَى زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ وَفِي الْفُصُولِ كُلِّهَا صَاحِبُ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ وَضَمَّنَهُ غَزْلًا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَا يَتَجَاوَزُ بِهِ الْمُسَمَّى وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>